جلالة الملك يعزي في وفاة شمعون ليفي نبيل بنعبدالله: الفقيد ساهم مساهمة أساسية في تطوير التراث الفكري والإيديولوجي لحزب التقدم والاشتراكية عبد الإله بنكيران: الفقيد رجل الكلمة استوعب ماذا يعني أن يكون الإنسان يهوديا مغربيا وشرف هذا الانتماء إسماعيل العلوي يبرز تكريس الراحل حياته في الدفاع عن حقوق الكادحين سياسيا ونقابيا تم مساء أول أمس الأحد بالمقبرة اليهودية بالدار البيضاء، تشييع جثمان المناضل التقدمي الكبير الراحل شمعون ليفي، الأمين العام لمؤسسة التراث الثقافي اليهودي المغربي، وأحد أبرز قادة حزب التقدم والاشتراكية واليسار التقدمي المغربي إلى مثواه الأخير في جو مهيب وطقوس وترتيبات تعكس درجة تجذر الهوية والثقافة اليهودية في التربة المغربية. وقد حضر مراسيم التشييع، نبيل بنعبدالله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية وإسماعيل العلوي رئيس مجلس رئاسة حزب التقدم والاشتراكية، وأعضاء من الديوان السياسي واللجنة المركزية للحزب ، وعشرات المناضلين والمناضلات من جهات مختلفة من البلاد ، بالإضافة إلى أفراد عائلة الفقيد وأندري أزولاي وعمر عزيمان مستشاري جلالة الملك، و محمد اليازغي القيادي الاتحادي ووزير الدولة، وعبد الرحمان اليوسفي الوزير الأول السابق ، وعبد الإله بنكيران رئيس الحكومة المعين، ومحمد الصبار الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان. وحضر هذه المراسيم أيضا ممثلو منظمات من المجتمع المدني وهيئات حقوقية وهيئات دبلوماسية وعدد من أفراد الطائفة اليهودية المغربية ورموزها. وفي كلمته التأبينية بالمناسبة، قال الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية» بأسى وحزن عميقين نقف اليوم لتشييع الراحل إلى قلوبنا ووجداننا، أحد رجالات حزب التقدم والاشتراكية الكبار،ا لمناضل التقدمي ...الرفيق شمعون ليفي». وأضاف» لقد انخرط فقيدنا، مند شبابه في النضال السياسي حيث ساهم بدور حاسم في المعارك التي خاضها شعبنا، فكان له عطاء وافر في مجال إسهام الطلبة المغاربة في معركة الاستقلال، وكان من المؤسسين للاتحاد الوطني لطلبة المغرب». مبرزا بكل تأثر، أن «الفقيد ساهم كأستاذ للغة الإسبانية في ثانويتي مولاي الحسن ومحمد الخامس بالدار البيضاء في تكوين التلاميذ وتوجيههم خلال الستينات من القرن الماضي، وبعد ذلك ساهم بشكل متميز في تربية وتكوين أجيال من الطلبة والباحثين كأستاذ للأداب بكلية الأداب العلوم الإنسانية بالرباط ،وأنه بموازاة مع عمله كمربي من طراز رفيع كان الفقيد وجها بارزا في الحركة النقابية داخل صفوف مركزية الاتحاد المغربي للشغل ،وظل مدافعا عن الوحدة النقابية وعن مطالب ومصالح رجال التعليم والشغيلة بصفة عامة». واستطرد الأمين العام للحزب « تبوأ الرفيق شمعون مكانة مرموقة ، إذ عرف عنه إسهامه الكبير في تكوين أجيال من المناضلات والمناضلين والقيادات والقياديين لحزب التقدم والاشتراكية كما أمتاز شمعون ليفي بعطائه الفكري الغني، إلى جانب ثلة من قادة الحزب،حيث ساهم في بلورة وتدقيق المواقف السياسية لحزبه، وبالمستوى الرفيع لمقالاته الصحفية في جرائد :لاناسيون، الجماهير، المكافح، الكفاح الوطني والبيان». وأشار إلى مواقف الفقيد الثابتة خلال مساره النضالي المتحرك والاستثنائي، بقوله» لقد أدى الرفيق ثمنا غاليا لتخندقه دفاعا عن مواقفه ومواقف حزبه النضالية من أجل الحريات الديمقراطية والعدالة الاجتماعية إذ تعرض إلى شتى صنوف القمع والمضايقات كان أشدها تعسفا اعتقاله خلال أحداث مارس 1965 بالدار البيضاء،حيث تم التنكيل به على نحو وحشي،وعوقب بسنوات من العزل المهني، كان وقعها على نفسه أكثر قساوة من تكسير عظامه في مخافر الشرطة ،لأنه لم يكن ليقبل أن يحرم من حقه في تأدية واجبه العلمي والتكويني». وبخصوص نشاط شمعون ليفي وإسهاماته الجريئة في تطوير الفكر الاشتراكي ونشر ثقافة الوحدة والتحالف بين القوى الديمقراطية المغربية ، قال الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية « ساهم الفقيد مساهمة أساسية في تطوير التراث الفكري والإيديولوجي لحزب التقدم والاشتراكية، وانتحب مستشارا جماعيا في عين الذئاب بالدار البيضاء، حيث شكل مع المرحومين عزيز بلال ومصطفي القرشاوي ومجموعة من المستشارين المناضلين وضمنهم الرفيق بدري الغالي، فريقا سهر على إنجاح تجربة تقدمية للتسيير الجماعي، تجربة نموذجية وتستحق أن تكون مثالا يحتذى به وتبوأ الراحل في تنسيق وثيق مع القيادة الفلسطينية، مكانة متميزة في الدفاع عن الشعب الفلسطيني، وحقه المشروع في دولة مستقلة ذات سيادة وقابلة للحياة، وذلك إلى جانب نضاله الأممي المتواصل في نصرة قضايا الشعوب بمختلف أرجاء المعمور.كما وقف بنعبد الله في كلمته التأبينية عند الإسهامات الفكرية لشمعون ليفي، حيث قال « كان للفقيد أيضا إسهام فكري وافر ودور عملي ملموس وهو بالتأكيد متميز وحاسم في لم شمل المغاربة اليهود عبر العالم، ودفعهم للدفاع عن قضية بلدهم الوطنية ،والاعتناء بثقافتهم وهويتهم في إطار من الانفتاح والحوار في ما بينهم ومع الآخرين». وأضاف، أن هذا التوجه أثمر نتائج إيجابية لعل أسطعها إنشاء المتحف اليهودي المغربي بالدار البيضاء وهو متحف فريد من نوعه على صعيد العالم الغربي كله، وشكل قطب الرحى في العمل الجبار الذي أنجزه شمعون ليفي في أواخر حياته الحافلة بالبذل والعطاء لإحياء هذا الجزء الهام من التراث والهوية المغربيتين. فيما تميزت الكلمة التأبينية لإسماعيل العلوي رئيس مجلس رئاسة حزب التقدم والاشتراكية، بمشاعر تفيض بالحب الصادق والإخلاص لروح الفقيد شمعون ليفي الذي كافح من أجل مغرب الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية، إذ قال « نحن ملتئمون وقلوبنا مكلومة حول نعش شمعون ليفي، ذلكم المناضل الفذ الذي لم يخش في يوم من أيام حياته لومة لائم..أجل لقد كان شمعون رجلا بكل ما للكلمة من معنى ، كان نبراسا أنار طريق العديد من المناضلين والمناضلات في مختلف مناحي الحياة الحزبية السياسية والنقابية والاجتماعية والثقافية التربوية ، لقد كان فقيدنا مكافحا على الدوام ، مناصرا لقضايا شعبه ووطنه مضحيا بالنفس والنفيس متحملا كل الأعباء التي تعترض سبيل المناضلين، فذاق مرارة التنكيل والتعذيب على أيدي جلاديه سنة 1965 وحاول البعض أن يعرضه للإقصاء في مساره المهني، لكنه بقي صامدا في وجه كل الأعداء والخصوم فكان النصر حليفه وحليف شعبه في نهاية المطاف». وأضاف إسماعيل العلوي من خلال كلمته التي تحمل أكثر من معنى،» أن شمعون ليفي كرس حياته للدفاع عن حقوق الكادحين سياسيا ونقابيا وجعل من العدالة الاجتماعية التي مافتئ حزبه ينادي بها وإليها، حجر الزاوية لكل أنشطته إذ كان مناضلا صبورا من أجل المساواة بين مواطني البلد الواحد مهما كان جنسهم أو عرقهم أو معتقدهم». وذكرا بأن الفقيد هو من كلف بصياغة ما يعرف في تاريخ الحزب ب/الكتاب الأبيض/ في السبعينيات من القرن الماضي، الذي جعل التقدم والاشتراكية من رواد الفكرة المؤكدة على تنوع روافد كينونتنا والمبرزة لأصولنا الأمازيغية ولمدى غنى وثراء حضارتنا وثقافتنا الأمازيغيتين، مبرزا في نفس الوقت، أن هذا النهج استمر إلى آخر لحظة من حياته مسجلا بالوثائق المكتوبة والمنحوثة وبالمتروك الشفوي والأثري العمراني، مكانة المغاربة اليهود في بناء صرح ثقافتنا الوطنية وتاريخنا المجيد. ولم تقتصر كلمة إسماعيل العلوي على الحديث عن الرصيد الذي راكمه الفقيد من خلال نضالاته على المستوى الوطني، بل وقفت عند مناصرته لكفاحات الشعوب من أجل الانعتاق والحرية، من خلال ذكره ما ميز الفقيد من دعم للشعب الفلسطيني وتنديد بالصهيونية المدمرة ليس لكيان الشعب الفلسطيني فحسب،بل المدمرة لكيان شعوب كثيرة ومنها شعبنا. وقال إسماعيل العلوي،» كان الفقيد رحمه الله ، يرفض بقوة كل أنواع الحيف والإقصاء والعنصرية من أي نوع كانت، لقد كان شمعون ليفي مستميتا في الدفاع عن آرائه وتصوراته مع رفاقه ومع الغير، لكن هذه الاستماته التي كان البعض يشمئز منها ، لم تكن أبدا تشبثا أعمى بأفكار أو مواقف إذ كان فقيدنا بعيدا كل البعد عن الدوغمائية والتحجر الفكري بل كان على الدوام محترما للآخر ولأراء الآخر ومنفتحا على كل جديد. ولا غرابة في ذلك حيث كان فقيدنا مربيا ومكونا ممتازا استفاد من دروسه وممارسته العديد من الرفاق. وأكد إسماعيل العلوي، أن شمعون ليفي الذي غادرنا إلى دار البقاء ستبقى بصماته خالدة بين صفوف رفاقه وحزبه وستبقى كذلك بين صفوف طلبته، داعيا بالمناسبة، أسرة الفقيد للعمل على إصدار مضمون أطروحته المتعلقة باللهجات المغربية اليهودية. وأشاد مستشار جلالة الملك أندريه أزولاي من جهته ، في كلمة تأبينية بهذه المناسبة، بمناقب الراحل شمعون ليفي وسيرته التي تميزت بنضاله الوطني من أجل أن يتبوأ المغرب مكانته اللائقة في المجموعة الدولية، معربا عن امتنانه العميق للفقيد لما تعلمه منه من قيم، وكذا الدور الذي اضطلع به في إذكاء الروح الوطنية والاعتزاز بالانتماء إلى المغرب. وبعدما أعرب عن أسفه لفقدان الراحل الذي عرف بالتزامه وصرامته تجاه العديد من القضايا الأساسية لوطنه، منذ أن كان عضوا نشيطا في الحركة الوطنية، أشار أزولاي إلى الدور العلمي للفقيد واهتمامه بالتنوع الثقافي للمغرب ومكانة اليهود في تاريخه، داعيا إلى ضرورة العمل على الحفاظ على التراث والقيم التي خلفها الفقيد. و أشادت كلمات ليلى شهيد مندوبة فلسطين لدى الاتحاد الأروبي، بتضامن الراحل شمعون ليفي مع الشعب الفلسطيني ومناهضته للحركة الصهيونية، وقالت في كلمة ،بعثتها تعزية في وفاة الفقيد الكبير، « كان سيمون ليفي وطنيا مغربيا، دافع دائما عن الهوية الوطنية وثقافتها وجذورها العبرية إضافة إلى تضامنه القوي مع حقوق الشعب الفلسطيني». وأضافت» في الوقت الذي تفتح فيه الانتفاضات في العالم العربي الباب أمام تطلعات الديمقراطية للمجتمعات المدنية لدول البحر الأبيض المتوسط، من المغرب مرورا عبر تونس ومصر وسوريا ،فإن المساهمة الثقافية والنضالية والسياسية لشمعون ليفي، سوف نفتقدها، إن الأفكار المثلى التي ناضل من أجلها طيلة حياته لدى رفاقه وإخوانه سوف تبقى خالدة بجهودنا». وأجمعت كل الشهادات والكلمات الأخرى المقدمة من طرف عدد من الشخصيات في حق شمعون ليفي، والتي حضرت لتشييع جثمانه إلى مثواه الأخير، على انه برحيل الفقيد نفقد اليوم مناضلا ساهم بنضاله في بناء مغرب الاستقلال والحرية، ورجلا سياسيا تميز بتحاليله الدقيقة وبعطاءاته الوفيرة في المجال الفكري والتربوي وبتضحياته الجسام من أجل مغرب العدالة والكرامة. وقال عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة المعين، الذي حضر الجنازة، في تصريح لبيان اليوم، « الفقيد كان يحظى بتقدير خاص يعبر عنه الحضور الكثيف الذي جاء لتشييع جثمانه لمثواه الأخير ، رجل الكلمة، استوعب ماذا يعني أن يكون الإنسان يهوديا مغربيا وشرف هذا الانتماء ، واليوم لا نملك إلا أن نحييه ونعبر عن أسفنا عن فقدانه ولله الأمر من قبل وبعد». ومن جانبه، عبر محمد اليازغي، القيادي الاتحادي ووزير الدولة في تصريح لبيان اليوم عن شعوره بالحزن والأسى لفقدان شمعون ليفي بقوله» الفقيد منذ كان شابا وعضوا في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب وهو ابن العشرين سنة، منذ ذلك الوقت والرجل مخلص لمبادئه ولقيمه التي أمن بها داخل الحزب الشيوعي، كما تحلى بالوطنية الصادقة وحب الوطن والإخلاص في الدفاع عن قضاياه والدفاع عن حقوق الشعب المغربي من حرية وكرامة وديمقراطية.فحقيقة كان له الفضل الكبير أيضا في جعل التراث اليهودي المغربي يأخذ مكانته اللائقة به في الثقافة المغربية وكذلك موقفه الأممي بدعمه للشعب الفلسطيني في نضاله من أجل الحرية والكرامة وبناء دولته، فهذا الرجل في جميع الميادين وأينما اتجهت تجده رجل المبادئ رجل الكلمة رجل الصدق والمصداقية. وقال عبد الرحمان اليوسفي الوزير الأول السابق في تصريح مماثل « رحم الله الأخ ليفي، شخصية بارزة في النضال السياسي في المغرب، رجل مثقف ومناضل نال احترام جميع المواطنين، بلدنا في حداد، لأنها فقدت شخصية من الشخصيات الفذة». أما الأمين العام لمجلس الطوائف اليهودية بالمغرب سيرج بيردييغو فقد أكد أن «علما كبيرا، ووطنيا قضى حياته في النضال من أجل العدالة والديمقراطية هو من افتقدناه اليوم». وأعرب بيرديغو عن عميق تأثره بفقدان شمعون ليفي، الذي كان من نضالاته الحفاظ على التراث اليهودي المغربي كجزء من الثراء والتنوع الثقافي للمغرب المتعدد والكريم والمتسامح. كلمة محمد نبيل بنعبد الله في تشييع شمعون ليفي (الأحد 04 دجنبر 2011 - المقبرة اليهودية بالدار البيضاء) بأسى وحزن عميقين، نقف اليوم لتشييع الراحل إلى قلوبنا ووجداننا، أحد رجالات حزب التقدم والاشتراكية الكبار، المناضل التقدمي الفذ، الوطني الغيور، المثقف الملتزم، السياسي المحنك، رجل القناعات الراسخة، المدافع الأمين والمستميت عن قضايا الوطن ووحدة البلاد الترابية، ابن المغرب البار.. الرفيق شمعون ليفي. لقد انخرط فقيدنا، منذ شبابه، في النضال السياسي، حيث ساهم بدور حاسم في المعارك التي خاضها شعبنا، فكان له عطاء وافر في مجال إسهام الطلبة المغاربة في معركة الاستقلال، وكان من المؤسسين للاتحاد الوطني لطلبة المغرب. كما ساهم، كأستاذ للغة الاسبانية في ثانويتي مولاي الحسن ومحمد الخامس بالدار البيضاء، في تكوين التلاميذ وتوجيههم خلال عقد الستينيات من القرن الماضي. وبعد ذلك، ساهم بشكل متميز في تربية وتكوين أجيال من الطلبة والباحثين كأستاذ للآداب الإسبانية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط. وبموازاة مع عمله كمربي من طراز رفيع، كان شمعون ليفي وجها بارزا في الحركة النقابية داخل صفوف المركزية الاتحاد المغربي للشغل، وظل مدافعا، عن الوحدة النقابية، و عن مطالب ومصالح رجال التعليم و الشغيلة بصفة عامة. وكمناضل صنديد وعنيد في صفوف الحزب الشيوعي المغربي، ثم كقائد من القادة الكبار لحزبنا، حيث كان عضوا في الديوان السياسي لكل من حزب التحرر والاشتراكية وحزب التقدم والاشتراكية، تبوأ الرفيق شمعون مكانة مرموقة، إذ عرف عنه إسهامه الكبير في تكوين أجيال من المناضلات والمناضلين والقياديات والقياديين لحزب التقدم والاشتراكية. كما امتاز شمعون ليفي بعطائه الفكري الغني، إلى جانب ثلة من قادة الحزب، حيث ساهم في بلورة وتدقيق المواقف السياسية لحزبه، وبالمستوى الرفيع لمقالاته الصحفية في جرائد: لا ناسيون ، الجماهير، المكافح، الكفاح الوطني والبيان. وقد أدى الرفيق ، في مساره النضالي المتحرك والاستثنائي، ثمن غاليا لتخندقه دفاعا عن مواقفه ومواقف حزبه النضالية من أجل الحريات الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. إذ تعرض إلى شتى صنوف القمع والمضايقات، كان أشدها تعسفا اعتقاله خلال أحداث مارس 1965 بالدارالبيضاء، حيث تم التنكيل به على نحو وحشي، وعوقب بسنوات من العزل المهني، كان وقعها على نفسه أكثر قساوة من تكسير عظامه في مخافر الشرطة، لأنه لم يكن ليقبل أن يحرم من حقه في تأدية واجبه العلمي والتكويني. وقد تميز نشاط شمعون ليفي بإسهاماته الجريئة في تطوير الفكر الاشتراكي، ونشر ثقافة الوحدة، والتحالف بين القوى الديمقراطية المغربية، كما ساهم مساهمة أساسية في تطوير التراث الفكري والإيديولوجي لحزب التقدم والاشتراكية. وانتخب شمعون ليفي مستشارا جماعيا في عين الذياب بالدار البيضاء، حيث شكل مع المرحومين عزيز بلال ومصطفى القرشاوي، ومجموعة من المستشارين المناضلين وضمنهم الرفيق بدري الغالي، فريقا سهر على إنجاح تجربة تقدمية للتسيير الجماعي، تجربة نموذجية وتستحق أن تكون مثالا يحتذى به. وتبوأ الراحل، في تنسيق وثيق مع القيادة الفلسطينية، مكانة متميزة في الدفاع عن الشعب الفلسطيني، وحقه المشروع في دولة مستقلة، ذات سيادة وقابلة للحياة، وذلك إلى جانب نضاله الأممي المتواصل في نصرة قضايا الشعوب بمختلف أرجاء المعمور . وكان للفقيد أيضا إسهام فكري وافر ودور عملي ملموس، وهو بالتأكيد متميز وحاسم، في لم شمل المغاربة اليهود عبر العالم، ودفعهم للدفاع عن قضية بلدهم الوطنية، والاعتناء بثقافتهم، وهويتهم، في إطار من الانفتاح والحوار في ما بينهم ومع الآخرين. وقد أثمر هذا التوجه نتائج إيجابية لعل أسطعها إنشاء المتحف اليهودي المغربي بالدار البيضاء، وهو متحف فريد من نوعه على صعيد العالم العربي كله، وشكل قطب الرحى في العمل الجبار الذي أنجزه شمعون ليفي في أواخر حياته الحافلة بالبذل والعطاء، لإحياء هذا الجزء الهام من التراث والهوية المغربيتين. وتشاء الأقدار أن يغادرنا الرفيق شمعون ليفي إلى دار الخلد ونحن بصدد اجتياز منعطف حاسم في بناء مسار بلادنا الديمقراطي، الذي يحمل الكثير الكثير من بصماته. فإليه، وإلى كل رفاقنا الذين أسهموا في الكفاح من أجل مغرب الديمقراطية والحرية والتقدم والعدالة الاجتماعية، نجدد العهد على الوفاء لأرواحهم، واستلهام مواقفنا وسلوكنا من مثلهم وعطائهم، سائرين في طريقهم، طريق الدفاع عن مصالح الوطن العليا وحقوق الشعب . لقد رحل شمعون ليفي تاركا حسرة كبيرة في نفوس كل من عرفوه مناضلا متفانيا في خدمة الوطن والشعب، مناضلا عمل على تجديد الفكر الديمقراطي التقدمي، وتأصيله في البيئة المغربية، وتطويره بما يتلاءم مع مقتضيات العصر. وبهذه المناسبة الأليمة، نتوجه بأصدق عبارات التعازي، وخالص مشاعر المواساة، إلى أرملته السيدة الكريمة إنكارسيون روجي، ونجليه الدكتور جانو وجاك، وشقيقاته وأشقائه داخل المغرب وخارجه، وإلى سائر أفراد الطائفة اليهودية، والطاقم الذي كان يعمل بجانبه في المتحف اليهودي المغربي، وإلى كافة أسرته وجموع المناضلين الوطنيين والتقدميين في بلادنا. وإننا على يقين بأن بصماته ستبقى عناوين بارزة في مسيرة اليسار المغربي، وفي تاريخ المغرب بصفة عامة. فليرتح الرفيق شمعون قرير العين، وليكن متأكدا من أننا لازلنا على طريق الكفاح من أجل القضايا العادلة والمثل النبيلة التي كرس لها حياته، والتي في سبيلها أجزل العطاء، وقدم تضحيات وتضحيات، وخدمها حتى آخر رمق . كلمة مولاي إسماعيل العلوي في تشييع الرفيق شمعون ليفي أنكارنا سيون جاك (يعقوب) جان (يحنا-يحيى) أفراد أسرة فقيدنا الغالي الرفيقات والرفاق أيها الحضور الكريم ها نحن ملتئمون، وقلوبنا مكلومة، حول نعش زوج وأب ورفيق وصديق حبيب، نعش شمعون ليفي، ذلكم المناضل الفذ الذي لم يخش، في يوم من أيام حياته، لومة لائم. أجل، لقد كان شمعون رجلا بكل ما للكلمة من معنى، كان نبراسا أنار طريق العديد من المناضلين والمناضلات في مختلف مناحي الحياة الحزبية، السياسية، النقابية والاجتماعية، والثقافية التربوية، لقد كان فقيدنا مكافحا على الدوام، مناصرا لقضايا شعبه ووطنه، مضحيا بالنفس والنفيس، متحملا كل الأعباء التي تعترض سبيل المناضلين، فذاق مرارة التنكيل والتعذيب على أيادي جلاديه سنة 1965، وحاول البعض أن يعرضه للإقصاء في مساره المهني، لكنه بقي صامدا في وجه كل الأعداء والخصوم، فكان النصر حليفه كما كان حليف شعبه في نهاية المطاف. لقد كرس شمعون حياته للدفاع عن حقوق الكادحين، سياسيا ونقابيا، وجعل من العدالة الاجتماعية التي ما فتئ حزبه ينادي بها وإليها، حجر الزاوية لكل أنشطته، إذ كان مناضلا صبورا من أجل المساواة بين مواطني البلد الواحد مهما كان جنسهم أو عرقهم أو معتقدهم. فلا يمكن أن ننسى، أيها الحضور، أيها الرفاق والرفيقات، أن شمعون هو الذي كلف بصياغة ذلكم الكتاب الأبيض في السبعينيات من القرن الماضي، الذي جعل حزبه، حزب التقدم والاشتراكية، من رواد الفكرة المؤكدة على تنوع روافد كينونتنا الوطنية، والمبرزة لأصولنا الأمازيغية ولمدى غنى وثراء حضارتنا وثقافتنا الأمازيغيتين. واستمر على هذا النهج إلى آخر لحظة من حياته مسجلا بالوثائق المكتوبة والمنحوثة وبالمتروك الشفوي والأثري العمراني، مكانة المغاربة اليهود في بناء سرح ثقافتنا الوطنية وتاريخنا المجيد. ولم يقتصر أفق شمعون على الوطن، بل كان مناصرا لكفاحات الشعوب من أجل الانعتاق والحرية. وفي هذا الاتجاه خص الشعب الفلسطيني بدعم متميز، منددا بالصهيونية المدمرة، ليس لكيان الشعب الفلسطيني فحسب، بل المدمرة لكيان شعوب كثيرة ومنها شعبنا، فكان رحمه الله يرفض بقوة كل أنواع الحيف والإقصاء والعنصرية من أي نوع كانت. لقد كان شمعون مستميتا في الدفاع عن آرائه وتصوراته مع رفاقه ومع الغير، لكن هذه الاستماتة التي كان البعض يشمئز منها، لم تكن أبدا تشبثا أعمى بأفكار أو مواقف، إذ كان فقيدنا بعيدا كل البعد عن الدغمائية والتحجر الفكري، بل كان على الدوام منفتحا على كل جديد ومحترما للآخر ولآراء الآخر. ولا غرابة في ذلك، حيث كان فقيدنا الغالي مربيا ومكونا ممتازا استفاد من ممارسته ودروسه العديد من الرفاق، والعديد من تلامذته وطلابه. لقد غادرنا شمعون، لكن بصماته ستبقى خالدة بين صفوف رفاقه وحزبه، وستبقى خالدة كذلك بين صفوف طلبته، وفي إطار الحفاظ على ذكرى شمعون، أتمنى من أعماق الفؤاد أن يوافق كل من انكارنا سيون وجاك وجان وجميع أفراد الأسرة على إصدار مضمون أطروحته المتعلقة باللهجات المغربية اليهودية. نم قرير العين، ورحمك الدائم برحمته الواسعة، رفيقنا العزيز، إننا على الدرب سائرون إلى أن نحقق ما كنت تصبو إليه وما نصبو إليه، إسعادا لشعبنا ولأوسع جماهيره وإعلاء لكلمة وطننا الحبيب في هذا العالم المتأزم والتواق للحرية وللقضاء على استغلال الإنسان للإنسان. والسلام عليكم- شالوم علينحيم