«فتح» تدعو لشد الرحال إليه و«حماس» تطالب بثورة عربية وإسلامية لإنقاذه حذرت مصادر فلسطينية رسمية مؤخرا من إمكانية إقدام سلطات الاحتلال الإسرائيلي على تقسيم المسجد الأقصى خلال العام الجاري بين المسلمين والإسرائيليين وذلك في ظل الانشغال العربي حاليا بالأوضاع الداخلية للدول العربية. وجاء التحذير الفلسطيني عقب اقتحام قوات الاحتلال للأقصى الأحد الماضي لقمع المصلين المسلمين الذين رابطوا بالمسجد بعد صلاة الفجر لإحباط دعوة أعضاء من حزب الليكود الإسرائيلي الذي يقوده بنيامين نتنياهو لاقتحام الحرم القدسي والدعوة لإقامة الهيكل اليهودي المزعوم على أنقاضه. وأصيب خلال المواجهات التي اندلعت الأحد الماضي في باحات المسجد الأقصى بين المصلين وقوات الاحتلال عدد من المصلين وثلاثة من جنود الاحتلال. وأفادت مؤسسة الأقصى للوقف والتراث أن نحو 40 عنصراً من القوات الخاصة الإسرائيلية قامت باقتحام المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة ومن ثم اعتدت على عدد من المصلين الذين تواجدوا في ساحات المسجد، قبالة الجامع القبلي المسقوف، كما اعتقلت ثلاثة مصلين. وبحسب شهود عيان فإن الاحتلال الإسرائيلي أدخل عددا من القوات إلى المسجد الأقصى تمركزوا قبالة الجامع القبلي المسقوف وعند منطقة كأس المتوضأ، وأخذوا باستفزاز المصلين الذين تواجدوا هناك، وبعد وقت قصير أدخل الاحتلال عدد من المتطرفين اليهود من باب المغاربة، ومباشرة تعالت أصوات التكبير والتهليل من المصلين الأمر الذي دفع قوات الاحتلال لاقتحام الأقصى مباشرة وأخذوا بالاعتداء على المصلين بالهراوات وبالأيدي. وفي ظل الدعوات المتواصلة التي تطلقها الجماعات الإسرائيلية المتطرفة لاقتحام الأقصى والدعوة لإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه قال أحمد قريع رئيس دائرة شؤون القدس عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إن اقتحام المتطرفين الإسرائيليين للمسجد الأقصى يهدف لفرض سياسة الأمر الواقع وجعل عملية الاقتحام طبيعية، وصولا إلى إعطاء هؤلاء المتطرفين فرصة لإقامة الصلاة في الأقصى، وذلك حسب اقتراحات منهم باقتسام المسجد الأقصى، وبالتالي إقامة الهيكل المزعوم. وأشاد قريع بعملية التصدي والوقفة الجادة من قبل المرابطين في المسجد الأقصى لحمايته والحفاظ عليه من تدنيس المتطرفين، مؤكدا أن القيادة الفلسطينية أجرت اتصالا عاجلا مع الأردن من أجل التحرك الفوري ووقف العدوان على المسجد الأقصى، إضافة إلى اتصالات أخرى على هذا الصعيد من توفير الحماية له. ودعا قريع كافة أبناء الشعب الفلسطيني خاصة أبناء القدس ومناطق ال48، لشد الرحال إلى المسجد الأقصى باعتبارها دعوة مفتوحة ما دام هناك احتلال، وما دامت حكومة الليكود تمعن في الخطر الذي يلف المسجد الأقصى. وحمل قريع حكومة الاحتلال المسؤولية عما يجري في القدس من انتهاكات وحفريات واقتحام للمسجد الأقصى التي توفر الحماية للمستوطنين والمتطرفين، عدا عن الانتهاكات اليومية التي تشهدها الضفة وقطاع غزة، في ظل ما تشهده المنطقة من جمود لعملية السلام، وفشل مروع لحل الدولتين، وتعنتها بعدم وقف الاستيطان. وطالب قريع الأمتين العربية والإسلامية بتحمل مسؤولياتهما تجاه القدس ومقدساتها، وحماية المقدسات كونها تعتبر من صلب العقيدة الإسلامية. ومن ناحيته أكد المحامي احمد الرويضي مستشار ديوان الرئاسة الفلسطينية المختص في شؤون القدس أن إسرائيل قررت هذا العام وضع موضع قدم داخل ساحات المسجد الأقصى المبارك. وأوضح الرويضي في بيان صحفي أرسل لبيان اليوم أن الدعوات المتكررة من قبل أعضاء في حزب الليكود الحاكم في إسرائيل والتي تلقى دعم رئيس الحزب وهو رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو وتبادل الأدوار مع الجماعات الاستيطانية ما هي إلا محاولة لانتهاز فرصة لتحقيق ذلك، وهي بدأت بهذه الزيارات الصغيرة لمحاولة قياس ردة الفعل الفلسطينية والعربية والإسلامية والدولية على أي خطوة قادمه. وقال الرويضي إن هذه المحاولات تأتي بعد أن استكملت إسرائيل برامج التخطيط في محيط المسجد الأقصى المبارك والذي شمل إقامة حدائق توراتيه في الصوانه وسلوان، ووحدات استيطانية جديدة في الشيخ جراح وجبل الزيتون وراس العامود وحي وادي حلوه في سلوان، وأيضا إقامة المجمعات السياحية والكنيس الجديد في باب المغاربة وحي سلوان على بعد أمتار فقط غرب جنوب المسجد الأقصى المبارك. وان الموازنات اللازمة لتنفيذ هذه المشاريع أصبحت حاضرة بعد إقرار الخطط من المستوى الرسمي الحكومي الإسرائيلي والدوائر الإسرائيلية المختصة في بلدية القدسالغربية. وأكد الرويضي على أن هناك قرارا فلسطينيا لدى كافة المؤسسات الوطنية والدينية والشعبية في القدس لمنع أي محاولة لاقتحام المسجد الأقصى المبارك أيا كانت الجهة التي تنوي القيام بها وفي أي توقيت. وقال الرويضي إن تنسيقا عالي المستوى يتم يوميا مع دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس لمواكبة كافة التطورات والأحداث في ساحات المسجد الأقصى المبارك، إضافة إلى الاتصالات الرسمية التي تجريها القيادة الفلسطينية مع الأطراف العربية والإسلامية والدولية وخاصة مع الأردن ومصر، ولجنة القدس في منظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية . وأشار الرويضي إلى اتصالات تمت منذ الأسبوع الماضي مع الجهات الدولية العاملة في مدينة القدس وخاصة قناصل الدول الأجنبية التسع ومكتب الأممالمتحدة ومكتب الاتحاد الأوروبي تم خلالها نقل خطورة الوضع في محيط المسجد الأقصى المبارك بحكم المشاريع التي يعلن عنها تباعا وطبيعة ما يصدر من تصريحات وكتيبات من جمعيات استيطانية وبعض المسؤولين من أعضاء الكنيست الإسرائيلي بخصوص المسجد الأقصى المبارك، وتم معهم بحث النتائج المتوقعة في حال ارتكاب أي مساس بالمسجد الأقصى المبارك على المستوى الفلسطيني والإقليمي والدولي. ومن جهتها حذرت حركة «فتح» من أي اعتداء إسرائيلي على المسجد الأقصى أو السماح للمتطرفين اليهود بتدنيسه، مؤكدة أن من شأن ذلك إدخال المنطقة بأسرها في دوامة عنف لا يستطيع أحد التنبؤ بنهايتها. وأكد الناطق الإعلامي باسم حركة فتح احمد عساف في بيان صدر عن مفوضية الإعلام والثقافة: «أن الأقصى ثابت من ثوابتنا الوطنية سندافع عنه مهما غلى الثمن فالمسجد الأقصى جزء من عقيدة المسلمين ليس في فلسطين وحسب، بل في العالم أجمع مذكراً حكومة الاحتلال بانتفاضة الأقصى وقبلها هبة النفق وغيرها كثير. وقال عساف إن حكومة الاحتلال الإسرائيلي تتحمل وحدها تبعات ما يجري اليوم بحق الأقصى وعلى العالم ألا يبقى صامتا أمام الجرائم ذات الطابع العنصري. ومن ناحيتها طالبت حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة بثورة عربية وإسلامية لإنقاذ المسجد الأقصى. ودعا فوزي برهوم، المتحدث باسم «حماس» الفلسطينيين والأمتين العربية والإسلامية إلى تدشين ثورة عارمة من أجل حماية القدسوفلسطين، في تظل تصاعد العدوان الإسرائيلي على الأقصى. وقال برهوم، في بيان صحفي «تؤكد حركة المقاومة الإسلامية «حماس» على خطورة العدوان الصهيوني المتكرر على المسجد الأقصى المبارك بهدف تدميره وإقامة الهيكل المزعوم»، معتبرًا أن ذلك يأتي «إمعانًا في الحرب الدينية على مقدساتنا ومساجدنا وبدعم وبغطاء أمريكي رسمي ما زال سببًا في كل معاناة الشعب الفلسطيني». وأكد المتحدث باسم «حماس» على أن هذا التصعيد الإسرائيلي «يستدعي من الجميع تحمل مسؤولياته تجاه حماية وإنقاذ المسجد الأقصى والتصدي بكل قوة لهذا المخطط الخطير، فهذا واجب ديني وأخلاقي ووطني وقومي على الأمة العربية والإسلامية بكافة مستوياتها». وأضاف: «لندشن جميعاً فلسطينيين وعربًا ومسلمين أكبر حالة إسناد لهذه القضية المقدسة، وليبدأ الاستنفار والتحرك من أجل القدس والأقصى ولتكن المرحلة المقبلة هي مرحلة الثورة العارمة من أجل القدسوفلسطين». هذا وأدان الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلي، إقدام قوات الاحتلال الإسرائيلي على اقتحام المسجد الأقصى الأحد الماضي والاعتداء على عدد من المصلين. واعتبر أوغلي، في بيان صحفي صدر الأحد نفسه، أن هذا التصعيد الخطير اعتداء على الأمة الإسلامية جمعاء، وأن هذا الاعتداء يمثل انتهاكا صارخا للمواثيق والقوانين الدولية. وحمّل الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن تبعات استمرار مثل هذه الاعتداءات الاستفزازية الخطيرة، داعيا مجلس الأمن الدولي والمجتمع الدولي إلى التحرك بشكل جاد وعاجل من أجل وضع حد لهذه الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ومنع تكرار هذه الجرائم التي تغذي العنف والتوتر في المنطقة. ومن جهته أكد الشيخ حامد البيتاوي رئيس رابطة علماء فلسطين، أن محاولات الاحتلال الإسرائيلي اقتحام الأقصى المبارك تعد «لعباً بالنار» لا تحمد عقباها. حسب تعبيره. وقال البيتاوي «إن إقدام قوات الاحتلال على تأمين اقتحام الأقصى أمام المستوطنين يعد خطوة غير محسوبة العواقب لاستفزاز مشاعر المسلمين»، محذراً من التوجه لانتفاضة فلسطينية جديدة لصد جرائم الاحتلال وممارسات المستوطنين الهمجية.