الجيش الحر ملتزم بخطة كوفي عنان والصين تدعو كافة الأطراف لاحترام تعهدات وقف إطلاق النار تواصلت أمس الاثنين العمليات العسكرية والأمنية للقوات السورية النظامية والاشتباكات مع المنشقين في عدد من المناطق السورية عشية انتهاء المهلة التي حددها المبعوث الدولي كوفي عنان لوقف العنف، في ظل شكوك حول نجاح خطته بعد اشتراط دمشق «ضمانات مكتوبة» من المعارضة ودول عربية إسلامية لوقف العنف. وأعلنت القيادة المشتركة للجيش السوري الحر في الداخل «الالتزام التام بمبادرة المبعوث الأممي العربي السيد كوفي عنان وانسجاما مع البيان الرئاسي لمجلس الأمن». وقالت في بيان لها «نحن كطرف مدافع عن هذا الشعب الأعزل، نعلن عن وقف إطلاق نار ضد جيش النظام ابتداء من صباح العاشر من أبريل الجاري»، مضيفة «سنحافظ على هذا الوعد إذا واظب النظام بالالتزام ببنود المبادرة». وأكد قائد الجيش السوري الحر رياض الأسعد، من تركيا التزامه بخطة كوفي عنان، وقال في اتصال مع فرانس برس «نحن ملتزمون بخطة عنان ونحن نقدم ضماناتنا والتزاماتنا الى المجتمع الدولي وليس الى هذا النظام». وتدعو خطة عنان الى وقف القتال تحت إشراف الأممالمتحدة، وسحب القوات الحكومية والأسلحة الثقيلة من المدن التي تشهد احتجاجات، وهدنة إنسانية لمدة ساعتين يوميا لإفساح المجال لوصول العاملين الإنسانيين إلى المناطق المتضررة من أعمال العنف، والإفراج عن المعتقلين على خلفية الأحداث والسماح بالتظاهر السلمي. ودعت بكين التي تعد حليفا أساسيا لدمشق، «الحكومة السورية والأطراف المعنيين في سوريا(...) إلى احترام التعهدات بوقف إطلاق النار وسحب القوات» من المدن. ودعت من جهة أخرى الأسرة الدولية إلى «الصبر» وطالبتها ب «إعطاء عنان المزيد من الوقت». ويأتي هذا غداة إعلان دمشق أنها لن تسحب قواتها من المدن ما لم تحصل على «ضمانات مكتوبة» من قبل المعارضة، وذلك في ختام يوم شهد تصعيدا للعنف وسقط فيه 51 قتيلا على الأقل بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان وغداة يوم دام قتل فيه 128 شخصا على الأقل. ونددت فرنسا أول أمس الأحد «بشدة باستمرار المجازر» في سوريا، معتبرة «المطالب الجديدة» للنظام السوري «غير مقبولة». كما أشار وزير الخارجية البلجيكي ديدييه ريندرز، إلى أن تدخلا إنسانيا ميدانيا بحماية عسكرية سيكون ضروريا في سوريا إذا استمرت «الممارسات الوحشية» لنظام بشار الأسد. ميدانيا، أسفرت العمليات العسكرية والأمنية والاشتباكات مع المنشقين في مختلف أنحاء البلاد عن مقتل 12 من القوات النظامية ومدني واحد حتى ظهر أمس الاثنين، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فيما قتل سوريان وأصيب آخرون بجروح جراء إطلاق نار قرب الحدود بحسب مصادر رسمية تركية. في مدينة حلب (شمال)، «وقعت اشتباكات ليلية بين عناصر من الجيش الحر وقوات الأمن في حي السكري على خلفية قيام عناصر الأمن بإطلاق الرصاص على تظاهرة ليلية» بحسب ما أفاد المتحدث باسم اتحاد تنسيقيات حلب محمد الحلبي في اتصال مع فرانس برس. وسقط في الاشتباك ضابط شرطة برتبة ملازم أول وشرطي، وفقا للمرصد. ففي ريف حلب «يتواصل القصف على مدينة تل رفعت التي تحيط بها حشود عسكرية كبيرة في ما يبدو انه تمهيد لاقتحامها» بحسب الحلبي الذي أشار الى «حالة دمار لا يمكن وصفها في المدينة». وأشار المرصد الى بدء عملية اقتحام تل رفعت التي «سقط فيها العشرات بين شهيد وجريح» والى تعرض بلدة مارع لإطلاق نار من رشاشات ثقيلة. وعلى مقربة من الحدود التركية، دارت اشتباكات في قرية السلامة التابعة لمدينة أعزاز أسفرت عن مقتل ستة عناصر من نظاميين وجرح ثمانية منشقين جرى نقلهم عبر الحدود التركية. ونقلت وكالة أنباء الأناضول التركية عن مصدر رسمي إن سوريين اثنين قتلا وأصيب ما لا يقل عن 15 أمس الاثنين في إطلاق نار قرب الحدود التركية السورية. وقال المرصد من جهة أخرى، إن عناصر من الأمن السوري أطلقوا الرصاص باتجاه مخيم كيليس للاجئين السوريين داخل الأراضي التركية ما أسفر عن وقوع هذه الإصابات. وفي حمص (وسط)، تتعرض أحياء مدينة الرستن الخارجة عن سيطرة القوات النظامية منذ أشهر، لقصف من قبل القوات النظامية التي تحاصرها، بحسب ما نقلت «شبكة شام الإخبارية». وتضم مدينة الرستن عددا كبيرا من العسكريين المنشقين عن القوات النظامية، واقتحمتها القوات النظامية قبل أشهر بعد معارك عنيفة، قبل أن تخرج منها تحت ضربات المنشقين. وحاول الجيش النظامي اقتحامها مرات عدة في الأسابيع الماضية دون أن يتمكن من التقدم داخلها. وفي العاصمة دمشق، «دخلت تعزيزات أمنية وعناصر من الشبيحة عند الساعة الخامسة صباحا (2,00 تغ) إلى حي كفرسوسة حيث نفذت عمليات مداهمات للبيوت اعتقلت عشرات الأشخاص» بحسب ما أفاد عضو قيادة مجلس الثورة في دمشق ديب الدمشقي لوكالة فرانس برس. وفي ريف دمشق، قتل أربعة جنود نظاميين في انفجار عبوة ناسفة في حافلة كانت تقلهم قرب قرية كوكب، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وأشار المرصد إلى انتشار ناقلات جند مدرعة على حواجز بين مدينة داريا بريف دمشق وحي كفرسوسة بدمشق. وفي مدينة حماة (وسط) «نفذت قوات الأمن حملة مداهمات واعتقالات في أحياء باب القبلي والبياض والشير منذ ساعات الصباح الأولى إضافة لتكسير المحال التجارية والاعتداء على منازل الناشطين على وجه الخصوص»، بحسب ما أفاد عضو المكتب الإعلامي لمجلس الثورة في حماة أبو غازي الحموي. وأضاف الحموي في اتصال عبر سكايب مع فرانس برس «وصلت تعزيزات عسكرية الى محيط مدينة كفرزيتا في ريف حماة ما يؤشر الى إمكانية أن تكون عرضة لاقتحام القوات النظامية في الساعات القليلة المقبلة». وفي محافظة دير الزور (شرق)، اقتحمت القوات النظامية قرية موحسن صباح اليوم وسط سماع إطلاق رصاص كثيف وأصوات انفجارت. وتدور اشتباكات بين القوات النظامية ومقاتلين من المجموعات المسلحة المنشقة في قرية البوعمر بالقرب من موحسن، فيما سمعت في مدينة دير الزور أصوات إطلاق رصاص وانفجارات بحسب المرصد. وفي محافظة درعا (جنوب) قتل مواطن في بلدة صيدا اثر إصابته برصاص. ونفذت قوات الأمن حملة مداهمات واعتقالات في خربة غزالة صباحا أسفرت عن اعتقال 16 شخصا، بحسب المرصد. ونددن منظمة هيومن رايتس ووتش بتنفيذ القوات السورية النظامية «إعدامات غير قضائية» خلال الأسابيع الأخيرة في سوريا. وتشمل الأحداث التي ذكرتها هيومن رايتس ووتش بتفاصيلها ما لا يقل عن 85 مدنيا، منهم 25 رجلا قتلوا خلال عمليات تفتيش (3 مارس) في حمص، و13 آخرين قتلوا في مسجد بلال في 11 مارس في أدلب، و47 شخصا على الأقل معظمهم من النساء والأطفال قتلوا في عدة أحياء من حمص في 11 و12 مارس. إلى ذلك، يتوقع أن يزور المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي عنان يومه الثلاثاء جنوب تركيا، حيث يقيم حوالي 25 ألف سوري هربوا من أعمال العنف في بلادهم، لتفقد مخيمات اللاجئين حسب ما أفاد مصدر دبلوماسي تركي. ويسود توتر شديد على الحدود السورية التركية، حيث أسفر رصاص قادم من الأراضي السورية عن سقوط جرحى على الأراضي التركية في حادث يثير غضب أنقرة عشية زيارة الموفد الخاص للأمم المتحدة كوفي عنان. وقال دبلوماسي تركي لوكالة فرانس برس طالبا عدم كشف هويته أن «سوريين اثنين ومترجما تركيا جرحوا صباح الأمس (الاثنين) على الأراضي التركية برصاص مصدره الأراضي السورية» بينما كانوا يحاولون مساعدة جرحى على دخول تركيا. وهي المرة الأولى التي يسفر فيها رصاص اطلقته القوات السورية عن سقوط جرحى في تركيا منذ بداية الحركة الاحتجاجية في سوريا في مارس 2011. ووقع الحادث على الحدود في منطقة كيليس (جنوب شرق) حيث أقامت تركيا مخيما للاجئين السوريين الهاربين من أعمال العنف في بلادهم. وأوضح الدبلوماسي «في وقت مبكر من صباح اليوم رأى الناس في المخيم مجموعة وصلت من سوريا. جرى إطلاق النار على المجموعة أولا ما أسفر عن سقوط سبعة جرحى ثم على المخيم». وأضاف أن مسؤولا رفيع المستوى في وزارة الخارجية التركية اتصل هاتفيا بعد هذا الحادث بالقائم بالأعمال السوري «ليطلب وقف إطلاق النار هذا فورا». من جهة أخرى، ذكرت وكالة أنباء الأناضول التركية نقلا عن مصدر رسمي أن سوريين قتلا وأصيب ما لا يقل عن 15 آخرين الاثنين في إطلاق نار قرب الحدود التركية السورية. وصرح مدير جهاز الصحة في مدينة كيليس التركية القريبة من الحدود السورية للوكالة أن «عدد الجرحى الذين نقلوا من سوريا كان 17 توفي منهم اثنان». ونقل الجرحى من سوريا بعد قصف بالأسلحة الثقيلة نفذته ليلا قوات الأمن السورية على قرية سوكو في محافظة حلب، كما ذكر للوكالة عبد القادر عبد الله الذي كان يرافق الجرحى. وقال المصدر إن «هناك عددا كبيرا من الجرحى ونقلنا أكبر عدد منهم». وتأتي هذه الحوادث عشية زيارة خاطفة للمبعوث الدولي حول سوريا كوفي عنان الذي يفترض أن يتفقد اليوم الثلاثاء مخيمين للاجئين في هاتاي (جنوب). وقال مصدر دبلوماسي تركي أن «الزيارة ستستمر بضع ساعات قبل أن يتوجه عنان الى ايران» في 11 أبريل. وأقامت تركيا مخيمات في ثلاث محافظات محاذية لسوريا تضم حاليا نحو 25 ألف سوري. ويرتفع عدد هؤلاء اللاجئين بسبب استمرار عمليات الجيش السوري على مناطق قريبة من الحدود التركية. واقترح عنان خطة لتسوية الأزمة وافقت عليها دمشق في الثاني من أبريل وصادقت عليها الأممالمتحدة الخميس الماضي. وتنص الخطة على انسحاب الجيش السوري من المدن صباح اليوم على أبعد تقدير لوقف أعمال العنف بشكل تام بعد 48 ساعة. وهددت تركيا على لسان رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان باتخاذ «تدابير» في حال لم يوقف نظام دمشق أعمال العنف في المهلة المحددة الثلاثاء. ولم يوضح أردوغان التدابير التي قد تتخذها تركيا التي قطعت علاقاتها مع النظام السوري. وطرحت الصحف التركية عدة سيناريوهات خصوصا إقامة مناطق عازلة على الحدود، حيث قالت صحيفة «ميلييت» الليبرالية إنه في حال تجاوز عدد اللاجئين السوريين في تركيا 50 ألفا تعتزم أنقرة إنشاء «ممرات إنسانية» على الحدود لمساعدة المدنيين. وتعتبر تركيا أن انتشار أعمال العنف على نطاق واسع في مدينة حلب (شمال) القريبة من الحدود التركية «خط أحمر» بالنسبة الى الأمن التركي. وأضافت الصحيفة أن الجيش التركي سيضمن امن هذه الممرات التي ستقام في «منطقة عازلة» بين البلدين أو عند الحدود السورية.