عادت آفة الشغب لتضرب من جديد، مشهدنا الكروي على الصعيد الوطني، مشاهد صادمة ومؤسفة، كان محيط ملعب سانية الرمال بتطوان مسرحا لها. فقبل انطلاق مباراة المغرب التطواني وضيفه الرجاء الرياضي، برسم الجولة ال(21) للبطولة الاحترافية، بقسمها الأول، اندلعت احداث، سجلت خسائر، أصيب من أصيب، خرب ما خرب، والسبب كما يعلن عن ذلك في كل مرة، محسوبين عن جمهور فريق معين، مارسوا هوايتهم، مع سبق الإصرار والترصد… هذه المرة كان الموعد مع محسوبين على جمهور الرجاء، عمدوا الى رشق سيارات الأمن بالحجارة، مما استدعى تدخلا عاجلا لمطاردة مثيري الشغب، ومنعهم من اقتحام أبواب الملعب، رغم عدم توفرهم على تذكرة خاصة بالمباراة. وحسب بلاغ لمديرية الأمن بتطوان، أسفرت العمليات الأمنية التي باشرتها مصالح ولاية أمن تطوان عن : " ضبط 29 شخصا، من بينهم أربعة قاصرين، وذلك للاشتباه في تورطهم في ارتكاب أعمال العنف المرتبط بالشغب الرياضي، وإلحاق خسائر مادية بممتلكات عمومية، والعنف في حق موظفين عموميين أثناء أداء واجبهم، وإلحاق اضرار بمركبات تابعة للأمن الوطني". وتبين من خلال المعطيات المتوفرة، أن ضعف الطاقة الاستيعابية للملعب، ساهم في حدوث أعمال الشغب؛ خاصة وأن الحصة التي منحت لجمهور الرجاء لا تتعدي 800 تذكرة، علما أن الفريق تقدر قاعدته الجماهيرية بالآلاف، فكيف يستقيم الأمر، بالنظر الى نسبة الإقبال العالية التي تعرفها عادة مباريات الرجاء، سواء داخل البيضاء أو خارجها… يحدث هذا، رغم أن الجميع يعرف أيضا أن الفريق التطواني يتمتع هو الآخر بقاعدة جماهيرية محترمة، تصل في أغلب المباريات المحلية إلى 10 الآف أو أكثر ، وبالتالي، فإن الملعب غير قادر على استيعاب كل هذا الإقبال الكبير… وكما تبين من خلال بلاغ المصالح الأمنية، فإن المتسببين في الأحداث لا يتوفرون على تذكرة خاصة بالمباراة، ورغم ذلك فضلوا على التنقل، وأصروا على دخول الملعب، فكان الاصطدام مع رجال الأمن، الذين حال تدخلهم الحاسم، دون انتقال الانفلات الأمنى إلى داخل الملعب… المؤكد أن السماح بانتقال جمهور الرجاء لحضور مباريات فريقه بمدن آخرى، يعد سببا رئيسيا في اندلاع أحداث تطوان، فلا يعقل أن تتم مطالبة الجمهور بالانضباط والالتزام، وعدم تجاوز العدد المسموح به، مع العلم أن هذا الجمهور العريض يتكون في غالبيته من شرائح مختلفة، بمن فيهم نسبة عالية من المراهقين والمتعصبين، وهى النسبة التي اصبحت طاغية في تركيبة جماهير باقي الأندية الوطنية الأخرى، المعروفة بشعبيتها وقاعدتها الجماهيرية. فكيف يمكن ضبط الأمور والسعى للتحكم في تحركات الجمهور، ومحاولة الحد من ردود الفعل الغاضبة؟… إن الظروف الاستثنائية التي تمر منها البطولة الوطنية، تتطلب اتخاذ قرارات جريئة، حتى لو كانت قاسية؛ وتأتي في مقدمتها منع التنقل الجماهيري، إلى حين تحسن الظروف، بعد فتح الملاعب التي تخضع حاليا للإصلاح، وإظهار الجمهور نوعا من الوعي الجماعي، الذي يعد مطلبا أساسيا لا غنى عنه. فالقرار الصائب في هذه المرحلة يتمثل في أن يحضر كل جمهور مباريات فريقه فقط، مع منع جمهور الفريق الزائر من التنقل، ولو بصفة مؤقتة، تفاديا لكل ما من شأنه التأثير على الأمن العام، كما هو معمول به بالدوري الفرنسي، وبعض البطولات بأمريكا اللاتينية…