إن الإعاقة هي امتلاك الفرد على قدرات دون المستوى. ويكون المعاق متدني المستوى عن أقرانه بشكل ملحوظ في مجال من مجالات الأداء، وبشكل يجعله غير قادر على متابعة الآخرين، إلا بتدخل خارجي من الآخرين، أو بإجراء تعديل كلي في الظروف المحيطة به. وقد يكون هذا التأخر عن الآخرين في قدرة واحدة أو أكثر. وشدة الإعاقة وتأثيرها البعيد يتوقفان على متغيرات كثيرة مثل تاريخ الإعاقة وشدتها وكيفية التعامل معها من جانب الآخرين ومدى تقبل المجتمع للشخص المعاق. وهناك مجالات ينجح فيها المعاق ويحقق تكيفا مقبولا وفي بعض الأحيان ممتازا. والعمى من العاهات المنتشرة في العالم فإما أن تكون العاهة منذ الولادة ومرتبطة بمرض جيني. ويمكن أن تحصل الإعاقة بعد الولادة كمرض العتامة أو نتيجة عدة أمراض أخرى كالسكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض الكلي، ويمكن أن يحصل بعد حادثة أو صدمة وخاصة حادثة سير وبالأخص عند الشباب. ومع تطور العلم الحديث لم يوجد بعد علاج شاف وكاف لإرجاع البصر للمكفوفين. والحالة النفسية للمكفوف بصفة عامة وللشخص السوي الذي أصيب بالعمى إثر حادثة، بصفة خاصة، تثير مشاكل كثيرة عند المعالجين وعند العائلة. فهناك أكبر المشاكل تعقيدا ومساسا بشخصية الإنسان هي مشكل الهوية وترسيخها في المجتمع المليء بأشخاص مختلفة منهم المحترم، ومنهم المتعاطف ومنهم المشفق ومنهم المستهزئ ومنهم الحاقد ومنهم المحتقر والمهين... والأعمى يفكر تفكيرا خاطئا في نظرة الناس من حوله. وهذا السلوك يشكل دفاعا عن النفس، إذ يبدو قاسيا ومتعجرفا. وفي بعض الأحيان يعوض فقدان بصره بصقل الحواس الأخرى. وربما يحقق المعاق نتائج يصعب للسوي الوصول إليها. وفيلم «الخط المستقيم» يبين لنا مدى صعوبة تقبل العاهة/العمى وكيفية التغلب عليها والتعايش معها. و»الخط المستقيم» فيلم فرنسي من ساعة و38 دقيقة من إخراج رجيس وارنيي مع رشيدة براكني وسيريل ديسكور وكليمونتين سيلاغيي.... والفيلم يحكي قصة ليلى التي خرجت من السجن، بعد مرور 5 سنوات وراء قضبانه، وهي البعيدة عن ولدها وتحكي لقاءها مع يانيك الرياضي الممتاز والشاب القوي الذي فقد بصره إثر حادثة، وهو لا يتقن سوى الرياضة وخاصة الجري. والفيلم يحكي كيف ستتكلف ليلى، وهي الرياضية التي تمتاز بمستواها العالي في نفس الرياضة، بتدريب هذا الشاب الوسيم والمتعجرف، الذي فقد بصره. وتبدأ التداريب ولكن الماضي يطفو، وتطفو معه المشاكل، وتتبخر الأحلام والمشاريع المستقبلية، والمشاركة في السباقات والحصول على جوائز وتحقيق الذات والتغلب على العاهة. إن الفيلم يتكلم عن عالم الرياضة وعن عالم العاهة، ويحكي حكاية حادثين في الحياة: حكاية ليلى الخارجة من السجن، والتي تبدأ دخولها الحياة من جديد بركض طويل على الطريق المار من وسط المدينة، وحكاية يانيك الشاب الوسيم والجميل والرياضي المتألق الذي فقد بصره في حادثة سير. إن المخرج ابتعد عن الكليشيات القديمة، للأعمى وللسجين، وحول لقاء الضحيتين إلى مقاومة شرسة لربح رهان يصعب الفوز به. وللماضي صورته الثابتة والضاغطة على النفوس وعلى المجتمع. وهذا الماضي قد يقف حجرة عثرة أمام قصة حب جميلة بين ليلى وبين يانيك وبين ليلى وابنها. إنها قصة الحب والتضحية والفداء، أغنتها الفقرة الموسيقية التي كتبها باتريك دويل وأغنتها سراشة رشيدة براكني وواقعية أداء دور الأعمى بتألق بارز لسيريل ديسكور. إن القصة مليئة بالغضب والمرارة، الغضب من الفراق ومن قسوة الحياة ماديا (ليلى) ونفسيا (يانيك). والفيلم يعرفنا برياضة ألعاب القوى وخاصة رياضة المكفوفين. وقد حكى المخرج في الفيلم، الرياضة بطريقة سلسة ومحببة وبناء سردي قوي. لقد أعطى الفيلم للرياضة قيمتها الحقيقية وسط الملاعب، وأعطى للعاهة قيمتها الدائمة وسط الحياة. وأبدع ديسكور في تمثيل دور الرياضي الأعمى، وهو المبصر، وبين عن الشراسة وعن القدرة للوصول، وأن العاهة لم تكن عائقا بل العكس أصبحت دافعا. لقد علم الفيلم كيف يتغلب المعاق على إعاقته وعلى اختلافه مع الآخرين.