تعد الغدة الدرقية من الأعضاء المهمة من حيث وظيفتها داخل الجسم، وفي هذا الصدد يقول الدكتور حسين خريس، طبيب الأمراض الداخلية والغدد المقيم بألمانيا، إن الغدة الدرقية تعد من أهم الغدد الهرمونية الرئيسية في جسم الإنسان كونها تتحكم بإفراز هرمون التيروكسين المسؤول عن وظائف عضوية هامة جسديا ونفسيا. فهي مسؤولة مثلا عن مراقبة السكر والدهن والبروتينات في الجسم، وبالتالي تتحكم بالطاقة المتوفرة للجسم وبالحرارة المسؤولة عن عملها. والغدة الدرقية مسؤولة أيضا عن عمل القلب والضغط والأمعاء والعضلات والحالة النفسية. المشاكل الناتجة عن مرض الغدة الدرقية عندما يضعف عمل هذه الغدة فإن ذلك يؤثر على كل شيء في الجسم، مثلا يؤدي ذلك إلى زيادة الوزن والإمساك والبرودة في الجسم والنعاس وفقدان المصاب لنشاطه. كما تسبب نوعا من الانهيار العصبي والتورم قليلا وجفاف الشعر، وتكسر الأظافر بسرعة. والمرأة تصاب بأمراض الغدة الدرقية ثلاث مرات أكثر من الرجل، والسبب غير معروف حتى الآن، فمع أن النساء يتناولن نفس كمية اليود لكنهن معرضات أكثر من الرجال، وفي الطب مشاكل تقع لأحد الجنسين دون الجنس الآخر دون معرفة السبب. نسبة الإصابة بالمرض هناك قرابة 20 في المائة من المواطنين في ألمانيا، نموذجا، يوجد لديهم عقد في الغدة الدرقية، أي ما يعادل حوالي 15 مليون شخص، ولأن هذه المشاكل أصبحت موضوعا مهما يعقد سنويا منذ حوالي سبع سنوات يوم لمشاكل الغدة الدرقية يسمى «يوم الفراشة»، لان الغدة الدرقية تشبه الفراشة، يتم خلاله تعريف الجمهور بالمشاكل الأساسية للغدة. بالطبع عدد المصابين مازال غير محصور تماما، لكن الرقم المذكور حقيقة، لأنه تجرى في المانيا سنويا حوالي 150 ألف عملية جراحية، منها لاستئصال الغدة كليا أو جزئيا وهو عدد كبير. ويجب التذكير هنا بمشاكل مهمة وهي أن العقد التي تنمو في الغدة الدرقية قد تتحول إلى مرض سرطاني خطير، ومع أن لدينا نسبة لا بأس بها تعاني من مشاكل العقد في الغدة، لكن ولحسن الحظ فان 0.5 في المائة من العقد فقط تكون خبيثة وتحمل مرض السرطان الخبيث. وبالطبع لتشخيص عوارض أمراض الغدة هناك قواعد معروفة وثابتة، وفي حال ثبوت وجود المرض الخبيث تجري عملية لاستئصال الغدة كليا. التعامل مع المرض أولا يجب أن نعرف سبب العقد التي تظهر، والأهم هو نتائج الفحص السريري وإن كانت هناك عوارض معينة، ثم فحص الهرمون في الدم والفحص الثالث الصورة الصوتية لتحديد شكل العقد. فهناك خصائص للعقد التي تكون حميدة أو غير حميدة. والفحص الرابع هو فحص الإشعاع النووي الذي يدلنا هل العقد نشيطة أو خاملة. ويمكن أخذ جزء منها مع أن هذا الأمر ليس سهلا. وعند التثبت من أن العقد خبيثة يجب استئصال الغدة فورا، لكن كما سبق فان هذه الإصابات تشكل فقط 0.5 في المائة من جملة الإصابات في ألمانيا على سبيل المثال. مشاكل أخرى هناك مشاكل أخرى كثيرة تصيب الغدة، منها إصابتها بالالتهابات، ولكن هذه حالة نادرة، وتسبب ضعفا في عمل الغدة. أيضا الغدة التي تفرز هرمونات أكثر من العادة وتسبب مشاكل صحية، وخاصة ما يتعلق بالقلب وعمله أو ما يتعلق بعمل الغدد الأخرى، وهذه حالة نادرة تقريبا أيضا ولحسن الحظ. والأمراض الأكثر شيوعا هي ضعف الغدة الناتج عن قلة اليود، وفي هذه الحالة فان المصاب بحاجة إلى يود من أجل الحصول على هرمون التيروكسين أيضا. ففي حال نقصان هذا الهرمون تعمل الغدة الدرقية على توسيع مساحتها ما يسبب لها التضخم، لأنها تحاول أن تلتقط اكبر كمية من اليود من الجسم كي تتمكن من إفراز هذا الهرمون. معالجة نقصان اليود من الصعب حصر كمية استهلاك الإنسان لليود إن كان بالغا أو طفلا أو أثناء الحمل للنساء. لذا توصل الأطباء ومنظمة الصحة العالمية إلى قياس اليود حسب كمية إفرازه في البول، وعلى هذا الأساس نحدد إذا ما كان النقص حادا أو متوسطا أو أن النسبة جيدة، ويجب أن يكون في البول قرابة المائة ميغروغرام من اليود في الليتر البول. وتظهر آخر الأبحاث أنه يجب إعطاء المريض اليود بالإضافة إلى هرمون التيروكسين عن طريق الدواء، وذلك حسب العيار الذي يحتاجها عبر إجراء فحص مخبري لهرمون تي اس اتش لديه، وعلى أساسه يمكن تحديد النسبة التي يحتاجها المريض. ولابد من الإشارة إلى أمر مهم وهو مشاكل الغدة عند الأطفال، فهي تسبب أحيانا إعاقة للطفل، وفي ألمانيا يجرى فحص لكل طفل يلد قبل مغادرته المستشفى لتحديد ما إذا كان هنا نقص في عمل الغدة، ونسبة الإعاقة في ألمانيا بسبب أمراض الغدة الدرقية تصل إلى واحد من 4000 طفل وإذا لم تكشف فإنها تؤثر على مستقبل الطفل وتأخر نموه عقليا وجسديا. من جهة أخرى، يقال إن أمراض الغدة الدرقية لها علاقة بالبيئة، وأن نسبة الإصابات في دول المتوسط والبلدان الساحلية نسبة عالية وبالأخص بين النساء. والحقيقة أن هناك بيانات تدل على وجود نسبة لا بأس بها من الإصابات بالغدة الدرقية في هذه المناطق ولكنها ليست أقل أو أكثر من النسبة في ألمانيا على سبيل المثال، وكان يجب أن يكون العكس، لالان هذه المناطق معروفة بغناها فيما يتعلق بمصادر اليود. لكننا لا نأكل الكثير من الأسماك التي توفر اليود رغم وفرتها لدينا. وأجدادنا لم يأكلوا سمكا كثيرا لذا أصبحت المشكلة في الجينات، وإذا ما تحسنت نوعية الغذاء فيما يتعلق باليود اليوم فان مشاكل الغدة ، كما يرى المتتبعون، قد تقل كثيرا بعد عشرين سنة.