أمن الفريق الوطني المغربي لكرة القدم رتبته الأولى بالمجموعة السادسة، من دور المجموعات بكأس أمم إفريقيا الجارية حاليا بكوت ديفوار، بمجموع سبع نقط، من انتصارين وتعادل… رتبة أولى جنبته احتمال مواجهة "فراعنة" مصر في دور ثمن النهاية، ووضعته في مواجهة كتيبة "البافانا بافانا"، القادمة من أقصى نقطة بالقارة السمراء… وبالرغم من أن الحصيلة، تعد بمقاييس الأرقام جيدة، إلا أنه في التفاصيل.. تكمن المعطيات الدقيقة والدلالات العميقة، ولابد من التالي من تناول الموضوع، بكثير من التجرد، بعيدا عن العاطفة الجياشة التي تخفي مجموعة من الحقائق… قبل أن نتناول طريقة أداء "أسود الأطلس" في الثلاث مباريات، لابد من التأكيد أن الظروف العامة غير مساعدة تماما، كما لا تسمح بتقديم مستويات مقبولة، أو مقنعة تليق بالمنتخب صاحب المركز الرابع بكأس العالم الأخيرة، والأول بالتصنيف القاري. هذه الظروف القاهرة تصطدم بالأخص، منتخبات المغرب الكبير، وعليه لا يمكن القفز عليها أو تجاوزها، لحظة إعداد لائحة اللاعبين وحتى المرافقين، لأن درجات الحرارة وارتفاع الرطوبة، تعد عوامل من الصعب القفز عليها بسهولة، خاصة بالنسبة للاعبين تعودوا على طقس مخالف، وبالدرجة أولئك الذين ولدوا، ونشؤوا، وتكونوا بالقارة العجوز… ومعطى الطقس، وما يرتبط به من إكراهات ضاغطة، يعد نقاشا آخر، يفضل أن يترك إلى حين الحديث عن الحصيلة النهائية، لهذه المشاركة التي علقت عليها الكثير من الأماني والمتمنيات… ضد تنزانيا فاز أصدقاء غانم سايس بثلاثة لصفر، سجل العميد الهدف الأول، وفي الشوط الثاني، أضاف أوناحي والنصيري الهدفين الثاني والثالث، وجاءت السهولة في تعزيز النتيجة، بعد طرد لاعب تنزاني، إثر خشونة متعمدة لحقت أغلب لاعبي المنتخب المغربي. في ثاني مباراة وكانت أمام الكونغو الديمقراطية، دخلت العناصر الوطنية صلب الموضوع؛ بعد الاصطدام بخصم عنيد، مستعد للقتال، وتصفية حساب ليس بالقديم، وبالرغم من توقيع أشرف حكيمي هدف السبق، فإن المهمة كانت معقدة، زادها توقيت المباراة قساوة. وكان لضياع فرصتين سانحتين خلال النصف الأولى، أهدرهما النصيري بكثير من الرعونة، وقع كبير منح الكونغوليين، حافزا أكثر وثقة بالنفس، إلى حدود المثيرة… في الجولة الثانية، اختلفت الأمور، وكان الاجتياح "الفهود" بطريقة مدمرة أتت على الأخضر واليابس، سجلوا هدف التعادل، وكان من بإمكانهم إضافة هدف آخر، وتحقيق فوز غير منوقع على حساب مفاجأة المونديال الأخير، إلا أن التعادل أنهى الموقعة، لتستمر المواجهة خارج المستطيل الأخضر، أسفرت عن توقيف المدرب وليد الركراكي… في ثالث مباراة وهي الأخيرة، كانت المباراة ضد منتخب زامبي فقد الكثير من الإمكانيات التي أهلته للفوز بلقب سنة 2012، ورغم هذا التراجع الملحوظ، إلا أن الجولة الثانية تميزت بضغط رهيب، صادر عن "الرصاصات النحاسية" استهدفت مراكز القوة داخل كتيبة الأسود، وتفوقت في ذلك إلى أبعد الحدود… وطيلة مجريات الجولة الثانية، ظل أشبال المدرب وليد الركراكي الذي فرض عليه قرار (الكاف) تدبير المباراة من المدرجات، يدافعون عن هدف حكيم زياش الوحيد، والمهمة كانت مرة أخرى شاقة وبالغة الصعوبة، لينتهي اللقاء بفوز غير مقنع، لا يليق بمنتخب أبهر العالم قبل حوالي سنة من الآن… حافظ المنتخب المغربي على ريادة المجموعة، كما ضمن البقاء بنفس المدينة، والاستقرار بمقر الإقامة، وهو ينتظر قدوم نظيره الجنوب إفريقي، في مواجهة لن تكن أبدا في المتناول، لكن الإيجابي يكمن في ملاقاة خصم راق، سواء في طريقة لعبه، وحتى في سلوكه وتعامله وروحه الرياضية العالية…