أكد وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة، محمد نبيل بنعبد الله، مساء أول أمس الخميس بالدار البيضاء، أن النهوض بقطاع العقار والسكن في المغرب يفرض اعتماد سياسة حضرية مبنية على رؤية استراتيجية متعاقد حولها، وإرساء قواعد حكامة ناجعة تضمن الالتقائية والتكامل بين مختلف المتدخلين في القطاع. وأوضح بنعبد الله، في كلمة خلال لقاء نظمته غرفة التجارة والصناعة الفرنسية بالمغرب حول «الاستراتيجية الحكومية في ميادين التعمير والسكن وسياسة المدينة»، أن حجم التحديات التي يواجهها هذا القطاع الواعد يتطلب بلورة رؤية شمولية تنطلق من إطار مرجعي متفق عليه، والانخراط في إصلاحات عميقة لمنظومة العقار والتعمير بالمغرب بغية تحديثها وجعلها مواكبة للنمو الكبير الذي يعرفه النسيج العمراني والحضري بالمملكة. وأشار إلى وجود جملة من الاختلالات الهيكلية والقانونية التي تحول دون تحقيق نهضة عمرانية شاملة، مشددا، في هذا الخصوص، على ضرورة إجراء مراجعة عميقة للمساطر والقوانين المعمول بها حاليا خاصة قوانين ووثائق التعمير التي اعتبر أنها باتت تشكل عبئا على مسار تحديث مجال السكن والعقار وتوفير عروض تتلاءم وتطلعات المواطنين بكافة فئاتهم. وأبرز بنعبد الله، في السياق ذاته، أن الوزارة تعمل في هذا الصدد من أجل بلورة سياسة حضرية مندمجة ومتوازنة ومواكبتها بجملة من الإصلاحات القانونية والتشريعية بما يتيح تبسيط المساطر وضمان العدالة العقارية والشفافية في التدبير، ويمكن من محاربة كل مظاهر الفساد التي يعاني منها قطاع البناء والعقار. وبخصوص سياسة المدينة، اعتبر أن سياسة الوزارة في هذا المجال تهدف إلى الخروج بتصور متفق عليه مع كافة المتدخلين والفاعلين من أجل التحكم في توسع المدن وترشيد استغلال المساحات العقارية المتوفرة لبناء مدن مستدامة واندماجية ومنتجة ومتضامنة. وأضاف أن التطور الهائل الذي تعرفه المدن المغربية يوجب إعداد مخططات مديرية للتهيئة العمرانية تساير النمو الذي تعرفه هذه المدن خاصة في المجال الاقتصادي، وتحافظ في الوقت نفسه على جماليتها وتناسقها العمراني، وكل ذلك وفق مقاربة شمولية أفقية تهدف إلى تنمية المدينة وجعلها قادرة على خلق الثروات، وكذا تقليص مظاهر العجز والإقصاء الاجتماعي داخلها. وشدد بنعبد الله على أن المقاربة التي تنهجها الدولة بخصوص النسيج العتيق هي مقاربة استعجالية بالأساس تتوخى إيجاد حلول آنية ومستعجلة للأسر القاطنة في الدور الآيلة للسقوط، مشيرا إلى أن تدخل الدولة في هذا المجال يتطلب إصدار قانون جديد منظم لعملية التدخل وإيجاد أداة للتدخل بصلاحيات كاملة. وفي ما يخص الحوار الوطني حول سياسة المدينة، اعتبر الوزير أنه لابد من توفر إرادة قوية لإنجاح هذا الحوار وتفعيل ما تمخض عنه من توصيات ومقترحات للخروج بنموذج قابل للتطبيق يراعي خصوصيات وحاجيات كل جهة من جهات المغرب. وذكر أن إطلاق هذا الحوار كان بهدف صياغة وثيقة مرجعية مشتركة تؤسس لسياسة المدينة، وتبلور الأفكار والأهداف والانتظارات الملحة من هذه السياسة، وذلك بما يمكن من معالجة الاختلالات المسجلة، ويتيح تعزيز البنية العمرانية والاقتصادية والاجتماعية للمدن، حتى تصبح قادرة على ربح رهان التنافسية واستقطاب الاستثمارات المنتجة الكفيلة برفع وتيرة التنمية.