من الأهداف الأساسية التي حدد ميثاق الجماعات المحلية لسنة 2009 بلوغها: تمكين الجماعات المحلية المغربية من هيئات تسيير مناسبة قادرة على إعداد مشاريع تنموية ملائمة، وتفعيلها، وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين وضمان تدبير عقلاني وشفاف للمال العام. وبعد مرور أكثر من سنة على تحمل مسؤولية الولاية الجماعية الحالية (2015/2009)، ما هي الدروس التي يمكن استنتاجها من مسلسل الديمقراطية المحلية؟ وهل نفذت فعلا الاجراءات الجديدة؟ وهل ساهمت تلك الاجراءات الجديدة في تحسين التدبير اللامركزي؟ وما الذي يجب فعله لتحسين وقعها؟ وهل تحسنت العلاقات مع الجهة الوصية؟ وهل تتوفر الجماعات المحلية على الإمكانيات التي تمكنها من تطبيق التشريع الجديد (الخطة الجماعية للتنمية، اللجان المتخصصة، لجن النوع...)؟ لمناقشة مختلف هذه القضايا المشروعة وقضايا أخرى نظمت ترانسبارانسي المغرب، بتاريخ 9 يوليوز 2010 بالرباط مائدة مستديرة خُصصت للحكامة المحلية، بمشاركة منتخبين ومسؤولين إداريين وجامعيين وصحفيين وممثلين عن المجتمع المدني. ولقد انصب النقاش أساساً حول الإطار المؤسساتي الجديد للحكامة المحلية بالمغرب وحول العديد من الاختلالات التي كشف عنها تقرير المجلس الأعلى للحسابات المتعلق بسنة 2008، والذي نشر في مارس 2010، وهو التقرير الذي خصص جزؤه الثاني لأنشطة تسعة مجالس جهوية للحسابات في مجالات المراقبة القضائية ومراقبة التسيير ومراقبة قوانين الميزانية. يتناول هذا الملف مختلف الاختلالات المتعلقة بالحكامة المحلية التي أدانتها مؤسسات المراقبة، أي مجلس الحسابات والمفتشية العامة للإدارة الترابية، وكذا الاختلالات التي كشفت عنها الصحافة الوطنية. وتتساءل هذه الوثيقة كذلك عن مدى ملاءمة التعديلات التي أجريت على ميثاق الجماعات المحلية ومدى قابليتها للتطبيق، وتبرز إمكانيات بديلة لتتمكن من المساهمة في تدعيم مبادىء الشفافية والحكامة الجيدة في تدبير الشأن المحلي. I الميثاق الجماعي المعدل يعاني من عدم التطبيق يهدف الميثاق الجماعي المعدل سنة 2009، الذي تمت بلورته في إطار الإعداد للانتخابات المحلية لنفس السنة، إلى خلق ثورة في الديمقراطية المحلية وكذا في نظام وحدة المدينة. وبعد مرور سنة على بداية الولاية الحالية (2015/2009)، تظل الحصيلة هزيلة فيما يتعلق بتطبيق التوصيات الجديدة التي تم إدخالها. فمن جهة، تعتبر معاينة مؤسسات المراقبة (مجلس الحسابات، المفتشية العامة للإدارة الترابية) بصدد موضوع الاختلالات مُفحمة. ومن جهة أخرى، يشهد ما كشفت عنه الصحافة إبان السنة الأولى من ممارسة الولاية الحالية (2010/2009) عن هذا الواقع. 1 المعاينة المقلقة لمؤسسات المراقبة أ خلاصات تقرير مجلس الحسابات كشف التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2008، والمنشور في مارس 2010 عن العديد من الخروقات والاختلالات في تدبير وحكامة الجماعات المحلية. وحتى وإن كان هذا التقرير لا يخص إلا السنة المالية 2008، فإن خلاصاته تظل راهنة. وبالتالي فهي تستحق أن يتم التذكير بها. فهي تعكس حجم الاختلالات المثارة من طرف قضاة المجالس الجهوية للحسابات عند متم إنجازاتهم لمهامهم الخاصة بتدقيق حسابات العديد من الجماعات المحلية الحضرية والقروية. ويثير هذا التقرير مثل سابقه (انظر أخبار تانسبارانسي عدد 4، فبراير، 2009) خروقات فاضحة للقانون ويوجه أصابع الاتهام بالخصوص للعناصر التالية: الضعف في البرمجة والتخطيط عدم تبني خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية من طرف المجالس الجماعية. لا تعكس الميزانيات الجماعية التوازن الحقيقي ما بين المداخيل والنفقات (فالعديد من الفوارق تم تسجيلها بين التوقعات المتعلقة بالميزانيات والتنفيذ، كما تم تسجيله في الحسابات الادارية). إطلاق مشاريع في غياب إنجاز دراسات قبلية حول القابلية للتطبيق. التأخر في تنفيذ مشاريع الجماعات المحلية. نقص في تدبير الموارد الخاصة بالجماعات المحلية مراكمة المهام التي لا تتلاءم مع تدبير المداخيل. عدم استخلاص حقوق الاستغلال المؤقت للملك العمومي والمداخيل الخاصة بإيجارات الجماعات المحلية. مراكمة الأرصدة التي يجب استردادها. اختلالات في تنفيذ مصاريف الجماعات المحلية وضع موظفين تابعين للجماعات المحلية في وضعية الإلحاق الاداري بإدارات عمومية أخرى مع الاستمرار في اقتطاع رواتبهم من ميزانيات الجماعات المحلية. تحمل مسؤولية مصاريف لا علاقة لها بالتكاليف التي تتحملها الجماعات المحلية. عدم احترام القواعد الخاصة بتنفيذ الصفقات العمومية. أداء مصاريف قبل تنفيذ الخدمة المؤدى عنها. منح إعانات في غياب معايير جد محددة. النقص في تدبير ممتلكات الجماعات المحلية وضعف مراقبة المصالح التي يتم تدبيرها عبر التدبير المفوض ضعف المراقبة الداخلية غياب مخططات بعض الجماعات المحلية. تمركز السلطات ومراكمة المهام التي لا تتلاءم فيما بينها. عدم إنجاز سجلات الحسابات وغياب تحيينها. وفضلا عن ذلك، فقد تم حسب تقرير المجلس الأعلى للحسابات، إنجاز أكثر من 130 مهمة مراقبة تتعل بالتدبير سنة 2008. ومن بين 82 هيئة خضعت لمراقبة تدقيق الحسابات من طرف المجالس الجهوية للحسابات، توجد 72 جماعة محلية من بينها 42 جماعة حضرية و 30 جماعة قروية، وتم إنجاز، بناء على هذا العدد، 36 تقريراً تم دمجها في التقرير السنوي لسنة 2008. كما أن التقارير الخاصة والمتعلقة بالجماعات المحلية، بما في ذلك التقارير التي لم تنشر، تقدم فكرة جد دقيقة عن نقائص التدبير والأخطاء المرتكبة. وتعود هذه الأخطاء، في بعض الحالات، لمصير الاجراءات القانونية الزجرية. ويتعلق الأمر، باختصار، بما يلي: خرق الاجراءات القانونية والأنظمة ووثائق التعمير (رخص تنفيذ مشاريع سكنية أو تعديل التصاميم في غياب موافقة الوكالة الحضرية). انتهاك الجماعات المحلية للقوانين الخاصة بتنفيذ المصاريف العمومية بالنسبة لمعظم مقتنياتها. غياب الشفافية عند تنفيذ تصفية أشغال الإنارة العمومية. عدم احترام الهدف الذي حددته الصفقات. اختلالات في تدبير الأرشيف، وبالخصوص غياب ملفات طلبات العروض غير المثمرة وعدم تحصيل المستحقات. اختلالات في تتبع ملفات انتهاك القانون المتعلق بالتعمير والجهل بالاجراءات القضائية فيما يخص هذه الانتهاكات. اقتصار الاستفادة من طلبيات الجماعة المحلية على عدد محدود من الممونين، واللجوء ل »سندات الطلب« عوض الصفقة العمومية. استشارة مقاولين وممونين لا علاقة لنشاطهم بموضوع الخدمة المطلوبة؟ عقد صفقات مواد التجهيز والخدمات مع مقاولات يملكها مستشارون جماعيون أو أبناؤهم المباشرون. ب مهام المفتشية العامة للإدارة الترابية في مجال تدقيق الحسابات التي كشفت عنها الصحافة تتكلف المفتشية العامة للإدارة الترابية بتدقيق الحسبات ومراقبة التدبير الاداري والتقني والمحاسباتي لوزارة الداخلية والجماعات المحلية. وتتدخل المفتشية العامة للإدارة الترابية عندما يتم إشعارها من طرف السلطات الادارية والمجالس الجهوية للحسابات أو البرلمانيين. وحسب وزير الداخلية، قامت المفتشية العامة للإدارة الترابية، سنة 2010، ب 176 مهمة تفتيش. وتعلقت هذه العمليات على وجه الخصوص بالمراقبة المالية والادارية للجماعات المحلية (30 تفتيشا)، فحص الحساب الخاص بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية (70 تفتيشا) ومهمة تفتيش لأعوان السلطة على المستوى المحلي. ومكنت هذه المراقبة من تسجيل سلسلة من الخروقات فيما يتعلق بتدبير الجماعات المحلية والتي تتعلق بالأساس بالتدبير السيء لشؤون وممتلكات الجماعات المحلية، واستعمال موارد الجماعات المحلية لأغراض شخصية، والغش في الصفقات العمومية (الصباح). وعلى سبيل المثال، قامت المفتشية العامة للإدارة الترابية بالقنيطرة بالبحث والتقصي في العديد من ملفات اختلاس المال العام، وهو ما مكن مسؤولين من الاغتناء السريع بفضل صمت المجلس البلدي السابق. ولقد استمع مفتشو المفتشية العامة للإدارة الترابية لعمر لرغو رئيس مديرية الضرائب، وقرروا فحص الوثائق في جميع مديريات الجماعة للتدقيق في الخروقات التي كشفت عنها العديد من التقارير (المساء). وفي المجال الخاص المتعلق بتفويت الصفقات العمومية، دقت المفتشية العامة للإدارة الترابية بالفعل ناقوس الخطر في عدة مناسبات، معتبرة أنه تم انتهاك قاعدة المنافسة على مستوى دراسات وأشغال مصلحة الطرق التي أطلقتها الجماعات المحلية. فالعديد من التواطؤات تسمح لنفس مجموعة المقاولات، وبشكل منتظم، بأن يتم اختيارها من طرف لجان عروض الأثمان. هذه الاختلالات الخطيرة تتعلق بتفويت هذه الصفقات وبتنفيذها، وهو الأمر الذي أثر سلبياً على جودة الأشغال، وأدى إلى تكاليف إضافية تجاوزت بعشر مرات الأسعار الاعتيادية في بعض الحالات، رغم أن الأمر يتعلق بنفس الخدمات والمسافات. وكشفت خلاصات مهام المفتشية العامة للإدارة الترابية أن ثلاثة مكاتب دراسات »متواطئة وشريكة« وهي (Marados biecitra Fabet)، و (Rahab Bi - point) وقد ذهبت، حسب المفتشية العامة للإدارة الترابية، إلى حد رنشاء مقاولات متخصصة في الأشغال الطرقية للاستفادة من الموارد (ليكونومست). وفضلا عن ذلك، فإن لجان المفتشية العامة للإدارة الترابية قامت بإلغاء العديد من عروض الأثمان التي شابتها خروقات فاضحة (المجالس البلدي لحد السوالم، وبرشيد ولجديدة وسيدي سليمان ولفقيه بن صالح وتاوريرت، والمنصورية...). وكشفت هذه اللجان في جميع الحالات عن وجود مكتب تقني يلجأ إلى جميع العوائق التمييزية وغير الشرعية للفوز بالدراسات التي يتعهد بإجرائها لدى الجماعات المحلية المذكورة ().