قررت الحكومة الإسرائيلية من خلال تنفيذ مخططاتها على أرض الواقع بإنهاء حل الدولتين على أساس حدود عام 1967، وذلك من خلال قرارها باستئناف بناء جدار الفصل في الضفة الغربية ليضم كبرى المستوطنات، وهما مجمع مستوطنات غوش عتصيون جنوب بيت لحم ومستوطنة "معاليه ادوميم" شرق القدس، الأمر الذي سيحول دون إقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا. وأفاد ضابط إسرائيلي الخميس الماضي، وفقا للإذاعة الإسرائيلية، أن الجيش سيستأنف خلال الأسابيع المقبلة أشغال بناء جدار الفصل في الضفة الغربية المتوقفة منذ 5 سنوات. وقال الكولونيل عوفر هندي أن الأشغال ستستأنف في مرحلة أولية حول مجمع مستوطنات "غوش عتصيون" قرب بيت لحم على أن تتواصل الأشغال العام المقبل حول مستوطنة "معالي ادوميم" إحدى اكبر مستوطنات الضفة الغربية الواقعة شرق القدس. ويعتبر ضم مستوطنة "معاليه ادوميم" شرق القدس من الناحية العملية فصل جنوب الضفة الغربية عن شمالها وتصبح الإمكانية الوحيدة المتاحة للتواصل بين الشطرين من خلال نفق أو جسر يمر من أسفل المستوطنة أو بمحاذاتها وتحت السيطرة الإسرائيلية. وبضم مجمع مستوطنات غوش عتصيون تصبح محافظة الخليل جنوب الضفة مفصولة عن محافظة بيت لحم من خلال ذلك التجمع الاستيطاني وتصبح المحافظتان مفصولتين عن وسط وشمال الضفة الغربية من خلال مستوطنة معاليه ادوميم التي تفصل جنوب الضفة عن شمالها. وفي حال ضم مجمع مستوطنات غوش عتصيون ومستوطنة معاليه ادوميم الى إسرائيل من خلال جدار الفصل تكون تل أبيب وجهت الضربة القاضية لحل الدولتين وتصبح احتمالية إقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا غير موجودة على ارض الواقع، وان المتاحة للفلسطينيين هو إقامة دولة من "كنتونات" يفصل بينها مستوطنات تم ضمها لإسرائيل كأمر واقع من خلال الجدار الفاصل. وجاء الكشف الإسرائيلي عن استئناف العمل في بناء جدار الفصل في الأراضي الفلسطينية ليضم كبرى مستوطنات الضفة الغربية بعد 5 سنوات من توقف الأشغال في الجدار بسبب "مشكلات في الميزانية" وتزايد الشكاوى الفلسطينية على حد قول الإذاعة الإسرائيلية. ومن جهتها، اعتبرت حركة "فتح" القرار الإسرائيلي باستئناف البناء في جدار الفصل ليضم مجمع مستوطنات غوش عتصيون جنوب الضفة الغربية وضم مستوطنة معالية ادوميم لتفصل جنوب الضفة عن شمالها بالقرار الأخطر الذي تتخذه سلطات الاحتلال منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية في عام 1967 . واستنكرت آمال حمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح قرار سلطات الاحتلال بتجديد بناء الجدار، وقالت في تصريح لها "إن القرار الذي اتخذته حكومة الاحتلال الإسرائيلية ، والقاضي باستكمال بناء جدار الفصل العنصري حول مدينة القدس -ضم مستوطنة معاليه ادوميم- قبل مطلع سبتمبر المقبل كحد أقصى، هو أخطر إجراء تُقدم عليه الدولة العبرية بعد قيامها باحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967" . وباشرت إسرائيل بناء الجدار الفاصل الذي يقضم أجزاء من الضفة الغربية عام 2002 اثر سلسلة من العمليات الاستشهادية التي استهدفت إسرائيل. وتم حتى الآن انجاز نحو 400 كلم من أصل 700 كلم هو الطول المفترض لهذا الجدار الفاصل الذي يتألف بحسب الأمكنة من جدار من الاسمنت أو من أسلاك شائكة أو حفر مجهزة بأحدث المعدات الالكترونية لرصد أي اختراق. وكانت محكمة العدل الدولية اعتبرت في التاسع من يوليو 2004 أن بناء هذا الجدار غير شرعي وطلبت تفكيكه. ومن جهته دعا عضو المجلس التشريعي الفلسطيني قيس عبد الكريم "أبو ليلى" عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين إلى الرد على القرار الإسرائيلي بالعمل المتواصل والدؤوب لتفعيل فتوى محكمة العدل الدولية في لاهاي المتعلقة بجدار الضم والفصل الذي تبنيه سلطات الاحتلال على الأرض الفلسطينية، والتوجه مجدداً إلى الجمعية العامة ومجلس الأمن لتحويل أحكامها إلى قرارات ملزمة لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بحمل إسرائيل على وقف بناء الجدار وتفكيكه. وأوضح أبو ليلى أن التحركات الدولية يجب أن توازيها تحركات شعبية على الأرض، والعمل لاستنهاض المقاومة الشعبية، باعتبارها احد أشكال النضال التي تنسجم مع معطيات المرحلة الراهنة، للارتقاء بالانتفاضة الشعبية الشاملة للتأكيد على حق الشعب الفلسطيني في مشروعية المقاومة بما يكفله القانون الدولي كشعب يرزح تحت الاحتلال . هذا وجاء القرار الإسرائيلي باستئناف العمل في جدار الفصل ليضم مجمع مستوطنات غوش عتصيون ومستوطنة معاليه ادوميم التي تفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها في الوقت الذي أحكمت سلطات الاحتلال سيطرتها من خلال الاستيطان على معظم منطقة الأغوار بالضفة الغربية الواقعة على الحدود مع الأردن. وذكرت منظمة "اوكسفام" الدولية أن 66 ألف فلسطيني و9500 مستوطن إسرائيلي يعيشون في غور الأردن، والذي تشكل مساحته 30% من الضفة الغربية، تسيطر المستوطنات على 86% من الأراضي في مقابل 6% للفلسطينيين. وقالت المنظمة في تقرير لها صدر مؤخرا "في هذه المنطقة التي يقع 90% منها في المنطقة (سي) أي الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية التامة ما زالت التنمية محدودة". وأشارت إلى أن العائلات والمؤسسات الفلسطينية، على غرار وكالات المساعدة والجهات المانحة في الاتحاد الأوروبي، لم تتمكن من الحصول أبدًا على الأذونات المطلوبة للبناء. وأضافت "بسبب التأثير التراكمي للقيود التي تفرضها إسرائيل، وانعدام الاستثمارات من قبل الجهات المانحة للسلطة الفلسطينية يفوق مستوى الفقر لدى الفلسطينيين المقيمين في وادي نهر الأردن مرتين تقريبًا مستوى الفقر في الأنحاء الباقية بالضفة، مما يدفع بالسكان إلى المغادرة". ودعت المنظمة المجموعة الدولية ولاسيما الاتحاد الأوروبي، بصفته شريكًا تجاريًا أساسيًا لإسرائيل وأكبر مانح للفلسطينيين، إلى دعم الفلسطينيين في غور الأردن والمهددين بالاستيطان من خلال فتح مشاريع استثمارية فيه وفي أماكن أخرى من المنطقة "سي" حتى من دون موافقة "إسرائيل" موافقة صريحة. وأشارت إلى أن الرئيس الحالي للمفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو سيزور الضفة الغربية في الأيام المقبلة". وطالبت الاتحاد الأوروبي بضمان تنفيذ مقررات مجلس الشؤون الخارجية في مايو، والتي أكد فيها استمراره في تقديم مساعدة مالية للتنمية الفلسطينية في المنطقة "سي"، وحماية هذه الاستثمارات، ملمحًا بذلك إلى عمليات الهدم الإسرائيلية. وأوصت اوكسفام بضرورة نشر تقرير سنوي حول الوضع في المنطقة "سي" بموجب المبدأ نفسه للتقرير السنوي للاتحاد الأوروبي حول "القدسالشرقية"، وممارسة ضغوط على "إسرائيل" لتحويل سلطة تخطيط المدن والقرى الفلسطينية في المنطقة "سي" إلى الفلسطينيين.