استفحل الشغب في الملاعب الرياضية، وتجاوز أسوارها إلى الشارع، بل وأساء إلى الممتلكات العامة وأصبح يهدد سلامة ومن المواطنين، وكل المتدخلين في الشأن الكروي من لاعبين ومدربين ومسيرين ورجال أمن... ويحدث هذا في أول موسم البطولة الإحترافية التي تراهن على الكثير من التحديات، وفي زمن دخل فيه القانون الجنائي الرامي إلى مكافحة الشغب حيز التنفيذ.. لقد تابع الجميع ما حدث في مجموعة من اللقاءات في مكناس، حيث توقف لقاء النادي المكناسي والمغرب الفاسي قبل نهايته الطبيعية لإصابة المدرب رشيد الطاوسي واللاعب عبد المولى برابح... وعاين الحضور في تلك الأمسية الرشق بالحجارة وإلقاء المقذوفات وبعض القنينات الزجاجية (الخمور)... ولم تسلم مدينة الجديدة بدورها من آفة الشغب بسبب ردة فعل الجمهور الدكالي على هزيمة فريقه أمام حسنية أكادير... وقيام بعض المحسوبين على الجماهير الجديدية بإمطار أعضاء المكتب المسير بوابل من الشتم والسب، وبالتالي من المحتمل أن تنتقل هذه القضية إلى ردهات المحاكم... كما تابعنا ما حدث في لقاء نهضة بركان مع المولودية الوجدية في ديربي الشرق.. وما أسفرت عنه من أحداث مؤسفة، حيث تم اعتقال مجموعة من الشباب عددهم تسعة ضمنهم قاصرون... فقد أصبح الشغب يخيم على مباريات أخرى في الدوري الوطني، رغم نزول القانون رقم 09-09 المتعلق بإتمام مجموعة القانون الجنائي والرامي إلى مكافحة الشغب في الملاعب الرياضية.. هذا القانون الذي قضت فصوله وقتا طويلا في النقاش قبل المصادقة والخروج إلى حيز التنفيذ... هذا القانون الذي انتبه إليه مختلف المتدخلين في تنظيم التظاهرة الرياضية ويعاقب حتى المنظمين... وتناول مختلف التجاوزات المتمثلة في الضرب والجرح والإتلاف واقتحام رقعة التباري .. ودخول الملعب بالتدليس - بالعنف أو تحت تأثير مواد مخدرة ومهلوسة.. هذا بالإضافة إلى استعمال مواد حارقة وقابل للاشتعال والأدوات المؤذية.. ويهتم هذا القانون بالجريمة الرياضية.. وحدد الإجراءات والعقوبات السالبة للحرية.. والموقوفة التنفيذ وكذا المرتبطة بالغرامات... وانتظرنا الإفراج عن هذه الترسانة من القوانين والمفروض أن تكون قد دخلت حيز التطبيق بداية شهر أكتوبر الأخير الذي يصادف انطلاق الدوري الوطني في مختلف الرياضات والأنواع الرياضية. وما يحدث داخل المنتظم الكروي يترجم قوة الشغب والفوضى وانتشار ما يشبه «السيبة» في فضاءات تحتضن أنشطة ترتكز في عمقها على التربية والقواعد الأولمبية النبيلة المحملة بأهداف التآخي والتعارف، وربط جسور المحبة والتعاون في إطار التنافس الشريف... والحديث عن الشغب يحيلنا عن الأمن الرياضي والذي لا يتحمل مسؤوليته موظفو الأمن بمختلف أنواعهم وفئاتهم، بل جميع المتدخلين إعلاما، مدربين و لاعبين مسيرين وجماهير.. وكل في موقعه مطالب بتفادي ما يحرض أو يشعل فتيل الفتنة!!؟ لأن لاعبا «نجما» يمكن أن يهيج الجماهير بالإفراط في الاحتجاج.. وحكما متحيزا أو ضعيفا يمكن أن يشعلها شغبا.. وحتى المدرب بسلوك مشين وبتعليقات نارية واحتجاج قوي أثناء المباراة، يمكن أن يحمس إلى تحريك ردود بشعة لدى المشجعين والمحبين. إن ما يحدث اليوم -وبدرجة خطيرة- يدعو إلى تكثيف الجهود وضبط النفس وتحديد المسؤوليات وتفعيل القانون تفاديا لتفشي «السيبة» في الرياضة.. لأنه بالرغم من الحملات التحسيسية التي قامت به الجامعة وكذا العديد من جمعيات المجتمع المدني في هذا الصدد لم يتم لجم هذه الظاهرة التي باتت تتفشى يوما بعد يوم يالملاعب الرياضية وخصوصا كرة القدم. إن جامعة كرة القدم يجب ان تضرب بقوة على المتسببين في أعمال الشغب على غرار ما تعرفه الملاعب الأوروبية، وخير دليل على ذلك القرار الذي اتخذه الإتحاد الهولندي بتوقيفه لأحد أنصار أجاكس لمدة 30 سنة بعد اقتحامه لأرضية ملعب أرينا واعتدائه على حارس مرمى ألكمار، وهذا في حد ذاته درس بليغ لنبذ العنف والشغب داخل الملاعب..