تثمين مبادرة نشر لوائح الجمعيات المستفيدة من الدعم العمومي، والمطالبة بضرورة الكشف عن القنوات غير الشفافة والسرية للتمويل لم يخمد بعد الجدل الذي أثارته دفاتر التحملات الخاصة بقنوات القطب العمومي، حتى برز جدل جديد بخصوص تصريحات بعض أعضاء حكومة عبد الإله بنكيران حول تمويل الجمعيات، إذ نددت أكثر من ثلاثين جمعية بما اعتبرته المناخ غير الصحي السائد الذي يسعى إلى التشكيك في عمل الجمعيات التي ساهمت بشكل كبير في الإصلاحات الهيكلية التي شهدتها البلاد وتستمر في إدانة أي انتهاك لحقوق الإنسان، وإهدار المال العام. ففي نداء يحمل عنوان «إعلان ونداء الرباط»،عممته الجمعيات أول أمس الأربعاء على وسائل الإعلام، تم تثمين الإعلان عن مبادرة نشر لوائح الجمعيات المستفيدة من الدعم العمومي، لكن في المقابل تمت المطالبة بضرورة الكشف عن القنوات غير الشفافة والسرية للتمويل، مسجلة وجود تساهل للإدارة على مستوى المتابعة والمراقبة، وتفشي المحسوبية والممارسات غير الشفافة في الحصول على موارد الدولة، سواء كانت مالية أو لوجستية أو بشرية. وأكدت الجمعيات في هذا الصدد في ندائها الصادر على إثر اجتماع عقدته بالرباط بتاريخ 11 أبريل الجاري، خصص للتشاور بشأن الخطوات والإجراءات التي يتعين اتخاذها في ضوء الوضع السياسي والاجتماعي الجديد الذي أعقب الحركات التي هزت المنطقة وأدت في المغرب إلى اعتماد دستور جديد، وتشكيل حكومة جديدة بعد إجراء انتخابات برلمانية سابقة لأوانها، «أن نشر الأرقام هو في حد ذاته مبادرة حميدة وهي كجمعيات تطالب بتكريس الشفافية وألا يقتصر النشر على الأرقام التي صرحت بها للدولة، بل يتعين أيضا نشر الأرقام غير المصرح بها، وتسليط الضوء على القنوات غير الشفافة والسرية للتمويل، وعلى أشكال تبييض الأموال تحت غطاء العمل الخيري...»، مستطردة بالقول «على أنها ترى هذه الخطابات المشوهة، والتي تفاقمت بسبب توجه معين داخل الحقل الإعلامي، تسعى إلى التشكيك في العمل المدني والسياسي والاجتماعي والثقافي للجمعيات الديمقراطية». وذكرت في هذا الإطار بالدور الذي قامت به الجمعيات على مدى سنوات رغم المضايقات التي تتعرض لها، وذلك دفاعا عن قيم الديمقراطية ليس فقط على مستوى عمل الدولة بل أيضا داخل الجمعيات والنقابات والأحزاب السياسية، وأيضا من أجل ترسيخ قيم المواطنة واحترام التنوع والحقوق الأساسية السياسية، المدنية، اجتماعية،اقتصادية، ثقافية وبيئية. هذا فضلا عن مساهمتها (الحركة الجمعوية)، في خلق فرص عمل، إذ يناهز عدد العاملين بالجمعيات 27919 شخصاً، بشكل رسمي سنة 2007، وحوالي 35409 عامل غير متفرغ، أي ما يعادل حسب المندوبية السامية للتخطيط، 10.066.000 ساعة عمل. ومن جانب آخر، استغربت الجمعيات، ما وصفته بصمت الحكومة اتجاه الوضعية غيرالمستقرة التي يعيشها المتطوعون والعاملون الاجتماعيون الذين يشتغلون في ظروف يرثى لها محرومين من التغطية الاجتماعية، والتأمين، وعدم الاستقرار نتيجة تمويل غير مضبوط يخضع لإجراءات بيروقراطية تسببت في إفلاس العديد من الجمعيات وتوقفها عن العمل. وتضمن النداء، دعوة لمختلف الجمعيات والقوى الديمقراطية لتوحيد جهودها لتوفير الدعم والانخراط في الجهود الرامية إلى بناء فضاء للنقاش الوطني العام والعميق من أجل القيام بتشخيص وتقييم مشترك لأكثر من عشر سنوات من العمل الجمعوي منذ الإصلاح الأخير لقانون الحريات العامة، والتقدم بمقترحات للإصلاح لا تقتصر على تعزيز عمل الجمعيات فقط بل تسعى أيضا إلى توسيع مجال الحريات. وشددت في هذا الصدد على تجاوز النقاش غير الصحي والعقيم المتعلق بالجانب المالي، والذي يبقى محورا من المحاور الإستراتيجية التي يجب التعبئة حولها، وطرح بدل ذلك القضايا في بعدها الشمولي في إطار من التشاور لاتخاذ مبادرات مشتركة بشأن قيم الديمقراطية وسيادة القانون مع ما يعنيه ذلك من تعزيز وصون لحقوق الإنسان، والمساواة بين الرجال والنساء بدون تحفظات، واحترام الحريات الفردية والجماعية، بما في ذلك حرية المعتقد وإلغاء عقوبة الإعدام، وكذا إرساء الشفافية والحكامة الجيدة ومحاربة الفساد، وضمان الحق في الحصول على المعلومات والحق في الخدمات العمومية الأساسية، والصحة، والسكن اللائق، هذا فضلا تفعيل التدابير المتعلقة بالمجتمع المدني التي جاء بها الدستور المتمثلة في الحق في تقديم العرائض، والمبادرة التشريعية الشعبية، والديمقراطية التشاركية ومراقبة السياسات العمومية وتقييمها، ومجلس الحياة الجمعوية...