اعتبر نقاد ومهتمون أن مسرحيتي «الطابعان» لفرقة (كان يا ما كان-عبور) و»عباد الشمس» لفرقة (تياتر كوم)، المشاركتين في المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح بمكناس (2-8 يوليوز) تعدان أنموذجا لعملين يجسدان قصيدة شعرية مفتوحة على كل التأويلات. فقد أجمع المشاركون في لقاء نظم لمناقشة هذين العرضين، أنمخرج «الطابعان» عبد العاطي المباركي، وفق في اختياره الجمالي بتحويله الممثلين إلى «كتلة معاناة»، واستطاعوا بذلك تشخيص تيمة «الملل» التي كانت سيدة الفكرة الأساسية التي بني عليها النص. وتحكي مسرحية «الطابعان» بأسلوب رمزي حياة رجل وامرأة عاشا ما يقارب أربعين سنة داخل نفس المكتب، يتعاركان مع نظام اجتماعي يفرز باستمرار سلوكيات نفسية منعزلة تعبرعن الوحدة التي يعاني منها الإنسان، والهوة بين مشاعر الرغبة والواقع. واستطاع العرض، حسب المشاركين في اللقاء،أن «يزعزع بعض الرواسب الداخلية للفرد في حدوده الكونية»، معتبرين أن نص العرض (باللغة العربية الفصحى) هو نص «لا زماني ولا مكاني»، كما أنه «قصيدة إيقاعها الداخلي هي الموسيقى المصاحبة». وقد منح المخرج عبد العاطي المباركي للنص جمالية وشعرية إضافيتين باشتغاله على الممثلين (سعيد أيت باجا ونرجس الحلاق) فأخرج طاقاتهما الشاعرية مكملين بنيات هذه القصيدة التي وسموها في الأخير ب»الطابعان». وفي معرض مناقشة مسرحية «عباد الشمس» أكد مؤلفها ومخرجها حفيظ البدري، أنه متح من آليات الحلم ومفرداته، واعتبر عمله «قصيدة على وزن المسرح»، فعباد الشمس، التي تحكي قصة حياة الرسام العالمي فان غوغ، توحي ولا تقول، ولوحة تشكيلية لها أبعاد وزوايا. وتختصر المسرحية «معاناة الفنان المطلق وصراعه مع الذات والآخر وهو الصراع الذي يبنى بالأساس على هوس القبض على الحقيقة والنور». وأشار المشاركون، إلى أن السينوغرافيا (التي أنجزها عبد الله عدوي) أضافت لهذا العرض لمسات شاعرية تكمل بتدخلاتها الفنية البناء الجمالي للنص. واستنتج حفيظ البدري أن هذا العمل ما هو إلا قراءة تبزغ فيها ذاتيته وليس الذوات الخارجية، واختياره للعمل على تيمة فان غوغ، اختيار نابع من قناعته بأنه يتقاسم مع هذه الشخصية أشياء مشتركة وبالتالي الرغبة في تحويلها إلى فرجة مسرحية ومناقشتها ورؤيتها كذلك. يشار إلى أنه بالإضافة إلى المسرحيات العشر المشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح الثاني عشر، تعرض مسرحيات أخرى خارج المسابقة وهي «جنون البشر» لفرقة الشعب تواصل، و»هذا حالنا» لفرقة أقواس (الدارالبيضاء)، و»مغامرة الرحالة الصغير» لفرقة مسرح ستيلكم،» الرواسي» لفرقة الجدار الرابع (فاس)، و»شيخات أكاديمي» لفرقة المٍرأة للفنون الشعبية، «الخاتم العجيب» لفرقة مسرح أيوب (مراكش)، و»أمزواك» لفرقة دنيا الإبداع (إنزكان)، و»غربة» لفرقة كوميدراما (وجدة) و»مول الحانوت» لفرقة مسرح الحال (الرباط).