تتميز الفنانة سلوى الشودري ابنة الشمال (تطوان) بعشقها للفن الملتزم وبأدائها لأهم القطع الموسيقية العربية الشهيرة التي تعود لأشهر المغنين العرب خاصة أم كلثوم بصوت مليء بالمحبة وبروح منشغلة بالقضايا الكبرى لوطنها ولأمتها. انتقائية مقصودة للأغاني والكلمات في مسعى دؤوب لتطويع الكلمة الموزونة ذات الدلالات البليغة. ذلك شأن سلوى التي تختار بعناية فائقة الكلمات التي لها وقع موسيقي على الأذن خاصة الأشعار العربية القديمة، ولا غرو أن تتفوق، بكل إتقان وإحساس دافئ، في أداء قصائد للمتنبي وأبي الحسن الشاذلي والششتري والحراق ورابعة العدوية. التجربة التي اكتسبتها من غناء القصائد العربية الخالدة، دفعها إلى إعداد ألبوم جديد يضم قصائد لمجموعة من الشاعرات العربيات، منها قصائد للبنانية آمال طنانة، والأردنية سهير داود، والمصرية شريفة السيد. يعتبرها معجبوها فلتة زمان لا تتكرر لكونها أدخلت الفن القادم من شمال المغرب إلى رحاب متوسطية وعربية بمشاركاتها المتعددة في تظاهرات عالمية وأدائها أغان خالدة في دار الأوبرا بمصر (حفل الليلة المحمدية فبراير 2010) التي لا يصعد خشبتها سوى من يحظون بمكانة فنية راقية، وكذا امتداد إشعاعها الفني إلى دول محاذية للبحر الأبيض المتوسط. نجاحها العربي والمتوسطي يعد نتيجة دراستها المكثفة للموسيقى في المعهد الموسيقي بالرباط خاصة الموشحات العربية، وقيامها بدورات تكوينية لتحسين مستوى الصوت مع الفنانة الراحلة صفية التيجاني، كما درست الصولفيج في المعهد الموسيقي بمدينة تطوان من أجل التمكن من ولوج مجال الغناء عن دراية وافية، وهي الآن أستاذة مادة الصولفيج والتكوين الموسيقي بتطوان مسقط رأسها. ولا تتردد الفنانة سلوى الشودري في تنويع اهتماماتها واختياراها الفنية، بحيث ألفت ألبوما تربويا للأطفال بعنوان «أطفال المحبة» يتضمن سبع أغنيات من بينها «أحب أمي وأبي» و«شرطي المرور» و«العصفورة» و«بائع الزهور» و«أرض المؤمنين». وقد أثمر حماسها للخدمة الفنية الملتزمة والتطوع لتنشيط المبادرات الإنسانية تتويجها سنة 2006 بجائزة الخميسة. وتقول الشودري إن هذه الأغاني، التي لحنتها بنفسها، تكتسي بعدا تربويا وتثقيفيا، حيث تمزج بين اللحن الخفيف والكلمات المكتوبة بعربية فصحي، وهو ما تدل عليه وجهة ريع الألبوم الذي سيؤول لجمعية المحبة والاخلاص لمساعدة التلاميذ اليتامى بمدينة تطوان. ومن فرط شغفها بالغناء الملتزم الموجه للأطفال، فقد أصدرت هذا الألبوم على نفقتها الخاصة. أصولها الموريسكية الأندلسية ربما حفزتها على الانفتاح على الشعراء المورسيكيين المسلمين الإسبان بغية ربط الماضي بحاضر يشتاق إلى فترة ذهبية من العطاء الفني، تريد من خلاله استحضار تجارب لها وقعها التاريخي على الأذن العربية. انحيازها للفن الملتزم نابع من قيمته التربوية والنضالية والإبداعية التي تؤمن بها، حيث ترى أن للأغنية الملتزمة في العالم العربي، حضور قوي في صفوف الشباب، رغم أن وسائل الإعلام والإنتاج لا تعيرها أي اهتمام، لأنها غير مدرة للربح، لكن لها تأثير واضح في عقول شبابنا الذي أصبح واعيا بالتفاهات التي تقدم له.