فيما تعاني العملية السلمية في المنطقة من حالة احتضار يسعى الكنيست الإسرائيلي إلى الإجهاز عليها من خلال استصدار قانون ينص على عدم الانسحاب الإسرائيلي من هضبة الجولان السورية أو القدسالمحتلة إلا بعد إجراء استفتاء عام في المجتمع الإسرائيلي وموافقة أكثر من نصف أعضاء الكنيست -البرلمان- الإسرائيلي على ذلك الانسحاب. وأكد النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي أحمد الطيبي أمس الخميس بأنه تم إقرار قانون إسرائيلي يمنع الانسحاب من الجولان السوري المحتل والقدسالشرقيةالمحتلة عام 1967 في لجنة القانون والدستور في الكنيست بالقراءة الثانية والثالثة، مشيرا إلى أن مشروع القانون بحاجة للإقرار بصورة نهائية في هيئة الكنيست العامة ليصبح قانونا. وحذر الطيبي من خطورة القانون الذي سيكون عقبة في طريق السلام بالمنطقة كونه يمنع أي رئيس وزراء إسرائيلي من الانسحاب من الأراضي المحتلة دون أخذ موافقة 61 عضوا في الكنيست أي أكثر من نصف أعضاء البرلمان الإسرائيلي البالغ عددهم 120 عضوا إضافة لإجراء استفتاء عام داخل المجتمع الإسرائيلي. وأقرت اللجنة القانونية للكنيست الإسرائيلي صباح أول أمس الأربعاء قانون الجولان والقدس الذي ينص على إلزام الحكومة الإسرائيلية بأخذ موافقة 61 عضوا من أعضاء الكنيست وإجراء استفتاء شعبي فيما يتعلق بقرار الانسحاب من الجولان والقدس. وأشار الطيبي إلى أن القانون الإسرائيلي الجديد جاء من قبل اليمين الإسرائيلي المتطرف (المعني بعدم التوصل إلى تسوية تفضي للانسحاب من أراضي عربية محتلة تم ضمها لإسرائيل، وهي الجولان السوري والقدسالمحتلة). وشدد الطيبي على أن الهدف من القانون الإسرائيلي الجديد تعطيل أية مساعي سلمية مستقبلية للانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، وقال «الهدف هو تعطيل أي مساعي للانسحاب مستقبلا من أي أرض محتلة سواء الجولان السوري آو القدسالمحتلة». وأشار الطيبي إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يقف وراء ذلك القانون، وقال «ظاهريا نتنياهو عارض هذا القانون ولكنني على يقين أنه لو أراد وضع كل ثقله البرلماني لما حصل اليوم ما حصل. كان بإمكانه منع الاجتماع». وحول مخاطر استصدار قانون يحول دون الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة على مستقبل العملية السياسية في المنطقة قال الطيبي «في حالة إقرار مثل هذا القانون- بصورة نهائية في الهيئة العامة للبرلمان الإسرائيلي - سيؤدي ذلك إلى وضع عقبة كبيرة وعالية يصعب تخطيها للوصول إلى أي تسوية»، مضيفا أنه «لا يمكن لتسوية أن تتم دون الانسحاب، وهذا القانون هو قانون ضد الانسحاب من الأراضي المحتلة، ولذلك فالمبادرون لهذا القانون واليمين الإسرائيلي يقولون لا للاتفاق، نعم للضم والاحتلال». وفيما أكد الطيبي بأنه لا توجد عملية سلمية أو تفاوضية حقيقية في المنطقة للوصول إلى تسوية، أشار إلى أن القانون الإسرائيلي الجديد جاء «لمنع أي إمكانية لإنعاش هذه العملية عن طريق فكرة الانسحاب وإلغاء الضم واستمرار الاحتلال ولذلك سيصعب في حالة إقرار هذا القانون بصورته النهائية على أي رئيس وزراء إسرائيلي أن يتوصل إلى تسوية». وشدد الطيبي في حديثه مع صحيفة «القدس العربي» اللندنية على أن إقرار القانون الإسرائيلي الجديد بالقراءة الثانية والثالثة «هو رسالة موجهة إلى السوريين والفلسطينيين وبالدرجة الأولى للإدارة الأمريكية» التي تسعى لتحريك عملية السلام في المنطقة وخاصة على المسار الفلسطيني. ولا بد من الذكر أن هذا القانون سبق وعرض على الكنيست الإسرائيلي السابق، وتم إقراره بالقراءة الأولى وذلك بهدف طرحه للقراءة الثانية والثالثة على الكنيست الحالي، ولكن نتانياهو سعى مؤخرا إلى تأجيل بحث هذا القانون وقام بممارسة ضغوط على اللجنة الوزارية المختصة بسن القوانين والتشريعات لتأجيل اتخاذ قرار، وكان متوقعا أن يصدر قرار عن اللجنة الوزارية الأحد الماضي، وقد تم تأجيل القانون إلى ثلاثة أشهر إضافية لاتخاذ القرار بشأنه ، حيث يحاول نتنياهو الظهور أمام المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية أنه يسعى نحو السلام، لأن إقرار هذا القانون سيمثل عقبة حقيقية أمام أي تقدم في العملية السلمية على المسارين الفلسطيني والسوري. ونقل عن عضو الكنيست الإسرائيلي أرييه إلداد قوله إن «القانون يبدد أوهام الذين يأملون أن يتم التنازل عن الجولان أو تقسيم القدس تحت غطاء وعود فارغة من أي مضمون». ومن جهته قال النائب العربي د. جمال زحالقة رئيس كتلة التجمع الوطني الديمقراطي البرلمانية في تصريحات صحافية أول أمس الأربعاء «إن الهدف الحقيقي من هذا القانون هو أن يكون عائقا أمام أي تسوية حتى في المستقبل البعيد. وسوف تستعمل الحكومات الإسرائيلية هذا القانون لتبرير رفضها الانسحاب من الجولان والقدس المحتلين، تماما كما يفعل نتنياهو اليوم بادعاءاته أن الائتلاف الحكومي لا يسمح له بإجراء أي تغيير في سياسته».