المجزرة التي اقترفها النظام السوري ضد شعبه في بلدة الحولة بمحافظة حمص فاقت كل مستويات الفظاعة والرعب والهمجية. لقد أزهق القصف المدفعي أرواح أزيد من مائة مواطن سوري مدني، وضمنهم ما يزيد عن ثلاثين طفلا لم يبلغوا بعد العاشرة. وبعد مذبحة الحولة، سقط قتلى آخرون في اليومين الماضيين، ولم يحل دون ذلك لا وجود مراقبين دوليين، ولا الزيارة التي بدأها كوفي عنان إلى دمشق، ولم تثن كل إدانات الدنيا نظام الأسد وشبيحته عن مواصلة القتل والتدمير في حق شعبه، وفي حق البلد. الأوضاع في سوريا صار وصفها لا يصح إلا بترتيب مفردات تحيل على القتل، وعلى الدم وعلى الدمار المهول، والعالم كله يتفرج اليوم على نظام همجي قاتل يزهق أرواح مواطنيه على مدار الساعة، وباتت الاجتماعات والمؤتمرات الدولية والإقليمية وبلاغات الإدانة والاستنكار وخطط التسوية كما لو أنها كلها لا تعني سوى تمديد عمر المذابح، وإطالة الكارثة، وتشجيع الديكتاتور الدموي على مزيد من القتل والإجرام. النظام البعثي في سوريا تجاوز كل ما عرف وحكي وكتب وقيل عن جرائم الديكتاتوريين والحكام القتلة، وإن ما يعبر عنه المجتمع الدولي اليوم من تردد في التعامل مع المأساة السورية، ومن ارتهان للحسابات الإستراتيجية والإقليمية، يهدد بانفلات كبير لن يبقى حبيس سوريا وحدها، بل سيجر المنطقة برمتها إلى حالة من الفوضى والدماء لن تخلو من تبعات خطيرة على الاستقرار والسلم في الشرق الأوسط وفي العالم. في بلدة الحولة قتل قطعان النظام السوري عشرات الأطفال الأبرياء في يوم واحد، وهم لم يكونوا لا مسلحين ولا ثوار، ولا معتدين، وعندما طافت صور هذه الجريمة الغارقة في البشاعة كل تلفزيونات العالم، صدم الكل، وبدت الوحشية أفضع مما تقترفه جيوش الاحتلال ضد الفلسطينيين، وتزيد عما تنقله القنوات من مدن العراق أو أفغانستان أو غيرهما من مناطق الحروب والنزاعات. هل لازال في القول معنى، أن نذكر النظام السوري بكونه المسؤول عن حماية هؤلاء الأطفال، وعن أمنهم وسلامتهم؟ لقد سقطت كل الكلمات عندما تحول النظام وقواته إلى عصابات من القتلة والمجرمين. إن قتلة أطفال الحولة يجب اعتقالهم ومحاكمتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وإن النظام السوري اليوم وقواته وشبيحته يجب محاكمتهم جراء ما يقترفونه يوميا من جرائم قتل واختطاف وتدمير، وإن الشعب السوري يستحق أن يهب العالم بأكمله لإنقاذه من نظام متوحش قاتل. صمت العالم اليوم يعتبر تواطؤا، وتردد المجتمع الدولي لن يزيد إلا من دموية نظام الأسد ويطيل مأساة الشعب الطيب في سوريا. لترفع إذن كل الأصوات بالتنديد والاستنكار...