تتواصل ببغداد فعاليات الدورة الرابعة عشرة لمهرجان المسرح العربي الذي تنظمه الهيئة العربية للمسرح بتعاون مع وزارة الثقافة والسياحة والآثار ونقابة الفنانين العراقيين بتقديم مزيد من العروض المسرحية سواء المبرمجة في مسار جائزة سمو الأمير سلطان القاسمي أو مسار العروض المبرمجة خارج المنافسة الرسمية… كما تتواصل أشغال المؤتمر الفكري للدورة الذي يتمحور موضوعه هذه السنة حول "المسرح في الوطن العربي، الآن وهنا… مساءلة المسارات والتحولات والأصداء". وكذا برمامج الاستوديو التحليلي الذي تتم خلاله مناقشة وقراءة وتحليل العروض المسرحية المتنافسة على جائزة المهرجان.. هذا وشهد حفل الافتتاح الذي أقيم بالمسرح الوطني ببغداد في العاشر من يناير الجاري تقديم عرض فني ضخم بعنوان "مقامات الحب والسلام" بمشاركة 86 فناناً عراقياً، وتحدث خلال هذا الافتتاح كل من وزير الثقافة الدكتور أحمد فكاك البدراني بالنيابة عن رئيس مجلس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني الذي يرعى المهرجان، والأمين العام للهيئة العربية للمسرح الأستاذ إسماعيل عبد الله (ننشر كلمته في جانب من هذه الصفحة)، ونقيب الفنانين العراقيين الدكتور جابر جودي. كما كُرّم في حفل الافتتاح 23 من نساء ورجال المسرح العراقي؛ من أبرزهم: الممثلتان سهى سالم وإقبال نعيم، والممثلان مناضل داود ورائد محسن، والناقد ياسر البراك، والمخرج كريم رشيد، والكاتب مثال غازي وغيرهم من كبار رواد الفن الدرامي بالعراق.. وتميز حفل الافتتاح الذي صادف تاريخ تخليد المسرحيين العرب لليوم العربي للمسرح بإلقاء رسالة هذا اليوم من قبل الفنانة اللبنانية نضال الأشقر (نشرت بيان اليوم نصها الكامل في العدد السابق). ونظم المهرجان في اليوم الأول ندوة بعنوان "المسرح والمقاومة الثقافية في فلسطين" مباشرة بعد عرض المسرحية الفلسطينية "ميترو غزة"، بمشاركة نخبة من المسرحيين الفلسطينيين من مختلف الأجيال.. تلتها في اليوم الموالي ندوة خاصة بالمسرحيين العراقيين في المهجر بعنوان "التأثر والأثر" بمشاركة 13 فناناً عراقياً. تكريم المسرحيين العراقيين اعتبر الدكتور جبار جودي العبودي نقيب الفنانين العراقيين ومدير عام دائرة السينما والمسرح ومنسق عام المهرجان أن تكريم كوكبة من المسرحيين العراقيين في مهرجان المسرح العربي يعد إنصافا لهم؛ وأعرب، في كلمة له أثناء ندوة صحفية عقدت قبيل حفل الافتتاح، عن سعادته أن يتم تكريم 23 فنانا مسرحيا وفنانة مسرحية من نجوم المسرح العراقي الذين لم يسبق أن كُرموا سابقا، وأن يكونَ هُناك إنصاف لهم ولمسيرتهم الفنية المتميزة على صعيد التمثيل والإخراج والبحث المسرحي في بغداد وباقي مدننا العراقية بالإضافة إلى المهجر، وأضاف "أن من دواعي سروري أنني قد أسهمت في إنصاف من لَم يُسعفهم الحظ في الإنصاف، فلدينا قامات مسرحية متميزة ضمن كوكبة المُكرمين من مدننا العراقية من أثروا الحركة المسرحية في محافظاتهم، فهؤلاء قد نحتوا في الصخر من أجل تفعيل المسرح في تلكَ المُحافظات". ومن جانبه أبرز د. يوسف عايدابي، مُستشار الهيئة العربية للمسرح، الدور الكبير للمسرحيين العراقيين في تفعيل المسرح العربي ممن زاملهم وعاصرهم من أمثال ابراهيم جلال وقاسم محمد وسامي عبد الحميد مشيرا إلى الدلالات العديدة لتكريم كوكبة لامعة من المسرحيين العراقيين وهو تكريم مُستحق لهم، داعيا إلى أهمية ترسيخ هذا التقليد في عموم البلدان العربية، واعتبر د. عيدابي أن هذا التكريم موجه لجميع المسرحيين وهو تكريم لفاعلية الفنان المسرحي مما يدل على أهمية أن تلتفت الحكومات المختلفة إلى دور الفن والمسرح بشكل خاص في حياة الشعوب والأُمم.. وبالمناسبة أعرب العديد من الفنانين المكرمين عن سعادتهم وشكرهم لهذه الالتفاتة التكريمية من قبل القائمبن على المهرجان، واعتبروها بمثابة اعتراف وعرفان للجهود والعطاءات التي قدمها المسرحيون العراقيون وإثرائهم للمشهد المسرحي العربي.. وقال الفنان د. حيدر منعثر "إن التكريم الأكبر هوَ لبغداد من خلال الإصرار على احتضانها هذه الدورة الفارقة من المهرجان، وهو أيضا تكريم لجميع المسرحيين العراقيين، لأن المسرحي العراقي، يضيف حيدر لمنعثر، "لا يشبه أي مسرحي آخر في الوطن العربي لأنه يقدم نتاجه المسرحي على أرض قلقلة على جميع الأصعدة". المشاركة المغربية تميزت المشاركة المغربية بحضور وازن للمسرح المغربي ممثلا في ثلاثة فرق مسرحية قدمت عروضها داخل وخارج المسابقة، ومساهمة ثلة من الباحثين في أشغال المؤتمر الفكري للمهرجان وتدخلات نخبة من النقاد في أعمال الأستوديو التحليلي.. ومشاركة الباحثة المغربية الشابة فاطمة أكنفر في مسابقة البحث العلمي المسرحي للباحثين الشباب، والتي فازت، أول أمس، بالرتبة الثانية ضمن الثلاثة الأوائل، والكاتب المسرحي سعيد بوجوز الذي فاز بالرتبة الثانية في مسابقة كتابة النص المسرحي الموجه للكبار. وبخصوص الأعمال المسرحية المغربية، فثمة عرض بعنوان "كلام" لمسرح الشامات من مكناس، إخراج بوسلهام الضعيف؛ ومسرحية "إكستازيا" لمؤسسة أرض شاون للثقافات من شفشاون، إخراج ياسين أحجام؛ وعرض "تكنزة قصة تودة" لفرقة فوانيس المسرحية من وارزازات، إخراج أمين ناسور. هذا وحظيت العروض المسرحية المغربية بإقبال كبير من قبل الجمهور العراقي وجمهور المهرجانيين، وباستقبال وازن من طرف النقاد والباحثين المسرحيين العرب، حيث أثارت العروض المغربية نقاشا وجدالا واسعين بالنظر إلى اختلافها وتنوعها وتعدد مشاربها ومرجعياتها، وبالنظر أيضا إلى مضامينها وطروحاتها الفكريىة وما تقدمه من اقتراحات على المستوى الجمالي والتقني.. فالمخرج بوسلهام الضعيف جاء محملا لتجربة مسرحية تنتصر للنص والكتابة لدحض فكرة "موت المؤلف"؛ فيما تنطوي تجربة المخرج ياسين أحجام عن بحث جديد في جماليات العرض المسرحي؛ بينما ترتكز تجربة أمين ناسور على الاشتغال على الفرجات الشعبية وما تتيحه من إمكاميات التمسرح..