تعدد العوائق وتعقد المساطر وراء ضعف نظام مراقبة الصفقات العمومية في المغرب أفادت دراسة، قدمت أول أمس الخميس بالرباط أمام مجلس المنافسة، بأن ضعفا كبيرا يعتري مراقبة الصفقات العمومية في المغرب، بالرغم من تماشي القوانين المتعلقة بهذه الصفقات العمومية مع المعايير الدولية. وتشير الدراسة، التي انكبت على التنافسية في الصفقات العمومية، إلى غياب عقوبات عن عدم نشر طلبات العروض، مما يحول دون ولوج متنافسين جدد ويخلق عدم تناسق المعلومة حول الصفقات العمومية ، مقترحة، في هذا السياق، إنشاء مرصد للنفقات العمومية من أجل ضمان المزيد من التواصل والشفافية على مستوى الصفقات. كما دعت الدراسة، التي أنجزتها المنظمة الدولية لتدقيق الحسابات والاستشارة (مازار) لحساب مجلس المنافسة ، إلى مراقبة جدوى وفعالية القوانين المنظمة للقطاع، وذلك حتى لا يشكل الإطار التنظيمي عائقا أمام المقاولات الراغبة في تقديم عروضها في طلبات عروض الإدارات العمومية. وطالبت المنظمة، التي أعدت الدراسة، من جهة أخرى، بتعزيز مقتضيات المنافسة، وتوطيد المراقبة البعدية وتخليق تدبير الصفقات العمومية والابتعاد من المحسوبية والانحياز . ولاحظت الدراسة أيضا وجود عدد من الحواجز والمساطر المعقدة وغياب الخبرة عند دخول الصفقات العمومية على المستويات التنظيمية والهيكلية، وأشارت إلى أن العوائق الرئيسية تتمثل في المعيار لاختيار العرض والخبرة، مؤكدة أنه يمكن التخفيف من هذه العوائق من خلال إعداد دفاتر تحملات تحدد بشكل أفضل مواصفات طلب العروض. كما لاحظت الدراسة نفسها أن الصفقات المتعلقة بالخدمات تشوبها محسوبية أكثر من قبل الإدارة العمومية مقارنة مع غيرها من الصفقات وكذا عدم توفر التدبير المعقلن في النفقات العمومية وغياب التدقيق حول تنقيط عروض المقاولات. ولم تكتف الدراسة باستعراض الوقائع والعوائق، بل دعت إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل فرض تطبيق صارم لمفهوم الرقابة الذي يدل على معنى محدد هو «التحقق والمراقبة بغرض التأكد من كون الشيء مطابق لما يتم الإعلان عنه أو كما ينبغي أن يكون بالنظر إلى معيار معطى.لأن الرقابة أنأ في ميدان الصفقات العمومية تنصرف أساسا إلى التأكد من احترام الأشغال المنجزة لمقتضيات العقد والشروط المتضمنة في مختلف الدفاتر (دفاتر الشروط الإدارية العامة، دفاتر الشروط المشتركة، دفاتر الشروط الخاصة) وما يعنيه ذلك من ضرورة الحفاظ على المال العام دون الإضرار بالمصالح الخاصة بالمقاول الذي يتعامل مع الإدارة التي تتوفر على مجموعة من الامتيازات قد يؤدي سوء استعمالها إلى المس بالمنافع المفروض أن يجنيها (المقاول) من الصفقة التي هي بالأساس ذات صبغة مادية.» من هذا المنظور تبرز أهمية الرقابة بشكل عام وبالأحرى في مجال الصفقات العمومية، تقول الدراسة «من وجهين على الأقل هما، من جهة،حجم الأموال التي توظف في مجال الصفقات العمومية سواء من طرف الدولة أو الجماعات المحلية، مما يجعلها مجالا ملائما للمخالفات المقصودة أو الغير المقصودة، المباشرة أو الغير المباشرة على المال العام. ومن جهة أخرى، الأهمية الحيوية للقطاعات التي تنصب عليها الصفقات العمومية من توريدات وخدمات مع التشديد على قطاع الأشغال العمومية التي تهم تجهيز البلاد بالطرق، القناطر، الموانئ، السدود والمباني العمومية (إدارات، مستشفيات، مدارس، جامعات ... الخ) وما تمثله من أهمية سوسيو اقتصادية». وإلى حدود أمس، ورغم الاتصالات التي أجرتها بيان اليوم، لم يرد عن مجلس المنافسة، أي تعقيب أو انطباعات أولية حول خلاصات الدراسة التي كشفت ثغرات النظام الرقابي المغربي في مجال الصفقات العمومية. وكان عبد العالي بنعمور رئيس مجلس المنافسة قد قال لبيان اليوم ، أول أمس الخميس، قبل افتتاح اللقاء المخصص لعرض الدراسة إنه «يجب انتظار الوقت اللازم لقيام المجلس بإعادة تفكيك خلاصات الدراسة، من أجل القيام بصياغة نهائية للخلاصات التي ستقدم للحكومة مطلع شهر شتنبر القادم». يشار إلى أن مجلس المنافسة يعتزم تقديم حوالي ثماني دراسات في أفق أكتوبر المقبل، من بينها الدراسة الجاهزة الآن المتعلقة بسوق الصفقات العمومية، ستليها، مباشرة، دراسة تهم التنافسية في قطاع الإسمنت التي سيكشف عنها في شتنبر المقبل. كما سينكب المجلس، قبل متم شهر نونبر القادم على استكمال الدراسة المتعلقة بالمنافسة بين المساحات الكبرى وتجارة القرب.