يتذكر الكل أن رئيس فريق الوداد البيضاوي عبد الإله أكرم، عندما استقدم المدرب السويسري ميشيل دوكاستيل لتدريب الفريق، قال كلمة مسموعة، قال «إذا غادر دوكاستيل.. سأغادر الوداد». والسؤال الآن: هل يفي أكرم بكلمة أطلقها في لحظة قوة؟ بعدما انفصل الفريق الأحمر عن مدربه السويسري بشكل نهائي، وبعدما تبين للكل أن دوكاستيل ليس الرجل المناسب لقيادة الوداد، كما أن التعاقد معه كان خطأ منذ البداية، والنتائج التي حصدها طول مدة إشرافه على الفريق منذ انضمامه في يونيو الماضي، فلا الفريق أفلح بالتتويج بلقب كأس عصبة أبطال إفريقيا، ولا هو نجح في بلوغ نهائي كأس العرش، ولا استطاع الحفاظ على أداء الفريق بالبطولة الاحترافية .!!! طلاق دوكاستيل عن الوداد كان أمر منتظرا ومسألة وقت لا غير، نظرا للنتائج المسجلة التي أشعلت نار الاحتجاج والغضب لدى الجمهور الودادي، لكن الغريب في الأمر أن يبدي رئيس الوداد تمسكه بمدرب أثبت فشله في قيادة دفة الفريق الأحمر. هذا بالطبع قبل أن يعدل أكرم عن قراره، ويصرح في آخر خرجاته الإعلامية أنه إذا استدعت الضرورة تغيير دوكاستيل، فإن ذلك لن يتم إلا بعد مرحلة الذهاب. وبالتحديد بعد مباراة الفريق أمام أولمبيك أسفي يوم غد الأحد، وأنه لن يتخذ أي قرار شخصي بل سيعود إلى المكتب المسير، ومنه فلن يمانع في البحث عن بديل مناسب للمدرب السويسري، وكأنما الرئيس كان يسعى إلى منح مدربه فرصة أخيرة في حالة الفوز على القرش المسفيوي.. فرصة كان من الممكن أن تضع حدا للجو المتوثر داخل البيت الودادي، ولما بقاء دوكاستيل إلى حين... غير أن تسارع الزمن أدى إلى انفصال الطرفين بالتراضي، بعد اتضاح الرؤى وتوحد الأفكار حول عدم جدوى استمرار المدرب السويسري في منصبه على رأس الإدارة الفنية للوداد. الغريب في الأمر أن أكرم لم يقحم نفسه في المسألة هذه المرة، ولم يربط رحيل دوكاستيل برحيله هو شخصيا عن سدة العرش الودادي، ربما نسي وعده السابق أو الأصح أنه تناسى ذلك؟!! لكن -وبغض النظر- عن عدم التزام الرئيس بوعده، أو من هو البديل المحتمل لإنقاذ السفينة الودادية، فإن سؤال المرحلة القادمة، سيكون موجها لإدارة النادي عن تأثيرات قرار الانفصال عن دوكاستيل، خاصة وأنه كان اختيارها الذي بإمكانه قيادة الفريق نحو الألقاب. ألا يعني أن هذا الاختيار كان خاطئا ؟ أليس من المفروض أن تعترف الإدارة بخطئها؟ وأن قرار استقدام كان غير مدروس ولا يتناسب مع الوداد؟ أجوبة قد نجد الجواب الشافي لها عند أكرم .!!! هذا الحديث.. سيقودنا إلى مسألة هامة، تتعلق بالاختيارات، فالوداد ما هو إلا نموذج عن اختيارات خاطئة للأندية، غير أن قيمته كناد كبير وعريق في الساحة الكروية يدعو للقلق، فسياسة الوداد منذ قدوم الرئيس الحالي لم تقدم أي شيء يذكر في ظل الانتدابات الصاروخية عند افتتاح سوق الانتقالات صيفا وشتاء، فهي تركز على جلب لاعبين جاهزين حسب الخصاص الذي يحدده مدرب الفريق، ومع على أكرم سوى الدفع، وهو ما يفسر الارتفاع المجنون في أسعار اللاعبين بالبطولة الوطنية، رغم أن أغلبهم -إن لم نقل الكل- يفشلون في قرع باب المنتخب، بالإضافة إلى ظاهرة اعتيادية ببطولتنا، وهي انتداب اللاعبين الأفارقة الذين يشكلون علامة فارقة بأندية الدوري، والنتيجة أن المسؤولين الوداديين أصبحوا يتجاهلون العناصر الشابة ولا يولون أي اهتمام بها، والعمل على إعداد لاعبين مؤهلين للصعود إلى الفريق الأول، لأن«الفلوس كاينة» فقط يجب الإشارة إلى اللاعب الجاهز «الهامبرغر»، ودعوا البقية للرئيس وكفى .!!! سياسة أكرم مشابهة إلى حد كبير ما يقوم به رئيس نادي ريال مدريد الإسباني فلونتينو بيريز الذي صرف مبالغ مالية طائلة واستقدام المدرب الذي يراه مناسبا، سياسة جعلت من ناديين كرويين أشبه بشركتين أو مقاولتين رياضيتين تسعى وراء المكاسب المالية في المقام الأول، وذلك على حساب تاريخ الناديين ومنافستهما على الألقاب محليا وقاريا.. سياسة أثبتت من خلال التجربتين أن المال والصفقات الجاهزة وحدها لا تصنع الفريق القوي والقادر على تحقيق الألقاب، إن لم يتم خلق توازن بين كافة متطلبات النادي من حيث موارده البشرية، وعلى أكرم وبيريز أيضا أن يتعلموا دروس تسييرية من(....).!!!