دعت المشاركات والمشاركون في الندوة الوطنية التي نظمتها منظمة الكشاف الجوال يوم الجمعة بالمقر الوطني لحزب التقدم والاشتراكية بالرباط، إلى التعديل الشامل والجوهري لمدونة الأسرة بما يؤدي إلى إنصاف المرأة والرجل واستقرار الأسرة، مؤكدين على ضرورة استلهام هذا الإصلاح من روح دستور 2011 الذي يعد خارطة طريق بمثابة ميثاق للحقوق والحريات، وكذا من الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب كما ينبغي أن يأخذ بعين الاعتبار التحولات العميقة السوسيو اقتصادية التي يشهدها لمجتمع المغربي. وديع درموك: تعديل المقتضيات التي أصبحت غير ملائمة لتطور المجتمع والقوانين وقال القائد العام لمنظمة الكشاف الجوال، وديع درموك في كلمة ألقاها في افتتاح أشغال هذه الندوة التي حملت شعار"إنصاف المرأة والرجل، ضمان أسرة مستقرة" والتي نظمت في إطار تخليد المنظمة للذكرى 80 لتأسيس حزب التقدم والاشتراكية، " إن التعديل الجوهري والشامل لمدونة الأسرة ينبغي أن يسير في اتجاه تعزيز المساواة وحماية حقوق النساء والأطفال والرجال على حد سواء وبناء أسرة متماسكة "، مثمنا المنهجية التي خطها وتضمنها الديوان الملكي بخصوص هذا الإصلاح" والتي تجمع بين الالتزام بمقاصد الشرعية الإسلامية وخصوصيات المجتمع المغربي في تطويرها وكذا تكييفها مع تطور المجتمع واحتياجات التنمية المستدامة" وشدد في هذا الصدد، على ضرورة الإسهام في الإصلاح الحقيقي الحداثي للمدونة، مشيرا في هذا الإطار إلى ما تضمنه ذات البيان الملكي بشأن مسألتي اعتماد الاعتدال والاجتهاد المنفتح والتشاور والحوار والمزاوجة بين المحافظة على المرجعيات والمبادئ الأساسية كالعدل والمساواة والتضامن والانسجام، المستمدة من المرجعية الدينية والاتفاقيات الدولية، وذلك على أن يتم التركيز في هذا الإصلاح على تجاوز ومعالجة الاختلالات وتعديل المقتضيات التي أصبحت غير ملائمة لتطور المجتمع والقوانين". سعاد بطل: الأخذ بعين الاعتبار ما يحمله الطموح نحو بناء نموذج تنموي جديد من جانبها، أكدت سعاد بطل، محامية بهيئة الرباط، عضوة مكتب فيدرالية رابطة حقوق النساء، على أن إصلاح المدونة الجاري حاليا تهم الأسرة وليست الرجل أو المرأة، وعليه أن يكون إصلاحا جذريا وشاملا يسير في اتجاه معالجة الاختلالات التي أبانت عنها الممارسة العملية، مؤكدة على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار في هذا الإصلاح السياق الوطني الراهن الذي يحكمه دستور 2011، وتكريس المبادئ والحقوق التي يحملها، فضلا عن ترجمة روح الاتفاقيات الدولية التي التزم بها المغرب رسميا والتي أصبح يعتمد عليها المحامون كثيرا في ترافعهم أمام القضاء لكونها تتضمن في مقتضياتها العديد من الضمانات للرجل والمرأة والأطفال أيضا. كما نبهت إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار في هذا الإصلاح ما يحمله الطموح نحو بناء نموذج تنموي جديد. هذا وقالت سعاد بطل، في تعدادها لدواعي نزول هذا الإصلاح، " إن خطاب العرش تضمن إشارات واضحة و مبررات تعتبر كسند ينبغي الاعتماد عليه لإخراج مدونة للأسرة وليست للرجل أو المرأة، خاصة وان مضامين الخطاب الملكي وقفت عند الأعطاب التي تطبع المدونة والتي باتت تفرض الإصلاح"، مشيرة في هذا الصدد لمجموعة من وضعيات الاختلال في النص الحالي والتي ينبغي معالجتها في النص الجديد، والتي من يأتي على رأسها الولاية الشرعية على الأبناء وزواج القاصرات الذي يتم السماح به بشكل كبير في المناطق النائية، والقطع مع كل الاستثناءات التي تفتح الباب أمام السلطة التقديرية للقاضي، والنظر في مسالة الفصل 400 من مدونة 2004، والذي يترك الباب مفتوحا أمام صدور أحكام معاكسة لغايات وأهداف دستور2011″. عفاف بنزكري: وضعيات شائكة التي تواجهها النساء في حياتهن الزوجية وجب إزاحتها ومن جانبها، اختارت، عفاف بنزكري، فاعلة جمعوية منتدبة لدى الرابطة الوطنية لحقوق النساء، تقديم شهادة انطلاقا من عملها الميداني مع النساء والأطفال، مشيرة إلى عدد الوضعيات الشائكة التي تواجهها النساء في حياتهن الزوجية، داعية في هذا الصدد إلى إعادة النظر في مسطرة الزواج بحيث يتم إخضاع المقبلين على الزواج لدورات تكوينية تجمع بين الجانب الديني والقانوني والطبي. وقالت في هذا الصدد، إن مدونة الاسرة قانون يرتبط بسلوك الفرد، وعليه ينبغي إخضاع المقبلين على الزواج لدورات تجعلهم على استعداد نفسي للدخول في مشروع بناء أسرة يكون أساسها التوازن في الحقوق بين المرأة والرجل وضمان حقوق الأطفال". كما اقترحت فيما يتعلق بمسطرة الطلاق، إقرار مسطرة الصلح قبل الوصول إلى المحكمة وخارج أسوار هذه الأخيرة عبر تفعيل مجلس العائلة بحيث يضم فضلا عن حكماء العائلة، مساعدين اجتماعيين وأعضاء من المجالس الترابية وممثلين عن جمعيات المجتمع المدني التي تشتغل على هذه القضايا، كما اقترحت تفعيل تجربة الانفصال المعمول بها في ألمانيا. وشددت على ضرورة ضمان المصلحة الفضلى للطفل، وإحداث صندوق وطني لضحايا العنف الزوجي، بحيث يضمن مصاريف الأطفال الذين يكون في أسرة تشهد العنف وهم إلى جانب أمهاتهم ضحايا هذه الظاهرة. محمد النحيلي: ضرورة وضع مخارج تجعل النص الجديد قانونا ومن جهته، شدد محمد النحيلي، رئيس منظمة بدائل للطفولة والشباب، نائب الكاتب العام للجامعة الوطنية للتخييم، " على مسألة المرجعية في هذا الإصلاح، قائلا" إن المرحلة دقيقة وهناك مخاض داخل المجتمع تثيره العديد من المطالب التي تحيط بها إشكاليات اجتماعية، خاصة مع ارتفاع نسبة الطلاق، ملفتا إلى ضرورة جعل الموضوع محط نقاش للوقوف على الأسباب الحقيقية والعمل على وضع مخارج تجعل النص الجديد قانونا متوازنا يأخذ بعين الاعتبار حقوق النساء والرجال والأطفال. ولفت في هذا الصدد أيضا إلى مجموعة من القضايا التي تثار بحدة، مثل العلاقات الرضائية بين البالغين، ومسألة الخصوصية، وزواج القاصرات، والتي هي ظاهرة تنتشر بحدة في مناطق نائية، داعيا إلى إلغاء المادة 20 من المدونة التي تمكن القاضي من إحكام فرض سلطته التقديرية، والعمل أيضا في ذات الإطار على إلغاء مهرجان إملشيل الذي يتم فيه استعراض فتيات بمفاتنهم أمام كاميرات أجانب يحتمل أن يكونوا من المتحرشين بالصغار. محمد الإدريسي: أخلاقيا يجب اقتسام الممتلكات الزوجية بين الزوجين وأفرد محمد الإدريسي، محامي بهيئة الرباط، عضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، حيزا مهما من تدخله، للوضعيات التي يخفيها سواء الرجل أو المرأة عن شريك المستقبل، خاصة في الجانب الصحي،داعيا إلى إعادة النظر في مسطرة الزواج بحيث يتم التأكيد على إجراء خبرة طبية كاملة يقدمها الزوج والزوجة حول حالتهم الجسدية والنفسية، كما دعا إلغاء دعوى تبوث الزوجية بحيث يجب وضع خط فاصل والحسم في هذا الأمر، كما دعا إلى السماح بزواج القاصرات ولو أن مسألة القطع مع هذا الزواج تطرح بإلحاحية بالنظر لكون بعض الأمهات والآباء يلجؤون لاستغلال هذا الوضع ويجعلون الإبنة مصدر ربح مادي لفائدتهم وابتزاز للغير . واقترح فيما يتعلق بمسطرة الطلاق،إقرار مسطرة الصلح قبل الوصول إلى المحكمة وخارج أسوار هذه الأخيرة عبر تفعيل مجلس العائلة بحيث يضم فضلا عن حكماء العائلة، مساعدين اجتماعيين وأعضاء من المجالس الترابية وممثلين عن جمعيات المجتمع المدني التي تشتغل على هذه القضايا، كما اقترحت تفعيل تجربة الانفصال المعمول بها في ألمانيا. وفيما يتعلق بالتعدد، اعتبر الإدريسي، انه ينبغي السماح به في بعض الوضعيات، كحالة عدم إنجاب الزوجة الأولى أو مرضها، معتبرا ان هذا الحل يحمي وضعية الزوجة الأولى ومكانتها، ويمكن الزوج من أن يكون له أبناء، وبالنسبة للممتلكات الزوجية، أكد أنه أخلاقيا ينبغي اقتسامها بين الزوجين خاصة حينما تساهم الزوجة بنصيب في ذلك سواء عن طريق عملها خارج البيت أو إرث، فيما أعلن رفضه قطعيا تغيير أحكام الإرث وعدم فتح الباب في هذا المجال، رافعا في هذا الصدد أحكام الشرع التي تنظم هذا المجال. خالد البقالي: قضايا كثيرة تثار داخل المجتمع بارتباط مع موضع إصلاح مدونة الأسرة ومن جانبه، استعرض خالد البقالي، محامي بهيئة فاس، عضو القيادة العامة لمنظمة الكشاف الجوال، مجمل القضايا التي تثار داخل المجتمع بارتباط مع موضع إصلاح مدونة الأسرة، قائلا: إن مواضيع الإرث وزواج القاصرات، والتعدد، وزواج المسلمة من غير المسلم، أخذت حيزا كبيرا في النقاش داخل المجتمع"، وأشار إلى القضايا التي تم الحسم فيها مسبقا كمسألة الإرث وزواج المسلمة من غير المسلم، وذلك بناء على منطوق الخطاب الملكي الذي قال فيه جلالته" لن أحلل حراما ولم أحرم حلالا". وأوضح بشأن المادة 400، بدورها تحيل على الشرع والمذهب المالكي المعمول به في المغرب، حيث تترك للقاضي الاعتماد عليها في كل ما لم يرد فيه نص . سمية منصف حجي: إعمال مبدأ الكد والسعاية المعمول به في بعض مناطق ومن جانبها، حرصت سمية منصف حجي، عضوة المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، رئيسة لجنة المساواة وحقوق النساء، على التأكيد من جديد على الدستور كعقد وميثاق تبنته جميع شرائح المجتمع المغربي والذي ينص على مبدأ المساواة كخيط ناظم في ضمان الحقوق للنساء والرجال والأطفال، ومضامين الاتفاقيات الدولية التي تعهد المغرب رسميا بمضامينها، مؤكدة على ضرورة إعمال وتنزيل جوهرها، فالأمر تقول سمية حجي" يتعلق بقانون شانه جميع القوانين" يجب أن يحكمه منطق الحقوق لاغير". كما دعت انطلاقا من منطوق المذكرة التي تقدم بها حزب التقدم والاشتراكية أمام اللجنة المشرفة على إصلاح هذا النص، إلى إعمال مبدأ الكد والسعاية المعمول به في بعض مناطق المغرب، تحديدا جهة سوس، وذلك فيما يخص اقتسام الممتلكات الزوجية"، كما شددت على إدخال الوساطة الاجتماعية في حال تأزم العلاقة الزوجية وتهديد هذا الرباط بالطلاق، بحيث يلجأ إليها الزوجان بعيدا عن أسوار المحكمة. وفيما يتعلق بثبوت البنوة، شددت على الأخذ باختبار الجينات وإلزام الأب بنتائجه وتقييد الإبن باسمه، فيما بالنسبة للولاية الشرعية على الأبناء، طالبت سمية حجي بأنه يجب أن تؤول للحاضن سواء كانت الأم أو الأب، كما طالبت بإلغاء المادة 400 من مدونة الأسرة الحالية التي تعطي للقاضي صلاحيات كبيرة وتفتح أمامه المجال ليتحول إلى مشرع، كما أكدت بالنسبة للإرث إلى إلغاء التعصيب والحث على توسيع العمل بالوصية . هذا وشهدت العروض تفاعلا من قبل الحضور، تقاطعت فيه الآراء بين من يرفض قطعا الفصل بين الشريعة ومضامين المدونة، خاصة فيما يتعلق بمنظومة الإرث، وبين من يدعو إلى اعتماد نص حداثي جديد يستلهم مضامينه من المثن الدستوري ومنظومة القوانين الدولي،خاصة الاتفاقيات التي صادق والتزم المغرب بها،فضلا عن الاجتهادات الفقهية المتنورة التي تعتمد روح ومطمح الشريعة التي جوهرها العدالة التامة و الحق، على أساس أن يكون النص القانوني الجديد غايته تحقيق الإنصاف وجوهره يتأسس على مبدأ المساواة.