أعلنت فيدرالية جمعيات آباء وأمهات التلاميذ اللجوء إلى القضاء ضد وزارة التربية الوطنية، وذلك لرفضها استمرار هدر الزمن المدرسي وتحميل الوزارة مسؤولية هذه التوقفات المستمرة التي تعرفها المدرسة العمومية، فيما يستمر التصعيد أيضا من قبل النقابات التي أعلنت الانسحاب من جولة الحوار التي كان من المقرر انعقادها بالرباط الاثنين الماضي بالرباط. وأعلنت نقابات بقطاع التربية الوطنية انسحابها من الحوار المباشر مع وزارة التربية الوطنية، محملة هذه الأخيرة مسؤولية فشل الحوار بسبب فقدان الثقة وغياب الوضوح والضمانات من أجل حوار فعال. وأوضحت مصادر نقابية لبيان اليوم أن النقابات كانت تستعد بشكل عاد لجلسة الحوار التي كانت مقررة الاثنين الماضي مع الحكومة، قبل أن تتفاجأ بكون الداعي إلى جلسة الحوار هو الكاتب العام لوزارة التربية الوطنية، حيث اعتبرت ذات المصادر أن هذا الأمر أزعج التنسيق النقابي الذي يرى أن مسلسل الحوار مع وزارة التربية الوطنية استنفذ أفقه في ظل المقاربة التي اعتمدتها الوزارة في إخراج النظام الأساسي الموحد والتي وصفتها ب "المقاربة الإقصائية". وزادت مصادر بيان اليوم أن النقابات لا تنسحب من الحوار بشكل كلي بل فقط مع وزارة التربية الوطنية، وأنها ما تزال تدعو إلى حوار جدي وفعال مع الحكومة كما جرى في الجلسات السابقة، والتي تقرر على إثرها تكوين لجنة وزارية لتتبع الملف والإشراف على جلسات الحوار المرتقبة. الانسحاب من جولة الحوار في هذا السياق، قال حسن أومريبط الكاتب الوطني للنقابة الوطنية لأطر الإدارة التربوية بالمغرب والقيادي بالجامعة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل عضو لجنة الحوار القطاعي بوزارة التربية الوطنية والبرلماني عن التقدم والاشتراكية عضو لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، (قال) إن النقابات انسحبت من جولة الحوار التي كانت من المفترض أن تكون الاثنين الماضي بينها وبين الحكومة. وأوضح أومريبط، في اتصال أجرته معه بيان اليوم، أن الجامعة الوطنية للتعليم التابعة للاتحاد المغربي للشغل كانت قد دعت في وقت سابق إلى وقف الإضراب وعودة الأساتذة إلى الأقسام تعبيرا منها عن حسن النية ومباشرة الحوار مع الحكومة، قبل أن تتفاجأ أن جولة الحوار التي كانت مبرمجة الاثنين الماضي دعا إليها الكاتب العام لوزارة التربية الوطنية عوض رئيس الحكومة، وهو ما اعتبره المتحدث دعوة استفزازية للنقابات. وزاد أومريبط أن حسن نية النقابات ردت عليه الحكومة بالاستفزاز من خلال التراجع عن جولات الحوار، مشيرا إلى أن الحوار السابق الذي جمع الحكومة مع النقابات، وعد فيه رئيس الحكومة بإجراء جولة جديدة من الحوار بعد أسبوع، وهو ما لم يتم، حسب المتحدث، الذي أضاف أن الأمر "ظل عالقا إلى أن تفاجأت النقابات بدعوة الكاتب العام لوزارة التربية الوطنية الذي هو مجرد موظف في الإدارة ولا يمتلك القرار السياسي في هذا الملف". كما لفت القيادي بالجامعة الوطنية للتعليم التابعة للاتحاد المغربي للشغل إلى تضارب تصريحات المسؤولين الحكوميين، وبين أعضاء الأغلبية الحكومية، حيث قال إن الكلام الذي يقوله وزير العدل عبد اللطيف وهبي ليس هو نفسه الذي يقوله رئيس الحكومة عزيز أخنوش أو رئيس مجلس النواب، هذا الأخير الذي اختلطت عليه الأمور ولم يفرق في تصريح أدلى به للصحافة بين "الزيادة" التي وردت في البرنامج الانتخابي لحزبه 2500 درهم وبين الزيادة بالترقية التي يطالب بها الأساتذة. وتابع المتحدث "كما أن فوزي لقجع في لجنة المالية لم يتحدث عن حوار قطاع التعليم بل عن الحوار الاجتماعي الذي سيبدأ بداية دجنبر المقبل وينتهي مع نهاية مارس المقبل على أن يستفيد منه الموظفون في السنوات المقبلة"، معتبرا هذه التصريحات المتضاربة مجرد تعويم للنقاش. كما لفت أومريبط إلى تصريحات وزير التربية الوطنية الذي قال أيضا إن الزيادة غير ممكنة في النظام الأساسي، وأن كل ما هو ممكن هو الاحتفاظ بالمكتسبات وتجويد النقائص، إذ شدد القيادي النقابي والبرلماني أنه في ظل كل هذه التناقضات تجد النقابات نفسها أمام أبناء الشعب المحرومين من الدراسة وأمام نساء ورجال تعليم ينتفضون من أجل تحسين أوضاعهم، وسط تأخير الحكومة للحوار. وجدد أومريبط التأكيد على أن النهج الذي تسير فيه الحكومة مع النقابات وهذه التضاربات في تصريحاتها وتأخيرها لجولات الحوار التي وعدت بها أدى إلى الإعلان عن العودة إلى الإضراب من جديد لانعدام الثقة في الحكومة. وأبرز المتحدث أن الأمور بدأت تسير نحو تعقيدات أخرى نتيجة هذا الاحتقان، حيث كشف أن فيدرالية جمعيات آباء وأمهات التلاميذ قررت هي الأخرى الدخول على الخط والتصعيد واللجوء إلى القضاء وإلى محاكم المملكة ضد وزارة التربية الوطنية. فشل جلسة الحوار من جهته، وفي تصريح لبيان اليوم قال عبد الله اغميمط الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم – التوجه الديمقراطي (FNE) إن فشل جلسة الحوار التي كانت مقررة الاثنين الماضي بين الحكومة والنقابات جاء بسبب وصول الحوار مع وزارة التربية الوطنية إلى الباب المسدود، موضحا أن الحوار مع الوزارة المعنية انطلق منذ سنتين ولم يصل إلى أي نتيجة تذكر. وحمل اغميمط مسؤولية فشل الحوار القطاعي لوزارة التربية الوطنية التي قال إنها لم تستطع طيلة سنتين من الحوار تقديم إجابات واضحة عن مطالب الشغيلة التعليمية ومعالجة الملفات الفئوية المتراكمة. وأوضح المسؤول النقابي أن رد فعل نساء ورجال التعليم بمقاطعة الحوار مع وزارة التربية الوطنية أمر طبيعي خصوصا بعد 20 شتنبر حيث فقدت أسرة التعليم الثقة بشكل كلي في الوزارة التي أقرت النظام الأساسي الموحد وجرى نشره في الجريدة الرسمية بدون مقاربة تشاركية وبدون الاستجابة لانتظارات الشغيلة التعليمية. ويرى اغميمط على أن الكرة في ملعب الحكومة التي قال إنها المسؤولة عن توفير مناخ حوار جدي ليس مع النقابات فقط، بل حتى مع التنسيقيات الموجودة على الساحة، والتي تحظى بثقة نساء ورجال التعليم في ظل أزمة العمل النقابي بالمغرب التي ابتدأت بعد 2011. وأبرز المتحدث أن التنسيق الوطني لنساء ورجال التعليم الذي يضم أزيد من 22 تنسيقية بالإضافة إلى الجامعة الوطنية للتعليم – التوجه الديمقراطي له ثقل كبير ومن المفترض أن يشمله الحوار بدل الإقصاء الذي تمارسه الحكومة، مشيرا إلى أن "الحكومة تقصي أيضا جامعتنا من جلسات الحوار بالرغم من كونها ضمن النقابات الأكثر تمثيلية بحكم الميدان والواقع الذي يعيشه قطاع التربية الوطنية". ولفت اغميمط إلى وجود متغيرات كثيرة في الساحة التعليمية وخصوصا قوة التنسيقيات ومختلف الهيئات الموجودة اليوم في قطاع التربية الوطنية، داعيا إلى "ضرورة إشراك الجميع في حوار جدي وفعال لتجاوز الاحتقان الكبير الذي يعيشه القطاع". وفي نفس الإطار، دعا اغميمط الحكومة إلى الجدية في التعامل مع النقابات والتنسيقيات التعليمية، وإظهار الالتزام على هذا المستوى من أجل وضع بيئة مناسبة لتجاوز حالة الاحتقان والخروج من هذه الأزمة، حيث قال إن تصريحات بعض المسؤولين والوزراء تؤكد على أن الحكومة الحالية تسير على نفس منهجية الوزارة المعنية والتي تزيد من تأجيج الوضع خصوصا في مسألة ربط الحوار بوقف الإضراب والتوجه نحو مزيد من الاقتطاعات من أجور المضربين، كما ورد في مراسلة من الكاتب العام لوزارة التربية الوطنية للخازن العام للمملكة والذي يدعو فيها إلى تفعيل الاقتطاع من الأجور. وأضاف المتحدث أن الحكومة تراهن في هذا الملف على عامل الوقت وعلى المزيد من الاقتطاعات بدل إفراز حلول حقيقية كفيلة بتجاوز واقع الاحتقان، مؤكدا على أن المؤشرات التي تبعث بها الحكومة للشغيلة التعليمية مؤشرات سلبية، خصوصا في ظل عدم تفعيل اللجنة الثلاثية التي أعلن عنها المجلس الحكومي السابق والتي تتكون من وزير التشغيل ووزير التربية الوطنية ووزير الميزانية، والتي من المفترض أن تباشر هي الحوار مع الشغيلة بدل توصل النقابات من دعوة من قبل الكاتب العام لوزارة التربية الوطنية. ودعا القيادي النقابي الحكومة إلى إظهار مساعي الجدية في الحوار وعدم تكرار منهجية وزارة التربية الوطنية في التعامل والإقصاء، مشددا على أن إظهار الجدية يبدأ بسحب هذا النظام الأساسي الموحد وباستدعاء جميع المكونات النقابية والتنسيقيات التعليمية إلى الحوار وكذا إفراز مقترحات وعروض حقيقية للنقاش. سحب النظام الأساسي الموحد وجدد اغميمط التأكيد على أن مطالب نساء ورجال التعليم تتمثل بشكل أساسي في سحب النظام الأساسي الموحد بشكل كلي وكذا التراجع على ما سمي باتفاق 14 يناير الذي قال إنه أوصل القطاع إلى ما يعيشه اليوم من احتقان، داعيا إلى إفراز أرضية جديدة للحوار وتوفير عروض تستجيب لمطالب الشغيلة التعليمية وتقديم حلول فعلية للملفات الفئوية المتراكمة بالقطاع. كما أكد على ضرورة الاستجابة لمطالب الأساتذة والشغلية التعليمية من خلال وضع نظام عادل ومنصف لجميع الفئات التعليمية، وكذا الاستجابة لمطالب الزيادة في الأجور وعدم الاقتطاع من أجور المضربين وإرجاع الاقتطاعات السابقة وكذا باقي المطالب المعلن عنها، مشددا على أن الاستجابة لهذه المطالب تتطلب جرأة سياسية حقيقية على اعتبار أن مشكل التعليم ليس مشكلا قطاعيا فحسب بل مشكل مجتمع ومن الضروري أن يحظى بالأولوية والجدية في الحل. ونبه المتحدث إلى مخاطر اتساع الاحتقان في القطاع، خصوصا بعد التحاق جمعيات الآباء والأمهات بالفضاء الاحتجاجي، مجددا دعوته للحكومة للتحلي بالجدية والجرأة السياسية في معالجة هذا الملف لما فيه مصلحة الجميع، حيث أشار إلى أن الكرة أصبحت في ملعب الحكومة والمسؤولين لتقديم الأجوبة على الملفات المطروحة وعلى انتظارات نساء ورجال التعليم والاستجابة لمطالبهم العادلة والمشروعة. يشار إلى أن الشغيلة التعليمية تخوض منذ أسابيع إضرابات وطنية متتالية، بما فيها هذا الأسبوع، حيث انطلق الإضراب أمس الثلاثاء ويستمر إلى غاية يوم غد الخميس، فيما من المرتقب أن يتجدد الإضراب مرة أخرى الأسبوع المقبل في حالة استمرار التوتر بين الشغيلة والوزارة على إثر النظام الأساسي الجديد الذي كانت الحكومة قد أعلنت في وقت سابق عن نيتها في سحبه وتعديله ضمن جلسات الحوار مع النقابات الأكثر تمثيلية.