إجماع على الخصوصية المغربية في خارطة الإبداع الرياضي العربي خرج المتتبعون لفعاليات ندوة «الإبداع الرياضي بالمغرب: «تجارب رياضية مبدعة» يوم الجمعة الماضي بقاعة الندوات التابعة لمؤسسة آل سعود، والتي نظمها مجلس أمناء جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للإبداع الرياضي، بشراكة مع الجمعية المغربية للصحافة الرياضية، والجمعية المغربية «تنمية ورياضة»، بخلاصات قيمة لمجموعة من المتدخلين حاولوا خلالها مقاربة الإبداع المغربي من عدة زاويا. وعرفت الندوة حضورا وازنا لأسماء رياضية مغربية معروفة سواء تعلق الأمر بمبدعين أبطال في شتى الرياضات، أو في مجال التسيير الرياضي، كما تكلف بتسيير أطوار الندوة الزملاء سهام البوش، هشام فرج، وسعيد بلفقير. وفي مستهل مداخلات الندوة، تناولت الكلمة البطلة العالمية الأولمبية السابقة وعضو اللجنة الدولية الأولمبية ورئيسة جمعية رياضة وتنمية نوال المتوكل، حيث أكدت على أن تنظيم هذه الندوة على أرض المملكة المغربية أرض المحبة والصداقة والإخاء، يعتبر حدثا متميزا وله أكثر من دلالة، ومن شأنه إبراز العمل الذي تقوم به بلادنا من خلال برامج التكوين والتنويه بالتجربة المغربية التي أفرزت نجوما وأبطالا كبارا ذاع صيتهم على مستوى الرياضة العالمية وأضافت نوال المتوكل التي هي في نفس الوقت عضو الإتحاد الدولي لألعاب القوى خلال ذات الندوة، بأن اختيار المغرب لإقامة الندوة يجسد متانة العلاقة الوطيدة التي تربط الشعبين الشقيقين المغربي والإماراتي، وتم التأكيد من لدن المتوكل بأن المجتمع المدني يلعب دورا كبيرا في إشاعة ثقافة الإبداع الرياضي لدى كل الفاعلين في المجال مذكرة بالرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المناظرة الوطنية حول الرياضة المنعقدة بالصخيرات سنة 2008 التي أبرزت اعتزاز كل الشرائح المغربية بالرياضة بمختلف أنواعها واعتبار فنونها جزء لا يتجزأ من الهوية المغربية. وأبرزت صاحبة ميدالية ذهبية أولمبية في تاريخ الرياضة العربية والإفريقية: « إن خلاصة عمل اللجنة التنظيمية المشتركة تتقاطع مع أهداف كل مؤسسة على حِدَة : فجائزة بن راشد آل مكتوم للإبداع الرياضي تنظم هذه الندوة ببلادنا في إطار برنامجها الهادف إلى تعظيم فكر وممارسة الإبداع في المجال الرياضي بالوطن العربي، وتعزيز ونشر ثقافة الإبداع والابتكار وتكريم صانعيه وتثمين الهيئات والمؤسسات وتوفير البيئة المناسبة لدعم وتحفيز المبدعين وتطوير ملكاتهم الفردية والجماعية...» وفي كلمة بالمناسبة ألقاها الدكتور أحمد شريف أمين عام مجلس أمناء جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للإبداع الرياضي عبر عن آماله في أن تكون الجائزة حافزا وقيمة مضافة للرياضة المغربية بصفة خاصة والرياضة بالعالم العربي على وجه العموم، مذكرا في هذا الصدد بإنجازات الأبطال المغاربة والسعادة التي أدخلوها على كل العرب في عدة رياضات وخاصة في ألعاب القوى. وأضاف أن الهدف من إحداث الجائزة التي تحمل شعار «المجد لمن يرفعه» والتي تبلغ قيمتها المالية اثنا عشر مليون درهم يضيف شريف، هو تنمية الرياضة العربية من خلال التحفيز على الخلق والإبداع في المجال الرياضي واكتشاف المواهب والتعرف على البيئة التي تنشا فيها والتي مكنتها من تحقيق تلك النتائج الباهرة، دون إغفال جانب التكوين الذي يدخل في إطار استراتيجية واضحة المعالم تحقق نفس الأهداف. ووقف الدكتور شريف على مسألة الاعتراف بالمبدعين الرياضيين العرب، وقال في هذا الشأن بأنه يجب تكريمهم ودعم جهودهم، ليكونوا المثل الأعلى للأجيال المتعاقبة، وبالتالي المساهمة في النهوض بالرياضة العربية والارتقاء بها إلى المستوى العالمي الرفيع، مقترحا إحداث بنك معلومات خاص بالمبدعين الرياضيين العرب يعزز الذاكرة الرياضة العربية. وختم أمين عام جائزة محمد بن راشد آل مكتوم مداخلته، مذكرا بأن الجائزة تنصف ثلاث جهات في الإبداع الرياضي على المستويات الفردية والجماعية والمؤسساتية، والفوز بها يتم على ثلاثة أصعدة محلية وعربية وعالمية. وحاول قيدوم الصحافيين الرياضيين بالمغرب أحمد صبري، في ورشة « دور الإعلام في صناعة البطل» الوقوف على الثغرات التي يعاني عمل الصحافة الرياضية الوطنية، كما دعاها إلى أن تكون فاعلة وليس فقط متفرجة، مع ضرورة احترم كافة الشروط المهنية والتركيز على التكوين، فالصحافة بتعبيره «على حافة خطيرة من المسؤولية». من جانبه، ساهم رئيس الجمعية المغربية للصحافة الرياضية بدر الدين الإدريسي، بمداخلة قيمة حول دور الإعلام في قيادة الرياضيين، حيث أشار إلى أنه من بين تعريفات الإبداع الوصول إلى مرحلة الخلق والإتيان بالجديد، وبتعبير فلسفي، هو إيجاد الشيء من العدم، مشددا على أن البيئة العربية غير مساعدة على اكتشاف الإبداع، كما أنها لا تساعد على الإبداع. وأكد رئيس الجمعية المغربية للصحافة الرياضية على دور الإعلام في دعم الفعل الرياضي، وكونه رافعة من رافعات الرياضة، على اعتبار أن أدواره -أي الإعلام- تتجلى في اكتشاف الموهبة منذ المهد، ثم في المصاحبة، وأخيرا التكريم والتحفيز. وفي تدخل لرئيس الاتحاد العربي للصحافة الرياضية، الأردني محمد جميل عبد القادر الذي كان واحدا من الأسماء الحاضرة بالندوة، أوضح أن الإعلام الرياضي بحاجة إلى الدعم، وأنه ظالم ومظلوم في الآن ذاته، في وقت أضحت الرياضة حضارة إنسانية، ولغة تفهمها كل الشعوب، يقول رئيس الاتحاد العربي للصحافة الرياضية. وتساءل المدير التقني بالجامعة المغربية للملاكمة عثمان فضلي، في مداخلته حول «الجانب التقني في صناعة البطل، عمن هو المبدع ؟ هل هو الرياضي أم المدرب؟، مؤكدا على ضرورة عدم الخلط بين الإبداع والإنجاز، لأن الأول شيء، والثاني شيء آخر. وأضاف فضلي أن عملية التنقيب وكشف الطاقات الخفية عند الرياضي، ثم صقل موهبته، وكيفية أقلمته البطل، مستحضرا في هذا السياق، المناهج التي تحدد الفروقات بين الملاكمين عبر رسوم تبيانية توضيحية لمعرفة نقاط القوة والضعف والاشتغال عليها. أما مداخلة الإطار الوطني رشيد الطاوسي، فقد دعا خلالها أنجح مدرب مغربي في السنتين الأخيرتين، إلى ضرورة عدم إهمال الجانب النفسي في صناعة البطل والتركيز فحسب على الجانب التقني، مشيرا إلى أن صناعة البطل تمر بعدة مراحل ما قبل وأثناء وما بعد التكوين، مع ضرورة إغناء رصيده المعرفي من الناحية التكتيكية. وأضاف الطاوسي أنه إضافة للمهارات الفنية والمنافسة، فإن الجانب النفسي أصبح له دور 70 في المائة من الإنجاز الرياضي، متمثلا في هذا الصدد، بكون روح الفريق والجماعة والحافز الداخلي عوامل كانت وراء الإنجازات التاريخية لفريق المغرب الفاسي، لكنه عاد ليؤكد الدور الذي يلعبه التدريب الفردي في إبراز قدرات الرياضي وفق معايير تعتمد على تحاليل ممنهجة. وفيما يخص محور «دور التهييئ النفسي في الإبداع الرياضي»، حاول المختص في التهييئ النفسي الرياضي عبد القادر زوغار، أن يبرز دور الدور الذي يلعبه الجانب النفسي، مستحضرا أن أهدافا كثيرة سجلت في الموسم الكروي المنصرم من كرات ثابتة نتيجة أخطاء ذهنية كثيرة، وذلك لأننا لا نأخذ التهييئ الذهني بعين الاعتبار. وأوضح زوغار أن على الرياضي أن يكتسب تقنيات من أجل توظيفها في التوقيت المناسب، ما سيمكنه من تدبير الإحساس بالارتباك واكتساب الثقة في النفس ومهارات التحكم بالتركيز النفسي، علما أنها تحتاج إلى برنامج محدد وهو ما ليس متاحا بالمغرب، حسب قوله. وفي ذات الموضوع، قدم الدولي السابق والمختص في التهييئ النفسي الرياضي حميد مرواني خوراك، تعريفا للإبداع على أنه قدرة الفرد أو الجماعة على بلورة استراتجيات جديدة غير مألوفة لوضع إشكالية واحدة، بيد أنه استرعى ضرورة عدم الخلط بين الإبداع والإنجاز الرياضيين. وشدد خوراك على أن الحديث عن البطل يتطلب الأخذ بعين الاعتبار جميع المكونات الأربعة لشخصية الرياضي (المكون البدني، الوجداني، الاجتماعي، المعرفي)، والتي يرى الدولي السابق أن اجتماعها يسمح للرياضي بالتهيؤ ذهنيا بشكل مثالي. وفي المحور الأخير «تسويق الإبداع الرياضي»، قال نوري الغربي المختص في التسويق والتدبير الرياضي، إن التسويق الرياضي هو منظومة اقتصادية واجتماعية من خلالها يتم خلق وتبادل منتوجات ذات قيمة للطرف الآخر، مشيرا إلى أنه يتم قرن مفهوم التسويق الرياضي بمفهوم الاستشهار الرياضي، حيث أن هذا الأخير هو قطب من أقطاب التسويق الرياضي. وأضاف الغربي إنه في القطاع الرياضي نتحدث عن التسويق العلاقاتي، والذي يكون فيه المنتوج غالبا عبارة عن خدمة مؤدى عليها، كما هو الشأن بتذاكر مباريات كرة القدم، ففي حالة العزوف الجماهير يجب على الخبير التسويقي معرفة أسباب العزوف وما يرغب به الجمهور لإعادته إلى المدرجات. من جهته، قال محمد بوفريوى أستاذ مختص في الاستشهار الرياضي، إن التسويق فن من أجل الحفاظ وتطوير الزبناء، مشيرا إلى أنه تم الانتقال من تسويق الإبداع الرياضي إلى إبداع التسويق الرياضي، وبات الإبداع الرياضي يسوق نفسه بنفسه. وأضاف بوفريوى أن على التسويق احترام سيرورة مراحله، بدء من التعريف بالمنتوج، ثم تحبيبه، فدفع المستهلك لاستهلاك المنتوج، مع ضرورة احترام أيضا طرق وتقنيات التسويق الرياضي. ولإضفاء مصداقية كثر لمضامين الندوة، قام كل من اللاعب السابق للمنتخب الوطني لكرة القدم عزيز بودربالة، والبطل السابق في سباق الدراجات مصطفى النجاري، والبطلة في الأولمبياد الخاص سناء بن همة، بتقديم شهادات حول الإنجازات التي حققوها، والمراحل التي مروا بها، قبل أن يصبحوا أبطالا ويدخلوا قائمة المبدعين الرياضيين المغاربة، وقد سبق تقديم الأبطال للشهادات خلال هذه الورشة التي اختير لها عنوان « مملكة المبدعين» شريط عكس بحق قيمة عطاءات الأبطال المغاربة على الصعيد الدولي وخاصة بالدورات الأولمبية، وبصفة خاصة بأنواع العاب القوى، الملاكمة، التنس، وكرة القدم... وتجدر الإشارة الى أن أشغال هذه الندوة تميزت بحضور مجموعة من الأسماء الرياضية المعروفة، كالملاكم عبد الحق عشيق الفائز بميدالية نحاسية خلال دورة سيول سنة ( 88 )، العداء العالمي إبراهيم بوطيب، العميد السابق للفريق الوطني لكرة القدم نور الدين النايبت، الدولي السابق مصطفى الحداوي، عبد الرحيم مندر صاحب أكاديمية التنس والعميد السابق لمنتخب كرة المضرب، وشريفة مسكاوي بطلة السباعي، ثريا أعراب الدولية السابقة في الكرة الطائرة، والعديد من الأسماء التي ميزت بحضورها هذه الندوة القيمة...