ترأس الأستاذ محمد العربي المساري الندوة التي نظمتها مؤسسة أبو بكر القادري للفكر والثقافة يوم الأربعاء 13 ابريل 2011 بالرباط حول موضوع « قيم المواطنة في عصر تطور وسائل الاتصال الحديثة»، بمشاركة الأساتذة، سعيد يقطين، يحيى اليحياوي وعمر بلافريج. كما حضر هذه النوة المجاهد الكبير أبو بكر القادري والأستاذ عبد الكريم غلاب وعدد من شخصيات الفكر والسياسة. وسبق لمؤسسة أبو بكر القادري أن نظمت العديد من التظاهرات الثقافية منها ندوة يوم الخميس 25 / 11 / 2010 بالرباط حول «الهوية والمواطنة» حضرها كذلك المجاهد أبو بكر القادري والسيد عبد الكريم غلاب والسيد امحمد بوستة أعضاء مجلس الرئاسة لحزب الاستقلال. وتهدف مؤسسة أبو بكر القادري للفكر والثقافة من خلال هذه الندوات مناقشة العديد من المواضيع وتشجيع البحث في الميادين المتعلقة بالعمل الوطني والسياسي والاجتماعي، وتنشيط الحياة الثقافية بصفة عامة. الخبير في الإعلام والاتصال يحيى اليحياوي: التكنولوجيا لا تخلق المواطنة بقدر ما تقويها تحدث يحيى اليحياوي الخبير في الإعلام والاتصال في هذه الندوة عن الديمقراطية والمواطنة وعلاقتهما بالتكنولوجيا وتناول هذه الإشكالية من زاوية أخرى أي من مدخل آخر، وذلك من خلال التساؤل عن مصير المواطنة والديمقراطية في ظل طفرة التكنولوجيا والإعلام والاتصال والمعلومات. وبدأ اليحياوي مداخلته بثلاث ملاحظات اعتبرها أساسية لفهم السياق العام لهذا الموضوع، فالملاحظة الأولى هي أن هناك انبهارا متزايدا بالتكنولوجية، وبالتحديد تكنولوجيا الإعلام والمعلومات والاتصال لدرجة أنه بات كل من لا يتحدث باسم التكنولوجيا أو بتوظيف المصطلحات التقنية الصرفة، يعتبر خارج العصر، ولدرجة أن العديد من الخاصة ومن العامة أيضا، بدأوا يكتبون عن الثورة الرقمية والديمقراطية الافتراضية والديمقراطية العائلية وما سوى ذلك، وبالتالي يبدو لليحياوي أن هذا الانبهار أسقطنا فيما يمكن أن نسميه «بعض التمييع» الخاص بالمساءلة في عموميتها. والملاحظة الثانية هو أن التكنولوجيا عموما وتكنولوجيا الإعلام والاتصال والمعلومات غالبا ما تربط بطريقة قصرية إلى حد ما بمجالات معرفية، قد لا تكون بينها وبين التقنية أو التكنولوجيا علاقة عميقة تذكر، وتحدث في هذا الصدد عن الأدب الرقمي وعن الشعر الرقمي والرواية الرقمية كذلك، موضحا أن وجود شاعر أو روائي أو قاص في الشبكة العنكبوتية يعطيه ميزة بأنه أصبح حقيقة أديبا رقميا، وهذه مساءلة غير دقيقة حسب ما يتصور اليحياوي. والملاحظة الثالثة فيما يخص العالم العربي، مؤكدا أن ما اطلع عليه من أدبيات حول تكنولوجيا الإعلام والمعلومات والاتصال ومجتمعات المعرفة، وما سواها يبدو أنه ليس هناك تأصيل معرفي حقيقي لإشكالية العلاقة بين التكنولوجيا ومجموعة من الروافد في السياسة أو في الاقتصاد أو في علم الاجتماع، وبالتالي المفروض على الأقل في الجانب الأكاديمي الصرف، أن نحاول تجاوز الخطابات الحماسية والانبهارية الصرفة بالتقنية وبالتكنولوجيا وبشبكة الانترنت. وأكد أن مداخلته هي محاولة لفهم مستقبل المواطنة والديمقراطية وبالتحديد في ظل هذه الطفرة التكنولوجية التي نعيشها منذ حوالي 15 أو 20 سنة، في أعقاب ظهور التكنولوجية الرقمية، وقال إن مداخلته هي مجموعة أفكار وآراء و مجموعة عناصر، أراد أن يطرحها للنقاش. فالعنصر الأول في مداخلته هو أن معظم الديمقراطيات التمثيلية في الغرب، وفي معظم دول جنوب أمريكا أو في جنوب شرق آسيا أو في بعض الدول الإفريقية جنوب الصحراء، تعيش اليوم وضعية أزمة ولربما وضعية التأزم وذلك بسبب تراجع منسوب المواطنة داخل الديمقراطية، أو جراء الخلل التي تعيشه العديد من المؤسسات السياسية التي أثرت بطريقة أو بأخرى على مضمون وكنه المواطنة وبالتالي على السياق الديمقراطي عموما. وفي ظل واقع الأزمة والتأزم هذا، ظهرت تدريجيا قناعة مركزية مفادها أن التكنولوجيا وتكنولوجيا الإعلام والمعلومات والاتصال، تيسر وتسهل إنتاج وتخزين وترويج واستهلاك وإعادة استهلاك المعلومة والمعطى والبيان من شأنها أن تغذي إلى حد ما هذا الخصاص الديمقراطي الذي يلاحظ في الديمقراطيات التمثيلية على أرض الواقع، ومحاولة علاج أزمة الديمقراطية في أرض الواقع بمعطيات افتراضية، وهذا هو طرح القناعة المركزية، وبالتالي فعبارة الديمقراطية الافتراضية ارتكزت على الاعتقاد بأن المساهمة المباشرة للمواطنين في النقاش الديمقراطي بحكم توفر التقنيات التفاعلية، ومساهمة الأدوات الافتراضية وأدوات التقنية أو التكنولوجيا المقننة للشبكة تساهم إلى حد ما في تقوية مبدأ المواطنة، مرة أخرى نحاول أن نعالج أزمة ظاهرة واقع الحال من خلال أدوات نقتنيها من المجال الافتراضي. والملاحظ هنا في هذه المقاربة الصرفة أن الديمقراطية الافتراضية جاءت كمعطى لتجاوز واقع أزمة الديمقراطية الواقعية، وهناك طرح آخر هو أن هذه الديمقراطية الافتراضية أتت أو أريد لها أن تأتي لتركز بالأساس على بعد المواطنة داخل الديمقراطية، وفي اعتقاده الخاص فالمواطنة هي كنه العملية الديمقراطية، وهناك عنصر آخر في هذا الصدد مفاده أن الديمقراطية كانت في البداية أي في العصر الأثيني الصرف مباشرة إلى حد ما، فيما بعد ذلك أصبحت الديمقراطية تمثيلية ترتب عنها ممارسة المواطنين لمواطنتهم عبر ممثلين. وقال إن اختبار المواطنين للنخبة الحاكمة أو للحاكم عموما، يستوجب أولا الثقة وهذا عنصر أساسي في المواطنة، ويستوجب أيضا وبالأساس أن يكون الشعب أو المواطن أو مجموعة المواطنين يحتكمون إلى المعلومات وإلى المعطيات وإلى البيانات والوثائق التي تمكنهم من اختيار الحاكم ومراقبة الحاكم ومحاسبته، وهذا ما حاولت إلى حد ما التكنولوجيا الجديدة معالجته في كل ما يتعلق بالانترنيت والشبكات الاجتماعية وما سواها، وهذا العنصر الثاني نلاحظ من خلاله أن التكنولوجيا لا تخلق المواطنة بقدر ما تعمل على تقويتها. وركز في هذه النقطة بالأساس على الحديث عن شباب الفايسبوك خاصة بعد الأحداث التي عاشها العالم العربي أخيرا، وكأن الشبكة هي التي تخلق المواطنة، لكن شبكة الانترنيت بالتحديد والشبكات الاجتماعية والفايسبوك والتويتر وغيرها تقوي من منسوب المواطنة، لكنهم لا تخلقها. وأضاف أن الشبكات الرقمية والانترنيت بالتحديد لا تخلق العلاقات الاجتماعية بقدر ما تحاول أن ترفع من نجاعة هذه العلاقات الاجتماعية ومن إعطائها بعد في الفعل، متقدم شريطة أن تكون هناك قضية. وفي الفايسبوك مثلا لو سلمنا بأن مجموعات الفايسبوك استطاعت أن تخلق لنفسها فضاء للتواصل، فيمكن أن نسلم أن هذا الفضاء هو إلى حد ما رأي عام، ولكن شريطة أن تكون هناك قضية مشتركة، وتساءل، هل كل ما يروج داخل الفايسبوك له قضية مشتركة؟ وبالتالي فإن التكنولوجية مادامت لا تستطيع أن تخلق علاقات اجتماعية، فإنها تستطيع أن تهيكل هذه العلاقة الاجتماعية وأن تخلق لها بعض منافذ التصريف، وذكر أن المدخل الأخير هو أن هناك إحساسا بأن المواطن عندما يمارس مواطنته عبر الشبكة وعبر الاستفادة عن بعد أو التصويت عن بعد أو ما سواه، يعطي الانطباع بأن هناك ممارسة للمواطنة، لكن ذلك غير كاف لأن المواطنة تفترض أولا التواصل وتفترض الحوار يعني الأخذ والرد في الآراء. الأستاذ الجامعي سعيد يقطين: الجمعيات والجماعات التي تشتغل بمنأى عن الانترنيت تسير تلقائيا نحو الزوال قال سعيد يقطين الأستاذ الجامعي في الندوة التي نظمتها مؤسسة أبو بكر القادري إن المجتمعات والجمعيات تشترك في عناصر ومقومات مختلفة بحسب العادات أو الطرق أو ما شابه ذلك، ومن هذه الطرق ما هو اقتصادي وما هو اجتماعي وما هو ثقافي كذلك. وأضاف في الندوة ذاتها أن مقولة الوطن ترتبط بالدولة الحديثة، لأنه في تاريخ المغرب قد تشكلت الدولة منذ المولى إدريس، أي منذ العصر الإسلامي، ولكن لم يظهر داخل الدولة المغربية مفهوم المواطن ومفهوم الوطن بشكل واضح، لذلك عندما نقول إننا كمغاربة لم يكن ممكنا في العصر الموحدي أن نقول إننا مرابطون أو إننا موحدون، فالذين كانوا متشبثين بالدولة، كانوا هم الذين ينتمون إلى قبيلة الحكام الذين ينتمون إلى هذه الدولة، ولكن بالنسبة للأفراد أو «المواطنين» ظلوا مرتبطين بالتاريخ، أي بالقبيلة والشعب، أي بالهوية الخاصة، التي تكونوا عليها، وظل كل واحد يحافظ على هويته أو لغته حتى وإن تشكلت هوية أخرى أهم وأشمل. وأوضح أنه عندما ننظر في علاقة المغرب مثلا بالمشرق فينظر إلى الجميع على أنهم مغاربة، وهذا التشكل لهذه الدولة أعطى هذه الخصوصية للمغرب، وفي داخل المغرب نجد هويات متعددة، بمعنى أنه ليست هناك هوية مطلقة، وهذه الهوية ستتحدد حسب العلاقة بالزمن وبالفضاء وبالوسيط، أي كان هذا الوسيط. ولكن التغيير سيتم مع ظهور الدولة الحديثة ومع الاستعمار، وهذه خاصية من الخصائص التي لا نجدها مثلا في المشرق العربي، ولكنها وليدة المجتمع المغربي، لأن الدولة في المغرب عريقة ، بالإضافة إلى عملية تكوين المجتمعات المتعددة داخل الشعب، وظل لها هذا الدور الوازن في إقامة ما يمكن أن نسميه بالهوية المغربية، ولعل الوقوف على تاريخ الحركة الوطنية في المغرب خير دليل على ذلك، حيث كانت كل مكونات المجتمع المغربي تضافرت جهودها من أجل مواجهة العدو الخارجي المتمثل في المستعمر. وذكر أنه الآن ومع ظهور وسائط جديدة صرنا نتحدث عن مجتمعات جديدة، وهذه المجتمعات لم تبق أسيرة المكونات التي تنتمي إليها، ولكنها صارت منفتحة على عناصر وعلى هويات غير الهويات السابقة، لأن هذه الهويات والمواطنات، أي الانتماء إلى الوطن، إلى جانب ذلك أنه يرتبط بعقبات واقعية، فهو يدفع بالمواطن للبحث عن انتماء آخر أو عن هوية أخرى، وهذه المسألة، ليست فقط إرادية، ولكن تتدخل فيها كذلك عوامل، ثقافية جديدة، ولعل الوسيط الجديد، أي الحاسوب وكل ما يتصل به ساهم مساهمة كبيرة جدا في تغيير رؤية الإنسان إلى هويته وانتمائه إلى الوطن، وذلك لسبب بسيط يكمن في خصوصية هذا الوسيط، وأكد يقطين أن هذا الوسيط سيظل كما نقول مثلا عن الطباعة أو عن الكتابة أو الشفوي، فهو في آن واحد فضاء لأن فيه مستلزمات الفضاء الذي تحدثنا عنه داخل المدينة أو داخل القبيلة، وهو إلى ذلك زمن أي أنه يخلق له زمنه الخاص، وهو إلى جانب ذلك أيضا وسيط، من خلاله يتم التواصل مع الآخر إلى جانب أنه فاعل، أي أنه يعطي للإنسان إمكانية التفاعل معه كوسيط، وكحاسوب وكشبكة وفي نفس الوقت عامل تواصل مع العالم الخارجي. إذن كل ذلك يساهم إلى حد كبير جدا في جعل الإنسان ينتقل من الواقع الذي نتحدث عنه إلى واقع مفترض، أو واقع افتراضي. هذا الواقع جاء أو تلامس، مع ما صار يعرف بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، بالعولمة، ولا أرى يقطين هذا الربط صحيحا، لأنه جاء مباشرا على مستوى الزمن ليتلاءم مع هذه الحقبة، وإلا فهذا الوسيط الجديد كانت هناك مؤشرات ظهوره منذ القدم، ولكن الثورات الصناعية المتلاحقة على المستوى الاتصال والتواصل أكدت وجوده ووصوله في المرحلة التي نعيشها الآن وحتى منذ أواسط الثمانينيات. وأفاد أن هذا الطموح الإنساني لتحقيق تواصل أكثر وذلك لإقامة علاقات غير العلاقات التي نجدها حاليا، لذلك صرنا بدل أن نتحدث عن هوية خاصة أو هوية عائلية وقبلية أو هوية دولية نسبة إلى الدولة صرنا أمام اللاهوية أو الهوية الافتراضية التي يمكن للإنسان أن يخلق فيها علاقات مع العالم الخارجي ومع ثقافات وهويات وانتماءات إلى أوطان متعددة، ويتواصل معها ربما بصورة لا تتحقق داخل الوطن الذي يعيش فيه. وهذا هو ترجمة التصوير الذي يقول إن العالم أصبح قرية صغيرة، لكن السؤال الذي يمكن أن نطرحه هنا، كيف يمكن الارتقاء بهذه المواطنة لكن تصبح مواطنة إنسانية؟ وهذا السؤال يتصل بالوسيط الجديد الذي له إكراهاته كذلك، إذن نفس الواقع هو الذي كان سائدا، ولو أنه أصبح يتخذ صورا مختلفة، لكن مع فارق، هو أن الإنسان صار بإمكانه الآن أن يتواصل مع العالم الخارجي، ويتجاوز المجتمعات السائدة، ويبدو أن هذا هو العنصر الأساسي الذي علينا أن ننتبه إليه، لأنه بدون المجتمعات القائمة ونقصد بها المؤسسات والجمعيات والجماعات التي ظلت تشتغل بمنأى عن هذا الوسيط الجديد هي تلقائيا تسير نحو الزوال، لأننا الآن بصدد تشكل مجتمعات جديدة، هذه المجتمعات الجديدة قوامها هو التواصل بواسطة الوسائط المتفاعلة. ونفس الشيء يمكن أن نقوله عن الهويات الخاصة، التي ما لم ترتق إلى أن تخلق لها إمكانيات للتواصل بشكل ملائم والانفتاح على هويات أخرى لا يمكنها إلا أن تنتهي وتزول مهما كانت ديناميتها. عمر بلا فريج رئيس مؤسسة عبدالرحيم بوعبيد: المواقع الاجتماعية تمكن الفاعلين من ممارسة السياسة قال عمر بلافريج، في مداخلة ألقاها في ندوة مؤسسة أبو بكر القادري، إن الانترنيت والشبكات الاجتماعية في السنوات الأخيرة، شكلت قفزة نوعية في عدة مجالات، مشيرا إلى موقعي الفايسبوك والتويتر. وركز على بعض الأمثلة التي اعتبرها مهمة جدا خاصة في العلاقات الاجتماعية التي تربط بين الأشخاص، واعتبر القفزة النوعية للانترنيت تكمن في تمكين الشباب لمواصلة التواصل، فيما بينهم حتى ولو كانت تفرقهم آلاف الكلمترات، فإنهم يواصلون علاقاتهم الودية والحميمية فيما بينهم، واعتبر ذلك إيجابيا خاصة على الصعيد الاجتماعي. وأضاف أن في مجال له أهميته في المغرب الحالي، خاصة وأن هذه الشبكة استطاعت فتح فرص الشغل لعدد كبير من الشباب، خاصة الذين ليست لهم علائق تمكنهم من إيجاد فرصة شغل، وأكد أن المغرب وصل فيه المشتركون في الانترنت إلى ما بين 20 و 30 مليون، ورغم ذلك فلازال في مرتبة متواضعة مقارنة مع كوريا الجنوبية التي وصل فيها المشاركون 90% من الساكنة. وذكر أن الانترنيت عنصر أساسي في المجال الثقافي الذي له علاقة مباشرة بالحالة الاجتماعية في الدول الفقيرة كالمغرب، فالانترنيت اليوم وهذا منذ خمس سنوات يفتح لأي كان أن يتوصل بالمعلومات الثقافية التي لا يمكن لأي كان التوفر عليها، إلا إذا كان موجودا في الدول المتقدمة أو الذي له إمكانيات مادية للدراسة في مؤسسات عليا ومتطورة. وأشار أن الانترنيت يوفر مثلا موسوعة «يوكبيديا» بالمجان و اعتبرها بلافريج ثورة حقيقية في دول العالم الثالث، خاصة في المدن والقرى التي لا تتوفر على مكتبات، ومن خلال الانترنيت يمكن التوصل بعدد من المعلومات تمكن الجميع من الاطلاع عليها ومن خلالها على قضايا هامة. ووقف عند مثال قال إنه عاشه شخصيا في إحدى قرى الأطلس المتوسط «تمحضيت» ولاحظ أن الشارع في أحد أيام سنة 2002شبه فارغ ، ولما استفسر في الأمر تأكد من أن قسطا كبيرا من الناس يشاهدون شريطا أمريكيا «Matrix»، وكان هذا الشريك في تلك الأوقات لم يمر على إخراجه إلا أياما قليلة، وهذا يعني أن شبكة الانترنيت استطاعت أن تقدم لأناس في مدينة صغيرة بالمغرب من مشاهدة شريط سينمائي جديد ويعالج قضية معينة. وأضاف أن الشبكات المعلوميات تمكن من فتح مجال جديد للسياسيين من ممارسة السياسية من خلال استعمال هذه الشبكة بطريقة موسعة، وهذه العملية انطلقت حديثا خاصة مع الحملة الانتخابية الأمريكية، بحيث كان الموالون للرئيس أوباما يستعملون الشبكة الاجتماعية والتي وصل عدد منخرطيها 400 مليون منخرطا، وذلك كان باعتراف أنصار مؤكدين أنه في غياب «الفايسبوك» لما استطاع الرئيس الأمريكي الحالي الوصول إلى الحكم، بحيث انخرط أكثر من 20 مليون منخرطا في الحملة الانتخابية ضد هيلاري كلينتون. وأوضح بلافريج أن الاحتجاجات الإيرانية قبل سنة ونصف، تمت من خلال استعمال شبكة أخرى هي تويتر وذلك للاتصال والتعبئة والاستقطاب داخل إيران وخارجها. وأعطى مثالا كذلك بخصوص دور الشبكات الاجتماعية من خلال الثورة التونسية. وتحدث في المغرب عن حركة 20 فبراير، وقال إن التعبئة انطلقت عبر هذه الرسائل من خلال شباب سبقوا أن انخرطوا في الثورة التونسية وكانوا متتبعين كذلك للثورة الإيرانية وهم أناس معبأون انطلاقا من الأحداث التي سبقت الإشارة إليها. وأشار في هذا الصدد إلى حركة المدونين وسماهم بالصحفيين الجدد، الذين ينشرون مقالاتهم على صفحات الانترنيت من أجل إطلاع الرأي العام على آرائهم، ووقف عند ما كانت الصحافة تتداول بشأنه بخصوص قضية «قناص تاركيست» وربطها بالثورة الرقمية ودورها في تطوير المجتمعات.