المغرب يدعو إلى النهوض بالهجرة الشرعية غير المضرة بدول الأصل من خلال هروب الأدمغة دعا الوفد المغربي المشارك في الدورة الثالثة «للمؤتمر الوزاري الأورو إفريقي حول الهجرة والتنمية»، أول أمس الأربعاء بدكار، إلى تعزيز تعاون جنوب/جنوب متجدد ومتوازن والذي يهدف إلى تشجيع التنقل القانوني وجعل التنمية المحلية كأداة لمحاربة الهجرة غير الشرعية. وأشار محمد البرنوصي الكاتب العام للوزارة المكلفة بشؤون الجالية المغربية المقيمة بالخارج إلى أن الظرفية الحالية بالضفة الجنوبية للمتوسط توضح أكثر من أي وقت مضى أن قضية الهجرة بين إفريقيا وأوروبا يتعين أن تندرج في إطار شراكة ترتكز على تثمين المؤهلات البشرية ومحاربة الفقر والاستثمار في مناطق التي تنشط فيها الهجرة بشكل كبير. وأكد أن المغرب، الذي لن يدخر أي جهد من أجل تنفيذ المبادرات المبرمجة في إطار برامج الرباط وباريس (المؤتمر الأول والثاني) وبصفة خاصة في مجال محاربة الهجرة غير الشرعية، يدعو إلى تعزيز حركية تنقل البشر عبر الهجرة الشرعية التي تشكل فرصة مهمة لتنمية سواء دول الأصل وكذا الاستقبال. وشدد على أن تشجيع تدفقات الهجرة الشرعية ومحاربة الهجرة غير الشرعية، يعدان عاملان مترابطان بشكل وثيق بالنظر إلى أن التنقلات الشرعية تحد من الهجرة السرية مؤكدا على ضرورة النهوض بالهجرة الشرعية التي لايجب أن تضر بدول الأصل من خلال هروب الأدمغة التي اتخذت أبعاد مخيفة بالقارة الافريقية. وأشاد البرنوصي بالشراكة المجددة والمتوازنة شمال/جنوب التي انطلقت منذ الدورة الأولى للمؤتمر الأورو متوسطي، مذكرا بالمجهودات التي تبذلها المملكة لاعتماد سياسة فعالة للهجرة مبرزا في هذا السياق السياسة الوطنية في مجال تعبئة الكفاءات في أوساط المهاجرين لإبراز مساهمة الهجرة في المجهودات التنموية عبر نقل المعرفة والخبرة. ويشكل المغاربة المقيمون بالخارج الذين يبلغ عددهم حاليا 5 ر4 مليون شخص أي 12 في المئة من الساكنة الوطنية، بالنسبة للمغرب مؤهلا كبيرا بالنسبة للمخطط الاقتصادي ورهانا استراتيجيا في علاقاته الثنائية مع العديد من الدول الاوروبية والعربية التي تستقبل هذه الجالية. وسيتم خلال هذا اللقاء الأورو-إفريقي، الذي انعقدت النسخة الأولى منه بعاصمة المملكة في يوليوز 2006، تقييم «برنامج باريس للتعاون» الممتد على مدى ثلاث سنوات» (2008-2011)، إضافة إلى اعتماد استراتيجية جديدة ستحدد أولويات الحوار حول الهجرة بين البلدان الشريكة للفترة ما بين 2012-2014. وأطلق التصريح ومخطط العمل المصادق عليهما خلال المؤتمر الأول المنعقد بالرباط، شراكة شمال-جنوب مجددة تتميز برؤية موحدة أرست قواعد شراكة وثيقة بين الدول المعنية ب»المسار الإفريقي»، الذي يشمل تدفقات المهاجرين الوافدين من شمال ووسط وغرب القارة السمراء في اتجاه أوروبا. وسنتين بعد ذلك، أكد المؤتمر الأورو- إفريقي الثاني حول الهجرة والتنمية، الذي انعقد بباريس سنة 2008، على حيوية «مسلسل الرباط» وعمل على تبني برنامج طموح للتعاون يمتد على مدى ثلاث سنوات (2008-2011)، تم تمويله من طرف الاتحاد الأوروبي والوكالة الإسبانية للتعاون الدولي والتنمية. واجتمع خلال الدورة الثالثة المنعقدة بدكار وزراء ومسؤولون من مستوى رفيع مكلفون بقضية الهجرة في أزيد من خمسين بلدا مصدرا ومعبرا ووجهة. حيث همت النقاشات تقييم برنامج التعاون الممتد لثلاث سنوات (2008-2011) وتحديد حجم نتائجه. وأشاد مجموعة من المتدخلين بهذه المقاربة الجديدة في معالجة الهجرة غير الشرعية، والتي تدمج بشكل أساس مسألة تنمية البلدان الأصل كعامل من الدرجة الأولى. حيث أفرزت شراكات المشروع إجراءات فعلية ونتائج ملموسة، اعتبارا للانخفاض الجوهري في تدفقات الهجرة غير الشرعية. ودعا شركاء الجنوب إلى تعزيز المساعدة الممنوحة للتنمية في المناطق ذات الطاقات القوية في مجال الهجرة، من خلال المشاريع السوسيو-اقتصادية والتكوين وتثمين العامل البشري. وأكد وزير الشؤون الخارجية السنغالي، الذي ترأس اختتام أشغال المؤتمر، أن لقاء دكار مكن من إطلاق مجموعة من المبادرات في هذا الصدد، وشركاء الجنوب في انتظار الوسائل المالية ومصاحبة الشريك الأوروبي. وحرص ممثلو الاتحاد الأوروبي، الذين تمت مسائلتهم حول قضية التنقل الشرعي، على التأكيد أن سياسة «فرونتيكس» (الوكالة الأوروبية لتدبير التعاون العملياتي بالحدود الخارجية للدول الأعضاء بالاتحاد)، لا تهدف إلى إغلاق أوروبا. يشار في هذا الصدد، إلى أن الجهود تتجه نحو النهوض بالهجرة الشرعية، فتدفق المهاجرين الشرعيين يسجل وتيرة منتظمة، كما أن نحو 4 بالمائة من الساكنة الأوروبية تنحدر من الهجرة. وتوج المؤتمر الثالث لدكار، بتبني تصريح ختامي يحدد توجهات الشراكة الأورو-إفريقية في مجال الهجرة بالنسبة للسنوات الثلاث المقبلة.