احتشد المئات من نساء وأطفال ورجال متقاعدي القوات الملكية الجوية حاملين لافتات تعبر عن رفض حكم يقضي بالافراغ العاجل لسكن يشغله حتى اليوم الطيار المتقاعد بن الامام. وهو مسكن موجود خارج حدود التكنة العسكرية. يقول عضو مسؤول بالرابطة الوطنية لشاغلي العقار والأملاك المخزنية مصرحا لجريدة بيان اليوم، «لقد جرت العادة بأن يتم افراغ سكان التكنة العسكرية. أما من يوجدون في سكن خارجها فإنه يتم تمليكها لهم أو مواصلة كرائها لفائدتهم. وعن سؤال حول الهدف من هذه الوقفة الاحتجاجية أوضح رئيس جمعية الفلاح للتنمية البشرية العاملة تحت لواء الرابطة الوطنية لشاغلي العقار والأملاك المخزنية. »ان الوقفة التضامنية هاته تهم كل سكان سبع عمارات، وأحد عشر منزلا تقطنها مئتان وأربعون أسرة من أفراد وأرامل القوات الملكية الجوية، تشغل جزء من حي لوما، عمارات تم بناؤها قبل الاستقلال. وتضم حوالي 30 أرملة مع أطفالها وتضم أيضا متقاعدين من القوات الجوية وضمنهم عائدون من معتقلات العار بتندوف وضمنهم ربابنة وطيارون من ضمن أفواج تخرج منها ضباط كبار يمارسون مهامهم اليوم ضمن نفس القوات. ومنهم محاربون قدماء ومعاقون. وحتى عائدون صحراويون من مخيمات تندوف. ويضيف عضو بجمعية المنارة جو لمتقاعدي القوات الملكية الجوية: »هذه الشريحة من الضباط وضباط الصف تضم من يتقاضى عن تقاعده بعد سنوات من التفاني والتضحية ما يقل عن ألف وخمسمائة درهم (1500 درهم) شهريا، وفي حالة وفاة الزوج تتقاضى أرملته نصف حصة تقاعده». ب.م ضابط آخر يصرح ل «اليوم» بأنه اشتغل ثلاثين سنة ومر من جميع اسلاك الجيش لا يتقاضى سوى الفي ومائة درهم. وكانت اللحظة قوية وصادمة عندما جاءت الجندية نجاة الغازي وهي ضابطة صف سامية قضت 30 سنة في الخدمة العسكرية متزوجة ولها طفلان توأمان، وقد صمتت حتى استجمعت أنفاسها وتجلدت ثم قالت: «أنا متزوجة بالرائد إ.ع سرى علي ما يمكن أن يقع لكل الناس توقفت عن العمل بعد ثلاثين سنة من الخدمة كضابطة صف سامية ذلك أن زوجي فقد بصره وأصيب بشلل شبه تام وذلك على اثر حادثة المت به، فأصبح عاجزا وقضى أربغة أشهر بقسم الانعاش واستمر عجزه طيلة سنتين فكنت مضطرة للتوقف عن العمل والوقوف الى جانبه مع طفلي الصغيرين، فقدمت طلبا للحصول على تقاعد نسبي ولم تبق لي سوى خمس سنوات للحصول على تقاعدي كامل، فتعرضت أثناء ذلك لضغوط وتهديدات من ضمنها حرماني من أجرتي لمدة سنتين والهدف هو أن أغادر المسكن الذي أشغله اليوم بعد سنتين من التهديدات والتعسفات». وتضيف «انني رغم ذلك أكن لرؤسائي كل الاحترام واعترف لهم بالفضل، لكنني فضلت صيانة كرامتي قبل أن يصدر عن أحدهم ما يمس تلك الكرامة. ان ما يؤلم أكثر هو أن الأبناء وهم يرون آباءهم يتلقون الاهانة في آخر حياتهم بأن يطردوا من مساكنهم فهذا مثال سيء للغاية». فكيف لطيار قضى أربعة وعشرين سنة في الصحراء يعرف أجواءها وكثبانها أن يجد نفسه مطرودا من قبر الحياة. تصريحات تم الإدلاء بها بكل مسؤولية وبكثير من الدقة والبلاغة، حيث صرح أحدهم: بأن عائلة المرحوم اليوشتي الذي توفي اثر سكتة قلبية تعيش زوجته مشلولة عاحزة عن الحركة ولها ستة أطفال وفي نفس اللحظة قدم أحدهم ورقة فضل أن يكتب عليها ماياتي: رغم ما قاموا به من مجهودات فعالة من أجل الدفاع عن مقدساتنا ووحدتنا الترابية ولضمان حرية واستقلال هذا البلد الحبيب رغم أرواح شهدائنا الأبرار -وهم الذين يعرفون معنى الشهادة- التي وهبوها في ساحات المعارك من أجل استرجاع صحرائنا ورغم غيابهم عن أسرهم وأبنائهم، هاهم اليوم يجهلون مصيرهم.