المغرب يفقد مناضلا صلبا، ومربيا كبيرا، ومثقفا ملتزما نعى الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية المناضل الكبير الرفيق شمعون ليفي, الذي وافته المنية صباح أمس الجمعة بأحد مستشفيات الرباط, بعد صراع طويل مع المرض, عن عمر يناهز 77 سنة. وسيوارى جثمان الفقيد الثرى يوم غد الأحد في المقبرة اليهودية بالدارالبيضاء على الساعة الثالثة بعد الزوال. ويعتبر الرفيق شمعون ليفي, المناضل البارز في حزب التقدم والاشتراكية والقيادي السابق في ديوانه السياسي، والأستاذ الجامعي اللامع، والأمين العام لمؤسسة التراث الثقافي اليهودي, (يعتبر) من الرعيل الأول للمناضلين الشيوعيين المعادين للصهيونية. وانخرط شمعون ليفي, اللغوي المحنك والضليع في دراسة اللغات العربية والإسبانية والفرنسية, منذ 1953, في النضال من أجل الاستقلال الوطني في المغرب. وفي سنة 1954 بدأ نشاطه في الحركة الشيوعية, أولا على مستوى الحركة الطلابية, ثم على مستوى أجهزة (الحزب الشيوعي سابقا، وحزب التحرر والاشتراكية لاحقا), وحزب التقدم والاشتراكية حاليا؛ ثم كنقابي في قيادة الاتحاد المغربي للشغل. وتولى الأستاذ شمعون ليفي, المزداد بفاس سنة 1934, والشديد التشبث والاعتزاز بالهوية المغربية, إدارة متحف التراث الثقافي اليهودي بالدارالبيضاء منذ عام 1998, وهو متحف خاص للاثنوغرافيا. وانضم الفقيد إلى الاتحاد الوطني لطلبة المغرب كعضو في المكتب منذ سنة 1955. كما كان أحد قادة الكونفدرالية الوطنية للتعليم ما بين 1958 و1970. وبين سنتي 1976 و1983 انتخب الرفيق شمعون ليفي عضوا بالمجلس البلدي لمدينة الدارالبيضاء, حيث اهتم بالقطاع الاجتماعي والثقافي وأنشأ مكتبات ومراكز للتكوين المهني. كما تولى رئاسة تحرير مجلتي «الوطن» و»الجماهير» (1958-1959), وانضم لفترة طويلة لأسرة تحرير صحيفة «البيان». وحصل الراحل شمعون ليفي على الإجازة في الآداب في الإسبانية والبرتغالية (1956) وعلى دبلوم الدراسات العليا سنة 1958 في موضوع حول «حرب الريف, في عهد ألفونسو الثالث عشر», وعلى درجة الدكتوراه (1990) عن أطروحة حول «اللهجات العربية ليهود المغرب»، كما ألف العديد من الأعمال حول تاريخ اليهود المغاربة. وفيما يلي نعي حزب التقدم والاشتراكية للراحل الرفيق المناضل شمعون ليفي تغمده الله بواسع رحمته. بأسى وحزن عميقين، ينعي الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ابن المغرب البار شمعون ليفي العضو السابق للديوان السياسي لحزب التحرر والاشتراكية وحزب التقدم والاشتراكية، وأحد قادة حزبنا المتميزين. لقد عُرِف شمعون ليفي، الذي رأى النور في مدينة فاس سنة 1934، منذ شبابه بدوره الحاسم في كل المعارك التي خاضها شعبنا، فكان له العطاء في مجال إسهام الطلبة المغاربة في معركة الاستقلال، وكان من المؤسسين للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، كما ساهم كأستاذ في ثانوية مولاي الحسن ومحمد الخامس بالدارالبيضاء، وفي كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، في تربية وتكوين أجيال من الطلبة والتلاميذ، وبموازاة مع عمله كمربي من طراز رفيع، كان شمعون ليفي وجها بارزا في الحركة النقابية داخل صفوف الاتحاد المغربي للشغل وظل مدافعا عن مطالب ومصالح رجال التعليم وعن وحدتهم النقابية. وكقائد لحزبنا تبوأ الرفيق شمعون مكانة مرموقة، إذ عرف عنه إسهامه الكبير في تكوين أجيال من المناضلات والمناضلين والقياديات والقياديين لحزب التقدم والاشتراكية. كما امتاز شمعون ليفي بعطائه الفكري وساهم في بلورة وتدقيق المواقف السياسية لحزبه، وبالمستوى الرفيع لمقالاته الصحفية في جرائد: LA NATION، الجماهير، المكافح، والكفاح الوطني والبيان. وقد أدى الرفيق شمعون ليفي في مساره النضالي الاستثنائي ثمن تخندقه للدفاع عن الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، فاعتقل عدة مرات، كانت آخرها في مارس 1965 حيث تم التنكيل به بصفة وحشية، وتبع هذا الأمر سنوات من العزل المهني والتي كان وقعها على نفسه أكثر قساوة من تكسير عظامه في مخفر الشرطة، لأنه لم يكن ليقبل أن يحرم من حقه في تأدية واجبه العلمي والتكويني. وانتخب شمعون ليفي مستشارا جماعيا في عين الدياب بالدارالبيضاء وشكل مع المرحومين عزيز بلال ومصطفى القرشاوي فريقا سهر على تجربة تقدمية للتسيير الجماعي تعتبر مثالا يحتدى به. وقد تبوأ مكانة متميزة في الدفاع عن الشعب الفلسطيني في تنسيق مع القيادة الفلسطينية، إلى جانب نضاله الأممي في نصرة الشعوب. وقد ساهم شمعون ليفي في لم شمل اليهود المغاربة عبر العالم ودفعهم للدفاع عن قضية بلدهم الوطنية والاعتناء بثقافتهم وهويتهم في انفتاح وحوار مع أبناء شعبهم ومع الآخرين، وقد أدى هذا التوجه إلى نتائج أسطعها إنشاء المتحف اليهودي المغربي والعمل الجبار الذي قام به شمعون ليفي في نهاية حياته لإحياء هذا الجزء الهام من التراث والهوية المغربيتين. وتشاء الأقدار أن يغادرنا إلى درا الخلد الرفيق شمعون ليفي ونحن في منعطف في بناء مسار بلادنا الديمقراطي، فإليه وإلى كل رفاقنا الذين ساهموا في الكفاح من أجل مغرب الديمقراطية والحرية والتقدم والعدالة الاجتماعية، نجدد العهد على الوفاء لأرواحهم واستلهام مواقفنا وسلوكنا من مثلهم وعطائهم سائرين في طريقهم، طريق الدفاع عن مصالح الوطن العليا وحقوق الشعب. الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية في يوم الجمعة 2 دجنبر 2011