أطلقت كوريا الشمالية الاثنين صاروخا بالستيا عابرا للقارات هو الأكثر تقدما لديها ويمكنه بلوغ الأراضي الأميركية، فرفعت بذلك العدد القياسي لتجاربها العسكرية هذا العام وهو ما قوبل بإدانات دولية. قالت كوريا الجنوبية إن الصاروخ الذي أطلقته بيونغ يانغ يستخدم الوقود الصلب الذي يجعل نقل الصواريخ أسهل وإطلاقها أسرع مقارنة بتلك التي تعمل بالوقود السائل. وتجربة الاثنين هي الثالثة التي تختبر فيها كوريا الشمالية صاروخا بالستيا عابرا للقارات يعمل بالوقود الصلب، بعد تجربتين في نيسان/أبريل وتموز/يوليو، وهو ما قال محللون إنه يشير إلى جهود متواصلة لتحسين التكنولوجيا. وقالت كوريا الشمالية إن الصاروخين السابقين كانا من طراز "هواسونغ-18" لكنها لم تعلق على الفور على عملية الإطلاق التي قامت بها الاثنين. وسرعان ما أدانت الولاياتالمتحدةوكوريا الجنوبيةواليابان التجربة الصاروخية التي قالت إنها تنتهك قرارات مجلس الأمن الدولي وتعرض الأمن في شبه الجزيرة الكورية للخطر. وأمر الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول باتخاذ إجراء مضاد "فوري وساحق"، ودعا إلى رد مشترك مع الولاياتالمتحدةواليابان. وقالت وزارة الدفاع اليابانية إن الصاروخ البالستي العابر للقارات يمكن أن يصل مداه إلى أكثر من 15 ألف كيلومتر، وهو ما يعني أنه يمكن أن يصل إلى مختلف أنحاء الولاياتالمتحدة. وجاء ذلك بعد إطلاق صاروخ قصير المدى مساء الأحد. وقال رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا إن "عمليتي الإطلاق لا تمثلان فحسب انتهاكا واضحا لقرارات مجلس الأمن لدولي، بل تمثلان أيضا تهديدا للسلام والاستقرار في المنطقة ونحن ندينهما بشدة". اعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الكثير من القرارات التي تدعو كوريا الشمالية إلى وقف برامجها النووية والصاروخية البالستية منذ أجرت أول تجربة نووية في العام 2006. وعلى الرغم من أن الصين، الحليف الوثيق لكوريا الشمالية، لم تعقب مباشرة على عمليتي الإطلاق الأخيرتين فإنها أصدرت بيانا يسلط الضوء على الثقة العميقة بين البلدين. وقال وزير الخارجية وانغ يي خلال لقاء الاثنين في بكين مع نائب وزير الشؤون الخارجية الكوري الشمالي باك ميونغ هو "في مواجهة الوضع الدولي المضطرب، لطالما تبادلت الصين وجمهورية كوريا الشعبية الديموقراطية الدعم الثابت والثقة"، على ما جاء في ملخص للقاء أصدرته الخارجية الصينية. قال الجيش الكوري الجنوبي في البداية إنه رصد إطلاق صاروخ بالستي بعيد المدى من منطقة بيونغ يانغ صباح الاثنين، وأنه حلق مسافة ألف كيلومتر قبل أن يسقط في البحر الشرقي، المعروف أيض ا باسم بحر اليابان. وأفادت كوريا الجنوبية بأن الصاروخ طار للأعلى وليس أفقي ا وهي طريقة قالت بيونغ يانغ من قبل إنها تستخدمها في بعض اختبارات الأسلحة لتجنب التحليق فوق الدول المجاورة. وأعلنت كوريا الشمالية العام الماضي نفسها قوة نووية على نحو "لا عودة عنه". وقالت مرارا إنها لن تتخلى أبدا عن برنامجها النووي الذي يعتبره النظام ضروريا لبقائه. وقال بارك وون جون، أستاذ الدراسات الكورية الشمالية في جامعة ايوا، إن الصاروخ الباليستي العابر للقارات الأخير هو على الأرجح صاروخ هواسونغ-18، مضيف ا أنه سيمثل ورقة قوية بيد كوريا الشمالية، إذا وعندما يصبح جاهز ا. وقال بارك لوكالة فرانس برس "يستخدم نظام هواسونغ-18 الوقود الصلب، لذلك لا يحتاج إلى وقت لتحضيره، ويمكن إطلاقه على الفور من منصة إطلاق متنقلة، ويمكن اعتباره نظام أسلحة يتمتع بقدرة عملية على ضرب البر الرئيسي للولايات المتحدة". ومع ذلك، فإن كوريا الشمالية لا تتقن بعد هذه القدرات، وفق جو ميونغ هيون، الباحث في المعهد الآسيوي لدراسات السياسة الذي قال لوكالة فرانس برس "فيما يتعلق بالصواريخ البالستية العابرة للقارات، لا يزال هناك الكثير من الجوانب التقنية غير المكتملة، بما في ذلك تأمين تكنولوجيا العودة (إلى الغلاف الجوي) وتكنولوجيا الرؤوس الحربية المتعددة". جاءت عمليات الإطلاق المتتالية في أعقاب تراشق محموم بين الولاياتالمتحدةوكوريا الجنوبية من جهة وكوريا الشمالية من جهة أخرى. عقدت الولاياتالمتحدةوكوريا الجنوبية الجمعة جلستهما الثانية للمجموعة الاستشارية النووية في واشنطن وفيها ناقشتا الردع النووي في حال نشوب نزاع مع الشمال. وحذرتا السبت من أن أي هجوم نووي تستهدف به بيونغ يانغ الولاياتالمتحدةوكوريا الجنوبية سيؤدي إلى نهاية النظام الكوري الشمالي. وانتقد متحدث باسم وزارة الدفاع الكورية الشمالية الأحد خطط البلدين لتوسيع التدريبات العسكرية المشتركة السنوية العام المقبل لتشمل تدريبات على العمليات النووية. وقال بيان نقلته وكالة الأنباء الكورية الشمالية إن "هذا إعلان مفتوح بشأن المواجهة النووية لجعل استخدام الأسلحة النووية ضد جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية أمرا واقعا". وأضاف أن "أي محاولة لاستخدام القوات المسلحة ضد كوريا الشعبية الديمقراطية ستواجه ردا مضادا وقائيا ومميتا". أدى إطلاق كوريا الشمالية قمرا اصطناعيا للتجسس العسكري الشهر الماضي إلى مزيد من التوتر. وصورت كوريا الشمالية ذلك على أنه اختراق كبير، زاعمة أنها تحصل على صور لمواقع عسكرية أميركية وكورية جنوبية.