خبراء: خيار الحرب قائم واحتلال دمشقوسيناء غير مستبعد كشفت تسريبات عبرية النقاب عن ما وصفته باستعداد جبهات في منطقة الشرق الأوسط للضلوع في حرب إقليمية في الفترة ما بين منتصف ديسمبر الجاري، لتنتهي في أواخر يناير المقبل، ورغم انعدام الأدلّة التي تحدد أسباب إشارة التسريبات إلى هذا التوقيت، إلا أنها وضعت 4 أسباب ارتأت أنها تؤهل إلى اندلاع الحرب التي يدور الحديث عنها. 4 تطورات تحدد أسباب المواجهة الوشيكة تشير التسريبات إلى أن سوريا وإيران وإسرائيل ستشكل ثلاثة أضلاع في المواجهة العسكرية الإقليمية، فضلاً عن جبهات ثانوية، تتمثل في حزب الله والفلسطينيين في قطاع غزة (حماس). أما عن أسباب اقتراب المواجهة، فأرجعتها دوائر إستراتيجية إسرائيلية إلى 4 تطورات جديدة، أولاً: المناروات العسكرية غير المسبوقة، التي أجراها جيش بشار الأسد بمختلف قطاعاته في بداية الشهر الجاري في شرق سوريا، وتحديداً في منطقة متاخمة لمدينة تدمر، فلم تكن تلك المناورات، بحسب الدوائر الإسرائيلية تقليدية، أو كانت مناورات على إطلاق الصواريخ، كما ورد ذلك في تقارير الصحافة العالمية والعربية. وإنما استهدفت المناورات - وفقاً لبيان الجيش السوري الصادر في الرابع من الشهر الجاري (بعد إجراء المناروات بيوم واحد) -الاستعداد للظروف والملابسات التي تحيط بسوريا، والتي تلوح بوقوف المنطقة على شفا حرب إقليمية، وجرت المناورات لقياس مدى جهوزية الجيش السوري للحرب الوشيكة، وتحديد مدى قدرته على صدّ أي هجوم مباغت. وعن هوية المناورات السورية ونوع الأسلحة المستخدمة فيها، نقلت التسريبات عن دوائر استخباراتية عسكرية في تل أبيب قولها: «تبين من خلال فحص أشرطة الفيديو، التي التقطت مشاهد حية من المناورات السورية، أن هذه المناورات جرت على أربع مراحل، كان إطلاق الصواريخ فيها جزءاً ضئيلاً، إذ تم التدريب على عشرات المدافع المتحركة، التي يبلغ قطر قذيفتها 120 مليمتراً، وتدريب الفرق العسكرية المعنية بإطلاق القذائف مختلفة القُطر، ومنها قذائف يتراوح قطرها ما بين 300 إلى 600 مليمتراً. أما في ما يتعلق بالحركة الهجومية في تلك المناورات، فقامت بها فرق المدرعات السورية، التي عززها إطلاق الصواريخ (أرض ? أرض) ذات مدى يتراوح بين 150 إلى 200 كيلومتراً، وذلك للحيلولة دون تمكين جهات معادية من حشد قواتها البرية داخل أعماق الأراضي السورية». أما السبب الثاني، الذي أرجعت إليه التسريبات العبرية اقتراب الحرب الإقليمية، فيكمن في الراد الإسرائيلي غير المباشر على المناورات السورية، إذ أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق مناحم بن غوريون (مؤسس الدولة العبرية) اتخذ قراراً بإعلان قيام إسرائيل رسمياً عام 1948، ورغم التحذيرات التي تلقاها من إمكانية أن يؤدي هذا القرار إلى اندلاع حرب إقليمية في المنطقة، وقد تسفر تلك الحرب عن حشد الجبهات العربية هجوماً على إسرائيل، إلا أنه تحمل تبعات قراره، وخاض الحرب التي حقق فيها النصر، وتمكن من تمرير قراره بنجاح. وأضاف نتانياهو في سياق كلمة ألقاها بمناسبة إحياء ذكرى مؤسسي الدولة العبرية: «إن ما يقرب من 63 دولة على مستوى العالم، أجمعت على ضرورة منع بن غوريون من قراره، تفادياً لحرب إقليمية ضد إسرائيل، وأنه لولا هذا القرار الصعب لما كانت إسرائيل قد فرضت نفسها على منطقة الشرق الأوسط». هجوم غير مسبوق من الإدارة الأميركية اعتبر محللون في إسرائيل خطاب نتانياهو تلميحاً مباشراً، لاحتمالات قوية بخوض إسرائيل حرباً، تكون فيها طرفاً قبالة جبهات إقليمية أخرى، ومن المؤكد أن تكون إيران وسوريا وحزب الله وحماس في قطاع غزة طرفًا فيها. وقال المحللون في تصريحات لصحيفة معاريف العبرية، إنه إذا كان بن غوريون واجه اعتراضات من الخارج على قراره إعلان دولة إسرائيل، ومن انطوى على هذه الحرب من مواجهات مع جبهات عربية في حرب 1948، فيواجه نتانياهو حالياً اعتراضات من الداخل على اتخاذ قرار بالمبادرة بالحرب، سواء ضد إيران أو سوريا أو أي من الجبهات الإقليمية الأخرى. الدليل الثالث على اقتراب المواجهة الإقليمية الوشيكة، بحسب التسريبات العبرية، فيدور حول الهجوم غير المسبوق، الذي وجّهته الإدارة الأميركية خلال الأسابيع القليلة الماضية إلى إسرائيل، على خلفية ما يصفه البيت الأبيض بتحول الدولة العبرية إلى دولة أكثر يمينية وتطرفاً. وفي وقت لم تتطرق الإدارة الأميركية في انتقاداتها لحكومة تل أبيب إلى الفلسطينيين، وصفت حكومة نتانياهو بتعمدها قمع جهازها القضائي وممارساتها غير المسؤولة ضد حقوق مواطنيها من النساء والأطفال، وربما كانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون دليلاً على حدة لهجة انتقادات واشنطن لحكومة الليكود، عندما وصفت إسرائيل بالعنصرية وتعمّدها التفرقة بين حقوق الرجل والمرأة في المواصلات العامة، وفي الحي رقم 120 في القدسالشرقية، وفي عدد آخر من أحياء منطقة «بني براك» المتاخمة لمدينة تل أبيب. وتفسر الحكومة الإسرائيلية انتقادات الإدارة الأميركية المباشرة بأنها خطوة على مسار تباعد التنسيق بين الدولتين في أية مواجهة إقليمية مرتقبة في المنطقة، ولعل ما يؤكد ذلك، بحسب دوائر سياسية في تل أبيب، تأكيد الرئيس الأميركي باراك أوباما أن تل أبيب لن تبلغ واشنطن بساعة الصفر، التي قد تعتزم فيها توجيه ضربة عسكرية إلى إيران أو غيرها من «الجبهات الساخنة» في منطقة الشرق الأوسط. أما السبب الرابع لاندلاع الحرب، التي يدور الحديث عنها، فيعود، بحسب التسريبات العبرية، إلى التمركز غير المسبوق للحشود العسكرية البحرية الأميركية قبالة السواحل السورية والإيرانية. فعلى الرغم من أن واشنطن حاولت التلميح إلى وقوف حاملة الطائرات «جورج بوش» عند المدخل الغربي للبحر الأبيض المتوسط، وتحديداً قبالة مدينة ميرساي، إلا أن أجهزة التعقب رصدت وقوف «جورج بوش» قبالة السواحل السورية، كما حشدت قواتها الهجومية المعروفة ب «كارل وينسون» قبالة السواحل الإيرانية. سيناريو الحرب الإقليمية قائم وفي محاولة من «إيلاف» لاستنطاق خبراء في الشأن الإسرائيلي والاستراتيجي للتعليق على التسريبات العبرية، أكد الدكتور طارق فهمي رئيس وحدة إسرائيل في المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، أن حديث إسرائيل عن الحرب الإقليمية لا يبعد كثيراً عن الواقع، الذي ربما تشهده المنطقة في المستقبل القريب. وأضاف الدكتور فهمي في حديث خاص ل «إيلاف»: «التسريبات العبرية صحيحة على أكثر من مستوى، إذ تشير كل التقديرات الغربية والإقليمية إلى أن سيناريو الحرب الإقليمية قائم، وأن قيام إسرائيل بتوجيه ضربة إلى منشآت إيران النووية، وتحييد سوريا والتنظيمات التي تسمّيها إسرائيل ب(المارقة)، مثل حزب الله في الجنوب وحماس في قطاع غزة، سيفرض نفسه على الدولة العبرية قبل الشروع في ضرب إيران. ولم يعد السؤال هل ستخرج الحرب، التي يدور الحديث عنها إلى حيز التنفيذ؟، وإنما السؤال الأكثر أهمية هو ما توقيت هذه الحرب؟، الأمر الذي لا يعني أن اندلاع الحرب بات أمراً محتوماً، خاصة بالنسبة إلى إسرائيل». في ما يتعلق باستعدادات إسرائيل لتلك الحرب، فتؤكد المؤشرات وتقارير الرصد الاستخباراتية، بحسب حديث الدكتور طارق فهمي مع «إيلاف»، أن إسرائيل أجرت منذ شهر مارس الماضي فقط 6 مناورات عسكرية، بهدف قياس مدى جهوزية الجبهة الداخلية في تل أبيب لحرب وشيكة. الأكثر من ذلك أن إسرائيل أجرت مناورة عسكرية فريدة من نوعها، وهي المناورة المعروفة ب(تحول5)، وأكد الدكتور فهمي ل «إيلاف»: «هذه المناورة مناورة حرب كاملة، وتعود بالأساس إلى التصور الإسرائيلي لاحتمالات اندلاع حرب على مختلف الجبهات المحيطة بإسرائيل، بما في ذلك مصر في أعقاب الربيع العربي، الذي اجتاح معظم هذه الدول. وعكفت الدوائر السياسية والعسكرية والإستراتيجية في إسرائيل على قياس قدرة الأطراف الإقليمية على اندلاع هذه الحرب، وكان أول المطالبين بالاستعداد لتلك الحرب عضو الكنيست وزير الدفاع السابق بنيامين بن اليعازر، رئيس لجنة الخارجية والأمن البرلمانية شاؤول موفاز، ومستشار نتانياهو لشؤون الأمن القومي يعقوب عاميدور». أما في ما يتعلق بتوقيت الحرب الإقليمية المرتقبة، الذي تحدثت عنه التسريبات العبرية، فيشير الخبير الاستراتيجي أحمد عز الدين إلى أن التوقيت غير معلن، وما تحاول التسريبات العبرية إثارته حول التوقيت لا يخرج عن إطار نظرية «الخداع الاستراتيجي». وفي تصريحه الخاص ل»إيلاف» قال عز الدين: «على الرغم من ذلك، هناك توقيتات لن تتوانى إسرائيل عن استغلالها للمبادرة بالحرب، سواء ضد سوريا أو إيران، أولها المرحلة الانتقالية خلال انتخابات الرئاسة الأميركية، فالبيت الأبيض حينئذ سيكون منشغلاً بالانتخابات وما يترتب عليها من بقاء باراك أوباما لفترة رئاسة جديدة، أو استقبال البيت الأبيض لرئيس جديد. ولعل إسرائيل تدرك أن هذا المناخ سيحول دون تدخل الإدارة الأميركية بشكل كامل في قرارات تل أبيب، ثانياً: استمرار حالة الشد والجذب على مسار الملف السوري، وعدم التوصل إلى آليات لوضع حل جذري للمشكلة، ثالثاً: إطالة عملية الانتقال السلمي للسلطة في مصر من الجيش إلى المدنيين، فتل أبيب تعلم أن إطالة هذه المدة، ستزيد من حالة الفوضى في الشارع المصري، وقد يترتب على ذلك سخونة تهدد استقرار الحدود المصرية مع إسرائيل». منطقة إسرائيلية عازلة في سيناء في مداخلة من الدكتور طارق فهمي حول فرضية ضلوع الجبهة المصرية في الحرب الإقليمية المرتقبة أكد ل»إيلاف»: أن «هناك تيارات داخل إسرائيل تنادي بضرورة التعامل مع الجبهة المصرية عسكرياً، وينصبّ هذا التوجه على محور استراتيجي، وهو احتلال جزء من أرض سيناء، لتكوين منطقة عازلة داخل شبه الجزيرة المصرية، فتتوغل فيها إسرائيل لمسافة تتراوح بين 8 إلى 10 كيلومتراً. ولعل ذلك هو ما طالب به مستشار نتانياهو لشؤون الأمن القومي يعقوب عاميدور، ومناداته بحاجة إسرائيل إلى عمق استراتيجي في الأراضي المصرية، كما إن إسرائيل قد تستغل ما تمرّ به مصر من ظروف سياسية وأمنية بالغة التعقيد لتمرير تلك الإستراتيجية، على الرغم من ذلك فإن الأصوات الإسرائيلية حيال مصر متوازنة بدرجة كبيرة، ومن سيحدد ضلوع مصر في الحرب الإقليمية هو رئيس الوزراء الإسرائيلي ومستشاروه المقربون منه». في ما يتعلق بردود فعل الداخل الإسرائيلي على احتمالات انطلاق الشرارة الأولى للحرب الإقليمية من إسرائيل، يؤكد الخبير الاستراتيجي أحمد عز الدين في حديثه الخاص ل»إيلاف»: أن «الأكثرية في إسرائيل تؤيد الخروج للحرب، وفرض سياسة الأمر الواقع على القوى الإقليمية. إذ يرى أقطاب المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أن الحرب آتية لا محالة، فينبغي أن تذهب إسرائيل إلى ما يؤمنها، خاصة أن الإدارة الأميركية تتبنى سياسة (البطة العرجاء) حيال ما يجري في منطقة الشرق الأوسط خاصة على المسارين الإيراني والسوري، وربما يعضد التوجّه الإسرائيلي ظهور جيل جديد من القادة العسكريين من أمثال بني غانتس قائد أركان الجيش، ويمكن القول إن إسرائيل جددت خلال فترة قصيرة للغاية ما يقرب من 32 قيادة عسكرية واستخباراتية». وفي حديثه الخاص ل»إيلاف»، خلص الدكتور طارق فهمي رئيس إدارة إسرائيل في المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، إلى أن قدرة إسرائيل العسكرية تمكنها من خوض المعارك في فترة زمنية محددة قبالة أربع جبهات إقليمية، فيمكنها تحييد الجبهة السورية في 11 يوماً، وحسم موقفها العسكري بالنسبة إلى إيران في 17 يوماً. بينما تتراوح مهمتها في خلق منطقة عازلة في شبه جزيرة سيناء بين 15 إلى 20 يوماً، وستبدأ معاركها وفقاً لتصور خبير الشؤون الإسرائيلية طارق فهمي بقصف مدن قناة السويس، فضلاً عن مواقع إستراتيجية أخرى، ولن يختلف الحال كثيراً مع سوريا، حيث ستركز إسرائيل قصفها على مدن محورية، مثل حمص وحلب ودمشق، فضلاً عن سيناريو إسرائيلي آخر في التعامل مع سوريا، وهو احتلال مدينة دمشق عينها، لتفويت فرصة هيمنة تنظيمات راديكالية في السيطرة على الأوضاع في اليوم الذي يلي سقوط نظام الأسد».