شخصية احديدان أتلفت صوتي برز الممثل كمال كظيمي في السلسلة الدرامية «احديدان» التي جسد فيها دور هذه الشخصية التراثية، غير أنه كان حاضرا حضورا قويا قبل ذلك، في العديد من الأعمال الفنية، سواء في إطار فرقة النورس للموسيقى والفنون، حيث كان عازفا ماهرا على آلة الإيقاع، فضلا عن أدائه الصوتي القوي، أو في إطار فرقة اللواء المسرحي التي جسد فيها العديد من الأدوار المركبة ونال جوائز هامة، من قبيل الجائزة التي تمنح ضمن مسابقة المهرجان الوطني للمسرح. وفي هذه السلسلة من الذكريات التي خص بها بيان اليوم، يستحضر كظيمي شغب الطفولة، الحي الشعبي السباتة، أسرته الصغيرة، نضال والده بالخصوص، الولع بآلة الإيقاع، عشق المسرح، فرقة النورس، شخصية احديدان، النجاح والإخفاق، علاقته بالمخرجين المسرحيين، علما بأنه اشتغل في العديد من الفرق المسرحية، وكان يوثر ذلك، أسفاره داخل الوطن وخارجه، مغامراته ومجازفاته، جنونه، مشاريعه المؤجلة.. -8- بدايتي كانت موسيقية وكنت قد ولجت المعهد البلدي لدراسة آلة الإيقاع، كنت أغني بشكل جيد، لكن حاليا يبدو أن شخصية احديدان أتلفت صوتي، كانت دائما لدي رغبة في الغناء، رغم أنني كنت أقول إن مسيرتي ستقف عند حدود تنشيط حفلات الأعراس، لم يكن هذا هو الهدف،حيث لم أكن أجد أين يمكن لي أن أتدرب على الغناء، إلا في هذا الوسط، وبالفعل اكتسب تجربة كبيرة في ميدان الأفراح والأعراس، واستفدت منها على صعيد التمثيل، بحكم أنني كنت أتنقل بين أسر من شرائح اجتماعية مختلطة، وألاحظ أسلوب حديثهم وعيشهم، وأخزن ذلك في ذاكرتي، وهو ما أفادني بشكل كبير، كان دائما عندي طموح، وما زلت أذكر أنني اشتغلت في ملهى ليلي بعين الذئاب، وكان ذلك لأول مرة، فلامست عن قرب جو السكارى، فقررت أن لا أعود إلى هذا الميدان، صحيح أنني أريد ممارسة الموسيقى، لكن ليس في مثل هذه الظروف، ليس هذا هو نوع الموسيقى الذي أبحث عنه، أنا لا أعترض على فن العيطة، ولكن الفضاء الذي يحتضن هذه الموسيقى هو الذي كان يزعجني، حتى الأعراس كنت أذهب إليها، لأجل التدرب على آلة الإيقاع وكفى، كنا نردد أغاني شعبية وشرقية، لكن ليس هذا هو نوع الغناء الذي أرغب فيه، أنا تربيت في بيت كانت يستمع إلى موسيقى الشيخ إمام ومارسيل خليفة وفرقة الميادين وأحمد قعبور وفرقة العاشقين، والدي كان مناضلا في صفوف حزب وطني يساري، ففي فترة السبعينيات كان رجال الشرطة يترددون باستمرار على بيتنا، وحدث مرارا أن لاحقني شرطي إلى المدرسة وأعادني إلى البيت، قضينا لحظات عصيبة جدا، وتعرض والدي للطرد مدة عامين من مهنة التعليم، هذه الظروف هي التي ساهمت في خلق شخصية كمال كظيمي. تلك الأغاني إذن هي التي تربيت عليها، فبدأت أبحث عن فرقة موسيقية، وانخرطت في جمعية لاميج، لقد كبرت في العمل الجميع بشكل قوي، لكن الذي كان له فضل علي بهذا الخصوص هو الفاعلة الجمعوية المرحومة زهرة تراغة التي كانت تدير دار الشباب بوشنتوف، حيث قادتني إلى فرقة الشهاب المسرحية لمحمد التسولي، ومن ثم كنت أسمع عن أن هناك فرقة تسمى الأمل بدار الشباب نفسها، وهي التي ستحمل في ما بعد اسم فرقة النورس، وقد كانت تضم في البداية: عبدالحق تكروين، والسباع ومجموعة أخرى من الفنانين، والتحقت بها أنا وعبدالفتاح النكادي، فوجدت أننا تقتسم الأفكار نفسها، فاشتغلنا لمدة طويلة، طبعا صادفنا عدة مشاكل وعراقيل ذاتية وموضوعية، فعلى مستوى الجانب الموضوعي، كان الناس يريدون الاستماع إلينا لكن كانت هناك صعوبة في الوصول إليهم، ورغم أننا سجلنا عدة ألبومات، فلم يحدث أن جنينا أرباحا مادية من هذه الفرقة، كنا نسجل الأغاني ونوزعها مجانا ولا نبيعها، ورغم أن الجمهور كان يحضر بكثرة خلال إقامتنا لإحدى السهرات، لم يكن الإعلام يواكب ذلك، وبالأخص التلفزة، الشيء الذي لم يساهم في الدعاية لنا باعتبارنا فرقة موسيقية متميزة، وهذا أثر بشكل سلبي على الفرقة، إلى درجة أننا جمدنا نشاطنا، كنت في هذه الفرقة أعزف على آلة الإيقاع وأغني كذلك، وكانت لدينا أفكار، لكن في إطار فرقة المسرح، فكرت في إدماج الموسيقى في المسرح، وبالفعل طلبت من بعض أعضاء فرقة النورس: تكروين والنكادي.. الالتحاق بالفرقة المسرحية، فأنجزنا مسرحيات غنائية متميزة، في البداية أنا الذي كنت أضع الألحان للفرقة لكن بحكم أنني أفضل الاختصاص، وأرى أن هناك من هو أفضل مني في هذا المجال، رغم أن ما أنجزت بهذا الصدد لم يكن سيئا، رأيت أنه لا داعي لكي أجمع بين اللحن الموسيقي والتمثيل، فتفرغت لاهتماماتي الشخصية، وفعلا كانت تجربة متميزة، وما زلت آمل في عودة هذه الفرقة الموسقية، فرقة النورس.