صدر مؤخرا للناقد التشكيلي والباحث في التراث الأدبي والجمالي الحساني إبراهيم الحيسن مؤلف جديد بعنوان «إثنوغرافيا الكلام.. الشفاهية ومأثورات القول الحساني». وتتوسط هذا المؤلف، الذي يقع في 363 صفحة من القطع المتوسط صور غير مرقمة تجسد جوانب من مظاهر العيش في الصحراء. وقسم المؤلف كتابه إلى قسمين تناول الأول القول الشعري مع التركيز على الشعر التقليدي الحساني بأهم عناصره ومكوناته وكذا الصور البلاغية والأنساق الموسيقية التي تميزه، إلى جانب بحوره وأغراضه وبعض تيماته، فضلاً عن الحديث عن «التبراع» بوصفه كلاما شعريا منظوما تبدعه النساء الحسانيات تغزلا بالرجال. في حين يضم الثاني مجموعة من التعبيرات النثرية الحسانية من أمثال شعبية وحكايات وألغاز (الزركات) ومعاظلات لسانية وأشكال الغناء والإنشاد والرقى والتعاويذ وعبارات التحية والوداع والتعزية، فضلاً عن التلاسن والتلاعن والكثير من المرددات والتقولات الشعبية التي ترافق الاحتفاليات الدينية والاجتماعية وغيرها. وأبرز الحيسن في توطئة مؤلفه أن الكلمة شأن «مقدس» لدى المجتمع الحساني الصحراوي فهي دليل هويته وعنوان وجوده. وأضاف أن إنسان الصحراء كان يولي اهتماماً كبيراً للقول وللتقاليد المروية والمسرودة بشكل عام من خلال اعتقاده وتمسكه بجدوى كثرة الكلام. وأوضح أن الحياة وطبيعة العيش في الصحراء يبعثان على الكلام وتكسير الصمت بالمحادثة وتبادل الأخبار والمعلومات حول الأقارب ومضارب الخيام وأحوال المراعي والآبار والغيد. ومن جهته أبرز الناقد بشير القمري في تقديمه للكتاب أن الباحث الحيسن يسعى في هذا البحث، كما في مجموع أبحاثه، بما يملك من قدرات ذاتية فردية ومن وعي وعمق النظر وبعد الرؤية، إلى تأسيس أفق مشترك نظريا لتنظير الثقافة في الصحراء. وأضاف أن الكتاب يعد تعبيرا عن «قلق» معرفي صادق في فحواه ومدرك لبلواه، يرسم المدى والامتداد ويكفيه أنه حقق ما كان يريده دائما. للإشارة، فإن للباحث إبراهيم الحيسن المزداد سنة 1967 بطانطان له مجموعة من الأبحاث والدراسات في الفن التشكيلي وثقافة الصحراء، من بينها «ثقافة الصحراء ..الحياة وطقوس العبور عند مجتمع البيضان» و«الفن والتكنولوجيا/مستقبل الدرس التشكيلي في عصر الميلتي ميديا» و»الشفهي والبصري في الموروث الأدبي والجمالي الحساني» و«أوهام الحداثة في الفن التشكيلي المغربي».