أصبحت مراكز الاتصال تشكل رقما صعبا في النسيج الاقتصاد المغربي خلال العشر سنوات الأخيرة، حيث عرف القطاع تطورا بنسبة 1000 في المائة، مقارنة بسنة 2003، فقد وصل رقم معاملاته إلى 6 ملايين درهم، وبإمكانه وفق التوقعات المستقبلية أن يشغل ما يقرب من 300 ألف شخص على المدى المتوسط. وفي سياق متصل، و نقلا عن مصادر إعلامية فرنسية، فالحكومة الفرنسية سنت مخططا تعتزم فيه إيقاف مراكز الإتصال عن نقل نشاطها إلى خارج فرنسا. وتضيف نفس المصادر أن كاتب الدولة الفرنسي في الشغل، لوران فوكييز، بصدد دراسة مخطط عمل ضد ترحيل مراكز الاتصال، من أجل تشجيع المقاولات على البقاء في التراب الفرنسي، عبر فرض ضريبة إضافية على المكالمات القادمة من الخارج، غير أن ثمة رأيا يذهب إلى أن اللجنة الأوروبية يمكن أن تعارض هذا الإجراء ذا الطبيعة الجبائية، لكن من أجل تشجيع مراكز الاتصال على البقاء في فرنسا، يمكن أن تعمد الحكومة الفرنسية إلى تبني مجموعة من التحفيزات التي تتضمن مساعدة عند التوظيف والتكوين ونقل النشاط إلى العالم القروي. وكان لوران فوكييز قد انتقد بشدة مؤخرا، الشركات الناشطة في مراكز الإتصال، لاٍستثمارها بالدول المغاربية بدل فرنسا،و ذلك بعد إعلان أكبر الشركات الفرنسية المحتكرة للقطاع عن نقل نشاطها إلى المغرب وتونس. وفي تطور لهذه العملية، وردا على هذا المخطط، قال أحمد رضا الشامي وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجية الحديثة، إن تصريح كاتب الدولة الفرنسي «أقلقنا كثيرا»، أضاف الشامي في رده على سؤال شفوي للفريق الاستقلالي بمجلس النواب منتصف الأسبوع الجاري، أنه اتصل بسفير المغرب بفرنسا من أجل متابعة الموضوع عن كثب، إضافة إلى ربطه اتصالات بالفرنسيين المستثمرين بالمغرب في هذا القطاع والذين سيتضررون من هذه الإجراءات. وأشار الوزير إلى اتصاله بوزير الصناعة التونسي من أجل اتخاذ موقف موحد، باعتبار المخطط يستهدف المنطقة المغاربية ككل، مبرزا في ذات الوقت أن هذه الإجراءات التي تسعى فرنسا لتطبيقها ستعرقل مسار قطاع «الأوفشورينغ» الذي يعتبر من القطاعات الواعدة بالمغرب والذي يعول عليه المغرب في توفير أزيد من 70 ألف منصب شغل على المدى المتوسط، ومضيفا أنه ستكون هناك اتصالات في هذا الشأن مع الحكومة الفرنسية. وفي سياق ذلك، اعتبر محمد الوعدودي، رئيس جمعية مراكز الاتصال والخدمات المعلوماتية في المغرب، أن الحكومة الفرنسية تبحث عن بعث دينامية جديدة في التشغيل في قطاع مراكز الاتصال في بلدها، غير أنه يشير إلى أن مراكز الاتصال عندما تختار المغرب، فمن أجل ضمان استمراريتها، وهو يعتبر أن الدفع ب»الوطنية الاقتصادية» سلاح ذو حدين، على اعتبار أن ذلك الشعار سوف يفتح شهية منتهزي الفرص كي يستفيدوا من الدعم، ويعمدوا بعد ذلك إلى إغلاق تلك المراكز، مشددا على أنه لا يمكن اتخاذ أي إجراء ضد مصلحة القطاع في ظل مناخ العولمة الحالي، خاصة أن مراكز الاتصال الفرنسية تربح في بعض الأحيان 60 في المائة من هوامشها عبر التواجد في المغرب. وعلى صعيد آخر، قال المحلل الاقتصادي إدريس بن علي، في اتصال هاتفي أجرته معه بيان اليوم، إن هذا الخطط متوقع، نظرا للأزمة التي يعانيها العالم، وفرنسا من بين الدول الأكثر تضررا بها، لذا ففرنسا تدافع عن مصالحها، ولا يهمها سوى الرأي العام الفرنسي. كما أضاف المحلل الاقتصادي، أن المغرب باعتماده على هذا القطاع في نسيجه الاقتصادي، فقد ارتكب خطأ إستراتيجية سيدفع ثمنه فيما بعد، ومشيرا إلى المغرب لم يهيئ أرضية وقاعدة ليشكل موقع قوة في سوق المنطقة. وأبرز بنعلي أن المغرب لم يستثمر الرأسمال البشري بالكيفية المطلوبة، وأن هذا القطاع الذي يعول عليه المغرب في إحداث فرص الشغل يعتمد في استمراريته على البلدان المستثمرة فيه، مما يبقيه معرضا دائما للأزمات. وحسب مصادر إعلامية فرنسية، فقد قال رئيس نقابة مراكز الاتصال بفرنسا، إن عدد الأجراء المنتدبين في الدول المغاربية قد تضاعف بشكل واضح، مبرزا أن هذا الانتقال يهدد فرص الشغل بفرنسا. وحسب آخر الأرقام الرسمية التي كشفت عنها الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات،فإن مراكز الاتصال أو النداء التي حصلت على ترخيص مسبق من الوكالة من أجل الاشتغال انتقل من 122 مركزا سنة 2004 إلى 460 مركزا خلال شهر ماي الماضي. وأضافت مصادر من الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات أن الحكومة المغربية تتوقع أن يوفر هذا القطاع الاقتصادي ما يقرب من 100ألف منصب شغل في أفق 2012.