اسماعيل العلوي: إنجاز القطار فائق السرعة لا يعفي من توسيع شبكة السكك الحديدية بالمغرب رباح: قطاعات النقل تعاني اعتلالات كبيرة باستثناء النقل السككي الخليع: تأثير مشروع «تي جي في» 1.4 الميزانية العامة للدولة جد محدود أكد اسماعيل العلوي أن المغرب مطالب بالمراهنة على قطاع النقل السككي كرافعة للاقتصاد الوطني لما يوفره من تسهيل التنقل والحفاظ على البيئة والاقتصاد في الطاقة، داعيا إلى توسيع شبكة النقل السككي، دون نسيان الاهتمام بأنماط النقل الأخرى، بينما اعتبر عزيز رباح أن النقل السككي هو القطاع الوحيد الذي سجل نتائج مرضية دونا عن بقية قطاعات النقل الأخرى، وأبرز محمد ربيع الخليع أن نسبة مساهمة الدولة من مشروع القطار فائق السرعة لا تتعدى 1.4 في المائة من مجموع ميزانية الاستثمار. وسجل رئيس مجلس رئاسة حزب التقدم والاشتراكية، اسماعيل العلوي، خلال اليوم الدراسي الذي نظمه فريق التقدم الديمقراطي بمجلس النواب حول «النقل السككي بالمغرب الرصيد والآفاق» أنه بالرغم من توفر المغرب على شبكة للنقل السككي منذ عقود من الزمن، إلا أنه لم يسجل انتشارا واسعا، باستثناء تثنية بعض خطوط السكة الحديدية، والتحسن الملحوظ في استغلال بعض الخطوط، وإعادة تأهيل بعض المحطات، وكل ما تحقق في هذا المجال على الرغم من أهميته لا يكفي. وقال اسماعيل العلوي إن المغرب أعطى الأولوية في مجال النقل، منذ مدة طويلة، للنقل الطرقي للمسافرين والبضائع، على حساب الأصناف الأخرى للنقل، منها النقل السككي والجوي والبحري والنهري، متسائلا في ذات الوقت عما إذا كان هذا الاختيار صائبا، سواء على مستوى كلفته الطاقية أو على مستوى حماية البيئة، أو على مستوى صيانة المسالك وكذلك على مستوى حماية أرواح المواطنين. وشدد رئيس مجلس الرئاسة، بخصوص مشروع القطار فائق السرعة، على ضرورة مواكبة التطورات التي يعرفها النقل السككي، مشيرا إلى أن الاتفاق الثلاثي حول المشروع يعتبر «فرصة ذهبية» وأن الانخراط فيها مسألة إيجابية، إلا أن ذلك، يقول اسماعيل العلوي، «لا يعفينا من ضرورة توسيع شبكة السكك الحديدية بالمغرب، لما تشكله من قاطرة في تطوير الاقتصاد الوطني»، مسجلا بذات المناسبة أن هذا العمل يتطلب إمكانيات مادية هائلة. ونبه اسماعيل العلوي إلى ضرورة الاهتمام بأصناف النقل الأخرى، بما فيها النقل البحري، للاستفادة من الإمكانيات البحرية التي يتوفر عليها المغرب، وأيضا النقل النهري، الذي يمكن أن يشكل قطبا اقتصاديا ذو أهمية بالغة. وفي الوقت الذي أبرز فيه وزير التجهيز والنقل، عزيز رباح، أهمية قطاع النقل بكل أصنافه بالمغرب الذي يساهم بحوالي 6 في المائة من الناتج الداخلي الخام، ويستأثر بحوالي 10 في المائة من سوق الشغل، بينما يستحوذ بالمقابل لوحده على 65 في المائة من حجم استهلاك المحروقات، سجل بأن هذا القطاع يعاني من اعتلال كبير، باستثناء النقل السككي. وفي سياق متصل، أفاد وزير التجهيز والنقل عزيز الرباح أن قطاع النقل البحري يوجد في حالة سيئة تستدعي إعادة هيكلته بالكامل، في حين أنقذ العقد البرنامج، الموقع بين الدول وشركة الخطوط الملكية المغربية في إطار شراكة استراتيجية، قطاع النقل الجوي من الإفلاس، أما علل النقل الطرقي سواء نقل المسافرين أو نقل البضائع فإنها «تحتاج إلى عملية جراحية هادئة»، على حد تعبيره. وأعلن رباح أن وزارته بصدد إعداد «المخطط الوطني للتنقل» الذي يدمج كل هذه القطاعات لتطويرها وجعلها قادرة على التنافسية. وأكد وزير التجهيز والنقل على الدور الكبير الذي يلعبه قطاع النقل السككي في إنعاش الاقتصاد الوطني والرفع من تنافسيته وجلب الاستثمارات، ودوره أيضا في تطوير نقل البضائع واللوجستيك. وكشف رباح أن استراتيجية المكتب الوطني للسكك الحديدية تتوخى تقوية وتطوير الخدمات المرتبطة بنقل المسافرين، وتطوير محطات القطارات، مشيرا إلى أن المخطط السالف الذكر يتضمن دعوة المكتب إلى الاندماج في تطوير مجال النقل الجهوي. وأعلن أن الوزارة ستعمل على إحداث معهد للتكوين السككي سيكون مرجعا في هذا المجال على الصعيد العربي والإفريقي. وأشار وزير التجهيز والنقل الوزير أن استراتيجية تطوير قطاع النقل السككي تمر عبر إعطاء الأفضلية للمقاولات الوطنية فيما يتعلق بالصفقات، من خلال تشجيع تكوين شبكة من المقاولات الوطنية خاصة في مجال بناء المحطات أو الأشغال السككية أو الدراسات، وكذا النهوض بالصناعة المتعلقة بمكونات قطاع السكك الحديدية بالمغرب على غرار صناعة السيارات وذلك عبر جلب شركات للاستثمار المتخصصة في المجال وتشجيع القطاع الخاص . وشدد رباح بدوره على أهمية الدخول إلى عالم السرعة، من خلال مشروع القطار فائق السرعة، مجددا التأكيد على أن المشروع ستكون له انعكاسات إيجابية على التنمية الاقتصادية للبلاد، مشيرا إلى حرص الحكومة استمرارية التزاماتها الدولية، لأن المشروع ليس مشروع حزب أو هيئة بل مشروع دولة. وسجل رباح أن حوالي نصف المهندسين الذين يشتغلون على تصميم القطار فائق السرعة هم مغاربة الأمر الذي من شأنه تعزيز وتطوير الخبرة الوطنية في هذا المجال . من جانبه، اعتبر المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية، محمد ربيع الخليع، أن القطار فائق السرعة يعد خيارا استراتيجيا ومنطقيا بالنسبة للمغرب، ويأتي في إطار مخطط مديري شامل، مبرزا في ذات الوقت أن التجارب والاستراتيجيات الدولية في مجال النقل السككي تظهر أن كل المشاريع المتعلقة بتطوير الخطوط ذات المسافات الطويلة اعتمدت فيها تكنولوجيا السرعة الفائقة. وقال ربيع لخليع إن مساهمة الدولة في مشروع القطار الفائق السرعة لا تمثل سوى 3 ملايير درهم موزعة إلى 800 مليون درهم سنويا، وهي لا تتعدى نسبة 1.4 في المائة من حجم الاستثمارات بالمغرب، وتوازي ما يحصل عليه المكتب الوطني لسكك الحديدة من الدولة. وردا على الذين ينتقدون إنجاز المشروع على حساب قطاعات الصحة والتعليم وغيرها، قال المدير العام للسكك الحديدية «إذا كانت 800 مليون درهم هي لي غادي تحل مشكل التعليم بناقص من التي جي في»، وهذا يعني أن المشروع له تأثير جد محدود على الميزانية العامة للدولة. وكشف المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية أن النقل السككي بالمغرب حقق، خلال الفترة ما بين 2005 و2011، نتائج جيدة حيث ارتفع عدد المسافرين على متن القطارات إلى 25 مليون مسافر سنويا، بينما وصل حجم البضائع المنقولة إلى 37 مليون طن من البضائع. وثمن النائب فؤاد حجير، في كلمته باسم أعضاء فريق التقدم الديمقراطي بمجلس النواب، مشروع إحداث خط القطار الفائق السرعة طنجة- الدارالبيضاء الذي وصفه ب «المكسب الهام»، والذي سينعكس إيجابيا على قطب الدارالبيضاء- الرباط ، باعتباره المحور الدولي ومركز الأعمال والمال والإدارات، من خلال ربط هذين المركزين الحيويين بالنسبة لاقتصاد المغرب بوسيلة نقل فعالة وسريعة، على الرغم من أن بعض المواقف شككت في أهمية المشروع، معتبرة أن إحداثه، تم على حساب الاستثمارات في مجالات الصحة والتربية ومكافحة الفقر وفك العزلة عن الساكنة القروية. وقال فؤاد حجير إن تنظيم فريق التقدم الديمقراطي لليوم الدراسي حول القطاع السككي اعتبارا لأهمية وراهنية الموضوع وحرصا منه على تبادل وجهات النظر، وفتح الحوار المدقق والمفصل والمفيد، حول هذا الورش الهام في الحياة الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، مع تقديم الاقتراحات الهادفة، وبحث سبل وكيفيات ترجمة الإستراتيجية الجديدة المعتمدة من قبل وزارة التجهيز والنقل، لتأهيل قطاع النقل عامة، والسككي بشكل خاص، لما تضطلع به القطاعات الاجتماعية، من مكانة وأولوية هامة وأساسية في اهتمامات المواطنين وانتظاراتهم المشروعة والطبيعية، في أن يستفيد ويتمتع بجودة الخدمات. وأشار النائب إلى أن هاجس فريق التقدم الديمقراطي للدعوة إلى هذا اللقاء، هو إصراره الدائم على جعل مجلس النواب منفتحا بشكل ايجابي، على محيطه الاقتصادي والاجتماعي والمؤسساتي وغيرها من المجالات، في سياق توسيع التشاور ضمن إطار الديمقراطية التشاركية التي تعتبر مكسبا هاما في إطار المسلسل الإصلاحي والديمقراطي الجاري في المغرب. وهو ما يفرض ضرورة تعميق فرص التجاوب مع ملاحظات واقتراحات البرلمان، ومن ثم ضمان المزيد من المشاركة البرلمانية خلال مراحل إعداد السياسات العمومية، ضمن مراعاة التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، لجعل هذه السياسات رافعة أساسية للتنمية، ووسيلة ناجعة في خدمة الديمقراطية الحقة والمشاركاتية بأبعادها الشمولية والخلاقة، و تفعيل أسس المواطنة القائمة على الكرامة والعدل والإنصاف في تناسق مع التدبير الجيد والحكامة الجيدة بكل مستوياتها، وتأهيل العنصر البشري لتحقيق المردودية والفعالية المرجوة. وسجل فريق التقدم الديمقراطي الدعم يحظى به المكتب الوطني للسكك الحديدية من مختلف الحكومات، مما مكنه من تطوير أدائه الإداري والتدبيري، والذي أدى إلى تحقيقه نتائج هامة على مستوى تنفيذ السياسات الحكومية، سواء تعلق الأمر بنقل المسافرين أو البضائع المختلفة أو الفوسفاط. وثمن بذات المناسبة النتائج المنبثقة عن الإستراتيجية الجديدة للمؤسسة، التي ترتكز على تطوير الشبكة الوطنية المندمجة للمناطق اللوجستيكية، ومناطق الإنتاج ونقط المبادلات التجارية والبنيات التحتية الكبرى للنقل، وتفعيل إجراءات ترشيد وتكتل كل الأصناف الرئيسية لرواج البضائع وضمان نجاعة بروز الفاعلين اللوجستيكيين، وتنمية الكفاءات عبر مخطط وطني للتكوين، ووضع إطار لحكامة القطاع، واتخاذ التدابير التنظيمية الملائمة لتقنينه خاصة عبر إحداث الوكالة المغربية لتنمية الأنشطة اللوجستيكية، فضلا عن تحرير قطاع النقل للرفع من التنافسية الاقتصادية للإنتاج الوطني، والارتقاء بالقطاع إلى المستوى العالمي فيما يتعلق بالمهن الدولية للمغرب، مع التنصيص على عقلنة وتبسيط تدبير أروجة البضائع المتعلقة بالمنتجات الاستهلاكية الأساسية، ناهيكم عن الحفاظ على البيئة و التنمية المستدامة، ونهج مقاربة تشاركية بين القطاع العام والخاص، يتم التأسيس لها عبر عقود برامج تنفيذية جهويا و قطاعيا لتطوير المناطق اللوجستيكية، وإحداث مناصب للشغل تشجيع مبادرات القطاع الخاص ضمن استمرار ضمان الدولة لمبادئ المرفق العمومي. وأكد النائب حجير ملامسة القضايا الكثيرة والمتشعبة المرتبطة بقطاع النقل السككي لا تتوقف معالجتها على وزارة النقل والمؤسسات التابعة لها فقط، بل إنها تهم باقي القطاعات الحكومية الأخرى، ضمن المنهجية المندمجة والمتناسقة للعمل الحكومي، مشيرا إلى ضرورة وضع الأصبع على السلبيات في القطاع وهي كثيرة، و تتطلب إعادة النظر وباستعجال، والاجتهاد أكثر، والإسراع في وتيرة الإصلاح لتجاوز اختلالات بات يعرفها الجميع في القطاع، والمتمثلة أساسا في الاضطرابات التي تعرفها حركة القطارات بين الحين والآخر، وعدم احترامها لمواعيد المواقيت، مما يؤثر بل ويعطل أحيانا مصالح المواطنين، وكذلك استمرار ظاهرة الازدحام في المقطورات، وخاصة عند نهاية الأسبوع والعطل ، مما يطرح توفير وحدات الأسطول بالكافي، لمواكبة النمو الديمغرافي، والعدد المتزايد للمسافرين، مع تجديد هذا الأسطول بمراعاة المواصفات العصرية، ناهيكم عن ضرورة تفكير الحكومة جديا في غلاء أثمنة التذاكر، لتكون مناسبة للقدرة الشرائية للمواطنين، بل ولما التفكير الجدي في تعميم شبكة السكك الحديدة على عدد هام من مناطق التراب الوطني وخاصة الجبلية والتي لا تستفيد من خدمات النقل السككي. ووعيا منه بمدى صعوبة إنجاز هذا المشروع الطموح (تعميم النقل السككي) على أرض الواقع نظرا لتكلفته المالية الباهظة وللتضاريس الجغرافية غير المساعدة، يعتبر فريق التقدم الديمقراطي أنه حان الوقت لتجاوز تصنيف المغرب النافع وغير النافع، الذي يعود إلى الحقبة الاستعمارية المقيتة وأصبح متجاوزا في ظل التطورات والانفتاح الديمقراطي الذي تعرفه البلاد.وعلى هذا الأساس، داعيا الحكومة إلى الإسراع في وضع مخطط عمل وإستراتيجية محكمة في هذا الاتجاه، لتحقيق التوازن بين كل المناطق، كمدخل أساسي لفك العزلة عنها وإدماجها في المجهود التنموي الوطني، خاصة وأنها تتوفر على طاقات اقتصادية واجتماعية وبشرية هامة، وغيرها من المؤهلات التي ينبغي استغلالها بشكل أمثل في إستراتيجية التأهيل التنموي بالبلاد . وأبرزت كلمة فريق التقدم الديمقراطي أن محاربة الفساد والقضاء على كل مظاهره في القطاع، يعتبر من بين الأولويات الأساسية، على اعتبار أن هذا الورش يشكل محورا لبرنامج ومنهج عمل الحكومة، وبالتالي نؤكد على ضرورة تقوية وتفعيل مؤسسات الرقابة، ضمن ربط المسؤولية بالمحاسبة، واتخاذ كل الإجراءات والتدابير الصارمة، لمحاربة الإفلات من العقاب، وإقرار تشريعات في هذا الصدد، مع الاهتمام أكثر بورش تفعيل مشاركة النساء بشكل أفضل في القطاع في إطار المساواة ومقاربة النوع ضمانا لتأهيل القطاع.