تصاعد التوتر بين فتح وحماس في ظل تراشق إعلامي واتهامات متبادلة بعرقلة تنفيذ اتفاق المصالحة تصاعدت حدة التوتر خلال الأيام الماضية بين حركتي فتح وحماس، وذلك على خلفية منع قوات الأمن العاملة بغزة وفدا من فتح من زيارة القطاع الجمعة الماضي بحجة أن رئيس الوفد صخر بسيسو عضو اللجنة المركزية لفتح شتم الذات الإلهية في حين كان يرافقه إسماعيل جبر وروحي فتوح. واتهم وفد فتح قوات الأمن التابعة لحماس في غزة بمنعه من دخول القطاع، الأمر الذي نفته حركة حماس وقالت إن الوفد رفض الانتظار قليلا لحين إجراء التنسيق اللازم لدخوله للقطاع وإقدام رئيس الوفد على شتم الذات الإلهية. ومن جهتها رفضت اللجنة المركزية لحركة فتح رفضاً قاطعاً البيان الصادر عن داخلية حماس في غزة بخصوص اتهام رئيس وفد فتح بشتم الذات الإلهية، مشيرة أن قوات حماس تعاملت بشكل غير لائق مع وفد الرئاسة الفلسطينية وقيادة حركة فتح الذي منعته من الدخول إلى القطاع. ومن ناحيتها أكدت وزارة الداخلية في حكومة غزة المقالة الأحد على حرية التنقل والدخول والخروج من قطاع غزة لكافة المواطنين الفلسطينيين، وقالت «ولا نقوم ولم نقم ولن نقوم بمنع أحد»، مطالبة بتقديم بسيسو للعدالة بتهمة شتم الذات الإلهية، مضيفة في بيان صحفي: لا مانع من قدوم وفد حركة فتح لقطاع غزة، وعلى رئيس الوفد صخر بسيسو الاستعداد للوقوف أمام المحكمة لمخالفته القانون للفظه كلمة الكفر. وأضاف البيان «ولقد بدأت الجهات المختصة بالقيام بالإجراءات القانونية بهذا الخصوص، وعليه مراجعة ما نص عليه القانون لمن يقوم بهذه المخالفة». ومن جهتها ردت اللجنة المركزية لفتح ببيان صحفي قالت فيه: إن هذا البيان المشبوه والمغرض إنما هو بمثابة صفعة قوية لكافة الجهود المبذولة لتحقيق المصالحة الوطنية، وتحديدا لجهود حركة فتح بقيادة الرئيس أبو مازن لإنهاء الانقسام المشؤوم واستعادة الوحدة السياسية والجغرافية لشعبنا الفلسطيني». وأضافت «:أن لغة التكفير والتهديد التي استخدمها البيان إنما تهدف أولاً وأخيراً إلى إغلاق الباب أمام المصالحة ومنع أعضاء اللجنة المركزية وقيادات حركة فتح وكوادرها من الوصول إلى قطاع غزة لمواصلة الحوار من اجل رأب الصدع العميق الذي خلفه انقلاب حماس على الشرعية الفلسطينية صيف عام 2007». وأضافت اللجنة المركزية: أن بعض قيادات حماس في غزة والملوثة أيديهم بدماء أبناء شعبنا وحركتنا غير مؤهلين وليسوا في وضع يسمح لهم باتهام أحد لأنهم هم من يجب أن يحاكموا على ما اقترفوه من جرائم بحق المشروع الوطني الفلسطيني وبحق المناضلين من أبناء شعبنا وكذلك إصرارهم على تعميق وتأصيل الانقسام الذي لا يخدم سوى الاحتلال الإسرائيلي والفئة القليلة من قيادات حماس في غزة التي لا هم لها سوى مصالحها الخاصة. وتساءلت اللجنة المركزية عن مغزى التناقض في البيانات التي صدرت عن قيادات حماس في قطاع غزة حول هذه القضية ، ففي حين قال بعضها إن منع الوفد إجراء خاطئ نجم عن سوء تنسيق وخلل فني، وبعد أن لم يقنع هذا التبرير أحدا بما أقدمت عليه حماس من إهانات ومنع لدخول الوفد، لجأت هذه القيادات إلى لغة التكفير والتهديد وتلفيق الأكاذيب والاستخدام السياسي السيئ للدين بهدف التصعيد وصب الزيت على نار الانقسام البغيض. كما أكدت اللجنة المركزية إصرارها وجميع قيادات الحركة وكوادرها على الذهاب إلى قطاع غزة دون الإذن من أحد، لأن غزة ليست ملكاً لأحد وليست مزرعة مملوكة لهؤلاء الذين يخطفونها بقوة السلاح. وشددت اللجنة المركزية على أننا ذهبنا للمصالحة بعقول مفتوحة وأيدي ممدودة من اجل تحقيق المصالح العليا لشعبنا الفلسطيني ووقوفا إلى جانب أهلنا المحاصرين والمقموعين في قطاع غزة وبالرغم من كل الجراح العميقة التي أحدثها انقلاب حماس على الشرعية الفلسطينية كان قرارنا واضحا بإنهاء الانقسام وبتحقيق المصالحة، إلا أن هذه الفئة الضالة التي استمرأت القتل والنهب والمتاجرة بمعاناة شعبنا، تصر أن تبقينا في مربع الانقسام الذي استبشرنا وشعبنا أننا قد غادرناه إلى غير رجعة بعد لقاءات القاهرة الأخيرة. وتساءلت اللجنة المركزية عن موقف المكتب السياسي لحركة حماس من الإهانة التي تعرض لها وفد قيادة حركة فتح من حيث الألفاظ النابية والشتائم والمنع من مغادرة المركبة تحت تهديد السلاح والأوامر الوقحة من صبية لا يتورعون عن تلفيق التهم بممارساتهم اللاأخلاقية التي تربوا عليها في كراهية الآخرين وغيرها من الممارسات. وقالت اللجنة المركزية لحركة فتح إن على حركة حماس تقديم اعتذار لحركة فتح والشعب الفلسطيني عن هذه الممارسات المهينة وغير اللائقة، وعلى ضوء ذلك فإن حركة فتح ستعيد تقييم الموقف ونوايا حماس اتجاه تحقيق المصالحة. ومن جهتها رفضت حركة حماس مطالبة حركة فتح بتقديم اعتذار لها عن منع وفد من قادتها من دخول القطاع، معتبرة أن «المطلوب هو الالتفات إلى تطبيق بنود المصالحة وليس التفلت منها». وقالت الحركة في بيان صحفي «إذا كان ثمة من معتذر فهو الذي أساء إلى الذات الإلهية، واعتذاره ليس لحماس بل للأمة الإسلامية، أما حماس فلم تمارس أي إساءة حتى لقيادة حركة فتح». واعتبرت الحركة أن لغة البيان الذي صدر عن اللجنة المركزية لحركة فتح «تتناقض مع ما نتج عن لقاءات لجنة الحريات التي اجتمعت بعد تعذر زيارة حركة فتح التي أعلن خلالها عن إنجاز عدد من الملفات المهمة». ورأت أن «الإجراءات التي تنفذها الحكومة الشرعية في غزة على المعابر أمر شرعي لا يجوز لأحد القفز عنه». وقالت الحركة إنه «إذا كان لدى حركة فتح قرار مسبق بالعودة إلى مربع المفاوضات مع العدو الصهيوني والتراجع عن المصالحة، فهذا شأنها وهي التي تتحمل كامل المسؤولية عن تبعات هذا القرار أمام الشعب الفلسطيني، وأمام الوسيط المصري وأمام الأمة العربية جمعاء التي استبشرت خيراً بالمصالحة». وحذرت حركة حماس حركة فتح من «مغبة النكوص عن تنفيذ ما جاء في اتفاق المصالحة من الإفراج عن المعتقلين السياسيين ورفع حالة القمع عن أهلنا في الضفة الغربية». هذا طالب صخر بسيسو عضو اللجنة المركزية لحركة فتح بإحالة قادة حركة حماس في قطاع غزة للمحاكمة على خلفية جرائم القتل التي ارتكبوها بحق الشعب الفلسطيني على مدار السنوات الخمسة الماضية جراء الانقلاب في قطاع غزة. وقال بسيسو في بيان له «إن حركة حماس تسعى لإقامة إمارة إسلامية في قطاع غزة، ويجب محاكمة قادتها على الجرائم التي ارتكبت على مدار السنوات الماضية من قتل ونهب لأموال الفلسطينيين والأراضي والممتلكات»، مشيراً إلى أن حركة حماس دمرت الاقتصاد الفلسطيني من خلال الأنفاق التي أنشأتها في رفح جنوب قطاع غزة لكي تدر عليها الأموال. وجاء رد بسيسو عقب بيان داخلية غزة التي قالت خلاله بأنها بدأت إجراءاتها القانونية لمحاكمة بسيسو على خلفية سبه «الذات الإلهية» لأفراد من شرطتها على معبر بيت حانون. وأشار بسيسو إلى أن حماس تسعى لإفشال المصالحة بالقول «إن منعنا من دخول قطاع غزة مرتبط بالمصالحة لأن بعض قادة حماس شعروا بأن المصالحة تهدد مصالحهم». وأعرب بسيسو الذي شارك في سلسلة من الحوارات بين وفدي فتح وحماس على مدار السنوات الماضية بالقاهرة، عن أمله بألا يكون مجلس شورى حماس الذي اجتمع مؤخراً بالخرطوم قد اتخذ قرارا بتعطيل المصالحة، وقال «هناك بعض القيادات من حماس في غزة تحاول اختطاف القرار السياسي للحركة واثبات أن حماس الخارج لا تمثلها»، مطالباً بإحالتهم «للقضاء لكي يحاكموا على الجرائم التي ارتكبوها بغزة بعد مقتل أكثر من 700 فلسطيني خلال الانقلاب وما بعده إضافة لآلاف الفلسطينيين الذي تحولوا إلى معاقين بفعل الإصابات التي سببتها حماس لهم وجلبها للحصار على القطاع».