عاد الشغب ليضرب من جديد بكل أشكاله بالملاعب الوطنية في أول بطولة احترافية، ولتطرح من جديد، ما جدوى النداءات والحملات التحسيسية التي قامت بها الجهات المسؤولة الموسم الماضي للحد من هذه الظاهرة، خصوصا أن أغلب رواد الملاعب الكروية هم من القاصرين... وكانت الشرارة الأولى لأعمال الشغب خلال هذا الموسم الذي يعد استثنائيا حسب العديد من المهتمين بالشأن الكروي ببلادنا خصوصا بعد الإصلاحات التي قامت بها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، من مدينة القنيطرة وكان بطلها جمهور «حلالة بويز»، ثم الحسيمة التي شهدت أعمالا مماثلة قبل أن تعيش أول أمس الإثنين تطوان هي الأخرى أحداث شغب من شأنها أن تؤثر على العلاقة التي تجمع بين أندية الشمال. ويمكن القول أن التأخير في البدء بتفعيل قانون الشغب رغم المصادقة عليه من طرف البرلمان، قد ساهم بشكل كبير في الأحداث التي تشهدها الملاعب الكروية عند نهاية كل أسبوع والتي تتمثل في بعض السلوكات البعيدة عن الروح الرياضية، بالإضافة إلى غياب الصرامة الأمنية والتي قد تكون في بعض الأحيان مجانبة للصواب. وحدد قانون الشغب الجديد العقوبات في حق مرتكبيها في الحبس من سنة إلى 5 سنوات وبغرامة من ألف إلى 20 ألف درهم لكل من ساهم في أعمال عنف أثناء مباريات أو تظاهرات رياضية، كما يمكن للعقوبة أن تتضاعف بالنسبة للرؤساء والمنظمين والمحرضين على الأفعال. ثم الحبس من شهرين إلى 6 أشهر وبغرامة من 500 إلى 10 ألف درهم أو إحدى هاتين العقوبيتن لكل من حرض على التمييز أو الكراهية بواسطة صراخ أو نداءات أو شعارات أو لافتات أو صور في حق شخص أو أشخاص بسبب الأصل أو اللون أو الجنس أو الرأي السياسي. وقد عرف قانون الشغب الجديد الكثير من الجدل داخل الأوساط الرياضية، خصوصا ملاعب كرة القدم التي تعتبر ميدانا للجماهير الرياضية من أجل تفريغ مكبوتاتها من خلال السب والشتم في حق المسيرين واللاعبين وكذا الحكام، وهي سلوكات تتطور أحيانا إلى حد الإعتداء الجسدي. فالجماهير الرياضية هي في واقع الأمر أداة تشجيعية تبث الحماس والإحتفالية داخل المدرجات وليست مجرد آليات تستعمل للتخريب وإحداث الفوضى والتفوه بالكلام الساقط، وأشياء أخرى تعكر صفو هذه الملاعب التي أصبحت في حاجة إلى تطهير كلي من هذه الفئات التي تسببت في هجرة العديد من عشاق الكرة المستديرة. وفي حال تفعيل القانون الجديد فإن أغلب الملاعب ستتحول إلى أماكن مهجورة، وبالتالي تكون الأندية الوطنية هي الخاسر الأكبر داخل المنظومة الكروية، لأن أغلب هذه الفرق تعيش على مداخيل المباريات. وبالرغم من المجهودات التي قامت بها السلطات المعنية بسن مجموعة من الإجراءات للقضاء على هذه الظاهرة، فإن أعمال الشغب تتزايد من أسبوع لآخر، وأنه حسب الإحصائيات الأخيرة، فإن القاصرين هم الذين يتسببون في مثل هذه الأعمال من خلال منعهم من ولوج الملاعب. ولايمكن السكوت عن هذه الظاهرة التي باتت تهدد الممارسة الكروية ببلادنا من خلال أعمال الشغب التي غالبا ما تندلع بعد نهاية المباراة، سواد داخل الملاعب أو في محيطها، كما تنشط بعض المظاهر الأخرى مثل، اللصوصية والشجار الذي تحدثه الإلترات في ما بينها كما هو الشأن في أغلب مباريات الرجاء. كما نتساءل عن الدور الحقيقي لجمعيات المحبين التي هي في واقع الأمر أنها ملزمة بتحسيس الجماهير الرياضية وحثها على الإبتعاد عن بعض السلوكات التي تلوث هذا الميدان، بدل الدخول في صراعات في ما بينها. إذا، فجميع الأطراف المشاركة في لعبة كرة القدم، إضافة إلى رجال الأمن مطالبين بتضافر الجهود لتطويق هذه الظاهرة، وإيجاد طريقة مناسبة من أجل محاربة هذه الآفة، والتي باتت تشكل تهديدا خطيرا لمرتادي الملاعب الرياضية. لم يعد يمر أسبوع دون أن تسجل الملاعب الوطنية أحداثا من هذا القبيل، باعتبار أن الحملات التحسيسية التي كانت قد أثارتها الجهات المختصة لم تعط النتائج المرجوة، وذلك بفعل التساهل والمورونة في التعامل مع مرتكبي أعمال الشغب، خاصة أن أغلب مرتادي الملاعب هم من القاصرين، الذين سرعان ما يتم إطلاق سراحهم، وهذا مؤشر على تنامي هذه الظاهرة. فقانون الشغب الجديد ماهو إلا مسلسل آخر ينضاف إلى العديد من الأوراش المفتوحة التي تشهدها كرة القدم الوطنية في ظل السياسة الجديدة للجامعة التي تريد أن تدفع بعجلة هذه اللعبة إلى الأمام، ذلك أن جميع الفاعلين في هذه اللعبة بدأوا يتأقلمون مع القوانين الجديدة.