نظم فرع تمارة لاتحاد كتاب المغرب، مؤخرا بالصخيرات، ندوة حول «المثقف والثورة الرقمية» شارك فيها محمد أسليم، السباق إلى وضع مجلة إلكترونية في المغرب، وسعيد يقطين رئيس اتحاد كتاب الأنترنيت. وقد جاء في مداخلة محمد أسليم أن الثورة التكنولوجية ليست وليدة اليوم، كما يتصور من يربطها بظهور الحاسوب وشبكة الأنترنيت العنكبوتية، بل تعود إلى ظهور التلغراف والهاتف. واعتبر أن هذه الثورة، اجتازت ثلاث مراحل، الأولى مع ظهور أول حاسوب سنة 1945، والثانية سنة 1970 عند بداية انتشار الحواسيب الشخصية والثالثة في تسعينيات القرن الماضي، مع إطلاق شبكة الأنترنيت. وقال إن الحديث الذي يجري حاليا عن الاقتصاد المعرفي وظهور الأذرع الآلية والإنسان الروبوت، كان وسيكون له انعكاس كبير على اليد العاملة، إذ أن الثورة الرقمية تقضي على الملايين من مناصب الشغل. واعتبر أن «عالم الغد، سيكون مزيجا من الكائنات البيولوجية مثلنا، وكائنات نصف بيولوجية ونصف تكنولوجية، وكائنات تكنولوجية وعاقلة». وأشار إلى وجود اتجاهين فكريين يتصارعان حاليا، اتجاه يقول بشرعية المثقف لما يملك من رأسمال رمزي، يخول له أخذ الكلمة وتمثيل المجتمع، واتجاه يقول بتعدد الأقطاب في المجتمع، وتشظي الثقافة وتشظي المجتمع، وهو اتجاه ما بعد الحداثة الذي أمدته التقنية بالقدرة على المواجهة. كما أوضح أن الرقمية تحرر الثقافة من الحامل المادي، فالمدرسة مثلا لم تعد هي الحامل الوحيد للمعرفة، والمدرسة تعتمد على التراتب في حين أن الحاسوب لا يعتمد على ذلك. واعتبر أن الحاسوب يؤدي خمس وظائف دفعة واحدة، فهو يمكن من الكتابة والقراءة وبث الأخبار وتلقيها، وتخزين كم هائل من المعلومات، وهي وظائف لا يقدر الإنسان على القيام بها دفعة واحدة. أما الباحث سعيد يقطين، فيعتبر أن الانتقال من الثقافة الورقية إلى الثقافة الإلكترونية هو انتقال من الإيديولوجية إلى العلم، مشددا على عدم إمكانية الدخول إلى العصر الحديث دون التسلح برؤية علمية للعالم، ومؤكدا أن رهان الثقافة العصرية الحديثة هو رهان الثورة التكنولوجية. وأوضح أن تاريخ الثقافة مر من مراحل متعددة، قبل أن يظهر هذا الوسيط الجديد، الذي هو الثورة التكنولوجية، وأن أي مجتمع يتأخر في الدخول إلى هذه المرحلة هو مجتمع خارج العصر. وأضاف أن هناك جيلين يتعاملان مع هذه التكنولوجيا، جيل انتقل من الورقي إلى الإلكتروني، وجيل فتح عينه على لوحة التحكم، وهو جيل يتعامل مع هذا التحول دون مرجعية ثقافية كما هو الشأن بالنسبة للجيل الذي سبقه. وشدد على ضرورة تعليم هذه التكنولوجيا في جميع المدارس، والتعامل معها باللغة العربية، متسائلا في نفس الوقت «كيف يمكن كتابة نص رقمي في وقت ما زالت الكتابة عندنا محملة بالشفوي؟،إذ هناك نصوص لا توجد فيها عناوين رئيسية ولا فرعية ولا يوجد ترقيم ولا تاريخ، كأننا نفكر شفويا ونترجم أفكارنا الشفوية إلى كتابة.