افتتح مساء الجمعة الماضي برواق باب الرواح بالرباط، معرض تشكيلي للفنان أحمد العمراني يعرض لوحات لأجساد ووجوه هلامية بألوان باردة يطغى عليها اللونان الترابي والأزرق السماوي. وتتضمن لوحات الفنان أحمد العمراني، الذي يمثل مدرسة تطوان منذ ستينيات القرن الماضي، ظلال وجوه وأجساد هلامية ، بحيث تبدو الصباغة وكأنها تغطي الحدود المؤطرة للأشياء، كما أن العيون تنطق بما يشبه الدهشة أو الفزع، فيما تتميز بألوان باردة وشبه منطفئة، متوسلة باللون البني والأزرق والترابي والرمادي والأخضر مع طغيان الترابي والأزرق. وتتضمن بعض اللوحات الوجه وحده، والبعض الآخر جسد فرد واحد أو جسدين أو أكثر، ولعل تيمة الزوج والأسرة حاضرة بشدة مثل حضور المرأة التي تعطي الحياة، فضلا عن عدد من اللوحات الصغيرة التي عنونها ب»20 فبراير». وعن سؤال حول هلامية وضبابية الأشكال التي رسمها، أكد أن كل فنان، إذا كان صادقا، فإن أعماله تتحول إلى مرآة له، سواء كان رساما أو كاتبا أو شاعرا، «لذا فأنا أؤيد ما قلته، خاصة أن الفنان بشكل عام له حساسية مرهفة وسريع التأثر بما يحيط به، فهذه الوجوه والشخصيات التي خلقتها يمكن أن أقول أنها هي أنا». أما عن الألوان، فقال إن الألوان تخرج وفق نفسيته ولاوعيه، فاللوحة هي مرآة الفنان كما قال، وطغيان اللونين البني والأزرق السماوي، قد يعود إلى كونه ابن مدينة تطوان الساحلية وتأثره بلون الأرض الترابي ولون البحر والسماء، وربما كان الأزرق يمثل بالنسبة له بصيص الأمل الموجود في الأفق. وتذكر في ما يشبه الحنين، تلك المرحلة في أواسط الستينات، وبالضبط في 1965 عندما أنهى دراسته بجامعة كومبلوتينسي بمدريد، وعاد إلى مدينته تطوان وهو يتساءل آنذاك عن ماذا سيرسم؟ ولمن سيرسم؟ وكيف سيرسم؟ وهي أسئلة مشروعة في تلك المرحلة، بالنظر إلى غياب كل شيء، أمكنة العرض ووسائل الرسم والجمهور أو المتلقي المهتم، ومن تم بدأ بحثه مع الرعيل الأول في التراث المغربي وبالضبط في الصناعة التقليدية، وكيف كان الصناع التقليديون يصبغون الخشب والمخطوطات، مكتشفين الصباغة بالرمان والزعفران وما إلى ذلك. وأضاف أنه من بين مؤسسي معرض الربيع، الذي كان يقام في ساحة الفدان بتطوان، وأن المعرض انطلق بأربعة أشخاص وانتهى بخمسة دول، وبعد توقف هذه التجربة، بدأت مرحلة «راس الحانوت» التي ضمت فنانين إسبان ومغاربة وفلسطينية وفرنسية، تلاها تأسيس معهد الفن الحديث بين الصويرة وأسفي يدعى «إيفيتري» ثم مدرسة تطوان للفن التشكيلي التي أسسها أربعة فنانين تشكيليين قدماء هم المرحوم مكي امغارة وسعد بن سفاج وأطاع الله وأحمد العمراني. وسبق للفنان أحمد العمراني أن نظم منذ 1957، عدة معارض فردية وجماعية داخل المغرب وخارجه، خاصة في المغرب وإسبانيا والشيلي وفرنسا والسودان والبرازيل وبلجيكا والعربية السعودية ومصر والولايات المتحدةالامريكية. ويستمر هذا المعرض الذي حضرت افتتاحه شخصيات مغربية وإسبانية من كتاب وسينمائيين وفنانين تشكيليين وعدد من المهتمين ونساء ورجال الإعلام، إلى غاية 05 يناير المقبل.