انتقل إلى عفو الله فجر أمس الثلاثاء بالرباط عن عمر يناهز 74 سنة الأديب والإعلامي عبد الجبار السحيمي، وذلك بعد صراع طويل مع المرض. المغرب يفقد واحدا من كبار مبدعي القصة، وأحد أبرز كتاب العمود الصحفي، ويفقد، برحيل سي عبد الجبار، واحدا، من صناع ذوقنا الجمالي ومسارنا الإعلامي والأدبي، والذي نجح في المزاوجة الجدلية الخلاقة بين انشغالاته الصحفية، والتزاماته السياسية من جهة، ورعاية خصوصيته الإبداعية والأدبية من جهة ثانية، وقد أبدع في الواقع وفي الحياة «الممكن من المستحيل»، وهو ما لا ينجح فيه سوى الكبار في الثقافة وفي الصحافة وفي السياسة أيضا. عرف عن الراحل حسن التقاطه لوقائع الحياة اليومية، وعينه الراصدة لقضايا المجتمع، وأيضا جمالية التعبير اللغوي والأدبي عنها، وهو ما تجلى في كتاباته القصصية، وأيضا في مقالاته الصحفية، حتى أن لغة الكتابة عنده يمكن أن تعد مرجعا اليوم للصحفيين ولطلاب مدارس الصحافة، سواء بكثافتها أو باسترساليتها أو برشاقتها، وهو ما يمكن أن نستمتع به سواء قرأنا «بخط اليد»، أو «سيدة المرايا» أو «مولاي» أو غيرها. عن السحيمي تعلم الكثيرون، أعجبوا بتفوقه في اختيار العناوين وفي الصياغات الجاذبة لمداخل المواضيع، وبأناقة أسلوب الكتابة وحمولته الأدبية. في الكتابة وفي الإيحاء وفي الموقف، كان عبد الجبار السحيمي واحدا من رواد التحديث، وصاحب أفق مفتوح على الجمال، وعلى الإنسان، وعلى ألفة المكان، وعلى الوضوح، ولذلك استحق تقدير الجميع، واحترامهم. يعد سي عبد الجبار أحد الوجوه البارزة في السيرة الأدبية والثقافية والإعلامية للمغرب المعاصر، وقد منحه إصراره على التكوين الذاتي، وعلاقاته المتعددة مع الآخرين، شساعة الأفق، والبراعة في نحت «الممكن من المستحيل»... لم يذكر أحد ممن عرفوا الفقيد أنه كان حزبيا متزمتا، بل نقل عنه كثير من مجايليه أنه كان يعتبر نفسه مغربيا وطنيا وتقدميا بكل المعاني النبيلة والفسيحة للكلمة، وكان جسر اتصال بين الحزب والمثقفين المغاربة من مختلف الحساسيات الإبداعية والفكرية.. وكالعديد من الكتاب والأدباء الصادقين تجاه قضايا وطنهم وشعبهم، اختار السحيمي مثل كثيرين أفق الكتابة وحضن الثقافة واجهة في المعركة من أجل الحرية والديمقراطية خلال سنوات الرصاص، وبرز كواحد من الأقلام والأصوات الأساسية في الساحة . اليوم نودع عبد الجبار السحيمي، وننتبه إلى حاجتنا إلى أمثاله... الرحمة لسي عبد الجبار، والعزاء لأسرته ولمحبيه ولأصدقائه ولنا كلنا. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته