لحظة وفاء وتمجيد لمهنة عريقة أعلنت لجنة تحكيم الجائزة الوطنية الكبرى للصحافة، خلال حفل نظم أول أمس الإثنين بالرباط، عن أسماء الفائزين بجائزة الدورة التاسعة المنظمة بمناسبة اليوم الوطني للإعلام الذي يصادف يوم 15 نونبر من كل عام. وقد أعلن خلال هذا الحفل، الذي ترأسه وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، خالد الناصري، وتميز بحضور رئيس الحكومة المعين عبد الإله بنكيران، عن أسماء الفائزين في أصناف التلفزة والإذاعة والوكالة والصحافة المكتوبة، بالإضافة إلى جائزة الصورة والجائزة التكريمية. وفي كلمة له بالمناسبة، أكد خالد الناصري على أن هذه الجائز التي بادر بإحداثها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ترسخت كتقليد إيجابي، في حياة المهنة والمهنيين، وأصبحت تمكن من التوقف، ولو للحظة قصيرة، من أجل تمجيد مهنة عريقة، وأيضا من أجل استعراض الحصيلة، واستشراف المستقبل، وهي أيضا، مناسبة، بحسب الوزير، يتم من خلالها تجديد العزم على مواصلة البناء من أجل «تمكين بلادنا من إعلام حر ونزيه، خليق بتجربتنا الديمقراطية الرائدة، والتي تمثل فيها قيم حرية الصحافة ركنا أساسيا لا غنى عنه» يقول الوزير الذي أوضح أن المغرب قطع أشواطا مهمة على درب النهوض بهذا القطاع الحيوي من خلال إعادة تنظيم المشهد الإعلامي الوطني وتأهيل مؤسساته ودعمها، والعناية بأوضاع الموارد البشرية والرفع من شأنها، وكل ذلك على أساس المبادئ الديمقراطية الكونية القائمة على التعددية والحرية والمسؤولية. وأشار الناصري إلى أن الوضعية الراهنة لقطاع الصحافة والإعلام بالمغرب، تؤهله للاضطلاع بدوره كاملا في هذه المرحلة الدقيقة من مسار تطور تجربتنا الديمقراطية الغنية والمفتوحة على آفاق رحبة حتى يصبح هذا القطاع فاعلا رئيسيا في التأسيس للعهد الدستوري الجديد. وفيما يشبه جردا لحصيلة الحكومة في قطاع الإعلام والصحافة، ركز الناصري في كلمته على كل القطاعات الإعلامية في شقها المرئي والمسموع وكذا المكتوب، واصفا الخطة التي انتهجتها الحكومة في هذا المجال ب «الجرئية» في مباشرة الإصلاحات، مما مكن المغرب، بحسبه، من التوفر على منظومة إعلامية حديثة تقوم على التعددية المؤدية إلى التنافسية، ورفع منسوب الجودة، مع تطوير البث الرقمي، والتوظيف المشترك للإمكانيات والموارد بالنسبة للقنوات العمومية، مسجلا صدارتها فيما يخص نسبة المشاهدة المسجلة على الصعيد الوطني. وتحدث الوزير، عن الدعم المالي المخصص للصحافة المكتوبة، قصد تأهيلها، مع حصر ذلك بشرط احترام المؤسسات للاتفاقية الجماعية المبرمة بين هيآت الناشرين، والصحفيين، مضيفا أن الحكومة تتوفر على قانون للصحافة والصحافيين المهنيين، مبرزا وظيفة المجلس الوطني للصحافة، من أجل فض النزاعات قبل عرضها على القضاء، حيث التمس صحافيون الكف عن اعتقالهم وملاحقتهم قضائيا في قضايا النشر. من جانبه، ذكر محمد مماد رئيس لجنة التحكيم، أن هذه الأخيرة اقترحت على الهيئة المشرفة عن الجائزة الكبرى للصحافة، إضافة جائزة خاصة باللغات الأجنبية الفرنسية، والإسبانية، والإنجليزية، وكذا إفراد جائزة خاصة للغة الأمازيغية، بالإضافة إلى إعادة النظر في طريقة مباشرة من يستحق الجوائز، ليس عبر تقديم مواد ومواضيع، لانتقائها الأجود منها، ولكن عبر مقاربة أخرى متكاملة. وأكد مماد أن هذه اللحظة تعد فرصة لإبراز أهمية ودور الجسم الصحفي والإعلامي بالمغرب، خاصة في «ظل أجواء تعززت فيها حرية التعبير وترسخت فيها قيم المهنة»، داعيا إلى الارتقاء بمهنة الصحافة إلى المستوى الذي تتمكن فيه من مواكبة التحولات الجارية، مضيفا أن أعضاء لجنة التحكيم تقيدوا بمعايير النزاهة والشفافية، وهم يتداولون في ما قدم لهم من مواضيع متنوعة للمرشحين، باعتبارها قيما مشتركة في المشهد الإعلامي. وشهد حفل تسليم الجوائز على الفائزين، لحظات مؤثرة، خاصة خلال تلك اللحظات التي صعدت فيها الإعلامية البارزة أمينة السوسي، والإعلامي المخضرم عبد اللطيف جبرو، إلى منصة التكريم، حيث توجا بجائزة تقديرية على العمل الذي قاما به طيلة مشوارهما الإعلامي، كانت لحظات عرفان وتقدير لإعلاميين طبع مسارهما البذل والعطاء في سبيل المهنة. كما تميز الحفل بالصعود المفاجئ لرئيس الحكومة المعين عبد الإله بنكيران الذي أصر على معانقة أستاذه السابق الصحافي والكاتب محمد بوخزار عضو لجنة التحكيم، حيث عانقه بحرارة أمام تقدير الجميع، كما وجه رئيس الحكومة الجديد التحية لأعضاء لجنة التحكيم وللجسم الإعلامي والصحفي، في إشارة قرأها المتتبعون، برغبة عبد الإله بنكيران في مد جسور للتواصل مع الجسم الإعلامي. إلى ذلك، أعلنت لجنة تحكيم الجائزة الوطنية الكبرى للصحافة عن أسماء الفائزين بجائزة الدورة التاسعة، حيث منحت الجائزة خلال هذا الحفل في صنف «التلفزة» لياسين عمري عن تحقيق أنجزه في موضوع « تندوف.. تهريب للإنسانية» بالقناة الأولى. وعادت جائزة أحسن عمل إذاعي، مناصفة للصحافيين محمد الغيداني عن برنامج ثقافي توثيقي بعنوان «الأذن الذاكرة» خاص عن عبد النبي الجراري، والحسين الخباشي من إذاعة طنجة عن مجلة إذاعية بعنوان «الطريق إلى الحياة». وفاز بجائزة «الصحافة المكتوبة» مناصفة الصحافيان يوسف جليلي من أسبوعية «أوال» عن تحقيق ميداني في موضوع «أسبوع داخل دولة الوهم.. تحقيق بمخيمات تندوف»، وصلاح الدين لمعيزي من مجلة «لوبسيرفاتور دي ماروك»، عن روبورتاج بعنوان «الشمال يتعاطى الهيروين». ونال جائزة الوكالة هذه السنة مناصفة الصحافيان نور الدين حساني، وعبد اللطيف أبي القاسم من وكالة المغرب العربي للأنباء، الأول عن روبورتاج بعنوان «رحلة رمضان الروحية.. مغامرة شاب مغربي عبر 30 مسجدا بفرنسا»، والثاني عن استطلاع صحفي بعنوان «أطفال القمر بالعيون: تلاميذ خانتهم شمس النهار فأصروا على طلب العلم في جنح الظلام». وعادت جائزة أحسن صورة صحفية لهذه الدورة، مناصفة للصحفيين محمد وراق من يومية «الأحداث المغربية»، وأحمد بوسرحان من صحيفة «لانوفيل تريبون».