لا يمر أسبوع دون أن تشهد الملاعب الوطنية أعمال الشغب والتي أصبحت تتزايد بشكل كبير، وذلك رغم الحملات التحسيسية التي قامت و لاتزال تقوم بها العديد من فعاليات المجتمع المدني لوقف هذا النزيف، والذي عادة ما يخلف العديد من الخسائر المادية والبشرية. وقد بات المركب الرياضي محمد الخامس بالدارالبيضاء، مسرحا لأعمال الشغب هذه خلال الدورات الأخيرة، فبعد الأحداث التي شهدتها مباراة الوداد أمام النادي القنيطري، والتي خلفت العديد من المصابين خصوصا في صفوف رجال الأمن، عادت من جديد لترخي بظلالها على لقاء الكلاسيكو بين الوداد والجيش الملكي، وكانت الحصيلة مرة أخرى إصابات في صفوف الجهاز الأمني الذي بات عاجزا عن كبح جماح هذه الظاهرة التي أفسدت مباريات كرة القدم.. كما أشرنا في العديد من المقالات في هذه الجانب، حيث تطرقنا خلالها إلى الإسراع بإخراج قانون الشغب إلى حيز التنفيذ، خصوصا في ظل الغليان التي باتت تشهده ملاعب كرة القدم، والتي غالبا ما يكون وراءها قاصرون يعيثون فسادا في المدرجات دون حسيب ورقيب.. والمصيبة الكبرى هي أن أغلب هؤلاء القاصرين سرعان ما يتم إطلاق سراحهم مباشرة بعد اعتقالهم، دون أن تتم محاسبتهم على أفعالهم التي غالبا ما يقومون بها تحت تأثير تناولهم للمخدرات بكل أنواعها، إضافة إلى تعامل رجال الأمن معهم بكل مرونة أثناء عملية الدخول، مما يكون له انعكاس سلبي داخل الملعب وخارجه. ما حدث أول أمس بمركب محمد الخامس يتضح للعيان أن هناك خلل ما داخل المنظومة الأمنية، لأن ما نشاهده داخل وخارج الملعب ينم على وجود انفلاتات في هذا الجهاز لأنه مسؤول إلى درجة كبرى عما يحدث من أعمال الشغب، وذلك بتسهيل عملية دخول القاصرين الذين غالبا ما يكونوا مدججين بالأسلحة البيضاء والمقذوفات والقضبان الحديدية.. وهذا يتم أمام أنظار رجال الأمن الذين باتوا عاجزين عن إيجاد الحلول الناجعة لوقف أعمال العنف. فأعمال الشغب التي خيمت على مباراة الكلاسيكو، كانت بمثابة مأساة حقيقية بالنسبة لمتتبعي الشأن الكروي ببلادنا، باعتبار أنه كان مشهدا تراجيديا ورهيبا في نفس الوقت، مما يعيد إلى الأذهان العديد من الأحداث التي شهدتها بعض الملاعب الوطنية والتي لم يكن لها رد فعل إيجابي من طرف الجهات المختصة. وللمرة الألف نقول أن التأخير في البدء بتفعيل قانون الشغب رغم المصادقة عليه من طرف البرلمان، قد ساهم بشكل كبير في الأحداث التي تشهدها الملاعب الكروية عند نهاية كل أسبوع والتي تتمثل في بعض السلوكات البعيدة عن الروح الرياضية، بالإضافة إلى غياب الصرامة الأمنية والتي قد تكون في بعض الأحيان مجانبة للصواب. وحدد قانون الشغب الجديد العقوبات في حق مرتكبيها في الحبس من سنة إلى 5 سنوات وبغرامة من ألف إلى 20 ألف درهم لكل من ساهم في أعمال عنف أثناء مباريات أو تظاهرات رياضية، كما يمكن للعقوبة أن تتضاعف بالنسبة للرؤساء والمنظمين والمحرضين على الأفعال. ثم الحبس من شهرين إلى 6 أشهر وبغرامة من 500 إلى 10 ألف درهم أو إحدى هاتين العقوبيتن لكل من حرض على التمييز أو الكراهية بواسطة صراخ أو نداءات أو شعارات أو لافتات أو صور في حق شخص أو أشخاص بسبب الأصل أو اللون أو الجنس أو الرأي السياسي. وفي حال تفعيل القانون الجديد فإن أغلب الملاعب ستتحول إلى أماكن مهجورة، وبالتالي تكون الأندية الوطنية هي الخاسر الأكبر داخل المنظومة الكروية، لأن أغلب هذه الفرق تعيش على مداخيل المباريات.