احتفاء بالتجربة الأديبة للكاتب المغربي محمد صوف شكل الملتقى الوطني الأول لفن السرد مؤخرا بالدار البيضاء، لحظة احتفاء بتجربة القاص والروائي محمد صوف، فتحت نافذة للإطلالة على العوالم السردية لهذا الكاتب «المتعدد» الذي يتنقل بين أجناس القصة والرواية والترجمة. وقال الناقد المغربي محمد معتصم في مداخلة ألقاها ضمن هذا الملتقى الذي نظمته الجمعية المغربية للغويين والمبدعين بدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وتعاون مع مجلس دار الشباب بوشنتوف، تحت شعار «السرد المغربي الحديث، دورة الأديب الكبير محمد صوف»، إن هذا الأخير تميز في كتاباته الروائية والقصصية برؤيته الخاصة التي يقوم عليها عالمه المتخيل. وأضاف معتصم في الجلسة النقدية الأولى التي عقدت حول «السرد المغربي الحديث، محمد صوف نموذجا» أن هذا العالم لدى صوف لم يعد قادرا على احتمال المزيد من الحواشي، لأن «ذلك لا يساهم في تطوره وامتداده بل في تكدس طبقاته وتغضنها». وقسم الناقد تصور محمد صوف للقصة القصيرة إلى عدة محاور تشمل أساسا الجملة السردية القصيرة التي يعتمدها في كتابته، وتغييب الواقع وراء الخيال, حيث ترتبط جل قصص هذا الأديب بالواقع أحداثا وقيما، وترصده في تحوله وفي لحظاته المتحركة شديدة التقلب. وركز الناقد محمد داني مداخلته الموسومة ب»الكتابة عند محمد صوف»، على التجربة الروائية للمحتفى به، مشيرا إلى أن هذا المسار الخاص بمحمد صوف، والمتمثل في كونه شارك مع جيل السبعينات في تشكيل المقومات الفنية والجمالية والتقنية للرواية، وبالتالي المساهمة في إعطاء هذا الفن الروائي خصوصية مغربية، لم يوازه خطاب نقدي استشرافي. واعتبر داني أن الكتابة عند محمد صوف ليست منزاحة عن السائد في المجتمع، بل تمتح من المروي والشفهي والمرئي، لتفرز شكلا روائيا مقبولا، يثور على الموروث، ويساهم في وضع ودعم أسس الجديد والحديث. وأشار إلى أن جميع شخوص رواياته متناقضة في أفعالها، عبثية في رؤيتها، لذا أخذت رواياته أسماء جامعة، فكل شخصية رهينة ظروفها الاجتماعية ورهينة حالة اجتمع فيها السياسي بالاجتماعي والأخلاقي بالثقافي، مستخلصا أن شكل الروايات عند صوف مرن الحركة، استخدم فيها صاحبها طرائق فنية متعددة، شكل منها سياقه الروائي مستشهدا بروايتيه الأخيرتين، (يد الوزير) و(الرهائن)، حيث وظف صوف تقنية الاسترجاع والذكريات والحكي والاستذكار والرجوع إلى الماضي كنوع من الفلاش باك والتقطيع السينمائي، والتوضيب وحركة آلة السينما المتسللة إلى العتمات، والوصف المشهدي. تجدر الإشارة إلى أن محمد صوف، المولود بالدار البيضاء سنة 1950، حاصل على الدبلوم العالي للبحوث في الدراسات العربية والإسلامية بجامعة بوردو الفرنسية. وصدرت له «تمزقات» (قصص 1978) و»رحال ولد المكي» (رواية 1980) و»حالات معتادة جدا» (قصص 1981) و»عصافير... والبحث عن أوكار» (قصص 1982) و»الموت مدى الحياة» (رواية 1984) و»دائرة المستحيلات» (قصص 1985) و»السنوات العجاف» (رواية 1990) و»كازابلانكا» (رواية 1990) و»حتى إشعار آخر» (قصص 1995) و»هنا طاح الريال» (قصص 1996) و»دعها تسير» (قصص 1997) و»النساء يكتبن أحسن» (ترجمة 2000).