أزمة جديدة في مصر بين المجلس العسكري والإخوان المسلمين في بيان شديد اللهجة، أعرب المجلس العسكري الحاكم في مصر الأحد عن «استيائه البالغ» من قيام جماعة الإخوان المسلمين ب»التشكيك في نواياه» وفي «استقلال المحكمة الدستورية العليا». وجاء بيان المجلس العسكري رداً على الانتقادات الحادة التي وجهها إليه الإخوان المسلمون في بيان أصدروه مساء السبت. وقال المجلس العسكري في البيان الذي بثته وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية إن «المجلس الأعلى للقوات المسلحة تابع ببالغ الاستياء ما تناولته وسائل الإعلام من بيانات صدرت من إحدى القوى السياسية بما يطعن في نزاهة قصد القوات المسلحة ومجلسها الأعلى وينال من أداء ووطنية الحكومات ويشكك في استقلال المحكمة الدستورية العليا والتأثير على حيادتها في أحكامها». وكانت جماعة الإخوان أكدت السبت أن المجلس العسكري «يؤيد استمرار حكومة» كمال الجنزوري رغم فشلها «مما يثير الشكوك حول سر هذا التمسك بالفشل والفاشلين، وهل هي رغبة في إجهاض الثورة وتيئيس الناس أم رغبة في تزوير انتخابات الرئاسة؟». وأضاف بيان الإخوان أن هناك «تهديداً بأنه يوجد طعن في دستورية مجلس الشعب (الذي يهيمن عليه الإخوان المسلمون مع السلفيين) في درج رئيس المحكمة الدستورية العليا يمكن تحريكه، وهذا الكلام كارثة، فهل المحكمة الدستورية خاضعة للسلطة التنفيذية». يذكر أن عدداً من المحامين والشخصيات العامة أقاموا أمام القضاء الإداري دعاوى يطعنون فيها في صحة الانتخابات البرلمانية التي أجريت في نوفمبر وكانون ديسمبر الماضيين، معتبرين أن القانون الذي أجريت على أساسه الانتخابات غير دستوري. وأحالت المحكمة الإدارية العليا الطعن في دستورية قانون الانتخابات إلى المحكمة الدستورية العليا التي لم تحدد بعد موعداً للنظر فيه. واعتبر المجلس العسكري في بيانه الذي لم يسمِ الإخوان صراحة أن «الحديث عن تهديدات بوجود طعن في دستورية مجلس الشعب أمام المحكمة الدستورية العليا والإيحاء بخضوع هذه المحكمة الجليلة للسلطة التنفيذية إنما هو أسلوب غير مقبول يستهدف الإساءة إلى القضاء المصري العريق واستباق أحكامه والسعي إلى تحقيق مصالح حزبية ضيقة على حساب قدسية القضاء». وفي إشارة إلى فوز الإخوان المسلمين والسلفيين الكاسح في الانتخابات التشريعية التي جرت في ظل تولي الجيش للسلطة، قال بيان المجلس العسكري إن «القوات المسلحة ومجلسها الأعلى هم من خططوا ونفذوا الانتخابات التشريعية السابقة بشفافية ونزاهة شهد بها الجميع وأفرزت القوى السياسية الحالية في مجلسي الشعب والشورى». ودعا المجلس العسكري «الجميع إلى أن يعوا دروس التاريخ لتجنب تكرار أخطاء ماضٍ لا نريد له أن يعود، والنظر إلى المستقبل بروح من التعاون والتآزر» في تلميح واضح إلى المواجهة العنيفة التي وقعت بين جماعة الإخوان والرئيس السابق جمال عبد الناصر في العام 1954 وانتهت بحل الجماعة في ذلك العام. وبعد ظهر الأحد، اصدر حزب الحرية والعدالة، المنبثق من جماعة الإخوان، بياناً آخر كرر فيه الاتهامات إلى المجلس العسكري وانتقد «المحاولات التي يقوم بها البعض للقفز على البرلمان المنتخب بغرفتيه، والتقليل من شأنه والإساءة إليه». وأعلن الحزب للمرة الأولى أنه «يدرس الخيارات المتعلقة بالترشح للرئاسة(...) وما طرحه البعض بترشيح أحد قيادات الحزب أو الإخوان المسلمين لمنصب الرئيس نظراً إلى المستجدات الكثيرة التي تشهدها الساحة الداخلية والخارجية». وكانت الجماعة أكدت في وقت سابق أنها لن تتقدم بمرشح للرئاسة، لكن جرى أخيرًا تداول اسم رجل الأعمال والقيادي الاخواني الكبير خيرت الشاطر، كمرشح محتمل للجماعة في الانتخابات الرئاسية. تأتي هذه الأزمة الجديدة بين المجلس العسكري وجماعة الإخوان المسلمين فيما تشهد البلاد جدلاً عنيفاً حول الجمعية التأسيسية التي انتخبها مجلسا الشعب والشوري السبت، والتي يشكل الإسلاميون غالبية أعضائها المائة. وأعلنت أحزاب عدة انسحابها من الجمعية التأسيسية احتجاجًا على هيمنة حزبي الحرية العدالة والنور السلفي عليها. وأكد الحزبان الليبراليان الرئيسان في البرلمان، وهما «حزب المصريين الأحرار» و»الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي»، انسحابهما من الجمعية التأسيسية بعدما قاطع نوابهما انتخاب هذه الجمعية السبت. كما انسحبت من هذه الجمعية للسبب نفسه كتلة الثورة المستمرة (التي تضم حركات ثورية وشبابية) وحزب العدل (وسط) وحزب الكرامة الناصري. وتؤكد الأحزاب التي انسحبت أن الدستور لا بد أن يكون معبّرًا عن المجتمع المصري بكامله، وليس عن «غالبية برلمانية» قد تتغيّر في الانتخابات المقبلة، كما تعترض على ضعف تمثيل المرأة والأقباط في هذه الجمعية التأسيسية. والأحد أعلن الوزير السابق في عهد انور السادات، منصور حسن، انسحابه من سباق الرئاسة من دون أن يعلن عن أسبابه. وكانت الصحف المصرية تكهنت خلال الأشهر الأخيرة بأن يحظى منصور حسن بدعم المجلس العسكري.