حفل ديني إحياءً لذكرى الإسراء والمعراج لفائدة رائدات المساجد    قافلة تضامنية لتوزيع الملابس والأغطية الشتوية بجماعات إقليم الفحص أنجرة    وفاة خمسيني ب"بوحمرون" في مارتيل تُثير المخاوف وتُجدد الدعوات للتوعية الصحية    وفد من الدبلوماسيين من الكاريبي يشيد بزخم التنمية بجهة الداخلة    الركراكي: هدفنا الظفر بلقب "كان 2025" ومجموعتنا تضم منتخبات متمرسة وعنيدة    أخنوش: استقرار بلادنا بقيادة ملكية ووجاهة الخيارات الحكومية جعلت من السياحة قصة نجاح حقيقية    لقجع: الملك يتابع تنظيم كأس إفريقيا    لقجع: المغرب وفر كل الظروف لإنجاح كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم 2025    نقابة التعليم العالي تدين حملة التشهير في حق أستاذين وتطالب بتفعيل المساطر القانونية    المعارضة تنتقد احتساب مغاربة العالم ضمن السياح الوافدين على المملكة    وزارة التجهيز والماء توفد لجنة للبحث في ملابسات وفاة 5 أشخاص بورش بناء سد المختار السوسي    انهيار صخري يغلق الطريق الساحلية بين تطوان والحسيمة ومديرية التجهيز تسارع لإعادة فتحها    كأس أمم إفريقيا 'المغرب 2025': الإعلان عن المدن والملاعب التي ستستضيف المنافسات    السلطات الوقائية تتمكن من انتشال جثث ضحايا تارودانت    إحباط محاولة تهريب 42 كيلوغراماً من الشيرا بميناء طنجة المدينة    مونديال 2030.. الحكومة تعمل على الارتقاء بمنتجات الصناعة التقليدية لإبراز أصالة الهوية الوطنية وتلبية رغبات السياح الوافدين (أخنوش)    العرائش أنفو    تسعة ملاعب مغربية تستضيف النسخة ال35 من كأس إفريقيا    إغلاق ميناء طنجة في وجه الملاحة البحرية    توقيع اتفاقية لاحتضان المغرب رسميا مقر جمعية الأندية الإفريقية لكرة القدم    أداء متباين في بورصة الدار البيضاء    عملية حد السوالم إستباقية أمنية و يقظة إستخباراتية في مواجهة الخطر الإرهابي.    وزارة التجهيز تحذر من أمواج عاتية بعلو يتراوح بين 4 و6.5 أمتار الخميس المقبل    الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية يشيد بالرؤية السامية لجلالة الملك للنهوض بالسياحة في المغرب    أخنوش: لدعم السياحة نفذت الحكومة في عز الجائحة مخططا استعجاليا بقيمة مليارَي درهم    مستشفيات طنجة: خلية طوارئ تعمل 24/24 لمواجهة وباء بوحمرون بخطة عمل استباقية    رئيس الحكومة: 8.5 مليون ليلة مبيت للمغاربة في الفنادق المصنفة سنة 2024    توقعات بعودة التساقطات الثلجية إلى مرتفعات الحسيمة    رحو يدعو إلى عقلنة استغلال المعطيات الشخصية في "السجل الاجتماعي"    مئات الآلاف من النازحين يعودون إلى شمال غزة في مشهد إنساني مؤثر    طهاة فرنسيون مرموقون: المطبخ المغربي يحتل مكانة متميزة في مسابقة "بوكوس دور"    الجامعة الوطنية للصحة بالمضيق-الفنيدق تصعّد ضد تردي الوضع الصحي    ناس الغيوان تلهب حماس الجمهور في حفل استثنائي في ستراسبورغ    بما فيها "الاستبعاد المدرسي".. "الصحة" و"التعليم" تطلقان تدابير جديدة في المدارس لمواجهة انتشار الأمراض المعدية    بعد النتائج السلبية.. رئيس الرجاء عادل هالا يعلن استقالته من منصبه    الدفاع الجديدي يطالب بصرامة تحكيمية ترتقي بالمنتوج الكروي    مسرح البدوي يخلد الذكرى الثالثة لرحيل عميد المسرح المغربي الأستاذ عبدالقادر البدوي.    هروب جماعي من سجن في الكونغو    مشاهير مغاربة يتصدرون الترشيحات النهائية ل "العراق أواردز"    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    المعارضة تطالب باستدعاء التهراوي    المال من ريبة إلى أخرى عند بول ريكور    أمطار وزخات رعدية متوقعة في عدة مناطق بالمغرب مع طقس متقلب اليوم    متى تأخر المسلمون، وتقدم غيرهم؟    الولايات المتحدة تعلن تمديد وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل حتى 18 فبراير    ريدوان يهدي المنتخب المغربي أغنية جديدة بعنوان "مغربي مغربي"    الكرملين ينتظر إشارات من واشنطن لاجتماع محتمل بين بوتين وترامب    الصين: قدرة تخزين الطاقة الجديدة تتجاوز 70 مليون كيلووات    وعود ترامب الثلاثة التي تهم المغرب    وفد عسكري مغربي يزور مؤسسات تاريخية عسكرية في إسبانيا لتعزيز التعاون    سكان قطاع غزة يبدأون العودة للشمال بعد تجاوز أزمة تتعلق برهينة    تايلاند تصرف دعما لكبار السن بقيمة 890 مليون دولار لإنعاش الاقتصاد    برودة القدمين المستمرة تدق ناقوس الخطر    ندوة ترثي المؤرخة لطيفة الكندوز    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحركة الوهابية من العقيدة إلى البترو دولار
نشر في بيان اليوم يوم 15 - 07 - 2012


(أو من الحنابلة إلى آل سعود) (4 من 4)
الحركة الوهابية خارج الجزيرة العربية:
لقد كان لشعارات الحركة الوهابية المتمثلة في شجب الوثنية ورفض عبادة الأولياء ومكافحة البدع والجهاد ضد الكفرة/المشركين ممن يخالفونهم الرأي, أثر كبير في نفوس الحجاج العرب والمسلمين الذين كانوا يأتون لتأدية فريضة الحج, وخاصة في مطلع القرن التاسع عشر, حيث وجدت هذه الأفكار بعد تعديل وتكييف لها, التربة الصالحة لانتشارها في بلدان ذات أنظمة اجتماعية سياسية متباينة, مثل, الهند واندونيسيا وبعض دول أفريقيا...الخ. ففي الهند كان لها تأثير كبير على يد المصلح الإسلامي «سيد احمد بارلوي», الذي تأثر بأفكار الوهابية بعد ذهابه لتأدية فريضة الحج في العقد الثاني من القرن التاسع عشر, وعند عودته إلى الهند, راح يبشر بها, فأصبح له أتباع كثيرون في الشمال والبنغال الشرقية, وكان من أبرز نتائج انتشارها هناك, إعلان الجهاد ضد الإنكليز لعدة عقود, ويأتي في مقدمة هذا الإعلان الانتفاضة ما بين 1857-1859 . أما في اندونيسيا وسومطرة, فقد ناضل إتباع الوهابية ضد الهولنديين منذ عام 1821. (39) وفي أفريقيا, أثرت الوهابية مع مطلع القرن التاسع عشر بحركة «عثمان دان فوديو», في غرب أفريقا, وكان من أبرز نتائجها, تأسيس دولة «سوكوتو». كما أثرت أيضاً في سنوسي ليبيا. أما في مراكش, فقد استخدم السلطان «مولاي سليمان», 1792-1822, الأفكار الوهابية في مكافحة التجزئة والإقطاع والعشائرية في بلاده, كما واجه نشاط المرابطين الانفصاليين بمبدأ / سلطة واحدة, ودين واحد, ودولة واحدة./. هذا وقد استخدمت أفكار الوهابية لمحاربة الطرق الصوفية التي كانت توجه من قبل الاستعمار الفرنسي آنذاك.
لقد كانت أفكار الحركة الوهابية في القرن التاسع عشر تحت ظل الأجواء المتخلفة التي سادت المغرب العربي, تشكل القوة الفكرية الوحيدة التي جابهت الاستغلال, وعملت على نشر العدل وتحقيق التقدم كما يرى « علال الفاسي» .(40)
هذا دون أن ننكر بأنه كان للحركة تأثير بالغ الأهمية على فكر عصر النهضة العربية كونها كانت تدعوا بضرورة العودة إلى «النبع الصافي للدين» بعد أن لوثته السياسة العثمانية وجهل البدو في شبه الجزيرة العربية, لذلك لا نستغرب أن كل من «رشيد رضا» و «محمد عبده» و»الكواكبي» و»علال الفاسي» قد تأثروا بأفكارها ووظفوها سياسياً للخلاص من السيطرة العثمانية في المشرق العربي, أو للخلاص من الاستعمار الأوربي في مصر والمغرب العربي. أو لتوظيفها قومياً كما فعل «الكواكبي» رداً على سياسة التتريك التي انتهجتها الدولة العثمانية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين تحت زعامة «الاتحاديين» الذين حاربوا القومية العربية تحت شعار «الرابطة الإسلامية».
الحركة الوهابية من الحنابلة إلى آل سعود. أو من العقيدة إلى البترو دولار:
في العقد الأول من القرن العشرين, أخذت تظهر الإرهاصات الأولية لحركة جديدة من صلب الحركة الوهابية نفسها, وهي (حركة الإخوان), على يد كل من قاضي الرياض «عبد الله بن محمد بن عبد اللطيف», وقاضي الإحساء «الشيخ عيسى», المدعو « عبد الكريم المغربي», الذي وصل إلى الجزيرة العربية في أواخر القرن التاسع عشر, واستقر في منطقة أصبحت تدعى فيما بعد بقرية «الأرطاويّة».(41)
لقد كان من أبرز تعاليم حركة «الإخوان», التزام أعضاء الحركة الصارم بالفرائض الأساسية الخمس في الإسلام, والإخلاص لإخوانهم في الدعوة, ثم الخضوع للإمام, ومساعدة بعضهم بكل الوسائل, ورفض التعامل مع الأوربيين والبلدان الخاضعة لهم. (42)
نشأت أولى قرى الإخوان حول مجموعة الآبار في وادي ذي مراع جيدة وأشجار كثيفة على طريق القوافل الواقع بين الكويت والقصيم, عند منطقة «ديرة المطير», التي تعتبر من أقوى قبائل أواسط شبه الجزيرة العربية, وأكثرها اعتزازاً بنفسها, إلا أن «الأرطاويّة», أصبحت فيما بعد المركز الأساس الذي أخذ الناس يهاجرون إليه لممارسة الزراعة ودراسة التوحيد. هذا وقد وصل عدد قرى الإخوان عام /1929/, إلى /120/ قرية, أوجد تنظيم الإخوان بين أبنائها شكلاً من أشكال التعاضد القبلي التقليدي, بحيث, إذا فقد أحد الأعضاء أملاكه بسبب غزو ما أو جفاف أو غير ذلك, توجب على «الإخوان» أن يجمعوا له التبرعات لمساعدته. (43)
مع وصول «عبد العزيز بن سعود» إلى الزعامة السياسية التي ورثها عن جده لأبيه, وإلى الزعامة الدينية التي ورثها أيضاً عن « محمد بن عبد الوهاب» جده لأمه, عمل على دعم حركة «الإخوان» بالمال والحبوب والأدوات الزراعية ومواد البناء, لبناء المساجد والمدارس والقرى, كما بعث المطاوعة لتعليمهم, وبالإضافة إلى ذلك زود المحاربين بالسلاح والذخيرة للدفاع عن الدين. (44)
إن البدو الذين اعتنقوا مبادئ الإخوان, كانوا أكثر حزماً وتعصباً في أداء الفرائض الدينية من المدنيين القدامى, وذلك كون البدو الذين لم يستطعوا عبر تاريخهم الديني استيعاب الإسلام الحقيقي, أصبحوا بفضل الدعم الذي قدم لهم من قبل حركة» الإخوان» بقيادة « عبد العزيز بن سعود», ثم لكونهم شكلوا مادتها الأساسية, راحوا يؤدون فرائضها أو تعاليمها بحماسة شديدة, حيث وجدوا فيها ذاتهم التي سحقها الجهل والتخلف والقهر الطبقي سنين طويلة, لذلك راحوا يمارسون العنف على كل من يخالفهم أو لا يطبق تعاليم دعوتهم, كضربهم بالعصي لكل من يتنصل عن أداء تعاليمها أو فرائضها. كما أخذوا يميزون أنفسهم بارتدائهم العمامات البيضاء بدلاً من الكوفية العادية, ويحلقون شواربهم ويقصرون لحاهم, ويصبغونها بالحناء أحياناً. يضاف إلى ذلك, تقصير «دشداشاتهم» حتى صارت بالكاد تغطي الركبتين, هذا في الوقت الذي رفضوا فيه الموسيقى أياً كانت, ما عدا طبول الحرب, ولم يشربوا القهوة, لأنها لم تكن معروفة زمن الرسول (ص), وتحاشوا التدخين والكحول, وكذلك الحرير النفيس والذهب بالنسبة لرجال... الخ. (45)
إن أهم ما مارسه الوهابيون «الإخوان» بزعامة آل سعود منذ عهد «عبد العزيز» حتى هذا التاريخ, وبخاصة في مرحلة البترو دولار, هو نشرهم للفكر الطائفي التكفيري وتعميقه في المناطق العربية والإسلامية التي استطاعوا عبر إمكانياتهم المادية أن يصلوا إليها, وتحويل هذا الفكر إلى حصان طروادة بيد آل سعود يحركونه ضد كل من يجدون فيه إمكانية تشكيل خطر على وجودهم حتى ولو بعد سنين طويلة, إن كان داخل الجزيرة العربية أم خارجها, الأمر الذي شجع أمريكا حليفة آل سعود أن تتكئ على الوهابية أيضاً وتسخرها لمصلحتها أثناء الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفيتي سابقاً, أو ضد حركات التحرر العربية التقدمية وحكوماتها, أو ضد أي فكر إسلامي أخر لا يتفق والفكر الوهابي, كما جرى ويجري الآن في محاربة الفكر الديني الشيعي ومن يمثله في الساحة العربية والإقليمية, تحت ذريعة تكفير وزندقة حملة هذا الفكر, واعتبار الفكر الوهابي هو وحدة الفرقة الناجية.
لقد شجع الخطاب السياسي الديني / الوهابي, بقيادة آل سعود أتباعه على رفض وتكفير وبالتالي قتل كل من لا ينتمي لفكر الوهابية, معتمدين عل فتاوى «ابن تيمية», وعلى فتاوى شيوخها المعاصرين الذين أغدق عليهم آل سعود الأموال من أجل ذلك, هذا إضافة إلى محاربة كل جديد يفرضه تطور الحياة واعتباره بدعة, لذلك لا نستغرب أن يحارب الوهابيون دخول أول سيارة إلى السعودية, على اعتبارها بدعة, وتشجيع أتباعها على قتل أول سائق لهذه السيارة, واعتباره كافراً ومبتدعاً, ثم هي الحركة ذاتها التي لم تزل تحارب حتى هذا التاريخ كل فكر عقلاني جديد فرضته طبيعة التطور في هذه الحياة, ومنها عمل المرأة, وركوبها السيارة, أو حضورها لعبة كرة القدم, أو حتى وضعها الطلاء الأحمر على أظافرها (المنكير). وهي أيضاً الحركة ذاتها التي كانت وراء تشكيل «القاعدة» ودفعها لممارسة ما مارسته في أفغانستان وغير أفغانستان. وهي الحركة التي ِشكلت الإرهاب وصدرته إلى كل دول العالم, الأمر الذي أساء للإسلام والمسلمين, وترك بعض رجال الغرب من سياسيين ورجال دين ومفكرين وفلاسفة, يحتقرون القرآن والرسول والمسلمين, ويروجون الأكاذيب عن الإسلام بأنه يقوم على مسألتين أساسيتين الجنس والقتل.
إن ما مارسته الحركة الوهابية ومن ينتمي إلى فكرها في أفغانستان, وما تمارسه اليوم في العراق وسوريا وليبيا بأوامر من آل سعود وآل ثان, وأمريكا- التي أعلنت على لسان وزيرة خارجيتها «كلنتن» بأن أمريكا كانت وراء تشجيع نشوء القاعدة من اجل محاربة الاتحاد السوفيتي وكل كل حركات التحرر المعادية لسياستها- هو مؤشر على المدى الذي استغل فيه الإسلام عبر الحركة الوهابية ومن يدعمها من اجل تدمير الوطن العربي وتفتيته وتحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي عجزت أمريكا والصهيونية والغرب على تحقيقه عبر الحرب.
إن دعم الإرهاب الذي يمارسه اليوم آل سعود وآل ثاني ومعهم أمريكا وتركيا, في سوريا وليبيا والعراق, إن كان عبر إعلام الفتن الطائفية والقبلية, أو عبر دعم رجال القاعدة بالمال والسلاح, لهو مؤشر على خطورة من يدعم هذه الحركة أولاً, قبل النظر في خطورة الحركة ذاتها. إن ما تعيشه أمتنا العربية اليوم من تخلف وتجزئة, وما تتعرض له من مؤامرات داخلية وخارجية يحركها الغرب وأمريكا والصهيونية, وأدواتهم من دول الخليج, حري بأبنائها أن يعوا خطورة الدور التخريبي الذي يلعبه آل سعود ضد المشروع القومي والتحرري العربي, ولحري بهم أيضاً أن يدركوا اليوم وأكثر من أي وقت مضى أهمية الفكر العقلاني التنويري الذي لا يبتعد في الأساس عن جوهر الدين الحقيقي في إسلاميته ومسيحيته من اجل مقاومة الفكر ألظلامي التكفيري .
إن مواجهة التخلف والتجزئة والاستعمار لا تأتي من خلال ارتداء العمامة أو خلعها, أو من خلال تطويل الذقن أو تقصيره, أو تطويل «الدشداشة» أو تقصيرها حتى الركبة, إن تقدم أية أمة يظل مرتبطاً بتطوير عقول أبناء الأمة ولجوهرها الإنساني, ومواكبة تطور العصر والأخذ بمعطياته الإيجابية, فخرافات العصور الوسطى في أوربا لم تستطع أن تخرج أوربا من عصر الظلام إلى عصر النور, بقدر ما دفعت الأوربيين إلى متاهات الظلمة والتخلف, وإنما الذي أخرجهم إلى النور هو الأخذ بالتفكير العقلاني الذي أصبح سلاح كل فرد منهم لمواجهة مصيره بيده دون التخلي عن دينهم. إن العقل والتنوير والعلمانية هي من كشفت لهم تخلف مئات من السنين عاشوها تحت مظلة القهر والاستغلال والاستعباد, وهي من دلهم على كل المواقع النيرة في الدين المسيحي نفسه. وهذا في الحقيقة ما نحن بأمس الحاجة إليه اليوم لتجاوز تخلفنا وقهرنا وغربتنا واستلابنا. فصرعنا ليست ساحته فكرنا الديني, ممثلاً بطوائفنا ومذاهبنا, أو بالرؤى الديمقراطية ومفاهيم العدالة والحرية التي يريد آل سعود وآل ثاني ومن ورائهم أمريكا تسويقها لنا, إن صراعنا اليوم مع القوى التي تريد العمل على زيادة تجهيلنا وتخلفنا, صراعنا مع أنظمة عربية لا يمكنها أن تعيش وتستمر في الحكم إلا على غربتنا الروحية والجسدية والفكرية, ويأتي على رأس هذه الأنظمة كل من يدفع بنا إلى التمسك بأهداب الدين وترك جوهره, أو دفعنا للأخذ بفتاوى مشايخ آل سعود وآل ثاني, «مشايخ الناتو», من أجل أن نقتل بعضنا ونمزق وحدتنا ونظل صغار أذلاء.
الهوامش:
1- لوتسكي. تاريخ الأقطار العربية, ترجمة عفيفة البستاني, الفارابي, 1980., ص94 .
2- فاسيليف, تاريخ العربية السعودية, دار التقدم , موسكو, 1986, ص 76.
3- الجابري- محمد عابد, تكوين العقل العربي, مركز دراسات الوحدة العربية, بيروت, 1991, ص95.
4- العلوي- هادي, في السياسة الإسلامية – الفكر والسياسة, دار الطليعة, بيروت, 1974, ص 117 وما بعد.
5- فاسيليف, المصدر السابق. ص 81.
6- الجابري- محمد عابد, العقل العربي, مركز دراسات الوحدة العربية, بيروت, ص345, وما بعد.
7- عمارة- محمد, تحديات لها تاريخ, المؤسسة اتلعربية للدراسات والنشر, بيروت, ص149.
8- يقول الرحالة الأوربي,
9- يقول الرحالة الأوربي, «يوركهاردت» عن حالة تقبل البدو لأفكار الحركة الوهابية, : (إن البدو قبل الوهابية, غالباً ما كانوا لا يعرفون الإسلام عموماً.). كما يقول عنهم أيضاً أحد ضباط الجيش في الأركان العامة في جيش روسيا القيصرية, يدعى»دافلنشين» : ( إن أعراب البادية لا يتميزون بالتدين إطلاقاً, وهم يخلطون مع الدين كثيراً من العادات والأساطير الفريدة التي تتعارض تماماً مع تعاليم الدين الإسلامي. ). راجع فاسيليف, المصدر السابق.ص 85, وما بعد.
10- حوراني- البرت, الفكر العربي في عصر النهضة, 1798- 1939, دار النهار, بيروت, ط4, 1986, ص32.
11- المصدر نقسه, ص32.
12- المصدر نفسه, ص33.
13- المصدر نفسه, ص33.
14- المصدر نفسه, ص36.
15- فاسيليف, المصدر السابق, ص89.
16- المصدر نفسه, ص99.
17- المصدر نفسه,ص89.
18- المصدر نفسه, ص90.
19- المصدر نفسه, ص90.
20- المصدر نفسه, ص90.
21- المصدر نفسه, ص91.
22- المصدر تفسه, ص91.
23- المصدر نفسه, ص91.
24- المصدر نفسه, ص92.
25- المصدر نفسه, ص92.
26- على- محمد كرد, القديم والحديث, المطبعة الرحمانسة, مصر, 1925, ص192.
27- فاسيليف, المصدر السابق, ص93.
28- المصدر نفسه, ص95.
29- برو- توفيق, القومية العربية في القرن التاسع عشر, وزارة الثقافة, دمشق, ص54. يراجع أيضاً «ذوقان قرقوط», تطور الفكرة العربية في مصر, 1805-1936, المؤسسة العربية للدراسات والنشر, بيروت, 1972, كما يرجع أيضاً, زين نور الدين زين, نشوء القومية العربية, دار النهار , بيروت, 1972, ص43.
30- بازيلي- قسطنطين, سوريا وفلسطين تحت الحكم العثماني, دار التقدم, موسكو, 1986, ص46.
31- فاسيليف, المصدر السابق, ص138.
32- المصدر نفسه, ص135.
33- بلغت مداخيل الأسرة الحاكمة في الدرعية من حصة الضرائب, /2- مليون ريال./, ما يساوي الثلث تقريباً. راجع فاسيليف, المصدر السابق. ص141.
34- المصدر نفسه, ص142.
35-المصدر نفسه, ص162.
36- المصدر نفسه, ص164.
37- المصدر نفسه, ص165.
38- المصدر نفسه, ص169.
39- المصدر نفسه, ص186. يراجع أيضا حول تأثير الحركة الوهابية في افريقيا, «محمد عمارة», فجر اليقظة العربية, دار الوحدة, بيروت, 1984, ص301.
40- الفاسي- علال, حديث المشرق في المغرب, المطبعة العالمية, القاهرة, طبعة1, 1956, ص27 وما بعد.
41- فاسيليف, المصدر السابق, ص270.
42- المصدر نفسه, ص270.
43- المصدر نفسه, ص271.
44- المصدر نفسه,ص271. راجع أيضا, «زاهر رياض», الشرق الأوسط في العصر الحديث, دراسات الوحدة, بيروت, 1992.
45- فاسيليف, مصدر سابق, ص273.
46- للاستزادة في هذا الجانب راجع, عويّد- عدنان, اشكالية النهضة في الوطن العربي من التوابل إلى النفط, دار المدى, دمشق, 1997, ص69 وما بعد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.