الاتحاد العام لمقاولات المغرب يدعو لعقد «قمة اجتماعية» تحضرها الحكومة والنقابات دعا الاتحاد العام لمقاولات المغرب الحكومة والنقابات إلى عقد لقاء قمة اجتماعية، في غضون الشهرين القادمين، يخصص لدراسة وتعميق النقاش في الإشكاليات الاجتماعية المطروحة والمؤثرة في علاقة المقاولة بمحيطها، وذلك وصولا إلى اقتراح إصلاحات قوية وملموسة. وقال جمال بلحرش رئيس لجنة التشغيل والعلاقات العامة داخل الاتحاد العام لمقاولات المغرب، في ندوة صحفية، الخميس الماضي بالدار البيضاء، إن فكرة عقد القمة الاجتماعية، رغم وجود حوار اجتماعي ممأسس، نابعة من رغبة في «وضع نموذج اجتماعي يلائم ويتكيف مع بيئتنا ومع مضامين الدستور الجديد الذي يخول صلاحيات جديدة لمختلف الجهات المعنية بالواقع الاجتماعي وعلاقته بمحيط المقاولة والاستثمار»، مشيرا، في هذا السياق، إلى أن لقاء القمة التي تقترح الباطرونا عقدها «مفتوح على جميع الموضوعات التي تؤرق النقابات والباطرونا، بما في ذلك المشاكل التي لم يتم إلى حدود اليوم تناولها». وحتى لا تكون القمة الاجتماعية المرتقبة فضفاضة وتنقلب إلى منتدى شاسع لا يفضي إلى الخروج بتوصيات محددة، تقترح الباطرونا على النقابات والحكومة، بالإضافة إلى عرض الموضوعات التي تطرح إشكاليات حقيقية، التركيز على الأولويات، بما يتيح للقمة هامشا مريحا يمكن الفرقاء الاجتماعيين من «وضع جدول أعمال لمسؤوليات محددة بوضوح»، ومن «تحديد المنهجية للمضي قدما معا، وتهيئة الظروف لنجاح مجتمعنا المغربي الجديد». ويرى الاتحاد العام لمقاولات المغرب أن المواضيع التي تحظى بالأولوية هي تلك التي من شأنها أن تهيئ الظروف للاستثمار وإقامة المشاريع اللازمة للتنمية المستدامة الاقتصادية والاجتماعية، وذلك انطلاقا من قاعدة تابثة تشدد على أن «التقدم الاقتصادي والتقدم الاجتماعي متلازمان، يؤثر كل منهما في مسار الآخر». فظروف العمل، واحترام حقوق الشغيلة، والتكوين، والحماية الاجتماعية و التنافسية ومحاربة القطاع غير المنظم وتشغيل الشباب، والاتفاقية الجماعية، كلها تعتبر، حسب الباطرونا، مشاكل قائمة، بالإمكان، في حال انخراط الحكومة والنقابات في فكرة القمة الاجتماعية التي يقترحها الاتحاد العام لمقاولات المغرب، وضع خارطة طريق عملية لحلها عبر تناول جدي ل «المواضيع المحرمة» والتخلي المسبق عن «الإجراءات الصغيرة». كما أن هناك مشاريع أخرى، يقول جمال بلحرش، «طال تأخيرها»، كمشروع القانون المتعلق بصندوق التعويض عن فقدان الشغل، ومشروع القانون المتعلق بتقنين ممارسة الإضراب. بخصوص المشروع الأول اعتبر المتحدث أنه «إذا كان من الضروري التعجيل بإخراج هذا المشروع إلى حيز الوجود فإنه من جهة أخرى لا يجب التسرع». واعتبر أن منح الدولة 250 مليون درهم من أجل انطلاقة هذا الصندوق وترك أمر تمويله للباطرونا «خيار غير سليم ولا يحل المشكل». أما فيما يخص مشروع قانون الإضراب فطالب بالتعجيل بإخراجه للوجود حتى «يكون هناك نص قانوني يقنن ممارسة الإضراب ويمنح رؤية واضحة للمستثمرين الأجانب عن طبيعة العلاقات الاجتماعية داخل المقاولة». واعتبر أن «مرونة العمل مسألة ذات أهمية بالغة بالنسبة للتطور الطبيعي للمقاولة ولمواجهة المنافسة التي تفرض عليها»، لأنها ستقضي على ما أسماه «الريع الأجري». كما أن الدولة والاتحاد العام مطالبون، وفق بلحرش، بتعميق الشراكة من أجل إنجاح التعاقدات المتعلقة بالتكوين والإدماج في عالم الشغل، مشيرا إلى أن «الاتحاد يقوم بمجهود من أجل التحسيس بضرورة التصريح بكافة المستخدمين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والتغطية الصحية خاصة وأن الدستور الجديد ينص على الحق في الحماية الاجتماعية». وتشدد الباطرونا على أنها من خلال إثارتها لهذه الموضوعات وحرصها على دعوة الحكومة والنقابات إلى لقاء قمة، ترمي التعبير عن رغبتها في أن تكون شريكا اجتماعيا فاعلا ومسؤولا، قادرا ليس فقط على الحوار الصريح، بل مساهما أيضا بجرأة وتبصر في إعطاء الانطلاق لكل الأوراش الاجتماعية التي «ستساعد على إرساء الثقة بين كل الفاعلين في حال التزام الدولة بالشفافية وعدم اعتمادها الخطاب المزدوج في محاولة لنشر الغموض بخصوص دورها كمشغل». بهذا الخصوص، وارتباطا بالتزام التصريح الحكومي الذي قدمه عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة برفع الحد الأدنى للأجور إلى 3000 درهم في غضون الأربع سنوات القادمة، أوضحت هيئة الباطرونا أنها تنظر بارتياح بخصوص ما سيترتب عن ذلك من رفع مستوى عيش المغاربة، بيد أنها ترى أن المشكل كامن في كيفية تحقيق هذا التعهد الحكومي. ولعل موضوع الزيادة في الأجور ضمن تدابير وإجراءات حكومية ومطالب نقابية أخرى، يقول جمال بلحرش، هي ما يستدعي بالفعل عقد مؤتمر القمة الاجتماعي الذي سيخصص لفتح نقاش حول مسألة الأجور. فالمقاولة، يضيف بلحرش، «لايجب ولا يمكنها أن تتحمل تكاليف الحماية الاجتماعية كما هي محددة اليوم، علما بأن تخفيض تكاليف اليد العاملة يسمح، على المدى المنظور، بتحسين الأجور، وعلما أيضا بأن كل أرباب العمل، في القطاع المنظم، يدركون القاعدة الثابتة التي مفادها أن تحفيز الشغيلة هو مفتاح أدائها وفعاليتها». فالكرة الآن، حسب الاتحاد العام لمقاولات المغرب، في مرمى الحكومة والنقابات التي ينتظر أرباب العمل تلبيتها لدعوة عقد قمة اجتماعية لا تعترف بالطابوهات وتعتزم عرض كل الموضوعات ذات الأولوية بعيدا عن ضغوط الحوار الاجتماعي الذي لا ينطلق فعليا إلا أسابيع قليلة قبل الفاتح من ماي.