قال عبد السلام أبو درار، رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، إنه إذا كانت هناك خاصية تميز بها المغرب في مواكبة لما اصطلح على تسميته بالربيع العربي، فهي طبيعة نظامه السياسي القائم على المشروعية التاريخية وأيضا لما يتسم به مجتمعه المدني من حيوية ودور فعال اضطلع به منذ عشرات السنين في التأثير على مسار الشأن العام في البلاد. وأضاف ا أبو درار، في عرض قدمه أمام المشاركين في ندوة دولية حول وسائل (دعم مقومات النزاهة والوقاية من الرشوة) تنعقد حاليا بالعاصمة التونسية، بمشاركة خبراء وممثلي منظمات دولية وهيئات مختصة في مجال مكافحة الرشوة والفساد، أن المجتمع المدني المغربي «لم يكن فقط شريكا في عملية مكافحة ظاهرة الرشوة والفساد، بل كان صاحب المبادرة في هذا المجال، حيث لعب دورا مركزيا في توقيع المغرب سنة 2005 على الاتفاقية الأممية حول مكافحة الرشوة ثم المصادقة عليها سنة 2007». وأبرز أن المجتمع المدني في المملكة ساهم أيضا في تهيئة الظروف المناسبة لإحداث الهيئة المركزية لمكافحة الرشوة، التي قال إنها استطاعت، في ظرف ثلاث سنوات، أن «تقوم بدورها كاملا وأن تدفع بهذه التجربة إلى أبعد حد ممكن، رغم محدودية الصلاحيات التي كانت مخولة لها من قبل وتواضع إمكانياتها المالية ومواردها البشرية والقانونية». وقال عبد السلام أبو درار إنه، إلى جانب المجتمع المدني، لعبت المكونات الأخرى للهيئة وشركاؤها، وخاصة ممثلو الإدارة العمومية والقطاع الخاص والمهنيون والنقابات، دورا أساسيا في ما حققته من نتائج في مجال مكافحة الرشوة. وسجل أبو درار، في هذا الصدد، «تجاوب السلطات العليا في البلاد، مع الحراك الاجتماعي الذي شهده المغرب خلال سنة 2011، في اتجاه العمل على الارتقاء بالهيئة المركزية لمكافحة الرشوة من هيئة للوقاية إلى هيئة وطنية للنزاهة ومحاربة الرشوة والوقاية منها، كما نص على ذلك الدستور الجديد للمملكة». واعتبر أن ذلك من شأنه أن يعطي للهيئة «الوزن والاستقلالية والوسائل القانونية والمادية والبشرية التي تمكنها من أداء مهامها على أحسن ما يرام في مجال الوقاية من الرشوة والمساهمة في تفعيل القانون والتقصي ومساعدة السلطات القضائية في القيام بدورها الزجري، وكذا العمل على إطلاق العنصر الثالث في منظومة مكافحة الرشوة والمتمثل في عملية التربية والتحسيس سواء على مستوى التعليم أو من خلال وسائل الإعلام من أجل تلقين الناشئة قيم النزاهة». يذكر أن هذه الندوة، التي تنظمها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية واللجنة التونسية لتقصي الحقائق حول الرشوة والفساد ومؤسسة (هانس سايدلر) الألمانية، تناقش، على مدى يومين (14-15 فبراير)، وسائل دعم جهود الحكومة التونسية في مجال مكافحة الرشوة والفساد وتقوية الإطار القانوني وتحديد الآليات الضرورية لإرساء سياسة ناجعة في مجال الوقاية من ظاهرة الرشوة والفساد ومكافحتها. كما تناقش دور المجتمع المدني في تحقيق هذه الأهداف، من خلال الاطلاع على عدد من التجارب الناجحة من بينها التجربة المغربية.