أجمع المشاركون في ندوة "التحولات الأدبية في العصر الرقمي" أمس الأحد بالدار البيضاء على أن لكل عصر طريقته في الكتابة، وأن الكتابة الرقمية هي استجابة لدخول البشرية مرحلة العصر الرقمي بكل ما تحمله الكلمة من معنى. وقال رئيس اتحاد كتاب الأنترنيت العرب والصحافي الإلكتروني الأردني محمد سناجلة "لقد أصبح العالم صغيرا، وبات بإمكاننا التبضع من بيوتنا في جميع أنحاء العالم باستعمال التجارة الإلكترونية وتحصيل أعلى الشهادات العلمية دون تحرك"، متسائلا عن مآل الكتابة والأدب في مجتمع رقمي ولد إنسانا افتراضيا. وأضاف أن العصر الرقمي يحتاج إلى وسيلة جديدة هي الكتابة الرقمية أو الكتاب الإلكتروني مشيرا إلى المشاكل الكبيرة التي يتعرض لها الكتاب الورقي من طباعة ثم نشر ومحدودية التوزيع وخضوعه للقدرة الشرائية ثم الرقابة السياسية والمجتمعية والدينية في حين أن بإمكان كل من يتوفر على الأنترنيت أن يتمكن من قراءة الكتاب الإلكتروني بمجرد وضعه على الشبكة الإلكترونية. واعتبر أن الكلمة في الكتاب الإلكتروني لم تعد الأداة الوحيدة، إذ تجاورها أدوات أخرى كالمؤثرات البصرية والسمعية مقدما نظرية متكاملة ليخلص إلى أن الصورة هي الأصل في الكتابة وليس الكلمة. وأكد سعيد بنكراد الكاتب السيميائي والمترجم وصاحب مجلة "علامات"، بعض ما قاله المتدخل السابق بخصوص التحولات التي عرفتها مختلف مظاهر الحياة مع ظهور الأنترنيت الا أنه عبر عن رأي مخالف فيما يتعلق بالعملية الإبداعية. واعتبر أن التجريد هو الأصل وليس الصورة، وأن الفكرة سابقة عن الصورة، وأن الشيء لكي تدركه يجب أن يكون أولا عكس التمثل الذي يستدعي، على العكس من ذلك، اختفاء الشيء لكي يتم تمثله وتصوره، لذلك فالتمثل أغنى بكثير من الشيء في حد ذاته. وقال سعيد بنكراد إن للكلمة قدرة كبيرة على الاختزال، وتفتح للمتلقي قدرة لامتناهية على الخيال، بينما الأدب الرقمي يستعمل مؤثرات تحد من هذه القدرة وتخلق مع الوقت قارئا سلبيا وليس فاعلا. أما محمد أسليم الباحث الجامعي ومؤسس موقع "ميدوزا" الرقمي، فقد اعتبر أن الأدب الرقمي يعرف على أنه المزاوجة بين الحاسوب والأدب، وقد بدأ منذ الخمسينيات من القرن الماضي في أمريكا ثم انتشر مع ظهور الأنترنت في التسعينات حيث تحولت اللغة في الأدب الرقمي إلى مجرد عنصر إضافي ضمن عناصر أخرى كالصورة والسمع والحركة. وأشار من جهة أخرى إلى تغير القراءة أيضا، إذ أن المتلقي، مجبر عند قراءة نص إلكتروني يستعمل المؤثرات الأخرى، أن يتوفر على نفس البرامج التي استعملها الكاتب الذي يطلب منه فضلا عن معرفته باللغة والمؤثرات الأخرى، أن يكون ملما بالبرمجة. وأكد على أمر خطير قد يعصف بقيمة الكاتب، ألا وهو قدرة الحاسوب، حسب باحث فرنسي، على كتابة آلاف الكتب بنفس أسلوب أكبر الكتاب، شرط برمجته بقاموس الكاتب وبض المؤثرات الأخرى، وتنتهي بذلك قصة نبوغ الكاتب. وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، ميز سعيد بنكراد بين مستويين يتعلق الأول بالجانب التقني التواصلي الذي ساهم في نشر والتعريف بمجموعة من الأعمال الأدبية التي يمكن التوصل بها في فترة وجيزة في كل أرجاء الوطن العربي. أما على المستوى الإبداعي فلا يعتقد بنكراد، "أن الأنترنيت حسب الممكنات الحالية، قادر على التغيير من طبيعة العملية الإبداعية في ذاتها إذ لا يستطيع أن يخلق نقادا ولا شعراء ولا أدباء، معتبرا أن الأنترنيت أصبح، استنادا إلى هذا، "في كثير من الأحيان مزبلة لأعمال لا قيمة لها، يرفض نشرها الورقيون".