خصص المجلس الأعلى للحسابات حيزا مهما في تقريره السنوي برسم 2022 – 2023 الصادر قبل أسبوع، لمساءلة حصيلة قطاع الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، عبر محورين قارب أولهما الخطة الوطنية لإصلاح الإدارة 20218 – 2021، وقارب الثاني حصيلة ورش التنمية الرقمية بالمغرب. وقبل هذا الإصدار بأسبوعين، أصدرت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها تقريرا موضوعاتيا بعنوان "التحول الرقمي، ركيزة أساسية للوقاية من الفساد ومحاربته". لذلك يستدعي السياق تسليط الضوء على التقرير الأول، لجِدتِه، وما حمله من تدقيق لهذا الورش، وهو الصادر عن مؤسسة دستورية أولت اهتماما متواصلا ومقدرا بمسار التنمية الرقمية بالمغرب بإنتاجها لثلاثة تقارير موضوعاتية بشأنه على مدى أقل من عشر سنوات (2014 – 2023). I – التخطيط الاستراتيجي وضبابية الرؤية وضعت تقارير المؤسسات الدستورية التي تناولت الاستراتيجيات والمخططات الرقمية المعتمدة ببلادنا منذ سنة 2005، اليد على جملة من الاختلالات التي اعترت تلك المخططات بلورة وتنفيذا، والمؤكد أن تلك الاختلالات تتجدد في كل عملية تخطيطية جديدة. واللافت هنا، أن المغرب منذ انتهاء صلاحية مخطط المغرب الرقمي 2020 – بصرف النظر عن مدى صوابية الاحتجاج بمرجعية هذا الأخير لاعتبارات لا داعي إليها في هذا السياق – لم يعرف استراتيجية بديلة ذات بعد وطني وحاكمةً للبرامج العمومية والقطاعية. وحتى مذكرة التوجهات العامة للتنمية الرقمية التي اعتمدتها وكالة التنمية الرقمية أواخر سنة 2019، لم تنتج البديل ولم تعالج الفراغ ولم تفرض نفسها على القطاعات الوزارية. وهذا ما أشار إليه تقرير المجلس الأعلى للحسابات بالقول: "استراتيجية التنمية الرقمية المعتمدة على مستوى بعض القطاعات الوزارية لم تأخذ بعين الاعتبار التوجيهات الواردة في هذه المذكرة (مذكرة وكالة التنمية الرقمية). قد يحسب لتلك القطاعات على كل حال أنها اجتهدت في تملك استراتيجية قطاعية خاصة بالتحول الرقمي وهو شأن 7 قطاعات من أصل 20 قطاعا – كما أفاد التقرير-، لكن المسجل أن 8 قطاعات اقتصرت على إدراج التنمية الرقمية كآلية ضمن استراتيجية عملها، فيما القطاعات الخمس الباقية لا استراتيجية لها مطلقا كليا أو جزئيا. وفيما يخص الجماعات الترابية فإن أغلبها، حسب المجلس الأعلى للحسابات، لا يتوفر على رؤية للتحول الرقمي، حسب استبيان أنجزه المجلس شمل91 جماعة ترابية، تبين من نتائجه أن 32 جماعة فقط صرحت بتوفرها على خطة طريق (الثلث تقريبا). إن الوضعية بهذه المواصفات والمعطيات المتواضعة. فالمغرب يفتقد إلى اليوم إلى استراتيجية للتنمية الرقمية، وهي الاستراتيجية التي لو وجدِت لشكلت أصلا ومنطلقا لإنتاج استراتيجيات فرعية خاصة من قبيل الاستراتيجية الوطنية التي دعا إليها المجلس الأعلى للحسابات والمتعلقة بورش تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، ويمكن أن نضيف إليها استراتيجيةً للذكاء الاصطناعي واستراتيجيةً للمدن الذكية وغيرهما. II – بغياب القاطرة، تفرق "دم" التحول الرقمي في القبائل: انخرط المغرب منذ أكتوبر 2021، في مسار جديد تميز بصدور المرسوم المحدد لاختصاصات الوزارة المنتدبة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، والذي أسند لها مهمة الإشراف على ورش التحول الرقمي خلفا لوزارة الصناعة والتجارة، مسنودةً بوكالة التنمية الرقمية ومتكاملة مع اللجنة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي. وقد عملت الحكومة الحالية على تقوية أداء الوزارة المنتدبة بإحداث مديرية عامة في حظيرتها مكلفة بالانتقال الرقمي بحر السنة الجارية، وهي خطوة ستعزز بلا شك قيام هذه الوزارة بوظائفها وتقوية قدراتها مستقبلا على مجابهة الأعطاب العديدة التي رصدها تقرير المجلس الأعلى للحسابات. لكن يبقى سؤال موقع وكالة التنمية الرقمية قائما ومعلقا. فقد أوصت تقارير مؤسسات دستورية ووطنية بتعزيز إمكاناتها القانونية والبشرية والتنظيمية لتَفِي بالمطلوب منها وهو كبير وجسيم، غير أن شيئا من ذلك لم يتحقق بَعد. ووضعية الوكالة اليوم كما يصفها التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات "لم تتمكن بَعد من تعزيز موقعها كمتدخل مرجعي في هذا المجال بالنظر لحداثتها، وللصعوبات التي تعترضها في ممارسة دورها التنسيقي بين مختلف الجهات المعنية بالتحول الرقمي، خاصة وأنها أُسندت لها مهام عرضانية متعددة تتقاطع مع مجال تدخل العديد من الجهات الفاعلة من قطاعات وزارية ومؤسسات عمومية وقطاع خاص ومجتمع مدني". هذه المحدودية المؤسساتية تطال أيضا – حسب تقرير المجلس الأعلى للحسابات – اللجنة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، حيث يقول التقرير نَصا: "تفرض التحديات الجديدة المرتبطة بالتطور المتسارع لتكنولوجيا المعلومات والرقمية إعادة النظر في الإطار القانوني والمؤسساتي وفي حكامة اللجنة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي. كما ينبغي تعزيز قدراتها من أجل القيام بالمهام المنوطة بها خاصة تلك المتعلقة بعمليات المراقبة سواء على مستوى شبكة الإنترنت أو على مستوى مراقبة الوثائق والمراقبة الميدانية". أما فيما يتعلق بجانب آخر من الخصاص المؤسساتي، وهو الغياب المطلق لمؤسسات ولجان منوطٍ بها إدارة التحول الرقمي، فهو ما وضع عليه تقرير المجلس الأعلى للحسابات اليد بقوله: "كما سجل غياب لجن للحكامة والقيادة مكلفة بالتحول الرقمي (اللجنة الاستراتيجية واللجنة التوجيهية واللجنة التقنية، إلخ..) على مستوى جميع الإدارات العمومية"، وكذلك على مستوى جل الجماعات الترابية، حيث يقول التقرير: "سجل غياب وحدات مسؤولة عن مواكبة تنفيذ هذا المشروع (التحول الرقمي) على مستوى جل الجماعات الترابية، حيث إن الهياكل التنظيمية النموذجية لا تنص على وحدة مكلفة بذلك، كما أن الموارد البشرية والمالية اللازمة تبقى غير متوفرة أو غير كافية على مستوى هذه الجماعات". والخلاصة أن قطار التحول الرقمي في بلادنا تعوزه القاطرة المؤسساتية الكفيلة بجر عرباته المتنافرة والمتباعدة، وتوجيهِهِ الوِجهة المطلوبة وبالسرعة المطلوبة وبالنجاعة المطلوبة. فهل سيكون إحداث اللجنة الوطنية للتنمية الرقمية بموجب المرسوم الصادر قبل شهر جزءا من الحل؟ هل ستهتدي هذه اللجنة بالتجارب العالمية الفضلى؟ هل ستتمثل توصيات مؤسسات الحكامة واللجنة الخاصة بالنموذج التنموي ذات العلاقة؟ ذلك ما ننتظر ونأمل. III- عجز التأطير القانوني للتحول الرقمي،أو حين وقف حمار الشيخ في العقبة: من أبرز الأعطاب التي تكَبل تحولنا الرقمي الوطني هو تخلف المقاربات القانونية عن الاستجابة للرهانات الرقمية المطروحة ومعالجة التحديات المحيطة بها. ولعل مما يثير الاستفهام قلة المبادرات التشريعية الحكومية إلى اليوم تفعيلا للإجراءات المنصوص عليها في البرنامج الحكومي، والحال أنه مضى من عمر الولاية الحكومية الحالية سنتان وتقترب من محطتها النصفية. ففي الوقت الذي اتسمت فيه الولاية السابقة بالغنى التشريعي، حيث عرفت اعتماد نصوص تشريعية مؤسسَة، من قبيل القانون رقم 54.19 المتعلق بميثاق المرافق العمومية، والقانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، والقانون رقم 20.05 المتعلق بالأمن السيبراني، والقانون رقم 43.20 المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعاملات الإلكترونية، والقانون رقم 88.17 المتعلق بإحداث المقاولات بطريقة إلكترونية، إلا أنه يسجل في هذه الولاية هذا الخصاص التشريعي المهول الذي لا تحجبه المعطيات. وبغض النظر عن الاستحقاقات التشريعية التي يمليها البرنامج الحكومي، فإن ثمة حاجات تشريعية حالية وراهنة يفرضها السياق، من جنس ما أورده تقرير المجلس الأعلى للحسابات، مشيرا إلى: * بعض المجالات غير المؤطرة قانونيا، كالأرشيف الإلكتروني، ومسك السجلات الإلكترونية، وموثوقية نسخ المستندات الرقمية، والعملات المشفرة، والمنصات الرقمية، والذكاء الاصطناعي؛ * تأخر المصادقة على مشروع القانون رقم 41.19 المتعلق بالإدارة الرقمية، الذي أعد سنة 2019. غير أن الوزارة المنتدبة أفادت أن التأخير أملته ضرورة ملاءمة المشروع مع مقتضيات القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية. إن هذا الدفع يبدو مقبولا لولا أن ثلاث سنوات ونصف مضت على صدور القانون 55.19 (مارس 2020) والتي كانت كافية بإنجاز الملاءمة المطلوبة، مما يجعل ذلك الدفع في النهاية متهافتا. * التأخر المهم الذي يعرفه إحداث المنصة الإلكترونية المخصصة لإنشاء المقاولات. فبالرغم من انطلاق المشروع منذ سنة 2011، وبالرغم من التقدم المحرز على المستوى التقني، إلا أنه يسجل تأخر المصادقة على المراسيم التطبيقية للقانون رقم 87.17 المعدل والمتمم للقانون رقم 13.99 القاضي بإنشاء المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية، وكذا التأخير الحاصل على مستوى توقيع الاتفاقيات المؤطرة للمنصة"؛ * التأخر البين في مصادقة الحكومة على مشروع المرسوم التطبيقي للقانون رقم 88.17 المتعلق بإحداث المقاولات بطريقة إلكترونية، حيث عرض ذلك المشروع على المجلس الحكومي في 3 مارس 2022، وإلى اليوم لم يبت فيه نهائيا؛ IV – تدبير التحول الرقمي – إخلالات بجلاجِل: إن مما يصدم عند الاطلاع على التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات، إيراده لمجموعة من المعطيات تكشف عن اختلالات كبيرة في تدبير ورش التحول الرقمي بالمغرب، والتي بسببها تستنزف المالية العمومية استنزافا وتتأخر المشاريع عن مواعيدها المقررة، وكل ذلك ينتِج هدرا للزمن الإصلاحي لا أحد يتحمل تكلفته. ومن النماذج التي تؤشر على ذلك ما ساقه التقرير في الصفحة 160، عن الاختلالات التي اعترت إرساء مشروع التشغيل البيني بين الأنظمة المعلوماتية للإدارة العمومية، إذ يقول التقرير بالحرف: "تم إدراج مشروع التشغيل البيني بين الأنظمة المعلوماتية على مستوى جميع الاستراتيجيات التي تبناها المغرب بما فيها استراتيجية المغرب الإلكتروني 2010 ومخططي المغرب الرقمي 2013 و2020، إلا أن تنفيذ هذا المشروع وتنزيله واجهته عدة صعوبات تتعلق بالتأخير في ملاءمة الإطار القانوني وفي تأهيل الأنظمة المعلوماتية للإدارات العمومية للقيام بالتشغيل البيني. حيث تم التخلي عن النسخة الأولى من منصة التشغيل البيني المشتركة بين الإدارات (Gateway) التي تم تطويرها سنة 2015 بتكلفة مالية تقدر بحوالي 11,3 مليون درهم. وقد عرفت سنة 2019 تطوير منصة جديدة من طرف وكالة التنمية الرقمية بكلفة تقدر بحوالي 62 مليون درهم، رغم وجود إمكانية إعادة تطوير النسخة الأولى. وتجدر الإشارة في هذا الصدد، إلى قيام المديرية العامة لأمن نظم المعلومات بافتحاص النسخة الأولى وإصدار عدة توصيات ترمي لتصحيح العيوب الأمنية دون أن تقترح التخلي عن المشروع، بينما أوصت نتائج الافتحاص الذي أجرته وكالة التنمية الرقمية بإعادة صياغة المنصة في نسختها الأولى أو التخلي عنها. وعلى الرغم من تنزيل وتشغيل النسخة الثانية من المنصة وفتح إمكانية تبادل وتقاسم البيانات، فإن أهداف تطوير الحالات العملية المنصوص عليها في خطة عمل وكالة التنمية الرقمية لعام 2022 ما زالت لم تتحقق". هذا نموذج لنمط في التدبير يحكم ورش التحول الرقمي وأوراش أخرى، رصدته تقارير هيئات الافتحاص وتقارير المؤسسات الدستورية كما في حالة المجلس الأعلى للحسابات اليوم. والمؤسف، إلى جانب الهدر المالي الذي كشفه التقرير، فإن النسخة الثانية التي كلفت ميزانية الدولة 62 مليون درهما لم تر النور بعد. ولعل هذا ما حدا برئيس الحكومة في اجتماع المجلس الحكومي المنعقد يوم 2 مارس 2023 إلى دعوة الوزراء "إلى التسريع بإخراج مرسوم التبادل البيني للمعلومات والوثائق بين الإدارات آخر أبريل، حتى يتمكن المواطن من توجيه طلب الحصول على وثيقة إدارية إلى إدارة واحدة وهي تتكفل بالتنسيق مع الإدارات الأخرى ورقمنة القرارات الإدارية التي تحتاجها كل الأسر المغربية مثل شهادة الازدياد وشهادة الوفاة ورخص البناء والسكن" (محضر الاجتماع). لقد مرت ثمانية شهور على الأجل المحدد والمرسوم لم يعرض بَعد على المجلس الحكومي بَلهَ أن يصدر، ولا جديد إلا ما أعلنته الوزيرة المنتدبة في الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة خلال عرضها لمشروع الميزانية الفرعية لوزارتها برسم سنة 2024 في اجتماع لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب المنعقد يوم 3 نونبر الماضي، من أن وزارتها بصدد إعداد مشروع قانون بشأن رقمنة الخدمات الإدارية، الذي سيمكن من إقرار التبادل البيني بين الإدارات، وأن هناك مشروع مرسوم قيد المصادقة يتعلق بتنظيم التبادل الإلكتروني للوثائق والمستندات الإدارية بين الإدارات. حُزمة أخرى من الاختلالات التدبيرية رصدها تقرير المجلس الأعلى للحسابات، نقدمها في العناصر الآتية: * عدم توفر جزء من الساكنة على المعدات المعلوماتية الضرورية للولوج للعالم الرقمي، فحوالي 17 % من الساكنة لا تتوفر على هاتف من الجيل الجديد؛ * بلوغ نسبة الأمية الرقمية56 % من السكان حسب معطيات الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات؛ * لجوء المواطنين إلى وسطاء (معتمدين أو غير معتمدين) لتمكينهم من الاستفادة من الخدمات عبر الإنترنت؛ * عدم مواكبة الجماعات الترابية للتطور الرقمي لخدمات القرب بغياب منهجية لقيادة التغيير عبر التواصل والتكوين وإعادة هيكلة المصالح؛ * افتقار الجماعات الترابية إلى البنيات التحتية والتجهيزات الكافية والموارد البشرية المؤهلة لتشغيل واستغلال المنصات الرقمية والتطبيقات المعلوماتية، علاوة على وجود مخاطر ترتبط بالأمن السيبراني، في ظل النقص في الأطر التقنية المتخصصة وضعف التحسيس؛ * تجاوز العديد من نظم الإدارات العمومية منها تطبيقات وأنظمة، تاريخ نهاية الخدمة، مما يستلزم عقودا خاصة مع المصنعين والموردين، وهو ما ينعكس على كلفة الصيانة والدعم وجودة الخدمات المقدمة؛ * بقاء بوابة "إدارتي" ذات وظيفة إخبارية فقط، لكون المكونات الأخرى (قواعد المعطيات والمكونات التشغيلية والحالات العملية، إلخ) ووظائف تبادل البيانات والتشغيل البيني للأنظمة تعرف تأخرا على مستوى التنفيذ والتطوير والتشغيل. وتبعا لذلك فلا يمكن إلى اليوم اعتبار البوابة نقطة الولوج الموحدة للخدمات العمومية عبر الإنترنت؛ خاتمة: إن الافتحاص الذي أجراه المجلس الأعلى للحسابات بشأن ورش التنمية الرقمية بالمغرب، يعتبر بحق شهادة مؤسساتية ثمينة على مستوى الخصاص التخطيطي والمؤسساتي والقانوني والتدبيري الذي يعرفه هذا الورش، وهو ما يستدعي التفاعل الفوري للجهاز التنفيذي وللوزارة الوصية بالخصوص مع مخرجات تقرير المجلس، ومن أوجه التفاعل المطلوب: 1 – التداعي لعقد لقاء تواصلي لتقديم كل التوضيحات الضرورية للرأي العام، مما قدم للمجلس في إطار مسطرة التواجهية أو ما نشأ وجد؛ -2 إطلاق ورش حوار وطني يشارك فيه كل الفاعلين العموميين والخواص والمؤسسات الدستورية، لمقاربة مسار التنمية الرقمية ببلادنا واستشراف آفاق التطوير الاستراتيجي لهذا الورش؛ 3 – إنتاج كتاب أبيض، يعكس مسار التحول الرقمي ببلادنا خلال العشريتين 2003 – 2023؛ إن التنويه بتشخيص المجلس الأعلى للحسابات لورش التنمية الرقمية بالمغرب، لا يحجب إثارة الانتباه إلى مجموعة من النقائص اعترت ذلك التشخيص، ومن بينها: * إنه بصرف النظر عن مجمل الاختلالات التي تَسِم ورش التحول الرقمي بالمغرب، مما ساقه التقرير وما لم يسقه، فإن ثمة عناصر إيجابية، في المقابل، تسجل لإدارة هذا الورش، وليس أقلها الجهود المشكورة لتعزيز الإنتاج التكنولوجي الوطني عبر الشراكات الدولية وتشجيع المقاولات الناشئة الوطنية، مما سيسهم بلا خلاف في تنمية التشغيل، إلى جانب الجهود العمومية المقدرة للنهوض بالتكوين وتعزيز الكفاءات الرقمية في القطاعين العام والخاص؛ * عدم تعرض التقرير السنوي للمجلس – في سياق تناوله للجهود التخطيطية التي عرفها المغرب – إلى ورش بلورة استراتيجية التنمية الرقمية في أفق 2030، وهو الورش الذي انطلق بمنشور رئيس الحكومة الصادر في غشت 2022، أي قبل سنة ونصف تقريبا، وتواصل بعدة إجراءات وأنشطة، بعضها مقدر موضوعيا. يتعين أن يشكل صدور التقارير السنوية للهيئات الدستورية، فرصا لفتح نقاش عمومي وأكاديمي، قصد فحص تدبير الشأن العام وبيان منجزاته وتعثراته، عسى أن يستخلص المدبرون العموميون من تلك التقارير ومن ذلك النقاش المأمول ما يلزم استخلاصه، فما أكثر الدروس والعبر في التقارير المذكورة وفي عموم الدراسات والأبحاث الأكاديمية والأطروحات الجامعية التي تتناول تدبير الشأن العام لكن ما أقل الاعتبار منها للأسف الشديد.. * باحث في قضايا الإدارة العمومية والتحول الرقمي