الخبر المرعب القادم من مصر، والمتعلق بتأييد الحكم الصادر في حق الفنان الكبير عادل إمام بالسجن لثلاثة أشهر بتهمة «ازدراء الإسلام» يقلقنا جميعا، ويجعلنا نخاف على مصر، وعلى فنها، وعلى شموخ شعبها ومبدعيها، وعلى المستقبل. الحكم بالسجن على فنان من حجم عادل إمام، وبتهمة مثل هذه، ليس فيه فقط تجنيا على «الزعيم» وعلى الإبداع المصري العريق، لكنه ازدراء حقيقي للقضاء المصري، وإهانة لمصر الثورة، ولمصر ما بعد الثورة. كثير من أصدقائنا المحامين والقانونيين طالما استشهدوا في مرافعاتهم وخلال مناقشاتهم السياسية والحقوقية باجتهادات القضاء المصري، وبشجاعة وجرأة الكثير من قضاة مصر، وهم جميعهم اليوم مصابون بالصدمة والخيبة جراء هذه التراجعات الخطيرة. إن ما يتعرض له عادل إمام في مصر اليوم، وأيضا المخرج شريف عرفة، وزميله المخرج محمد فاضل، ونادر جلال، والسيناريست الرائع والرائد وحيد حامد، ولينين الرملي، وآخرين، يقدم صورة لجنون الأطراف السياسية الوافدة اليوم على أرض الكنانة، ولحمقهم، ولمآلات البلاد في عهد فتاويهم. لقد اعتزت مصر دائما بفنها وبأفلامها ومسلسلاتها، وساهم الفن المصري دائما في التعريف بالبلد والترويج له، وما يجري اليوم في حق كبار فناني مصر هو أولا جحود، وثانيا هو تخويف وترهيب لهم... ويندرج الحكم على عادل إمام ضمن سيل من الدعاوى القضائية التي تقدم بها محامون سلفيون ضد فنانين آخرين مثل: خالد يوسف، غادة عبد الرزاق، سمية الخشاب، علا غانم وإيناس الدغيدي...، وكلهم توجه لهم تهمة «ازدراء الدين» و»نشر الفاحشة»... ما يجري في مصر يستحق من كل الديمقراطيين والمدافعين عن حرية الرأي والإبداع التنديد والاستنكار والرفض، وأيضا التضامن مع الفنانين والمثقفين والمبدعين المصريين.. ما يجري في مصر ينبهنا نحن أيضا، وبقية شعوب المنطقة، إلى أن الحرية يجب أن تستنفرنا للدفاع المستمر عنها، واليقظة في مواجهة خصومها، والإصرار الدائم على حماية مكتسباتنا الديمقراطية والحقوقية والسياسية، والسعي لتطويرها. ما يجري في مصر، لا يتعلق بشخص عادل إمام وحده، إنما هو تجسيد لرؤية جاهلة ومتزمتة للفن وللثقافة وللحرية وللإنسان وللمجتمع، ومقدمة لمخاطر أخرى محدقة ببلدان الربيع الديمقراطي في المنطقة العربية، ولهذا يستحق الأمر رفع الصوت عاليا بالرفض والإدانة، وتوسيع التعبئة والتضامن والمواجهة دفاعا عن... الحرية. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته