من «ذئاب في دائرة» إلى «احديدان» برز الممثل كمال كظيمي في السلسلة الدرامية «احديدان» التي جسد فيها دور هذه الشخصية التراثية، غير أنه كان حاضرا حضورا قويا قبل ذلك، في العديد من الأعمال الفنية، سواء في إطار فرقة النورس للموسيقى والفنون، حيث كان عازفا ماهرا على آلة الإيقاع، فضلا عن أدائه الصوتي القوي، أو في إطار فرقة اللواء المسرحي التي جسد فيها العديد من الأدوار المركبة ونال جوائز هامة، من قبيل الجائزة التي تمنح ضمن مسابقة المهرجان الوطني للمسرح. وفي هذه السلسلة من الذكريات التي خص بها بيان اليوم، يستحضر كظيمي شغب الطفولة، الحي الشعبي السباتة، أسرته الصغيرة، نضال والده بالخصوص، الولع بآلة الإيقاع، عشق المسرح، فرقة النورس، شخصية احديدان، النجاح والإخفاق، علاقته بالمخرجين المسرحيين، علما بأنه اشتغل في العديد من الفرق المسرحية، وكان يوثر ذلك، أسفاره داخل الوطن وخارجه، مغامراته ومجازفاته، جنونه، مشاريعه المؤجلة.. - 9 - بدايتي في الدراما التلفزية تمت مع الفنان محمد التسولي ضمن مسلسله الدرامي «ذئاب في دائرة» بالقناة الأولى للتلفزة المغربية، ورغم أن هذه التجربة مع التسولي كانت قصيرة جدا وأسند إلي فيها دور أكبر من سني، إلا أنها كانت مهمة بالنسبة إلي، وسمحت لي بالإطلاع على ظروف التصوير، أما التجربة الثانية، فتمت في مسلسل «أولاد الناس» لفريدة بورقية، وأسند إلي فيها دور صغير جدا لشخص يقوم بتهريب الناس خارج الحدود، هذه التجربة بصراحة لم ترق لي، فهناك عائق يشكو منه بعض المخرجين المغاربة، وهو أنهم لا يعرفون كيف يكتشفون الإمكانيات والمؤهلات الإبداعية التي يتوفر عليها الممثل بشكل كبير، أنا من هذا المنبر أحيي المخرجة فاطمة بوبكدي، لأنها عرفتني من خلال حضوري على خشبة المسرح، على اعتبار أن اكتشاف الفنان ينبغي أن يتم في الميدان الفني، وليس الاعتماد فقط على مشاهدة صورته الشخصية. التجربة الثالثة تمت في سلسلة «العين والمطفية» لشفيق السحيمي، حيث أديت دور الهبيل، الذي كان دورا متميزا، وترك بصمة خاصة، رغم المشاكل التي كان يتخبط فيها هذا المسلسل، حيث أن السيناريو لم يكن جاهزا بكامله، وكان التصوير يتم بموازاة مع كتابة الحلقات، وبالطبع فهذا يؤثر سلبا على العمل من بعض الجوانب، غير أن الدور الذي أديته كان على العموم جيدا، وظل راسخا في ذاكرة المتلقي، لأنني كنت كلما ألتقي بشخص لا أعرفه، يناديني الهبيل ويحييني بحرارة. وأعقبت هذه التجارب مشاركتي في مسرحيات معدة للعرض التلفزي، كما هو الحال بالنسبة لمسرحية الحراز للطيب الصديقي، والمفتش غوغول لوردة ابراهيم، ومجموعة أخرى من المسرحيات، ثم جاءت سلسلة رمانة وبرطال، للمخرجة فريدة بورقية، وذلك بعد أن شاهدتني على خشبة المسرح واكتشفت مؤهلاتي، كانت تبحث عن صور لشخصيات درامية معينة من قبيل الغول وبونعالة و.. وجاءت بعد ذلك سلسلة احديدان لنفس المخرجة. تجسيدي لشخصية احديدان أتى نتيجة التراكم الفني الذي حققته منذ البداية إلى اليوم، ومنحني الانطباع بأنني أقوم بانطلاقة جديدة، إن ذلك شكل منعطفا في مساري الفني، قمت بالاستعداد له بقوة، إسناد دور احديدان كان من الممكن أن يكون في أي وقت، المسألة هي مسألة فرصة فقط، وإذا عدنا إلى المسرح، وتفحصنا الشخصيات التي قمت بتجسيدها، ستجدها شخصيات عميقة أبهرت الناس بشكل كبير، ونلت عنها جوائز قيمة، كما هو الحال في المسرحيات التي قام بإخراجها بوسرحان الزيتوني، من قبيل: «ترانزيت» و»خفة الرجل» و»حديث ومغزل» و»لعب الدراري» و»الريح» و»الجمرة» و»يوليوس قيصر». بالنسبة لسلسلة احديدان، شكلت منعطفا، وشكلت دعما معنويا بالنسبة إلي، كنت في حاجة ماسة إليه، بعد أن كنت قد وصلت إلى الباب المسدود، وكنت أتساءل كيف أنني في المسرح أقوم بأداء أدوار متميزة، ولكن لا أحد يناديني لأشارك في عمل درامي تلفزي مثلا، غير أن هذا النوع من التساؤلات المحيرة، كنت أجيب عنها بواسطة العمل والمثابرة والدراسة، حيث درست المسرح والموسيقى وقرأت عدة كتب في هذا المجال، وكنت أبحث دوما عن منافذ لتطوير ذاتي، فكنت ألجأ إلى المركبات الثقافية وأسأل الإدارة حول ما إذا كانت هناك فرصة للتكوين المسرحي، وبالفعل لم يكونوا يبخلون علي، حيث خضعت للتكوين من طرف أساتذة من هولاندا وفرنسا وغير ذلك، وهو ما ساعدني كثيرا في مساري الفني.