سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في ندوة مؤسسة أبو بكر القادري للفكر والثقافة حول «الهوية والمواطنة»: المرحومان علال الفاسي ومحمد بلحسن الوزاني من الأوائل الذين تناولوا موضوع المواطنة بالدرس والتحليل في المغرب
تناول محمد الإدريسي العلمي المشيشي أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بجامعة محمد الخامس في ندوة نظمتها مؤسسة أبو بكر القادري للفكر والثقافة يوم الخميس 25 / 11 / 2010 بالرباط حول »الهوية والمواطنة« مصطلح المواطنة وقال إن هذا المفهوم ظل مفتقرا إلى التعريف والتحديد، واعترف العلمي المشيشي بأن كتاب المرحوم علال الفاسي »النقد الذاتي« من أهم الكتابات الدستورية التي تناولت الموضوع بالإضافة إلى كتاب »الإسلام والدولة وحقيقة الحكم في الإسلام« للمرحوم محمد بن الحسن الوزاني. وأضاف في الندوة ذاتها التي حضرها المجاهد أبو بكر القادري والسيد عبد الكريم غلاب والسيد امحمد بوستة أعضاء مجلس الرئاسة لحزب الاستقلال أن الزعيم علال الفاسي توقف بشيء من التركيز عند مدلول الفكر الوطني حيث يجمل مفاهيم المواطنة وروح المواطنة والوطنية في بناء تركيبي يجمع بين الأرض واحترام القيم الحضارية حيث يمكن القول إن نظرة المرحوم علال الفاسي لاتبتعد عما وصل إليه التنظير الفلسفي والسياسي للموضوع في الأدبيات الغربية. وقد قام بالتعقيب على مداخلة الأستاذ المشيشي كل من محمد سبيلا المفكر المغربي والمختار الهراس الباحث السوسيولوجي، مؤكدين أن مداخلة العلمي جمعت بين الممارسة الفكرية والواقع بحيث أكد سبيلا أن موضوع »المواطنة« محيطي بمعنى انه يصب في العديد من التخصصات والفروع التي يجب على الفرد أن يطلع عليها. وقال الهراس إن النص الذي قدمه المشيشي نص دقيق ومثير ويطرح قضايا هامة. وتبقى الإشارة إلى أن هذه الندوة التي حضرها مفكرون وباحثون وهي امتداد للندوة التي سبق أن عقدتها مؤسسة أبو بكر القادري للفكر والثقافة، حول نفس الموضوع. وتهدف مؤسسة أبو بكر القادري للفكر والثقافة من خلال مناقشتها للعديد من المواضيع إلى تشجيع البحث في الميادين المتعلقة بالعمل الوطني والسياسي والاجتماعي، وتنشيط الحياة الثقافية بصفة عامة. في مداخلة محمد الإدريسي العلمي المشيشي أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بجامعة محمد الخامس: «النقد الذاتي» من أهم الكتابات الدستورية في تاريخ المغرب المعاصر قدم محمد الإدريسي العلمي المشيشي أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بجامعة محمد الخامس بالرباط مداخلة يوم الخميس 25/11/2010 حول «مفهوم المواطنة» في لقاء نظمته مؤسسة أبو بكر القادري للفكر والثقافة امتدادا للندوة التي سبق للمؤسسة أن عقدتها حول موضوع « الهوية والمواطنة» وفي بداية عرضه أدلى الأستاذ العلمي المشيشي بملاحظتين، الأولى عبر فيها عن سعادته ليقدم بحثا أمام حضور يمثل فكر المواطنة وروح المواطنة وممارسة المواطنة وقال إنه شعر بما شعر به من قال بعد قراءة كتاب سبويه: « من أراد أن يكتب بعد سبويه كتابا فليستحي». والملاحظة الثانية عبر فيها عن شعوره بالشرف للعناية التي حظي بها من قبل مؤسسة ابو بكر القادري للفكر والثقافة مشيرا أنه يكفي النطق باسم أبي بكر القادري وبنسبة ليعرف الإنسان قدر الرجل علاوة على أنه قضى أكثر من نصف قرن في العطاء الفكري والعلمي والتربوي والجهاد والوطنية لفائدة البلاد. وقال العلمي المشيشي إنه اهتم بموضوع الهوية والمواطنة انطلاق من مفهوم واحد هو المواطنة مؤكدا أنه لا يمكن التعرض للمواطنة من دون التعرض لجوانب متقاربة، بل ومتداخلة معها، لأن تردد مصطلح المواطنة وروح المواطنة أو المواطنية والوطنية وإذا أردنا أن نمدد القائمة فالأمر طويل جدا. وأضاف أنه في الخطاب السياسي والأدبيات الاجتماعية يسير نحو النقاش العمومي بشكل متزايد بحيث يجوز التساؤل عن طبيعة ومعنى هذا الأمر، هل يتعلق بظاهرة عابرة أو مؤشر ودليل على وجود أزمة قيم مجتمعية وحيوية بمجرد تعبير عن رغبة عامة في التحول والتطور الاجتماعي والحضاري بحيث يعيش المغرب مخاضه على غرار العديد من البلدان العالم؟ واعتبر هذا التساؤل يكتسي أهمية خاصة بالنسبة للمغرب في ضوء الجهود الحالية التي يبذلها قصد إرساء وترسيخ دولة الحق حيث يلاحظ نوع من التناقض بين الاعتراف بحقوق الإنسان وإنشاء المؤسسات الكفيلة بتفعيلها من جهة، وتنامي المطالبة بنتائجها التي لاتزال متعثرة او غائبة من جهة أخرى، وتساءل أيضا هل يعني هذا أننا نوجد أمام حركة تغير الموجود والقائم في إطار البناء الفكري والسياسي المواكب او المؤسس لتحول الوضع الاقتصادي والاجتماعي والتوجه السياسي بالمغرب نحو الديمقراطية والحداثة. وعلى مستوى أعلى وأعم، تساءل هل يتعلق الأمر بانتقال لمفاهيم نظام مجتمعي، معين إلى مشروع نظام آخر يوجب التخلي عن مجموعة من القيم التي سارت متجاوزة أو غير متناسقة بفعل التطور، أم يفرض تجديد القائم وتصحيحه في ضوء المستجدات والاكراهات الحالية الوطنية والدولية؟ وتحدث عن الخطاب المشار إليه وقال إنه يتم بنوع من الارتجال والفردية تبعا لصدوره عن مهتمين لايجمعهم إطار ولا نهج معين بحيث يوحي بأنه مجرد رد فعلي ظرفي او جزئي تجاه وضعية ظرفية معينة، فهو خال من مواصفات النقاش العلمي الشامل المتكامل التركيبي حول موضوع المواطنة وخطورة هذا الموضوع، وأهمية في بناء النظام المجتمعي، فنكاد لا نرى نتفا من النقاش في موضوع المواطنة إلا عند حدوث تصرفات سلبية من لدن مؤسسات أو أشخاص بمناسبة انتقاد أو استنكار أو شجب لأفعال إجرامية يتم تلوينها أحيانا بمنظور سياسي أو ديني كما لا نلاحظه إلا عند استفحال تعسفات وخروق ماسة بحقوق الأفراد وحرياتهم وأموالهم أو عند التطاول على المصلحة العامة ولاسيما في جانبها السياسي المتصل بالانتخابات أو جانبها الاقتصادي المرتبط بتدبير المال العام. وأضاف أنه يستشف من الأدبيات المعنية بشكل صريح أو ضمني إثارتها للشك وللتشكك في وجود قيم المواطنة وروح المواطنة من بين قناعات العديد ممن ينتهكونها، وفي أحسن الأحوال ينصب الكلام على فتور الإيمان بها وتهاويه أمام متغيرات أخرى تنبعث من الفردانية ومن الغلو فيها بحثا عن المصالح الخاصة من غير الالتفاتة إلى المصلحة العامة ويتجلى هذا على درجات مختلفة انطلاقا من الجهل ومرورا بالتجاهل والاستخفاف والحياد والإنكار والعدوانية أحيانا وتؤدي قوة هذا السلوك إلى الشك حتى في وجود سابق لقيم معينة أخرى ودورها في بناء علاقات مجتمعسة منظمة ومنسجمة. وأكد أنه يحق التوقف عند تحديد المفاهيم والمصطلحات المستعملة المشار إليها للوصول إلى جواب، وإن كان أوليا في مستوانا هذا، معتبرا المواطنة مفهوما سياسيا نابعا من الثقافة السياسية الغربية التي طبعت الثورات الأوربية والأمريكية من أجل الاعتراف والعمل بحقوق الإنسان والمواطن والتي كانت نتيجة لما يسمى بعصر الأنوار الذي ازدهر فيه الفكر في بداية القرن 18، وأوضح أن ذلك لم يصدر عن عدم لأنه يجد جذوره التاريخية في تنظيم ديمقراطية أثينا اليونانية وتنظيم الحكم بروما الايطالية في فترات تاريخية كانت فيها مبادئ الديانة المسيحية غير موجودة. وقال إن فكر المواطنة يتميز في هذا الإطار بارتكازه على منظور سياسي صرف مبني على الوطنية بمعنى الانتماء إلى المدينة وبعد ذلك الانتماء إلى الوطن او الجنس البشري، ومن الجدير بالذكر أن هذا المنظور في محيطنا الحضاري كان مغلفا بمنظور ديني وروحي في المغرب اثناء هذه الفترة التاريخية، فكان الانتساب إلى الإسلام والفكر الإسلامي هو بناء سياسي كافي لتحقيق ذات العلاقات الاجتماعية المنسجمة المتوخاه من فلسفة المواطنة المعتمدة في عصر الأنوار. وكان الانتماء للإسلام يعني الإيمان بقيم تحقق مضمون المواطنة بدون وطن معدد بمعناه السياسي العربي أو دولة محددة غير ما كان يتعارف عليه بدار الإسلام. وأشار إلى دور هذا الدين في مواجهة الغزو الصليبي في معركة واد المخازن في القرن 16 وقبله كذلك في مواجهة الغزو الصليبي في القدس وفي فلسطين من لدن صلاح الدين الأيوبي ومختلف الأمراء أو الملوك او السلاطين الذين ساعدوه وكذلك في تنظيم الحركة الوطنية من أجل الاستقلال في النصف الأول من القرن العشرين في بلادنا. وذكر أنه من بين أسباب النقاش الحالي فتور الفكر الديني أو انتقاده على السواء من لدن أهله أو من لدن المتشبعين بالفكر السياسي الغربي والتردد في الاختيار الواضح لمفهوم المواطنة بديلا عنه، وقال إن الفكر الديني تعرض إلى السطو من أحد تياراته، فحوله إلى بناء مبتور يعتمد على الغلو، بل التطرف والإقصاء والدفاع عن النفس بالعنف والإكراه مما أسبغ على المبادئ السامية للإسلام في نظر الكثير من غير المسلمين أوصاف يخجل منها المسلمون أنفسهم. ولاحظ طغيان لبريق الفكر الغربي بدون تعمق فيه ولا سبر لأغواره حيث صار له انتشار ساحق بفعل وسائل الإعلام المتعددة الوسائط وبتأثير الدول الديمقراطية الغربية سواء منها الأمريكية أو الأوروبية التي تعمل بقوة على تعميم نظمها وقيمها في بقية جهات العالم. وأوضح أن الاهتمام بموضوع المواطنة لا يعدو كونه نتفا رغم تطور الفقه الدستوري في المغرب ورغم ذلك فإن أرضية الاهتمام والدراسة كانت مهيأة للتفكير العميق في الموضوع منذ نهاية القرن 18 إن لم يكون الأمر قبل ذلك، وذكر أنه مما يبرز الاستغراب حول خلو الأدبيات السياسية للمراحل السابقة من أي محاولة لتوضيح العديد من القضايا المرتبطة بالحقوق والحريات ومنها المواطنة، يرجع إلى ظهور موضوع آخر على ساحة النقاش لينصب على إمكانية ازدواجية اعتماد الإسلام دستوريا كدين للدولة وتكريس المواطنة التي تكتسي في ظاهرها طابعا علمانيا ولو كان غير إلحادي. وذكر أنه بالرجوع إلى الأدبيات السياسية فإنه يجب الاعتراف بأن أهمها يبقى كتاب «النقد الذاتي» للمرحوم علال الفاسي وكتاب «الإسلام والدولة وحقيقة الحكم في الإسلام» للمرحوم محمد بن الحسن الوزاني، وأشار إلى أن هذا الأخير اعتني بالموضوع بشكل غير مباشر وابرز تأثير فكرة العامة والخاصة التي يعتمدها بعض الفقهاء في الفكر الإسلام مثل الغزالي. وأفاد أن علال الفاسي رحمه الله توقف بشيء من التركيز عند مدلول الفكر الوطني، حيث يجمل مفاهيم المواطنة وروح المواطنة والوطنية في بناء تركيبي يجمع بين حب الأرض واحترام قيم حضارية بما فيها الروحية والمادية بحيث يمكن القول إن نظرة هذا المفكر لا تبتعد عما وصل إليه التنظير الفلسفي والسياسي في الموضوع في الأدبيات الغربية المخصصة لكل من مؤسسة المواطنة ومؤسسة روح المواطنة. وقال إن أكاديمية المملكة المغربية كانت سباقة إلى الطرح العلمي للموضوع من خلال مجموعة من الندوات والأيام الدراسية التي نظمتها في فجر القرن الحالي ونوه كذلك واعترف باشتمالها على دراسة ممتازة قدمها عدد من مفكرين مغاربة في جوانب متعددة في الموضوع ونوه كذلك بما قام به الأستاذ والمجاهد الكبير أبو بكر القادري في بحث متميز حول علاقة المواطنة بالوطنية والتنمية في تعقيب المفكر محمد سبيلا : مفهوم المواطنة موضوع محيطي يصب في العديد من التخصصات قال محمد سبيلا المفكر المغربي في تعقيب عن مداخلة الأستاذ العلمي المشيشي في ندوة «مؤسسة أبو بكر القادري للفكر والثقافة « إن المحاضرة التي قدمها الأستاذ العلمي تجمع بين الممارسة الفكرية والارتباط بالواقع أي أنها جمعت بين العمق الفكري والتأهيل الفكري والشخصي وبين تجربة غنية، مذكرا أن موضوع المداخلة محيطي بمعنى أنه يصب في العديد من التخصصات والمعارف والفروع المعرفية التي يتعين على المرء أن يتقنها أو يتعرف عليها. وأضاف أن العلمي المشيشي تناول الموضوع بنوع من العمق والشمولية، موضحا أن مداخلة المشيشي حثت على البحث في موضوع المواطنة، وركز سبيلا على نقطتين الأولى تتعلق بالبعد الثقافي للمواطنة أو ما سماه بالمحددات الثقافية للمواطنة. وأشار في هذا الصدد أن للمواطنة مظاهر قانونية و تشريعية واضحة وهذه المكونات والمحددات تنتمي عضويا للثقافة السياسية الحديثة أو ما يسمى ثقافة الحداثة السياسية والكونية، القائمة على الفكرة الجوهرية التي تتمحور حولها الحداثة السياسية وهو فكرة التعاقد الاجتماعي التي هي في تقدير سبيلا النواة الصلبة والأساسية في الفكر السياسي الحديث. واعتبر اعتماد هذه الفكرة هو الذي يغير أو يعطي معنى آخر للسياسة وللمجتمع وللسلطة لجعلها متمحورة حول التعاقد الاجتماعي، وقال إن المواطنة تنتمي إلى هذه الكوكبة من المفاهيم المرتبطة بالثقافة السياسية الحديثة القائمة على عدة عناصر أولها كيان الفرد أو استقلاليته أو كيانه المستقل وحرياته وعلى تصور تمثيلي للسلطة وعلى مبدأ الحد من تجاوزات أو إمكانية التجاوز التي يمكن أن يمارسها جهاز الدولة. وأكد أن الانتقال إلى المواطنة و «المواطنية» هو انتقال من فكرة الرعايا أو الرعية أو من فكرة المرعي «le sujet» إلى فكرة المواطن وهذا الانتقال يفترض تحولا كاملا في الثقافة السياسية. وتحدث سبيلا في العنصر الثاني عن ورود كلمة فردية وفردانية في مداخلة الأستاذ العلمي المشيشي، وأشار سبيلا أن هذا الأخير أخذ كلمة فردية من جانبها السلبي، موضحا أنه تكلم في الصفحة 13 من مداخلته عن خطر الفردانية وفي ثنايا بحثه يتكلم كذلك عن بعض التخوفات الرفيعة كانبعاث الفردانية والغلو فيها. وقال إنه عندما نتحدث عن الفرد ككيان وكقيمة وككرامة فإن ذلك يتم في إطار الفكر الحديث والثقافة الحديثة القائمة على تمجيد مكانة الفرد وكرامته وحريته ووعيه. ووقف عند المصطلح الذي وظفه الأستاذ المشيشي وهو مصطلح دولة الحق «l?état du droit» وأوضح أنه يميل إلى توظيف دولة القانون. وتحدث عن الانتقال من المجتمع التقليدي إلى المجتمع الحديث وقال إن ذلك يندرج في إطار معين من الفكر الغربي نظرا للتحولات التي حدثت في أوروبا أو في دول العالم الذي كان يسمى من ذي قبل العالم الثالث وهو انتقال حدث في مختلف مستويات التحليل سواء الانثروبولوجية أو البسوسيولوجية. والصورة العامة هي أن هذا الانتقال هو انتقال من مجتمع الانصهار أو ما يسميه الانثربولوجيون الحلولية. والفرد في المجتمع التقليدي يكاد يكون غير موجود وهو موجود كجسم ولكنه منقاد كليا إلى الجماعة. والفرد تقريبا لا شيء في المجتمع التقليدي بمعنى أنه تابع كليا إلى الجماعة في لباسه وأكله ومعتقداته وتوجهاته وطقوسه. وفي مجتمع كهذا يجمع المحللون أنه تغيب فيه استقلالية الفرد وهناك طغيان الروح الجماعية والرؤية الجماعية وربما السلبية والتلقائية في حين أن المجتمع الحديث مبدئيا هو مجتمع الفرد والجماعة كذلك. وختم بطرح سؤالين الأول حول اعتماد مصطلح دولة القانون، والسؤال الثاني مرتبط بالإطار الثقافي لفكرة المواطنة، مذكرا أنه انتظر ليجد كلمة كونية في مداخلة الأستاذ المشيشي فلم يعثر عليها وسجل غياب هذا المفهوم. في تعقيب المختار الهراس الباحث في السوسيولوجيا: العولمة مجموعة من الصيرورات الثقافية والاجتماعية والسياسية قال المختار الهراس الباحث السوسيولوجي في ندوة مؤسسة أبو بكر القادري إن النص الذي قدمه الأستاذ محمد الإدريسي العلمي المشيشي مثير من الناحية العلمية و هو نص دقيق ويطرح قضايا في غاية الأهمية. وأكد الهراس أن مسألة المواطنة بقدر ما تطرح العلاقة بالذات بقدر ما تطرح العلاقة بالآخر، وعالج الهراس مسألة المواطنة من زاوية علاقتها بالعولمة، وذكر أن هناك تعابير متعددة عن هذه العولمة كالقرية الشمولية، والمجتمع المعلوماتي والخطر العالمي والمجتمع -الشبكة واللغة العالمية ويقصد بها اللغة الإنجليزية بالأساس وتساءل عن ظهور هذه العولمة موضحا أنها واقع مفروض علينا وتستوجب معرفته وكيفية التكليف والتعامل معها، وأن هذه العولمة لها وجهان مختلفان، وجه إيجابي معروف ولها كذلك وجه سلبي منها شبكات تهريب المخدرات وانتشار الرشوة والإرهاب والاستغلال الجنسي للأطفال. وأشار أنه عندما نتحدث عن العولمة فإن ذلك لا يقصد به صيرورة اقتصادية فقط، بل ثقافية واجتماعية وسياسية وقانونية وبيئية ومدنية وعلمية وأمنية،وبهذا فالعولمة أصبحت لها كل هذه المكونات،باعتبارها سيرورة تزداد كثافة وسرعة. وأعطى تعريفا مختصرا للعولمة فهي مجموعة من الصيرورات التي تفرز تحولا في التنظيم المجالي وفي العلاقات الاجتماعية والمبادلات وتؤدي إلي تقليص سلطة الدول الوطنية وخلق موجات من النشاط والتفاعل العابر للقارات وأشكال مختلفة من الهويات والتوجهات والشبكات. وأوضح أن العولمة تؤثر على تماسك المجتمعات وتخلق تغيرات كثيرة ووقف عند مفهوم الفردانية، مؤكدا أن المجتمع المغربي هو في طور الانتقال ولهذا يصعب الحديث عن الفردانية باعتبارها نسقا يضم المجال السياسي والاجتماعي والثقافي واقترح الحديث عما يسمى بالفرنسية «lindividuation» التي تعني الفردانية التي تبقى على نوع من الترابطات. وأضاف أن العولمة تكسر الحدود بين الداخل والخارج، بين الوطني والعالمي، فهي تفاعل عن بعد بين المحلي والعالمي وبين الحضور والغياب. وأشار أن نمط الاستهلاك لنفس المنتوج العولمي يختلف من مجتمع إلى آخر وقد يختلف من جهة إلى أخرى داخل نفس القطر، فالعولمة تحدد توزيع منتوجات العولمة، لكنها لا تحدد كيفية استهلاك هذه المنتوجات والتأويل الثقافي لما تنتجه العولمة يختلف حسب الأطر الاجتماعية الموجودة. وذكر أن مفهوم المواطنة صار أكثر اتساعا من السابق وأصبح من الصعب حصر هذh المفهوم لما يتضمنه من قيم ومعتقدات وأفكار وعلاقات في النطاق الوطني المحض. وتطرق إلى مسألة اعتبرها أساسية وردت في مداخلة الأستاذ العلمي المشيشي وهو مفهوم التماسك الاجتماعي وقال إنه إذا أخذنا بعين الاعتبار أثر العولمة على المجتمع المغربي فإننا نتساءل عن معنى هذا المفهوم، هل هو الاندماج أم هو التماسك في القيم والمعتقدات والأفكار واعتبر هذا غير وارد لأن اللاتجانس هو الذي يفرض نفسه أكثر فأكثر، كما تساءل عن وضع قوة الحفاظ على هذا التماسك وتكريسه بين أيادي سلطة معينة وهذا أيضا لم يعد ممكنا بالنسبة له. وفي نظره التماسك الاجتماعي لا يمكن أن يتم إلا بتطوير النظام الديمقراطي في المجتمع وتقوية التواصل والتشاور في المجتمع واستدماج القواعد الديمقراطية من لدن مختلف الفاعلين وتعزيز ثقافة التعددية وثقافة التضامن والمسؤولية الاجتماعية وثقافة السلم والمجتمع لأن التماسك والمواطنة يجب بناؤهما على أسس جديدة.