في كل يوم وعلى مدار الساعة تطل وجوه إعلامية نسائية على المستمعين والمتتبعين بالعاصمة الاقتصادية? من خلال برامج وأخبار? تحمل لمسات إعلاميات بعضهن راكمن تجارب في مهنة المتاعب? وأخريات مبتدئات طموحات. هذا هو حال نساء الإعلام? بمدينة لا تمنح فرصا كثيرة للعنصر النسوي إلا بمشقة كبيرة وذلك بفعل التدافع الشديد والصعب لدورات الاقتصاد والتجارة والمجتمع،وتسارع وتيرة الحياة في دوامة زمن لا يرحم . بيد أن إعلاميات العاصمة الاقتصادية، اللواتي تمرسن على السير في شعاب مهنة المتاعب، أثبتن علو كعبهن في ملاحقة كل واردة وشاردة في مدينة دائمة الحركة والتحول، بل أكثر من ذلك شكلن إلى جانب زملائهن الرجال قوة إعلامية ترصد كل ما له علاقة بالتنمية، علاوة على كونهن نخبة تتفاعل مع نبض الساكنة المحلية. واللافت في الممارسة الإعلامية بالعاصمة الاقتصادية هو تداخل المحلي بالوطني، كما تجسده تجارب إعلاميات يشتغلن في إذاعات وجرائد وطنية وفي قنوات تلفزية ومواقع الكترونية، فضلا عن تجربة صحافيات مكتب وكالة المغرب العربي للأنباء بالدار البيضاء، اللواتي تعودن على التعامل المهني السلس والعادي مع الأحداث والوقائع والتظاهرات، التي تشكل مادة للمعالجات التي تصب إما في خانة الجهوي أو الوطني . ولهذه الاعتبارات كلها، يجد الإعلام الجهوي نفسه وباستمرار في تنافس وتدافع مع الإعلام الوطني، الذي يحتل معه نفس المساحات والفضاء الجغرافي عن سبق إصرار وترصد، مما يجعل الإذاعات الجهوية والخاصة بالدار البيضاء، التي تنشط فقراتها طاقات نسائية ورجالية، أحد ركائز الإعلام الجهوي وواجهة لرصد الشؤون المحلية، فضلا عما تقوم به منابر وطنية أخرى في تتبعها لشؤون العاصمة الاقتصادية . وفي اعتراف، يؤكد ريادة الإعلام المسموع محليا وكذا غوص نسائه في شعاب مهنتهن حتى النخاع، أبرزت حجيبة ماء العينين (صحافية بإذاعة كازا إف إم / وللافاطمة)، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الممارسة الإعلامية بالنسبة لها ولزميلاتها في المنبرين اللذين تشتغل بهما، تنطلق من شغف بالمهنة والحياة، لأن الأمر يتعلق بنبش في جوانب تهم الأسرة والأطفال والعادات عبر الإعلام المحلي . ولهذه الاعتبارات فإن تجربتها، في ( إذاعة كازا إف إم )، التي تفرد مساحات كبيرة ومتنوعة لقضايا وانشغالات ساكنة العاصمة الاقتصادية، مكنتها، عبر فقرات برنامج ( لاغراد) الذي تعده وتقدمه، من إقامة صلات الرحم بين ساكنة العاصمة الاقتصادية وساكنة الأقاليم الجنوبية الصحراوية المغربية، مشيرة إلى أن الأهم في هذه التجربة هو الاهتمام المتزايد بعادات الصحراء وباللغة الحسانية. أما عن تجربتها في مجلة ( للافاطمة ) فتشكل بالنسبة لها قيمة مضافة، سواء تعلق الأمر بمسارها المهني أو ممارسة إعلام القرب الذي يجسده الإعلام المحلي، انطلاقا من تحويل ظواهر وأشياء معيشة إلى مادة إعلامية . واعتبرت أن العنصر النسوي العامل بالمجلة (ثمان صحافيات)، والذي يتبوأ مكانة مرموقة في طاقم المجلة، استطاع إبراز التجربة الأسرية إعلاميا، عبر إيلاء مكانة خاصة للفنانات والمثقفات والفاعلات في عدة ميادين . ومن جهتها اعتبرت نزهة الإدريسي حميدي (صحافية بالإذاعة الجهوية للدار البيضاء)، أنها لم تشعر قط بأي تمييز بين الرجل والمرأة في الممارسة الإعلامية بالإذاعة التي تشتغل بها، موضحة أن الجميع يعمل على تذويب كل تمييز في الجهد الجماعي الذي يقدم في إطار عمل مهني احترافي . وتابعت هذه الصحافية التي راكمت تجربة مهنية فاقت العشرين سنة، أن الصحافيات والصحافيين بالإذاعة، الذين كرسوا فعلا مبدأ المناصفة ( ست صحافيات مقابل ستة صحافيين)،راكموا مجتمعين تجربة متميزة تجسدت في تقديم مجموعة من البرامج تعبر عن نبض المواطن وعن الخصوصيات المحلية. وأبرزت أن الإعلام الجهوي بالدار البيضاء، الذي هو رديف للإعلام الوطني ويحمل نفس الرسالة مع وجود بعض الاستثناءات، يشكل رافعة لتقدم الجهة لأنه يعكس مبادراتها ومشاريع مقاولاتها، فضلا عن كونه أداة لتبلور الرأي العام، مشددة على ضرورة تطوير شروط الإعلام الجهوي المهنية، مع تكريس كل ما له ارتباط بالخصوصيات المحلية. ويبقى أهم شيء في الممارسة الإعلامية المحلية المقدمة بصيغة المؤنث هو وجود طاقات شابة من الجنس اللطيف يتابعن تكوينهن بمختلف معاهد الصحافة الخاصة، مما يؤكد أن العاصمة الاقتصادية تهيئ الخلف لضخ دماء جديدة في الإعلام المحلي والوطني، الشغوف لتعزيز طواقمه بإعلاميات شابات يتطلعن، فضلا عن المناصفة في كل المنابر، إلى تكريس إعلام مغاير بمواصفات جديدة.